اقتصاديون: لعبة الأسعار تنتقل من يد اباطرة الجملة إلى تجار التجزئة راشد: الرقابة غائبة عن الأسواق ..والتسعيرة الاسترشادية هى الحل حماية المستهلك: القانون ينص على التسعيرة.. والحكومة تتجاهلها لصالح الكبار تاجر: قررت بيع محل الجملة وشراء متجريين للتجزئة لمضاعفة الأرباح
أسابيع طويلة مرت على قرار تحرير سعر الصرف، أو تعويم الجنيه، عاش خلالها المصريون في معاناة حقيقية، مع التهام غول الاسعار لأموالهم بلا هوادة، في ظل الارتفاع الجنوني الذي طال كل السلع، مع استغلال مافيا التجار والمحتكرين سواء المنتجين أو المستوردين للأزمة، واقرارهم زيادات عشوائية، وسط غياب الأجهزة الرقابية المسئولة عن ضبط الأسواق. ووسط تلك الزيادات المأساوية، اختفى عدد كبير من تجار الجملة، حيث قام بعضهم بإستبدال متاجرهم المخصصة لبيع المنتجات بالجملة، ليستبدلوها بغيرها للبيع بالتجزئة، بهدف تحقيق أكبر استفادة ممكنة من الأوضاع غير المستقرة، وهذا ما ترصده في هذا التحقيق . الاقتصاديون أكدوا أن التجار والمحتكرين وراء الارتفاع الجنوني للأسعار، حيث اعتمدوا على تخزين السلع، في الوقت الذي حاول فيه المستهلكون تخزينها أيضًا مع قرار تعويم الجنيه للوقاية من الارتفاع المنتظر، مما ساهم في مضاعفة الأزمة، والدليل هو انخفاض أسعار بعض المنتجات التى لم يخزنها المستلكون مثل الحديد والأسمنت ومنتجات الألبان والحلويات. الخبير الإقتصادى معتصم راشد، حمّل تجار التجزئة مسئولية الإرتفاعات الجنونية فى الأسعار التى مازالت مرتفعة رغم زوال أسباب ارتفعها، مشيرا إلى أن مافيا كبار التجار مازالت تحتكر وتسيطر على العديد من السلع الأساسية. وشدد على ضرورة وجود تسعيرة استرشادية لجميع السلع، وهامش ربح للتجار تحدده الحكومة، على أن تفرض رقابة مشددة على تطبيقه، لافتًا إلى أن مصطلح الإقتصاد الحر الذى يردده كبار المحتكرين ويقنعون به الحكومة هدفه النصب على المستهلكين وليس له علاقة باستقرار الإقتصاد. وأوضح "راشد" أنه لا يوجد دولة فى العام يحكم سوقها مافيا من المحتكرين مثلما يحدث فى مصر، فالنظام الأمريكى يعاقب بالحبس الفورى لمن تثبت عليه تهمة الإحتكار أو الهيمنة على سلعة بعينها، بالاضافة إلى تسبب تضارب القوانين المصرية في تقنين الاحتكار وهيمنة التجار على السوق دون رقيب. ووافقه الرأي محمود المصرى رئيس جمعية حماية المستهلك بالغربية، قائلًا: "تنص المادة 10 من قانون حماية الممارسة ومنع الممارسات الإحتكارية، بأنه يجب على الحكومة استخدام حقها فى وضع أسعار استرشادية على السلع فى الأوقات التى ترتفع فيها الأسعار حتى تنخفض اسعارها". وأضاف "المصري" أن الدولة لا تستخدم حقها فى تطبيق القانون بسبب مافيا كبار التجار المتحكمين فى الحكومة ذاتها وليس فى الأسعار فقط، مرجعًا الارتفاع المتتالي فى الأسعار رغم انخفاض الدولار إلى احتكار كبار التجار للسلع، مما أدى إلى ندرة المعروض منها. فيما أكد محي صلاح صاحب متجر للجملة بمنطقة حلوان، إنه قرر بيع متجره، وشراء متجريين للتجزئة عِوضاً عنه، مرجعًا سبب قراره إلى المكسب الكبير الذي سيحصل عليه من بيع التجزئة والمقدر بضعف مكسبه كتاجر للجملة. وتابع "صلاح" قائلًا: "عندما اشتري المنتج من الشركة المصنعة احصل على مكسب لا يتعدى 10% من سعر المنتج، أما تاجر التجزئة يتضاعف مكسبه، من خلال الشراء المباشر للمنتج من المصنع، وبيعه للمستهلك". الأمر يتكرر مع مختار محمد تاجر الجملة بمنطقة المعادي، والذي قرر أيضًا التحول لتاجر تجزئة، مؤكدًا أن تاجر الجملة يعمل وفقاً لآلية تعتمد على البيع والشراء في أوقات معينة من الشهر، وفقاً لجدول موضوع مسبقاً مع عدد من تجار التجزئة، والاتفاق المسبق بينهم، إلا أن تاجر التجزئة يضمن استمرار حركة البيع والشراء بشكل يومي، مما يساعده على مواكبة ارتفاع اسعار السوق بشكل دائم. أما إبراهيم همام أحد أكبر تجار الجملة بمنطقة الزيتون، فقرر بيع محله ومخزنه، المقامين على مساحة تزيد عن 200 متر في قلب منطقة الزيتون وشراء 3 محلات صغيره بدلاً منها لبيع التجزئة في نفس المنطقة، مؤكدًا أنه واجه العديد من الاتهامات من المواطنيين خلال أزمة السكر، التي اشتعلت مؤخرًا، مما أدى لدخوله في نزاعات مع الأهالي بلا جدوى أو مكسب حقيقي، خاصة أن الاتهامات التي وجهت كلها كاذبة، فلم يحتكر شيء.