الديلرات الصغار يهددون عرش «معلمى الصنف» الحشيش «هوم دليفرى».. والتجار: البيع بالجملة والقطاعى مرفوض طالب: أتاجر من أجل المزاج وانتشار واسع ل «الإستروكس » كالوشا: مكسب المخدرات اصرفه على «الكيف».. وفلوس التوك توك مصاريف للبيت لم تعد تجارة «الموت» ل«الكبار فقط»، فبعدما دخل «الأطفال» مجال تجارة المخدرات وتحولوا ل«ديلرات» لجميع أنواعها، «الصباح» رصدت أوكار ومناطق نفوذ هؤلاء التجار الصغار، إذ قام محررو الجريدة، بمغامرة برفقة «الديلرات» الصغار، للكشف عن ذلك العالم الذى ضاعت فيه البراءة، وانتهكت فيه الطفولة.
ابن أبوه البداية كانت بالاتفاق مع شخص بمنطقة «شبرا الخيمة»، ليأتى بأحدهم، حيث أحضر لنا طفلًا يدعى «م.م» ويبلغ من العمر17 عامًا، وعندما طالبنا منه «حشيش، تفاجأنا برده: «أنا رايح البيت أجيب اللى أنتوا عايزينه»، وبعد مرور نصف ساعة جاء ومعه «الحشيش» على شكل قطع صغيرة ممسكًا بها بين يديه ليعرضها علينا، وبدأ الحديث من تلقاء نفسه قائلًا: «انتهى زمن الصوابع والنص والربع صباع، دلوقتى بنبيع بالقطعة»، مضيفًا أن سعر القطعة 50 جنيهًا، مؤكدًا أن كيس الحشيش بلغ 5600 جنيه. واستطرد: «أبيع القطع ب«300،200،100»، فكل شىء له سعره»، مضيفًا أن هناك أشخاص يأتون إليه، ولا يملكون سوى 50 جنيهًا وحينها يضطر إلى تقطيع الحشيش وبيعه لهم. وأثناء الحديث قام باستخراج كيس بلاستيك صغير من جواربه وأخرج منه قطع حشيش أخرى، فى حدود «عشر قطع»، وبسؤالنا عن أسباب تجارته للمخدرات قال: «والدى متوفى منذ أن كنت صغيرًا، وكان يبيع «البانجو»، ووالدتى على علم بتجارتى للحشيش لأن حالتنا المادية ليست جيدة، فلم تمنعنى من ممارستها، إلى جانب إدمانى للبرشام والحشيش، فأنا فى حاجة إلى الأموال ولا يوجد طريق آخر أمامى». كما أكد أن قطع «الحشيش» المتداولة الآن رديئة للغاية ومخلوطة بالبرشام، وأن سعر «الحشيش» المتميز على حد قوله «كيس الحشيش المغربى» سعره 12 ألف جنيه، ويأتى من محافظة البحيرة، لكنه لا يتاجر فيه لأنه باهظ الثمن ولا أحد يشتريه.
تجارة للمزاج فقط بمنطقة باسوس بالقليوبية، تحدث معنا «م.ح» البالغ من العمر 17عامًا، حيث كان يجلس مع أطفال فى نفس عمره، حيث طلب محررو الصباح منه شراء «سيجارتين حشيش»، فقام بالسؤال على المبلغ الذى نريد الشراء، فكان الرد أننا نريد قطعة ب 100جنيه فجاء بقطعة مكعبة وهذا النوع يدعى «7 دولار» ووصفها بأن السيجارة منها تشعرك بالسعادة. وعن أسباب دخوله هذا المجال، رغم أنه طالب بالثانوية العامة، قال: «أنا بشترى قطعًا صغيرة لى ولأصدقائى وببيع للناس اللى أعرفها فقط وليس أى شخص»، مضيفًا: «أنا أهلى ناس محترمة جدًا وحالتنا المادية جيدة، ولا يعلمون شيئًا عن إدمانى وتجارتى للحشيش فما أشتريه وأتناوله للمزاج وليس أكثر».
