الانخفاض الحالى للدولار ليس من نتائج الإصلاحات ولابد من مصالحة اجتماعية بين التجار والمجتمع لا أحد يمكنه التنبؤ باستمرار انخفاض الدولار.. ولكنه لن يعود لمستوى ال19 جنيهًا رأى أن توقف الاستيراد وراء انخفاض أسعار الدولار، واعتبر أن ارتفاع الأسعار أكثر مرونة من انخفاضها، كما بشّر بأن سعر السكر سينخفض تدريجيًا بدءًا من الأسبوع المقبل، ليس هذا فحسب، بل أكد أنه خلال ثلاثة أسابيع، سيحدث انخفاض تدريجى لكل السلع؛ بحسب استشرافات أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية «شاهبندر التجار»، فى حواره مع «الصباح».
* لماذا انخفض الدولار بهذا الشكل خلال الأيام الماضية.. بينما ثبتت أسعار السلع؟ - المنطق يقول إنه لابد من انخفاض فى الأسعار تواكب تراجع سعر الدولار، لكن لابد أولًا أن نتفق على تلك النقطة فى علم الاقتصاد؛ فالثابت علميًا أن هناك مرونة فى ارتفاع الأسعار، تجعله أسرع من انخفاضها، وعلى سبيل المثال الدولار الذى تعدى 19 جنيهًا لا يتفق مطلقًا مع القوى الشرائية للمجتمع، فتسبب ذلك فى انخفاض فى حجم الطلب على السلع وكثير من الخدمات، لارتفاع سعرها وعدم اتفاقها مع ميزانيات الأسرة؛ على ضوء هذا حدث انخفاض فى الطلب على الدولار، نتيجة أن الناس توقفت عن الاستيراد، فالمصانع خفضت إنتاجها ومبيعاتها، ومع كل هذه الظروف كان لابد للأسعار أن تنخفض، لأن المنتج أو التاجر أهم شىء بالنسبة لنجاحه هو دوران رأس ماله، وبالتالى بالقطع ستنخفض الأسعار، بل انخفضت بالفعل فى تجارة الجملة، وممكن أقول بعض الأمثلة التى ستوضح كلامى للناس، فأسعار الحديد انخفضت من 11 ألف جنيه إلى 860 ألفًا فى تجارة الجملة، والقمح انخفض من 4200 جنيه فى تجارة الجملة إلى 3650، لكن يجب أن يمر بعض الوقت لكى يصل هذا إلى تجارة التجزئة؛ وهى كيانات صغيرة لديها بضائع سعرها مرتفع أن تتصرف فيها بأقل خسائر ممكنة. وبالتأكيد ستنخفض أسعار تجارة الجملة فى كل السلع الأساسية، بخلاف الحديد، فالسكر سينخفض بداية من الأسبوع المقبل أو بالأصح على نهاية هذا الشهر، وسيكون الانخفاض بالتدريج، نحن لدينا إنتاج يكفينا 8 أشهر أو 7 أشهر ونصف، ولو قارنا هذا بالسعر العالمى حيث يباع ب11 جنيهًا للمستهلك، ونحن لاحظنا الأسبوع الماضى أنه انخفض وأصبح سعره ما بين 12 و13 جنيهًا، وسوف يواصل الانخفاض تدريجيًا، ومخزنو الأرز -على سبيل المثال- الذين كانوا متمسكين بتخزينه، بدأوا يخرجونه فزاد العرض، وانعكس هذا على السعر، وبدأ دورة التجزئة يشعرون به خلال الفترة المقبلة، فدعونا نقول من اليوم وإلى بداية منتصف الشهر المقبل من مارس، أى خلال الثلاثة الأسابيع المقبلة، سوف يحدث انخفاض تدريجى فى السلع، بحيث يشعر الناس به تمامًا فى منتصف الشهر المقبل. * بمجرد التعويم، الأسعار ارتفعت، رغم توافر السلع من قبل بالسوق.. كيف تفسر ذلك؟ - بمجرد حدوث التعويم حصل انخفاض فى سعر الجنيه، وبذا فنحن جميعًا فقدنا نصف رأس مالنا، وعندما نقوِّم رأس مالنا بالعملات الأجنبية بينما تسهيلاتنا أصلاً بالجنيه، أصبح أن هناك تخوفًا على المجتمع الصناعى والتجارى لا يستطيع أن يلف نفس الدوران الذى كان يلفه من قبل، وهذا من شأنه أن يؤثر على العرض، لذلك نحن نبحث عن طرق لتغيير المعايير المحاسبية، لكى نستطيع أن نحافظ على نفس دوران الكميات التى كانت تعرض سواء فى مجال الإنتاج أو مجال الاستيراد، هناك شىء لابد أن يدركه الجميع ويفهمه، وهو أننا من يوم ما انضممنا لاتفاقية منظمة التجارة الدولية، أصبحت مصر جزءًا من الاقتصاد العالمى، لذلك أصبحنا اليوم نمارس أسلوب الإحلال؛ أى بيع السلعة التى ينخفض سعرها، وقلت من قبل إن مرونة الارتفاع فى الأسعار أسرع كثيرًا من مرونة الانخفاض، لذلك حدث الصعود المتتالى يوم التعويم، لكن أتى بنتائج عكسية، فلدينا قطاعات متوقفة بالكامل؛ مثل قطاعات السيارات والسلع الاستهلاكية مثل التليفزيونات والثلاجات والسخانات، حدث انخفاض فى مبيعاتها، وهذا يدفع السوق إلى أن تعود إلى نقاط توازنات جديدة.
