عزة سلطان: الكتابة عن الجنس تعبر عن انكسارات الواقع سناء عبدالعزيز: البعض يريد المرأة مثل لوح زجاج سلوى بكر: الابتذال مرفوض.. وسعاد سليمان: لدينا دوافع العديد من الكاتبات والأديبات، فى الساحة العربية، اشتهرن بجرأتهن فى تناول موضوعات تكسر تابو الجنس، وإن لم يسلمن من سهام النقاد تارة، واتهامات رجال الدين تارة أخرى. وكان المثير فى الأمر دائمًا، أن العقلية الذكورية فى المجتمعات العربية ما زال يسيطر عليها أن المرأة حين تكتب فهى تروى بجسدها، وتعبر عن رغباتها الجنسية أكثر من الأمور الذهنية وهو الأمر الذى يلصق تهم الذاتية فى الكتابة بالكاتبات اللاتى يكتبن فى تلك المنطقة. عن تجاربهن وآرائهن استطلعت «الصباح» الآراء حول روايات المرأة عن الجنس، وكيف ينظرن لها. فيما يتعلق بدوافع الكتابة. فى هذا الإطار تقول الكاتبة سعاد سليمان: النساء دائمًا ما يكون بمخيلتهن الكثير من التصورات عن الشريك الآخر والرجل الذى يأتى يغير حياتهن ويأخذهن ويشبعهن من الناحية الروحية والجسدية معًا، كما أن التعامل الدائم مع المرأة على أنها عورة وأن الرجل من حقه فقط أن يتحدث فيما يريد هو ما دفعهن للتمرد على تلك المناطق المحرمة فى الكتابة. لكن تصور الرجل عن معاملة المرأة فى المجتمع العربى أحد الأسباب والأمر لا يقتصر على طبقات بحد ذاتها، فقد ضرب الملك فاروق زوجته ليلة الدخلة بعدما نصحته الحاشية بهذا الفعل وهو ما يعرف ب«ذبح القطة» واعترف بذلك لوالدته حين سألته عن فعلته. الكاتبة منصورة عزالدين قالت: الجنس فى الروايات لم يعد كما كان محرمًا أو مجرمًا لدى الرأى العام، والأمر أصبح متقبلًا بشكل نسبى أكثر من الماضى. الكتابة عن الجنس فى الأعمال الأدبية للمرأة مرت بمراحل ويبقى أن التقييم الأهم فى جودة العمل من الناحية الأدبية وهو ما يحدد إن كان السياق مقبولًا أو فجًا. أما الكاتبة عزة سلطان، فقالت: الكتابة عن الجنس كشكل مستقل أمر وارد فى كل الثقافات، وليس حكرًا على مجتمع بعينه، وكذلك ليس وقفًا على نوع بعينه، الجنس فعل تواصل مشترك ومن ثم المشاعر المرتبطة به ورؤيته سلبًا أو إيجابًا هى أمر يشارك فيه الطرفان، ولا أظن أن طرفًا يحتكر مصداقية التعبير عن فعل ثنائى، فالرجل يتناوله من زاوية والمرأة تتناوله من زاوية مختلفة. وعمومًا ممارسة الكتابة بشكل أساسى تكون بغرض البحث عن طموحات أو التعبير عن انكسارات فى الواقع وحين نكتب فى أى موضوع نطمح إلى عرض وجهات نظر أو تصورات لحلول لمشاكل اجتماعية، وبالتالى فإن الجنس مثله مثل أى موضوع يتم التعامل معه فى الكتابة. المرأة تعانى طيلة الوقت ومعاناتها فى الكتابة جزء من معاناة مستمرة، والكاتبة بشكل عام توصم بأنها صاحب التجربة التى كتبت عنها، لكن المجتمع يتجاوز عن هذا فى حالة الرجل ويعتبرها شهامة وشجاعة أن يسجل تجربة عاطفية، فى حين أن العار كله محجوز للمرأة، فالقارئ إذا كان له نصيب من معرفة المؤلف بقرب ما فانه يُسقط عليه ما يقرأ وهذه أزمة مجتمع، نحتاج أن يتغير ذلك المجتمع وأفكاره حتى نتعامل مع الفنون والآداب برقى أكبر. الروائية هالة البدرى، قالت إن دوافع الكتابة فى هذه المنطقة تنقسم إلى نوعين الأول منهما الدوافع الفنية، وهى ما يستخدم فيها الجنس كأحد عناصر العمل وربما يكون الأبرز إلا أنه سيأتى فى سياق العمل ولا يكون مبتذلًا، أما الهدف الآخر وهو الهدف التجارى البحت الذى يستخدم الجنس فى إطار الإثارة وهو ما يعد ابتذالًا. وأوضحت: استخدمت الجنس فى رواية «امرأة ما» فى إطار فنى ولم أستخدم ألفاظًا صريحة أو خادشة فلم يكن الهدف الإثارة أو التجارة بل أن الجنس استخدم كأحد أبرز العناصر التى يمكن أن يقوم عليها العمل الفنى. وأضافت، أن التناول الجنسى فى الأعمال الروائية يختلف من جيل إلى جيل، فالأجيال الحالية تتناول الجنس بحرية أكثر من الأجيال السابقة، واعتبرت أن لجوء النساء إلى التعبير عن الجنس يعد نوعًا من الاحتجاج. أما الكاتبة سلوى بكر فأكدت أنها مع كسر التابو الجنسى لكن بشرط أن يكون غير مبتذل. وأضافت أن الابتذال لا يقتصر على الكتابة فى منطقة الجنس فقط وأن هناك ابتذالًا فى الكتابة الدينية والسياسية أيضًا. كما أن الأزمة فى تقديرها ليست فى الجنس ولكن فى كيفية تناوله وسياقاته، وفترة الستينيات كانت تختلف عن الفترة الحالية من حيث الحريات والتواصل مع الآخر وما يتقبله المجتمع ودرجة الانفتاح. فى ذات الإطار قالت الروائية سناء عبد العزيز: الجنس ليس قاصرًا على المرأة، ولكن يظل ولوج المرأة لتلك المنطقة الشائكة مغلفًا بهالة من الرهبة وبقدر عال من التشويق، وبخاصة إذا ما وضعنا فى اعتبارنا أن المرأة هى محور الجنس عبر التاريخ. أو المسافة بين تخيلات الجنس فى ذهن المرأة وعلى أرض الواقع بعيدة، وتظل هناك محاولة يائسة لسد الفجوة بين الواقع والمتخيل عبر تعدد العلاقات. والمرأة التى تكتب عن الجنس ليست بشخص مكبوت على الإطلاق، ونحن فى مجتمعاتنا العربية نشبه النعامة التى تدفن رأسها فى الرمال، فحين تظهر فى كتابة المرأة أى ايحاءات جنسية، تتهم بأنها مرت بتلك التجارب وعلى استعداد للمزيد، وكأننا نريد نساء من بلور لنتفرج عليهن. ولعلنى أخجل من نفسى أحيانًا حين أحذف فقرة من أى نص لنفس السبب، وأظل أعانى من ازدواجيتى بين ما أؤمن به وما يمكننى بالفعل كتابته.