حشيش «7 دولار» طفل آخر يبيع «حشيش 7 دولار»، بشبرا، ورغم الانتشار المكثف للشرطة بهذه المنطقة، إلا أن «م.م» البالغ من العمر 16 عامًا لم يتوقف عن البيع، فى البداية طلبنا منه قطعة حشيش ب «50 جنيهًا» ليخرج لنا صباع حشيش كامل من جواربه، ثم قام باستخراج آلة حادة وقطع قطعة صغيرة وأعطاها لنا، وبسؤاله عن نوعية الحشيش قال: ده «7 دولار». أخذنا رقم هاتفه، وبعد نصف ساعة اتصلنا به، وطلبنا منه قطعة أخرى ب «50 جنيهًا»، ليأتى إلينا فى دقائق، ويعطينا الحشيش وعقب مرور ساعة جاء إلينا مسرعًا وأعطى لنا باقى «الحشيش» الذى يحمله وكان بمبلغ «100 جنيه» خوفًا من أن يتم إلقاء القبض عليه بالمخدرات.
المال الحرام طفل من نوع خاص يبيع الحشيش بمنطقة «أبو الغيط» بالقليوبية وشهرته «كالوشا»، يبلغ من العمر 18 عامًا، فى البداية استفسرنا عن طبيعة عمله، فقال: «أنا بشتغل حاجات كتير منها أسطى دوكو سيارات، وجامع خردة، وسائق توك توك. وأضاف : أتناول ترمادول وتامول قبل العمل،والحشيش للمزاج فقط . وعند سؤاله عن كيفية جلب مصاريف المخدرات قال: «صاحب التوك توك الذى أعمل عليه يعمل تاجر حشيش وأنا أجلب منه قطع حشيش وأبيعها أثناء عملى على التوك توك، وفى اليوم أحصل على مبلغ 200 أو 300 جنيه، وأقوم بصرف تلك الأموال على المخدرات يعنى على «مزاجى» لأنها أموال حرام، بينما إيراد التوك توك أقوم بصرفه على احتياجات المنزل». وأثناء الحديث طلبنا منه الحصول على «سيجارة حشيش» وحينها كان رده «لا مش معايا دلوقتى بس ممكن أجبلوكوا»، مشيرًا إلى أنه هناك «حشيش» يسمى «الكوك» وحشيش آخر يسمى «الأسد»، موضحًا الفرق بينهما قائلًا: «حشيش الأسد» خامة نظيفة وسيجارته ملهاش حل، بتشغل الدماغ لفترة طويلة والكيس عليه شعار الأسد، أما حشيش «الكوك» كله برشام»، متسائلًا «أجبلوكوا أى النوعين»، طلبنا منه معرفة الأسعار أولًا لاختيار أى منهما، فقام بالاتصال بالتاجر ليبلغنا أثناء مكالمته معه على الهاتف أن سعر «الكوك «ب47جنيهًا» و«الأسد» ب 55 جنيهًا ووافقنا على الأسد وأغلق معه الهاتف، ثم تحدث «كالوشا» معبرًا عن خوفه من «حشيشة الأسد» فجميع الزبائن أكدوا أنه «حشيش سيئ ويرهق الجسد لأنه مخلوط». وللكى يكون هناك اطمئنان بيننا أعطانا«كالوشا » سيجارة لتجربة «الصنف »، وخلال انتظارنا ل «الديلر » سألناه منذ متى بدأ فى تعاطى الحشيش؟، فأجاب: «أنا أتعاطى حشيش وعمرى 9 سنوات . بعد مرور دقائق، حضر تاجر الحشيش مستقلًا «توك توك» ويرفقه شخص يجلس فى المقعد الخلفى ويدخن سيجارة «حشيش»، وجلسنا معه داخل «التوتوك» وظل كالوشا واقفًا يراقب حركة المارة. التاجر أعطانا كيس حشيش فى حجم كف اليد، مغلفًا ببلاستيك شفاف وعليه «رسمة الأسد» وأعطانا إياه، ثم أخرج قطعة صغيرة من جيبه للتجربة، فإن أعجبتنا باع لنا كيس الحشيش ب5500 جنيه، لكننا أخبرناه أننا نريد قطعة صغيرة لمزاجنا. التاجر ثار وغضب وأخبرنا أنه لا يعمل فى «القطاعى»، وابتعد وهو يسب ويلعن فى كالوشا.