* نزول الدولار.. كيف تقيمه، وهل سيستمر نزوله أم سيعاود الصعود؟ - لابد أن أؤكد أولًا أن البرنامج الإصلاحى الذى قدمته الحكومة للبرلمان -والذى أتت نتيجته فى الاتفاق مع صندوق النقد الدولى والتعويم، وكثير من السياسات المالية والنقدية التى تكمل هذه الإجراءات- هدفه فى النهاية رفع مستوى معيشة المواطن المصرى 100فى المائة، فالإجراءات التى اتخذت لا يمكن أن تأتى بنتيجة فى يوم وليلة، ولذلك فإن عملية النزول التى حدثت فى الدولار لم تبن أساسًا على نتائج ملموسة على تلك الإصلاحات، لأن الإصلاحات لم تأت بزيادة فى التصدير أو عودة السياحة، والاستثمار لم يضخ جديدًا، لأن مشروع قانون الاستثمار الجديد لم يصدر بعد، نعم المناخ بدأ يتحسن، بدأنا نشعر أننا نسير على الطريق الصحيح الذى سيؤدى فى النهاية إلى الوصول إلى الهدف المنشود، توقعى أن هذه الإجراءات كلها سوف تقوى قيمة الجنيه عندما تحدث. * هل الدولار سيعاود الصعود فى رمضان؟ - من وجهة نظرى الشخصية لا أحد يمكنه معرفة تلك الأشياء، لأنها معتمدة على محددات كثيرة، عمومًا السياحة بدأت تتحسن نوعًا ما، والتصدير زاد نسبيًا، لكن ليس بالصورة المطلوبة فى المدى الطويل، بالتأكيد سيسترد الجنيه قوته، لكن متى لا يستطيع أحد أن يجيب، وما أؤكد عليه أن الدولار لن يعود إلى مستوى ال19 جنيهًا. * ما رأيك فى قرار الحكومة بشأن الإعفاء الضريبى للدواجن المستوردة، خاصة بعد ارتفاع سعر المنتج المحلى منها؟ - الحكومة اتخذت القرار بناء على دراسة مقدمة من مجلس الغرف التجارية، وقلنا إنه يجب أن تنتبهوا؛ إن لديكم أمراضًا متوطنة تؤثر فى فصل الشتاء على الإنتاج، نحن نقترح عليكم أن يتم إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك لمدة معينة، ولتكن 4 أو 5 شهور، وبعد أن راجع رئيس الوزراء الدراسة أصدر القرار وحدثت الضغوط التى حدثت، وتم إلغاء القرار، بالطبع كان سيكون هناك 9 جنيهات أوفر، والتى هى قيمة الجمارك التى كانت على الكيلو من الدجاج، بمعنى أن كيلو الفراخ كان سيفرق مع المواطن 9 جنيهات على الكيلو، الحقيقة أن التوازنات فى السوق تأتى نتيجة ارتفاع وانخفاض قيمة العملة، خاصة أننا دولة مستوردة والمكون الأجنبى حتى فى المنتج المصرى بصفة عامة مرتفع، وهذا يرجع إلى السياسات التى تحكم البنية الرئيسية للسوق، وعندما نتكلم عن قرارات تم اتخاذها فى نوفمبر 2015 الخاصة بتحجيم الاستيراد فإن القرار قد يكون جاء فى توقيته، نتيجة أنه لم نبتدئ بإصلاح اقتصادى سليم، لكن الذى يحمى المنتج المصرى اليوم هو سعر الصرف للعملة المصرية.
* ما ردك على اتهام الناس للتجار بالجشع؟ - القطاع الخاص يساهم فى 80 فى المائة من إجمالى الناتج المحلى القومى، والقطاع الخاص المصرى يعمل معه 80 فى المائة من حجم العمالة المصرية، وهوما يعنى أن الاقتصاد المصرى مبنى على القطاع الخاص الآن، لذلك لابد من مصالحة مجتمعية بين القطاع الخاص والمجتمع، بالعكس نحن فى القطاع الخاص تربينا على أن الزبون على حق، فنحن لدينا 4 ملايين و300 ألف منتسب للغرف، منهم الصناع والتجار والمستوردين، وضمنهم ما يزيد على مليون تاجر تجزئة، هل هؤلاء كلهم جشعون؟!، ألا يوجد بينهم واحد «كويس»؟!.. لا يمكن أن نقول هذا الكلام، والمشكلة تكمن فى الدخل المنخفض للمواطن، وسياساتنا بنيت منذ الستينيات على أنه يعطى على القد ويدعم بسلع، إلى آخر هذا الكلام الذى انتهى من العالم، قانون العمل لدينا لا يعطى فرصة للإنسان أن ينمى قدراته البشرية، لأنه لو أن هناك موظفًا يعمل وموظف لا يعمل فى نهاية الشهر، فإن الاثنين سيقبضان رواتب مثل بعضهما، هذه الفلسفة لابد أن تتغير اليوم، هناك ناس طورت قدرتها البشرية، هناك أسطوات فى المصانع يأخذ الواحد منهم فوق ال70 وال80 ألف جنيه فى الشهر بالخبرة، ويتم اختطافهم من قبل المصانع. * كيف يستعيد القطاع الخاص، والتجار تحديدًا، ثقة الشارع؟ - لابد أن أذكر أن تجار ومصانع القطاع الخاص كانت تعمل خلال الأحداث من 25 يناير إلى 11 فبراير، بينما كان كل الناس فى منازلها، وكان هناك حظر تجوال، ولم نرفع الأسعار وقتها مليمًا واحدًا، وفى يونيو 2013 حدث نفس الشىء، ما يهمنا هو أن نهتم بالجانب الآخر، كيف نزيد من دخلنا، كيف ننمى قدراتنا البشرية، وما يخفض الأسعار وينزلها هو العمل ووفرة الإنتاج وزيادة الناتج المحلى القومى، هذا هو فى النهاية الذى يوازن بين الأسعار وبين الدخول.