رغم تجاوز إنتخابات الرئاسة الإطار الإقليمى الضيق لانتخابات الشعب والشورى التى يسيطر عليها النظام القبلى الذى أحكم قبضته على سير العملية الإنتخابية بمحافظه قنا إلا أن انتخابات الرئاسة هى الأخرى خضعت أيضاً لمنهج القبلية حيث اعتمد مرشحو الرئاسة من غير التيار الإسلامى فى جولاتهم الإنتخابية لمحافظة قنا على رموز وزعماء القبائل فى قنا لحشد مؤيديهم من خلال منسقى الحملات الإنتخابية الذين رشحوا لهم عناصر قبلية مؤثرة وهو الأمر الذى يُعد سلاحاً ذو حدين حيث أن زعماء هذه القبائل لاشك لهم وجودهم وتأثيرهم على أفراد القبيلة. لكن تلك القيادات القبلية معظمها من محاسيب الحزب الوطنى المنحل مما يُخشى معه أن يأتى هذا بالسلب على الرصيد المتوقع لمرشح الرئاسة الذى اعتمد على هذه الرموز خاصة أن هناك تجربة قريبة تأكد فيها تراجع الهيمنة القبلية التى كسر شوكتها التيار الإسلامى الذى اكتسح 85% من مقاعد البرلمان فى انتخابات الشعب والشورى الأخيرة ، حيث هتف أفراد القبائل لمرشحهم ورفعوا له رايات التأييد ولكن أمام صندوق الإقتراع كان لهم رأى آخر وخذلوه ، فهل يصلح زعماء هذه القبائل الذين فشلوا فى الحصول على مقعد فى البرلمان لأنفسهم دعم غيرهم فى إنتخابات الرئاسة ذات النطاق الجغرافى الأكثر إمتداداً وتعقيداً. هؤلاء المرشحون من غير التيار الإسلامى إلى جانب إعتمادهم على العناصر القبلية لحشد مؤيديهم من خلال مؤتمرات أقيمت فى سراقات ضخمة إلا أن بعض هؤلاء المرشحين للرئاسة لم يكتفوا بالسرادقات بل لجأوا لخطب ود هذه القبائل بالقيام بزيارات منزلية وتناول الطعام مع بعض رموز القبائل وتحدثوا عن جذورهم الممتدة فى صعيد مصر رغم أن تلك الزيارة هى الأولى من نوعها للواحد منهم للصعيد عامة ولقنا تحديداً . وفى تناقض واضح قام بعض هؤلاء الرموز بحشد أفراد قبيلته لاستقبال عمرو موسى لدى جولته الإنتخابية فى قنا ثم ظهر مرة أخرى متصدراً الحضور لدى زيارة أحمد شفيق مما أحدث بلبلة فى صفوف قبيلته. محافظة قنا ذات تركيبة قبلية معقدة حيث ينتشر فى ربوعها ثلاث قبائل رئيسة هم العرب والأشراف والهوارة حيث تنتشر قبائل العرب على امتداد المحافظة بينما تنتشر قبائل الأشراف وسط المحافظة. أما قبائل الهوارة فتتمركز فى شمالها وبحسب توجه قيادات هذه القبائل فإن أصوات الهوارة فى شمال المحافظة قد تتجه إلى عمرو موسى بعد استقبال قطبين من أقطاب الهوارة له وهما طارق رسلان وخالد خلف الله وحشد المئات من أفراد القبيلة فى مؤتمره. ورغم عدم إتفاق العرب والأشراف على مرشح للرئاسة إلا أن إستقبال أحد زعماء قبيلة العرب فى شمال المحافظة وهو النائب هشام الشعينى لشفيق يشيرإلى توجه قبيلة العرب فى هذه البقعة إلى الفريق أحمد شفيق مثلما حدث فى مركز قوص بتوجيه أنصار النائب معتز محمد محمود رئيس حزب الحرية والعدالة بينما انقسم عرب دشنا بين عمرو موسى