دراسة أمريكية: الفيروس تسبب فى نفوق 37 % من أسماك البلطى المصرية.. وخسارة 100 مليون دولار التحاليل تكشف وجود الفيروس القاتل فى 3 عينات من أصل 7 تم التقاطها من مزارع سمكية مصرية مختلفة الفيروس فتاك وينتقل عبر البرك الملوثة وتم اكتشافه لأول مرة منذ ثلاثة أعوام فى إسرائيل بعد موجة موت مشابهة خبير استزراع سمكى: لا يوجد موانع لانتشار هذا الفيروس فى مصر.. لكن الباحثين المصريين نفوا رئيس اتحاد الصيادين: التلوث السبب الظاهر وراء نفوق الأسماك.. ولم نسمع عن «الفيروس» فى فصل الصيف من كل عام يعانى إسلام جمال، أحد الصيادين بكفر الشيخ، كغيره من زملاء له بالمئات، من نفوق الأسماك بصورة كبيرة جدًا، وغير معروفة الأسباب، رغم محاولات الجهات المعنية من وزارات الزراعة ممثلة فى الهيئة العامة للثروة السمكية، وكذلك وزارتى الرى والصحة، بالإضافة إلى الجهات المعنية فى المحافظة؛ لكشف سبب نفوق الأسباب، لكن لم يتوصلوا لنتائج. يقول جمال «هناك العشرات من الصيادين تشردوا بسبب نفوق الأسماك وعدم وجود ما يصطادونه، خاصة فى فصل الصيف الذى يصحبه نفوق مئات الأطنان من الأسماك»، مشيرًا إلى أن ذلك أيضًا أحد الأسباب الرئيسية فى ارتفاع أسعار الأسماك الفترة الحالية بصورة مبالغ فيها، متسائلًا عن «السبب وراء نفوق الأسماك بهذه الطريقة؟». ما بين المصانع الواقعة على النيل، والتى تلقى مخلفاتها فى مياه النيل، والأقفاص السمكية المخالفة، وارتفاع نسبة الأمونيا فى المياه، تأتى تصريحات المسئولين فى الوزارات المعنية، والصيادين، والمهتمين بالثروة السمكية من الخبراء والمسئولين السابقين، لكن «الصباح» تكشف فى هذا التحقيق السبب الحقيقى وراء نفوق الأسماك، وفقًا لتقارير وأبحاث مسئولين بجامعات أجنبية ومصرية. وكشف تقرير جديد نشرته جامعة «ستيرلنغ وورد فيش» الأمريكية، أن فيروسًا جديدًا تسبب فى حدوث وفيات فى الأسماك المستزرعة فى الإكوادور وإسرائيل تم اكتشافه حاليًا فى مزارع الأسماك فى مصر، حيث أكد الباحثون فى تقريرهم أنهم يحاولون الآن إقامة صلة قوية بين الفيروس والارتفاع الأخير فى الوفيات فى البلطى المصرى المستزرع. وأكد التقرير، أن «هذا الفيروس الذى يدعى «تيلفيا ليك» يشكل تهديدًا عالميًا لصناعة استزراع أسماك البلطى التى تقدر قيمتها بحوالى 7.5 مليار دولار سنويًا، وكذلك مصر باعتبارها من الدول الرائدة فى مجال صناعة الأسماك والاستزراع السمكى». وأكد التقرير أن البلطى هو نوع مهم للاستزراع المائى لأنه يمكن زراعته فى نظم زراعية متنوعة ويتطلب الحد الأدنى من المساحيق السمكية فى العلف، ولديها درجة عالية من التسامح مع نوعية المياه المتغيرة ويمكن أن تنمو فى كل من المياه العذبة والبيئات البحرية، كما أنه مهم فى سياقات العالم النامى، حيث إنه من غير المكلف أن ينمو مع صغار المزارعين. وأوضح الباحثون، أنه فى السنوات الخمس أو الست الأخيرة، شهدت مصر زيادة فى عدد الوفيات من أسماك البلطى المستزرع فى أشهر الصيف مع ارتفاع درجات حرارة المياه، مشيرين إلى أن دراساتهم الاستقصائية أكدت أن 37 فى المائة من المزارع السمكية المصرية تأثرت بهذه الوفيات فى عام 2015، مع ما يترتب على ذلك من أثر اقتصادى قدره 100 مليون دولار على سلسلة القيمة والاقتصاد الأوسع