بعد دخول «الدعوة» السياسة اكتشفت أنهم لا يوجد لديهم مبدأ أحترمهم لأجله أساعد السلفيات بتصحيح مفاهيم زرعها شيوخ لا علاقة لهم بالدين رأى الشيخ مقدم على رأى الزوج والأب لدى السيدة السلفية جرت العادة أن نسمع عن منشقين عن «الدعوة السلفية» من الرجال سواء أكانوا من قادتها المختلفين معها، أو شبابها الرافض للسياسات التى تنتهجها الدعوة، وبالفعل قد شهدت الفترة الماضية العديد من تلك النماذج والتى أثرت على شعبية «الدعوة»، وخاصة بعدما اخترقت الدعوة عالم السياسة منذ العام 2011. ولكن المفاجأة غير المتوقعة، أنه وسط تيار متشدد عُرف عنه نظرته المتدنية للمرأة، والتى لا تخرج عن محيط الزواج وتربية الأبناء وخدمة الرجل أيًا كان موقعه، أن نسمع عن انشقاق سيدة سلفية عن «الدعوة»، وتمردها على ذلك الكيان الذى طالما تلاعب فى عقول النساء وحولهن لمجرد أدوات تهدف لإسعاد الرجل. منذ اللحظة الأولى يصعب أن تقتنع أن تتحدث منطقة العجمى بالإسكندرية بأكملها عن «الحاجة آيات حجاج»، التى قررت الخروج عن التقاليد السلفية، والتى فرضت عليها على مدار سنوات عاشتها تعتنق أفكار الدعوة السلفية، لكى تخرج وتشارك عالم الرجال الند بالند، فتتحول من مجرد امرأة ترتدى النقاب وتجلس بالمساجد تستمع إلى ما يقال إليها من شيوخ السلفية، إلى اسم يتردد وسط نساء السلفية اللاتى تحاول «آيات» أن تجعلهن يعتدن التعبير عن أنفسهن، هذا بخلاف تردد اسمها وسط مجالس الرجال كأحد أعضاء التحكيم فى المجالس العرفية، وذلك بعدما أخذت شهرة كونها امرأة قوية قهرت قيود الدعوة السلفية وتحولت إلى كيان مستقل يرفض الانصياع إلى أوامر الشيوخ. كما ازدادت شهرة «الحاجة آيات» عندما قررت تحويل عملها الخيرى الذى كان فى إطار غير تنظيمى إلى عمل مؤسسى، وذلك حين قررت إنشاء جمعية خيرية هى جمعية «علو الهمة» الخيرية، والتى أصبح نشاطها ودورها الاجتماعى مشهورًا جدًا بمنطقة العجمى، كما أنها تستخدمها لتكون منبرًا معبرًا عن «قوة المرأة السلفية وقدرتها على تحقيق ذاتها والمشاركة بفاعلية فى المجتمع إذا أرادت هى ذلك»، وفقًا لما تردده «آيات»، والتى تعمل على تكوين كيان يجمع نساء السلفيات حتى يحاولن تغيير المفاهيم الخاطئة عن المرأة التى رُسخت فى عقولهن. لم يكن هذا فقط ما فعلته «آيات» المتمردة السلفية والتى تفضل أن يطلق عليها لقب «امرأة بمليون رجل»، فقد سعت لجمع عائلتها الكبيرة داخل مؤسسة كبرى، الأمر الذى اعتبره البعض جرأة غير متوقعة من سيدة عاشت عمرها وسط أجواء متشددة، وقد عرف عن عائلتها أنه كانت لهم ميول سلفية؛ فمنهم القيادى السلفى محمد حجاج والذى كان يعد من أهم قيادات الدعوة قبل أن ينشق عنها رفضًا لسيطرة ياسر برهامى عليها. «الصباح» فى سعيها لتتعرف عن قرب على أول امرأة تمردت على «الدعوة السلفية» فى عقر دارها بالإسكندرية، انفردت بتصريحات لأول مرة من «الحاجة آيات حجاج»، اقتربنا فيها من شخصها ومن جمعيتها والتى تحلم يومًا بها منظمة دولية متكاملة تؤكد قوة المرأة السلفية وقدرتها على الخروج عن القوالب الجاهزة ككل النساء. فى البداية تقول «الحاجة آيات» إنها كانت قريبة من «الدعوة السلفية» وتعتنق أفكارهم، ولكن كان لديها تحفظ على طريقة تعاملهم مع المرأة، وكانت تؤكد أن المرأة السلفية كغيرها من النساء يمكنها أن يكون لها دور غير ذلك الذى يحصرها فيها المشايخ.
