التضخم يلتهم 25فى المائة من حجم الإنفاق على كل البنود.. والدعم مهدد بالانخفاض بنفس النسبة خبراء الاقتصاد: نبهنا الحكومة من الكارثة لكن «المالية» تمسكت بعدم وجود موارد لسد العجز اشتملت الموازنة العامة للدولة على إجمالى إنفاق متوقع للسنة المالية الجديدة 2017-2018 بلغ نحو 1.2 تريليون جنيه، وإجمالى ناتج محلى مستهدف يبلغ 4.1 تريليون جنيه، وفقًا للتحولات المالية والاقتصادية التى شهدتها مصر عقب تحرير سعر الصرف، والذى انعكس بشكل كبير على حسابات الإنفاق بالموازنة وفقًا للسعر الجديد للدولار الذى يبلغ 16 جنيهًا، مقابل 8 جنيهات فى موازنة العام التى تنتهى فى يوليو المقبل. ويرى خبراء الاقتصاد أن الحكومة نجحت خلال فترتها الأولى من تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى، فى تفادى آثار سعر الدولار فى حسابات الموازنة الجديدة، إلا أنها حتما سوف تغرق فى بركة التضخم، الذى من المتوقع أن يلتهم أكثر من 25فى المائة من حجم إنفاقها على كل البنود، خاصة المرتبطة بالعدالة الاجتماعية مع بدء عملها بالموازنة الجديدة. وكشف فخرى الفقى الخبير الاقتصادى على حتمية ضياع نحو 300 مليار جنيه من الموازنة الجديدة، إذا لم تستطع الحكومة السيطرة على الآثار السلبية للتضخم، والتى أخرجت تلك المليارات من حساباتها، بسبب السياسات النقدية التى أنتهجها البنك المركزى، وترتب عليها رفع سعر الفائدة إلى 20فى المائة، حتى يلجأ المواطنون إلى الادخار، ويكونوا أكثر ادخارًا وأقل استهلاكًا، دون أن يدرك البنك أن ذلك له آثار سلبية على الدين الحكومى العام، حيث يدفع الدولة للاستدانة بفائدة أعلى إضافة إلى التأثيرات السلبية على أداء البورصة، بعد أن قام المستثمرون ببيع أسهمهم واستبدالها بودائع لدى البنوك، وكل ذلك أدى فى النهاية إلى تضخم لم يتحمله سوى المواطن الفقير الذى طفح به الكيل. وشدد «الفقى» على أن العلاج يمكن فى استقرار الأسعار، عن طريق تحسين مناخ الاستثمار، وتقليل الطلب على الدولار وانخفاض سعر الفائدة، بالإضافة إلى تشجيع المستثمرين بالفعل وليس القول، كما يعمل د. أشرف الشرقاوى وزير قطاع الأعمال العام، الذى لم ينفذ خطته حتى الآن فى فتح شهية المستثمرين للاكتتاب أو طرح شركات بالبورصة المصرية، لافتًا إلى أن الحكومة دائمًا ما تضع تصورات خاطئة عن قيم المخصصات، وتعجز فى السيطرة على الإنفاق، مما يؤدى فى النهاية إلى تفاقم عجز الموازنة عن المعلن. وكان د. عمرو الجارحى وزير المالية، قد أعلن فى البيان التمهيدى للموازنة الجديدة، عن زيادة جميع المخصصات التى ترتبط مباشرة بالمواطن المصرى الفقير، كالدعم والعلاج على نفقة الدولة وخلافه من كل البنود التى تسير بخط التماس مع نية الدولة فى تحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين. بينما أكد أحد المستشارين الاقتصاديين الذين شاركوا فى إعداد الموازنة، فى تصريحات ل«الصباح»، أن الحكومة راعت قدر الإمكان زيادة مخصصات الدعم حتى يصل إلى مستحقيه، وزيادة مخصصات العلاج على نفقة الدولة، بالإضافة إلى الاهتمام بكل أوجه الإنفاق فى التعليم والصحة والبنية الأساسية، التى ستعتمد عليها فى جذب الاستثمارات لتعويض عجز الموازنة، إلا أن التضخم المتوقع للأسعار خلال العام الأشهر المقبل سيلتهم أكثر من 25فى المائة من حجم إنفاقها على كل المخصصات. وأشار إلى أن حجم الإنفاق الذى سيصل إلى 1.2 تريليون جنيه فى الموازنة الجديدة، بينما تقدر قيمته الحقيقية وقت إنفاقه ب 900 مليار جنيه فقط، أى أن هناك نحو 300 مليار جنيه تائهون بسبب التضخم، مما سيؤدى إلى انخفاض قيمة الموازنة بنحو 25فى المائة وقت التنفيذ، مضيفًا: «هذه كارثة نبهنا إليها الحكومة، لكن وزارة المالية لديها العذر الكافى فى عدم وجود موارد لسد العجز الناتج عن الآثار السلبية للتضخم». وعن تفاصيل الدعم، أكد عبد اللطيف وهبة نائب أول شعبة المخابز فى الغرفة التجارية، فى تصريحات ل«الصباح»، أن دعم رغيف الخبز من الدولة كان 31 قرشًا قبل تحرير سعر الصرف، ثم وصل إلى 57 قرشًا بعد تحرير سعر الصرف أى بزيادة تتخطى 75فى المائة، بسبب قفزة الدولار إلى 20 جنيهًا. وأوضح «وهبة» أن الحكومة عند وضع الموازنة العامة حسبت الدعم طبقًا لسعر الدولار، لكن قرار تحرير سعر الصرف فى نوفمبر الماضى أدى إلى قفزة أسعار القمح المستورد بسبب زيادة الدولار، وبالتالى فإنه من المفترض مضاعفة المبالغ المخصصة للدعم بنسبة 150فى المائة، بناء على الأسعار الجديدة للدولار لتصل إلى 10 مليارات، وتسرى هذه الزيادة بالتوالى على قيمة مخصصات دعم الغذاء لتظهر هذه الزيادة فى الناتج النهائى للدعم. وأكد أن القيمة التى أعلنت عنها الحكومة لا تعبر عن أى زيادة فى مخصصات الدعم، وبالتالى فإن زيادة قيمة مخصصات الدعم كان يفترض أن تكون بنسبة 75فى المائة، لتكون النسبة مساوية لقيمة الدعم فى العام المالى الحالى، لذلك فإن الزيادة بنسبة 50فى المائة فقط تعنى أن الحكومة قلصت الدعم بنسبة أكثر من 25فى المائة.