وشفيق. أما مركز أبوتشت فلم تجمع على مرشح خاصة بعد فقدها جميع المقاعد فى انتخابات الشعب والشورى الأخيرين ولم يجمع مركز قفط على مرشح بعينه بعد استبعاد عمر سليمان ابن مركز قفط وفى مركز نقادة انقسم التوجه بين حمدين صباحى وعمرو موسى. أما الأقباط فجاء دعمهم لعمرو موسى حتى جاءت زيارة شفيق لدير الأنبا بضابا بنجع حمادى لينافس عمرو موسى على أصوات الأقباط . أما قبيلة الأشراف فى محافظة قنا والتى تتمركز وسط المحافظة بمركزى قنا وقفط فقد عقدت إجتماعاً حضره رموز القبيلة وكان توجه البعض نحو إسم الفريق احمد شفيق بدعوى انتمائه لقبيلة الأشراف بينما طالبت جبهة أخرى يتصدرها نائب الشورى عن حزب الوفد عبد السلام الشيخ توجيه أصوات القبيلة نحو عمرو موسى باعتباره مرشح حزب الوفد ، فيما حاول محمود يوسف مرشح حزب الحرية والعدالة إستمالة القبيلة نحو محمد مرسى مرشح الإخوان وحشد التأييد له وبذلك لم تتفق القبيلة على مرشح بعينه اتذهب أصواتها إلى محمد مرسى وأحمد شفيق وعمرو موسى وهو ماينذر بشتات أصواتهم مثلما حدث فى انتخابات الشعب والشورى الماضية . يرى البعض أن المؤتمرات ليست مؤشراً لتقدم مرشح عن الآخر إنما الفيصل سيكون فى صناديق الإقتراع خاصة لدى المرشحين من غير التيار الإسلامى. بينما تتجه اصوات شباب الثورة خاصة بمدينة نجع حمادى نحو وقنا حمدين صباحى وعبد المنعم أبو الفتوح . أما مرشحو التيار الإسلامى فقد تصدرهم فى قنا فى بادئ الأمر صلاح أبوإسماعيل الذى أجمعت عليه التيارات الدينية فى قنا وبعد خروجه من ماراثون الرئاسة انقسم التيار الإسلامى بين أبوالفتوح ومرسى حيث احتشدت عناصر الإخوان المسلمين ووقفت فى سلاسل بشرية امتدت بطول شوارع قنا لدعم محمد مرسى آخذاً من رصيد أبوالفتوح الذى شاطر حمدين صباحى أصوات الإئتلافات . أما التيار الدينى الثانى وهو التيار السلفى حزب النور الممثل للجماعة الإسلامية فقد أعلن مساندته للمرشح عبد المنعم أبو الفتوح فى مواجهة حزب الحرية والعدالة لذى طرح إسم محمد مرسى . يبقى أن الذين زاروا قنا من مرشحي الرئاسة بداية من أحمد شفيق الذى بدأ أولى زياراته لقرية المحروسة أعقبها بزيارة منذ اسبوع لشمال المحافظة ووسطها ثم الدكتور محمد سليم العوا الذى حضره حشد كبير من المواطنين ثم زيارة عبدالمنعم أبوالفتوح الذى حضره إئتلاف الثورة وغاب عنه حزب الحرية والعدالة الممثل لجبهة الإخوان المسلمين ثم مؤتمر حمدين صباحى الذى حضره التيار الناصرى بقنا وخالد جمال عبدالناصر نجل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والفنان أحمد عبدالعزيز والشاعر هشام الجخ وحظى بتأييد أنصار عبدالمنعم أبوالفتوح وأخيراً مؤتمر محمد مرسى الذى عقد باستاد قنا الرياضى وحضره تيار الإخوان المسلمين بقنا والأقصر وسوهاج وحضره نجوم كرة القدم من الصعيد وهما محمد حمص وحمزة الجمل من لاعبى الإسماعيلى.