تضيف «آيات» أنه بعد دخول «الدعوة» معترك السياسة اكتشفت أنهم «يقولون مالا يفعلون، ولا يوجد لديهم مبدأ يمكن احترامهم لأجله»، لذلك قررت عدم الاختلاط بهم ثانية، والتركيز فى نشاط اجتماعى يعمل على مساعدة الفقراء، وأيضًا تسعى من خلاله للم شمل عائلتها التى تنتشر حول العالم، حسب قولها، كما أنها شاركت فى ملتقى أغلبه من الرجال ولم تجد فى الأمر ما يعيبها لأنها استطاعت تحقيق ما فشل فيه غيرها من الرجال ولم تقبل بالرضوخ للأوامر التى يفرضها هؤلاء الملتحون فقط للتحكم فى المرأة. وحول بداية تمردها على تقاليد وأفكار السلفية، قالت آيات: «النساء فى الدعوة السلفية لا قيمة لهن ولا قيمة لرأيهن، ودورهن يقتصر على الجلوس بالمنزل والذهاب إلى المسجد لسماع الشيخ، ولا يمكنها أن تأخذ خطوة فى حياتها سوى برأى ومشورة الشيخ ولا يمكنها فتح مشروع سوى بمباركة الشيخ، وكل تلك الأمور لم أقبلها خاصة وأنى بطبعى أرفض الوصاية. وفى يوم كنت وعدد من الأخوات نحضر لقاء لأحد المشايخ وكان يناقش معى قضية تعدد الزوجات، وهى القضية التى تعد من أهم الأزمات التى تعانى منها المرأة السلفية، والتى يفرض عليها أن تقبل بالزوجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة وإلا باتت مخالفة للشرع، وبعد أن ظل الشيخ يلقى محاضرته عدة ساعات سألنى عن رأيى فى الأمر معتقدًا أنى مثل غيرى اقتنعت، ولكن كانت لحظة ذهول عندما قلت له أنى غير مؤمنة بهذا الكلام، وأن الصحيح فى تعدد الزوجات هو أنه سنة، وأنا ملزمة بالفرض فقط، أما السنة فلى حق تنفيذها أو عدم تنفيذها دون أن أكون مخالفة للشرع، وهنا كانت مفاجأة الشيخ الذى لم يستطع أن يواجهنى أو يتصدى لحديثى، ونظرت لى الأخوات بذهول لكونى قمت بالرد على الشيخ بتلك القوة والجرأة ومن وقتها لم أحضر فى تلك المجالس العبثية التى تهين المرأة». وتستطرد «آيات» حديثها ل«الصباح» فتقول: «بحكم دورى وكونى معروفة بالمنطقة والدروس الدينية التى ألقيها للسلفيات فأنا أطلع على مشاكل العديد من نساء الدعوة، وغالبيتها بسبب التعقيد والتطرف الفكرى والدينى، وتلاعب هؤلاء المشايخ فى عقول الناس وفرضهم لآراء تخرب البيوت، فأذكر أن إحدى الأخوات كانت تنقل لى مشكلتها لكى أقول رأيى فيها، حيث إنها كانت متزوجة من شخص عادى، وكانت هى تنتمى ل«السلفية»، ومع الوقت استطاعت إقناع زوجها بالأفكار السلفية وجعلته ينضم إلى معهد الفرقان ويتعلم على يد مشايخ السلفية، حتى أصبح أكثر منها تمسكًا بهذه الأفكار، الأمر الذى رجع عليها بالسلب بعد إقناع أحد الشيوخ له بأهمية تعدد الزوجات وأنها سنة لا يجب إهمالها حتى تزوج من أخرى وانهار