سجائر «الأستروكس» فى شارع محيى الدين أبو العز بحى الدقى، وتحت أحد الأشجار يجلس بعض الأطفال الذين لا يتعدى أعمارهم ال10 سنوات، بملابسهم الرثة يتعاطون المخدرات، وبالحديث معهم عن مصدر «المخدرات» التى يتعاطونها قالوا: «نجمع أعقاب سجائر الأستروكس، ونقوم بشربها، أو نبيعها بمبلغ 20 جنيهًا»، وتركونا ليستكملوا مهمتهم. محررة الصباح ادعت أنها تقوم بكتابة سيناريو لعمل سينمائى وتريد تجميع معلومات عن حياة الأطفال الذين يمتهنون تجارة المخدرات، دون ذكر أسمائهم، فوافق بعضهم.. وبسؤالهم عن أنواع المخدرات التى معهم أخبرونا أنها تسمى «الأستروكس»، ويبلغ ثمن الكيس منه نحو 150 جنيهًا. الشقيقان «ميرو» و«فجلة» تحدثا عن أسباب تجارتهما للمخدرات، قالا: «كنا نبيع بعض مستلزمات السيارات فى رمسيس، لكن لم يكن الربح يكفينا، لتقوم خالتنا بطردنا من البيت، لتبدأ قصتنا مع التعاطى ثم الاتجار، فصديق لنا أعطانا أكياس «الأستروكس» وطلب منا بيعها، وأختارنا حينها هذه المنطقة لأنها هادئة، ولا يوجد بها شرطة.
ديلفرى المخدرات لم تتوقف حيل تجار المخدرات لبيع «الصنف»، فكل يوم هناك أسلوب جديد أو كما يقال «ياما فى الجراب»، «الديلفرى» آخر الأساليب التى اتبعها «الكبار» مستغلين فيها «الأطفال» إبعادًا للشبهات. بعض الأطفال كشفوا عن الطريقة الجديدة قائلين: «أطلب البضاعة تجيلك لحد عندك»، وبالفعل قمنا بطلب شريط «ترامادول» وقطعة حشيش، وبعد ساعتين جاء طفل، لا يتعدى ال12سنة، ويدعى «ب.م» وبحوزته كيس يحتوى على علبة جبنة، وشيبسى عائلى وثلاث علب عصير وبها المطلوب. الطفل قال: «والدى يعمل تاجر مخدرات، وأعمل معه منذ مدة طويلة، وأقوم بتوصيل المخدرات للزبائن وللمنازل أحيانًا، وأبيع جميع أنواع المخدرات»، لافتًا إلى أن شريط «الترامادول» يباع ب 250 جنيهًا، وكيس «الأستروكس» ب 100 جنيه.
دار الأيتام السبب فى مدينة أكتوبر، التقينا ب«م.م»، صاحب ال11عامًا، والذى أكد أنه هرب من دار الأيتام منذ ثلاثة أعوام، ليعمل بعد ذلك بتجارة المخدرات. وحول أسعار المخدرات، قال: «الحشيش كل يوم بسعر، وبيختلف من مكان لمكان، وبعض الأنواع بتيجى من السودان، ولبنان، وأنواع بنجبها من البدو فى سيناء، وأنواع أخرى من منطقة السحر والجمال فى طريق الإسماعيلية، وسعر «الفرش» يصل ل5500، والصباع بيتراوح بين 120 و150 جنيهًا. ولفت إلى أنه بدأ تجارته منذ أن كان فى دار الأيتام، فلم يجد عملاً لأنه لا يملك أى إثبات شخصية، مؤكدًا أن الرجل الذى يعمل لديه، يساعده على الابتعاد من الداخلية ويحميه من رجال الشرطة.
ضحايا المخدرات من ناحية أخرى، أكد أحمد حجازى أستاذ علم الاجتماع، بجامعة القاهرة، أن أسباب تفشى هذه الظاهرة يرجع لتفرقة القوانين بين الكبير والصغير، خاصة أن تجار المخدرات الكبار عند القبض عليهم يُحكم عليهم بأحكام قوية لذلك التجار الكبار يخافون على أنفسهم، ويقومون باستغلال الأطفال وتدريبهم على تسويقها. المجلس القومى للأمومة والطفولة قال خالد صالح، الباحث بالمجلس القومى للأمومة والطفولة، إن المجلس مسئول عن التوعية فقط، ففى كل محافظة لجنة عامة وفى كل حى أو قرية لجنة فرعية تقوم بحماية الطفل من أى مخاطر ومنها الإدمان، مشيرًا إلى عدم وجود إحصائية لعدد الأطفال الذى يعملون فى تجارة المخدرات.