العوائد المنتظرة انخفضت إلى 5 مليارات دولار بدلًا من 130 مليارًا استهدفها «الكسب غير المشروع» عدد كبير من أباطرة نظام مبارك، يبحثون التصالح مع الدولة، فيما يخص أموالهم المهربة، بغرض رفع أسمائهم من قوائم ترقب الوصول، والتوقف عن ملاحقتهم بالخارج، وبينما توجد 7 لجان تعمل على استرجاع وحصر الأموال المهربة بالخارج، فإن اللجنة التى شكلها رئيس الوزراء، وتضم فى عضويتها رئيس جهاز الكسب غير المشروع، هى المنوط بها رسميًا تلك المهمة، وفى الوقت الذى كانت الآمال تتجه فى البداية إلى استرجاع نحو 130 مليار دولار، هى قيمة محتملة لهذه الأموال، عندما كان جهاز الكسب هو الذى يتولى المسئولية، أصبحت أقصى الآمال الآن استرداد 5 مليارات دولار فقط. وبالفعل استطاع عدد من هؤلاء الأباطرة التصالح فى عدد من القضايا وفق شروط ميسرة مكنتهم من دفع أقل القليل والاحتفاظ بالباقى، فعلى سبيل المثال دفعت سوزان مبارك 24 مليون جنيه، لإسقاط التهم الموجهة إليها، بينما دفع مبارك نفسه 18 مليونا فقط فى قضية «هدايا الأهرام»، فى الوقت الذى تقدر فيه ثروة آل مبارك ب70 مليار دولار. بالمثل تصالح صهر مبارك، محمود الجمال، بدفع 238 ألف جنيه للتصالح فى قضية استيلائه على أراضى الدولة، كما تصالح زكريا عزمى بدفع 3 ملايين و683 ألف جنيه، فيما دفع أحمد فتحى سرور 6 ملايين جنيه للحصول على التصالح، ودفع صفوت الشريف 600 مليون. أما جمال حلاوة، صهر زكريا عزمى، فتصالح مع الكسب غير المشروع بعد أن دفع 5 ملايين جنيه، بينما تصالح منير ثابت، شقيق سوزان مبارك، مقابل 3 ملايين دولار، فيما تصالح رشيد محمد رشيد بمليار جنيه مقابل التصالح، بينما كان الإنجاز الأكبر هو التصالح مع رجل الأعمال حسين سالم نظير 5 مليارات جنيه، بعد أن كان مقررًا أن يدفع أكثر من 12 مليارًا. وهناك الكثير من الأسماء التى قدمت تسويات فى بعض القضايا، منهم محمد إبراهيم سليمان، ويوسف بطرس غالى، وأحمد عز، وأحمد نظيف، ونجلا صفوت الشريف، وتضمن التصالح بعض الشركات منها شركة آفاق للتنمية السياحية التى سددت 107 ملايين جنيه، وشركة رأس حوالة للفنادق والتنمية السياحية التى سددت 25.5 مليون جنيه. وعلى الرغم من أن غالبية اتفاقيات التصالح دارت مع هؤلاء الأباطرة وبين جهاز الكسب غير المشروع، إلا أن حدا منهم لم يسدد ما وعد به، إلا بعد أن تولت لجنة استرداد الأموال المهربة بالخارج، مسئولية استعادة هذه الأموال، وتحديدًا بعد أن فشلت فى تجميد معظم الأموال المهربة بشكل قانونى، إذ قدم رموز وكبار موظفى نظام مبارك 25 طلبًا للتصالح مع اللجنة، حتى تتوقف إجراءات تعقبهم وملاحقتهم. وبالطبع فإن المبالغ التى سيدفعها هؤلاء المتصالحون، أقل بكثير من المبالغ المتفق عليها من البداية مع جهاز الكسب غير المشروع، إذ يعمل يوسف بطرس غالى على دفع نصف مليار جنيه، مقابل التصالح، فيما كان المبلغ المبدئى للتصالح مليارًا كاملًا، على الرغم من أن ثروة الرجل تتخطى حاجز ال20 مليار جنيه، وفقًا لتقديرات مبدئية. ومن الراغبين فى التصالح أيضا رشيد محمد رشيد، الذى سبق وسدد مليار جنيه لجهاز الكسب غير المشروع، بينما لم يتم رفع اسمه من لائحة الترقب، لاتهامه فى قضايا تربح وتسهيلات أثناء توليه وزارة الصناعة والتجارة، حيث تقدر ثروته ب12 مليار دولار، بينما يدور الاتفاق على دفع 500 مليون جنيه للتصالح هذه المرة مع لجنة استرداد الأموال، وسيأتى الدور على شقيقته حسنة رشيد، وزوجته هانية محمد. ومن الأسماء المتوقع أن تكون قدمت طلبات التصالح إلى لجنة استرداد الأموال، جيلان شوكت زوجة زهير جرانة، ونجلاء عبدالله زوجة أحمد المغربى. عثرات التصالح جميل سعيد، محامى رجل الأعمال رشيد محمد رشيد، أكد أن طلبات التصالح يتم تقديمها إلى مجلس الوزراء، الذى يدرسها ويحولها إلى جهاز الكسب غير المشروع، ولجنة استرداد الأموال، مشيرًا إلى أن من حق الأخيرة تلقى طلبات تصالح، وبحثها والبت فيها، ولا حقيقة لأن التصالح مقصور فقط على جهاز الكسب. وبدوره أكد أحد المسئولين السابقين بالكسب غير المشروع، أن غالبية الطلبات التى قدمت للجهاز لم تكن جادة، عدا حسين سالم، حيث كان أصحابها يتعمدون المماطلة، لربما تتغير الأحداث السياسية بما يخدم مصالحهم. وحول ماهية المماطلة، أوضح أنهم يتحينون الفرصة للضغط على الدولة للتصالح بأقل تكلفة، خاصة مع تقلبات الوضع الاقتصادى، التى ترغم الدولة على قبول شروط التصالح الجادة، حتى وإن لم تكن بالنسبة الأصلية المستحقة. أما فيما يخص الأموال المهربة بالخارج، خاصة بالنسبة للهاربين، فأصبح الوضع لهم أفضل حيث يسعون إلى استغلال أزمة الدولار والوضع الاقتصادى لمصر، لفرض الشروط التى تناسبهم فى التصالح، وهذا ما سوف يتغير، بعد استقرار سعر الصرف، ووصول قرض صندوق البنك الدولى، بحسب المصدر. مسئول «الكسب» ذكر أيضًا أن مجمل الأموال التى ستوفرها عمليات التصالح لن تتخطى 100 مليار جنيه، بينما كان الجهاز يسعى فى بداية التعامل مع رموز نظام مبارك، على تخليص ما يزيد على 250 مليار جنيه، مؤكدًا أن الهاربين بالخارج يحتاجون التحرك بحرية، وهناك مخاوف من تحركات قانونية تؤدى إلى تجميد أموالهم، ما يجعلهم فرائس سهلة للجان التفاوض، أما من فى الداخل، فينتظرون لآخر فرصة ربما تتغير الأحوال ولا يضطرون للتفريط فى ثرواتهم.