نطاقًا. وقال الباحثون فى تقريرهم «تحديد سبب هذه الوفيات ومنعها يشكل أهمية كبيرة فى مصر، التى تعتمد على تربية الأحياء المائية المحلية على 60 فى المائة من الأسماك المستهلكة، ويشكل البلطى المستزرع 75 فى المائة من هذا الإنتاج». وقال الدكتور مايكل فيليبس، مدير العلوم وتربية الأحياء المائية فى العالم وأحد الباحثين فى الدراسة: «كان البلطى فى السابق يتمتع بمقاومة جيدة للأمراض، وفى حين أن التقرير لن يؤثر على هيمنة هذه الأنواع فى الاستزراع المائى العالمى، إلا أنه دليل على ضرورة بذل المزيد من الجهود لضمان سمعة البلطى الصعبة». ووفقًا للدراسة فإنه تم اختبار عينات الأنسجة من سبع مزارع متأثرة ب«الوفيات الصيفية» فى جامعة ستيرلنغ معهد الاستزراع المائى، وكانت ثلاث من هذه العينات السبع إيجابية للفيروس. وقال البروفيسور مانفريد ويدمان، أستاذ الفيروسات فى جامعة ستيرلنغ: «على الصعيد العالمى، لا يوجد نظام للاستزراع المائى خال من خطر المرض، وما لم نتمكن من إدارة المرض، والحد من تأثيره، والحد من انتشار الأمراض وحدوثها، لن نتمكن من تلبية الطلب المستقبلى على الأسماك». وأظهرت الدراسة أن الأسماك المريضة تتمتع بمناعة دائمة ضد المرض إذا نجت من الإصابة الأولى، فيما يشجع عالم الفيروسات مانفريد ويدمان على البحث عن حلول طويلة الأمد لمواجهة الوباء، على رأسها خطة لإنتاج لقاح يوفر مناعة دائمة للأسماك، أو استزراع أنواع منيعة ضد المرض، لكن كل تلك الحلول ما زالت قيد الدراسة حتى الآن. وكشفت التقرير عن أن علماء من جامعة ستيرلنغ والمؤسسة العالمية للأسماك يعملون الآن على تحديد ما إذا كان هذا الفيروس هو السبب الرئيسى ل «وفيات الصيف»، مؤكدًا أنه على المدى القصير إلى المتوسط، سيتم تحقيق فهم أفضل للفيروس وانتشاره وطرق العدوى، وتوزيعها على العلماء ومزارعى الأسماك بأفضل الممارسات الإدارية وغيرها من الممارسات للتخفيف من آثاره ومراقبتها. كما يعمل المعهد -وفقًا للتقرير- مع شركاء مصريين آخرين، بما فى ذلك جامعة كفر الشيخ وقطاع زراعة البلطى التجارى المصرى، على مشروع بتمويل من وزارة التنمية الدولية؛ لدراسة تعديل تصميم المزارع السمكية والممارسات الإدارية لمكافحة أمراض الأسماك. كما كشفت الدراسة ذاك القاتل الخفى وهو فيروس فتاك ينتقل عبر البرك الملوثة، اكتشف لأول مرة منذ ثلاثة أعوام فى إسرائيل بعد موجة موت مشابهة، ويعرف ب «فيروس برك البلطى TilV»، مؤكدًا انخفاض العائد السنوى من أسماك البلطى فى بحرية طبرية من 316 طنًا فى عام 2005 إلى 45 طنًا فى عام 2010، وفقًا لتقارير وزارة الزراعة الإسرائيلية، وهو ما دفع بدوره فريقًا من الباحثين الإسرائيليين والإيطاليين إلى دراسة الظاهرة ليتوصلوا إلى نتيجة مفاجئة؛ فى حين لم تكشف الاختبارات الروتينية أى زيادة فى معدل الطفيليات أو الفيروسات المعتادة، عثر الفريق فى أنسجة الأسماك -التى تظهر أعراضًا مرضية- على فيروس جديد، لينال اسمه الحالى (فيروس برك البلطي)، وأوضح التقرير أن الفيروس المذكور يحمل مادة وراثية من الحمض النووى الريبوزى RNA، وعندما طُعِّم بخلايا مخ بلطى مستزرعة فى المعمل، أظهر اختلالات خلوية فى مدة تتراوح بين 5 و10 أيام فقط بعد الإصابة، وعند حقنه بداخل أسماك بلطى