المناطق تشمل الوراق وجزيرة الدهب والحوامدية..والثروة السمكية تنفى بيع «الزريعة » انخفاض عدد الصيادين بسبب ندرة الأسماك.. ومخالفات للوائح بحجة«لقمة العيش » 2 مليون مواطن يعيشون داخل 144 جزيرة أغلبهم يمتهنون الصيد تحملهم مراكبهم الصغيرة وتحمل معهم آمالهم فى رزق وفير يجود عليهم البحر أو النيل به، لكن قوت يومهم التهمته أنياب الفساد خاصة فى الجزر النيلية التى أصبحت بلا أسماك. «الصباح» زارت 6 جزر نيلية بالجيزة، أصبحت خاوية على عروشها من السمك، ورصدت معاناة الصيادين الذين ترك أغلبهم المهنة واتجهوا إلى مهن أخرى بحثًا عن «لقمة العيش».
جزيزة الوراق تبدأ جولتنا بجزيرة «الوراق»، والتى تعد من أكبر جزر مصر النيلية مساحة وسكانًا، ويعمل أغلب سكانها الصيد والزراعة نظرًا لموقعها الفريد. قال عصام وهدان، صياد، إنه جاء للجزيرة بصحبة أسرته ليعمل صيادًا، ولم يكن يحمل هم قوت يومه فكان يصطاد يوميًا ما لا يقل عن 20 كيلو، لكن الآن أصبح النهر لا يجود بأكثر من كيلو من الأسماك، فضلًا عن ارتفاع أسعار الشباك، مرجعًا سبب تراجع كمية الأسماك بالنيل إلى عدم توفير هيئة الثروة السمكية أسماك الزريعة التى تلقيها بالنيل كل ثلاثة أشهر. يستكمل الحديث رمضان سالم، شيخ الصيادين بجزيرة الوراق، قائلًا إن جزر النيل بأكملها تعانى نقص الزريعة منذ عامين، فبعد أن كانت تلقى 4 مرات سنويًا انخفضت لمرة واحدة فى العام، لافتًا إلى أن هذه الزريعة يسدد الصيادون رسوم شرائها شهريًا لهيئة الثروة السمكية بوزارة الزراعة، وبناء عليه حرر الصيادون عدة شكاوى ومحاضر ضد الهيئة لكن دون جدوى. وأشار سالم إلى أن أكثر من 95فى المائة من إنتاج السمك مصدره المزارع السمكية الجديدة، ونحو 80 فى المائة من الصيادين امتهنوا أعمال أخرى بسبب خلو النيل من الأسماك، مؤكدًا أن عدد الصيادين الحاصلين على رخص صيد بالقاهرة والجيزة نحو 1850 صيادًا، وصل عددهم الآن إلى 500 فقط. «التلوث من أهم الأسباب الكارثية التى تجعل حياة أسماك النيل فى خطر، بسبب إلقاء مخلفات شركات المياه فى النيل»، هذا ما أكده سيد عبد الله، 50 عامًا، أحد صيادى «جزيرة الدهب»، مضيفًا: «محطات مياه الشرب فى أوسيم والوراق وجزيرة الذهب يصرفون مخلفات عملية معالجة الماء فى مياه النيل». محررة الصباح حاولت التواصل مع المسئولين بمحطة مياه «جزيرة الذهب»، لكنهم امتنعوا عن الرد.
عزبة البكباشى ومنيل شيحة يعتبران أهم جزر النيل التى كانت تعرف بغزارة إنتاجها السمكى، قبل ظهور المزارع السمكية الجديدة التى هيمنت على الإنتاج السمكى لتضرب الصيد النيلى فى مقتل، هذا بحسب تأكيد محمود شعبان، أحد صيادى عزبة البكباشى، والذى اتهم وزارة الزراعة وهيئتها العامة للثروة السمكية ببيع أسماك الزريعة التى يدفعون رسموها للدولة فى السوق السوداء للمزارع السمكية الجديدة.
الدهب الحال فى جزيرة الذهب لا يختلف كثيرًا عن الوراق وعزبة البكباشى ومنيل شيحة، فالصيادون يعيشون فى مراكبهم الصغيرة ويخرجون كل صباح بحثًا عن الأسماك التى أوشكت على الانقراض، إذ يقول أحمد على، أحد الصيادين: «النيل أصبح خاويًا والكثير من الأسماك النيلية انقرضت الثعبان وقشر البياض، أيضًا البلطى بات نادرًا، والصيادون غير قادرين على تحمل الغلاء الذى أصاب كل شىء حتى شبك الصيد، فالشبك المصرح باستخدامه للصيد فى مياه النيل من الحجم الكبير تصل تكلفته إلى 3000 جنيه، وبمجرد نزوله للماء يمزق على الفور بسبب الرواسب والمخلفات، لذا يضطر الصيادون لمخالفة لوائح الصيد وشراء الشبك الصغير الذى تصل تكلفته 400 جنيه والذى يعتبر خطرًا يهدد حياة الأسماك الصغيرة «الرزيعة» التى يحتاجها النيل للإنتاج المستقبلى من السمك.
الحوامدية يعتبر محسن عوض، صياد بالحوامدية، أن الصيادين أكثر الفئات المهمشة التى لا تلتفت لها الدولة، مؤكدًا أن صيادين النيل درجة ثالثة من حيث الحصول على ميزات مقارنة بصيادى البحرين المتوسط والأحمر وصيادى البحيرات، خاصة وأن الدولة تتجاهل مطالبهم بصرف معاشات أو سكن مع الأخذ فى الاعتبار أنهم يقتنون مراكب الصيد، ومع ذلك أصبحوا يعانون ندرة أسماك النيل. فى «الحوامدية» و«المعصرة» التلوث البيئى الناتج عن الصرف الصناعى لمصانع السكر والكتان ومصنع الحديد والصلب، يتصدر المشهد فى النيل ليقضى على معظم أسماكه، ويقول وجدى سعد 53 عامًا، صياد: صرف المصانع يقتل الزريعة الصغيرة خاصة وأن موسم عملها فى مواسم إنتاج الزريعة الجديدة، وتقدمنا بالكثير من الشكاوى سواء لوزارة البيئة أو للثروة السمكية ولكن دون جدوى.
توافر الزريعة من جانبه نفى المهندس «محمود سالم» مدير مكتب رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية، بيع الهيئة للزريعة فى السوق السوداء، مؤكدًا التزام الهيئة برمى الزريعة فى المواسم المتفق عليه، متهمًا الصيادين بالتسابق على صيد الزريعة فور ضخها إلى النيل لبيعها فى السوق السوداء. فيما يرجع محمد عبدالحليم، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، سبب تفاقم هذه المشكلة إلى المخالفات التى يقوم بها الصيادون فى عملية الصيد.
نقاء النيل على الرغم مما رصدته عدسات «الصباح» لمواسير صرف محطات مياه الشرب فى الوراق، نفى حسن عبدالغنى المتحدث الإعلامى باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف احتمال تسبب محطات مياه الشرب فى تلوث النيل بشكل أو بآخر.