بيتها، وهناك أخرى تدفع ثمن تزمت زوجها ضدها وعدم منحها حرية فى أن تدلى برأيها فى أى شىء، بينما تعانى أخرى من الزواج من شخص لا يفعل ما يمليه الشيخ عليها مما يجعلها معتقدة أنها مخالفة للشرع لمجرد أن الزوج لا يتبع فكر شيخها». وتتابع «آيات»: «وجدت غالبية المشاكل التى تأتى يكون السبب فيها مشايخ السلفية الذين تتبعهم كل امرأة سلفية، مما جعلنى أفكر فى مساعدة أولئك السلفيات بتوسيع إدراكهن وتصحيح المفاهيم التى زرعت فى أذهانهن على مدار سنوات طويلة، عبر شيوخ لا علاقة لهم بالدين، لذلك بدأت فى توسيع وعيهن عبر المساجد التى ألقى فيها الدروس وأقوم بتحفيظ القرآن، حيث ألتقى بهن دائمًا وأحاول تغيير تلك المفاهيم الخاطئة مما جعلنى بالنسبة لهن قدوة رغم اعتبارهن أن مواقفى جريئة لا يستطعن القيام بها». وحول الأمور التى تركز عليها أثناء لقاءها بهؤلاء النساء، قالت «آيات» إنها تركز دائمًا على عدم التبعية للمشايخ وأن تحافظ كل امرأة على أن تتعلم من أخطائها وليس من أقوال الشيوخ، خاصة بعدما اكتشفت أن رأى الشيخ مقدم على رأى الزوج والأب لدى السيدة السلفية. مضيفة أنها كانت تواجه أزمات مع الصغيرات المتزوجات من مشايخ كبار ورغم أن معدلهن لم يكن كبيرًا إلا أن معاناتهن كانت خطيرة، وقالت: «كنت أنصحهن بالاستقلالية وفرض آرائهن وعدم التواجد بمنزل الشيخ كخادمة دورها الطعام والأولاد، وهذا ما أركز عليه فى جمعيتى التى من خلالها يمكن لهؤلاء النساء القيام بدور خارج نطاق سيادة المشايخ، حيث سأخصص لهن مشروعات صغيرة حتى يشعرن بالاستقلال المادى». أكملت «آيات»: «لم أجعل دورى يتوقف عند هذا الحد بل بدأت باقتحام المجالس العرفية التى تشهد أعيان الإسكندرية والتى يتم فيها الاستعانة بكبار شيوخ السلفية، وأتذكر أن آخر مجلس شاركت فيه نهرت الشيخ الذى كان يقول رأيه فى أزمة بين عائلتين وأكدت له أن رأيه خاطئ وحاول التشكيك فى رأيى لكونى امرأة ولكنى فرضت نفسى على المجلس وأشادت الأغلبية بما ذكرته. وحول المضايقات التى يمكن أن تتعرض لها من شيوخ الدعوة نتيجة لهذا التمرد، قالت «آيات»: «أنا لا أخشى أحدًا وهم يعلمون جيدًا أننى لست ضعيفة ولذلك لا يحاولون الاقتراب منى، مؤكدة أنهم حاولوا استقطابها بعد انشقاقها عنهم وإعادتها إلى الدعوة والحزب ولكنها رفضت، حتى أنهم أرسلوا إليها مجموعة من الأخوات لإقناعها ولكنها أصرت على الرفض لأنهم ترفض أن تكون تابعة لأحد. وحول نساء حزب النور ورأيها فيهن، أكدت آيات أنها لا ترغب فى أن تكون فى يوم من الأيام مثل نساء «النور»، قائلة إنهن «لا قيمة لهن ولا دور ولا سبب، هن مجرد واجهة أو أشياء تكميلية مثل مقرات الحزب، ولكن لا يوجد لهن دور حقيقى، وهذا كان سبب رفضى الانضمام لهن». وشددت على أن جمعيتها ستكون منبرًا متكاملًا خاصًا بمساعدة الفقراء ومساعدة نساء «السلفية» اللاتى تعرضن للظلم على يد المشايخ واللاتى يصبن بلعنة التبعية وستسعى حتى يكون للمرأة السلفية كيان مستقل وتصحح المفاهيم الخاطئة فى عقولهن.