حية، أظهر الأعراض المتعارف عليها للأسماك المريضة، والتى تشمل خمولًا شديدًا وتآكلًا جلديًا واعتام عدسة العين. كما أظهرت الاختبارات الهستولوجية انتفاخًا فى الأعضاء الداخلية خاصة الدماغ، بمعدل وفيات يصل إلى 80 فى المائة من العينة المصابة، حيث نشرت الدراسة الخاصة بانتشار الفيروس فى إسرائيل عام 2014 فى دورية «كلينكال ميكروبيولوجى»، ومنذ ذلك الوقت عاود الفيروس هجومه فى دول مختلفة منها الإكوادور ومصر، واعتمادًا على تتابع الجينوم الذى وفرته الدراسة الإسرائيلية، تمكن الباحثون من جامعة سترلينج فى الدراسة الأخيرة، من العثور على الفيروس القاتل فى 3 عينات من أصل 7 تم التقاطها من مزارع سمكية مختلفة فى مصر. وطالب باحثون مصريون، فى كلامهم ل«الصباح»، الجهات البحثية بتوفير الدعم اللازم لإجراء بحوث مصرية لعزل الفيروس وتحديد ال DNA له، وبعدها نستطيع تحديد العلاج، مؤكدين أنه فى البحث الممول من أمريكا للمرض الذى ظهر فى الإكوادور وإسرائيل، تم الكشف عن DNA لمسبب المرض وهو فيروس، وحسب بحث جامعة سترلنج البريطانية فإن المرجح أن الفيروس موجود فى البلطى المصرى. من جهته قال الدكتور محمد شهاب، أستاذ الاستزراع السمكى بجامعة الإسكندرية، «لا يوجد ما يمنع انتشار هذا الفيروس فى مصر، لكن الموضوع معقد لأن الباحثين فى مصر أكدوا أن السبب الرئيسى فى نفوق السمك يرجع إلى البرودة والتلوث بالمخلفات الصناعية، لكن لا يوجد أبحاث مصرية أجريت لتأكيد أن التلوث أو غيره هو السبب، ولكن كلها أقاويل دون إثبات». وأشار شهاب ل«الصباح» إلى أن الجامعة لم تؤكد بنسبة مائة فى المائة أن السبب فى نفوق الأسماك هو ذلك الفيروس، لكنها قالت إنه احتمال كبير، مشيرًا إلى أن دكتور وصاحب مزرعة سمكية يدعى إسماعيل رضوان أكد أن السبب ليس الفيروس. ويقول الدكتور إسماعيل رضوان، خبير الاستزراع السمكى بجامعة الإسكندرية، ومربى أسماك، «هذه الحملة الضارية منهجية، والغرض منها منع تسويق السمك المصرية فى الأسواق العالمية، بعد أن يكون تم وصم الإنتاج المصرى بوصمة الفيروس». لكن الدكتور شهاب رد عليه، بأنه لا توجد بحوث مصرية أو تصريح رسمى من جهات علمية مصرية تؤكد أو تنفى هذا الموضوع الخاص بفيروس البلطى المشابه لنظيره فى إسرائيل والإكوادور عن طريق أخذ عينات وعزل المسبب المرضى، وأن البحث المذكور يرى الحاجة لإجراء المزيد من البحوث للتأكد من أن سبب الموت الصيفى للبلطى المصرى هو فيروس «tilv». فيما أضاف إسماعيل «إرجاع نفوق سمك البلطى إلى فيروس مشابه أصاب البلطى فى إسرائيل والإكوادور، يروج لها أجانب ذكروا فى التقرير، واستطاعوا استقطاب بعض الأكاديميين الباحثين فى مصر لأمور ضارة بمزارع مصر السمكية، وتروج له مؤسسة دولية موجودة بالعباسة بمحافظة الشرقية WorldFish، للتواجد فى صناعة الاستزراع السمكى رسميًا من خلال ما يطلق عليه بروتوكولات تعاون بين الجامعات». وقال مجدى مرعى رئيس الاتحاد العام لنقابات الصيادين بكفر الشيخ، «إن السبب الظاهر وراء نفوق الأسماك فى كفر الشيخ معظمه تلوث ومخلفات صناعية، والسبب فى نفوق الأسماك فى بحيرة قارون فى الفيوم بسبب حشرة قراضة»، موضحًا أنه لا توجد أى معلومات لدى الصيادين عن فيروس يتسبب فى نفوق الأسماك، أو أصحاب المزارع.