الأرقام لا تكذب ولا تتجمل..بل تكشف الحقائق وتبيح الأسرار..وفي عالم الثروة والمال دائما ما تكون لغة الأرقام في صدارة المشهد وهي المتحكم الرئيسي في إدارة الموائد الحوارية والتعاملات الرسمية وغير الرسمية,ورغم حقيقة أنها لغة صماء تعبر دائما عن واقع محدد ومحسوم إلا أنها في الوقت ذاته تحمل دلالات ووجوها عديدة للعملة الواحدة في عالم البيزنس,الذي حتما تتغير كافة معالمه بمجرد تغير طفيف في إحدي أرقامه. لذلك فهي المتحكم الأول في اقتصاد أي دولة,وهي المحرك الديناميكي أو الدينامو الأساسي لدفع عجلة الاقتصاد أو تأخيرها,وعلي ذلك فعندما يكون الحديث بشكل مفصل عن الأرقام,لا يمكن أن نغفل الأرقام الخاصة بالأموال التي نهبها نظام المخلوع,أو التي تستخدمها جماعة المعزول في تنفيذ عملياتها الإرهابية,فإنها تعبر عن الصدمة الحقيقية من حجم ما نهب من أموال الشعب. ولو انتبهنا إلي ما أشارت إليه كثير من الأرقام المعلنة فقط عن حجم هذه الأموال المنهوبة حتي الآن,لوجدنا أن حجم الأموال المهربة من رموز المخلوع تقدر بنحو53 مليار جنيه بينما ما تم التحفظ عليه من أموال تخص جماعة الإخوان يتخطي ال45 مليار جنيه وهو ما يعني أن الجهات المعنية ممثلة في جهاز الكسب غير المشروع ولجنة استرداد الأموال المهربة وحصر أموال جماعة الإخوان تستهدف استرداد98 مليار جنيه,ويعني أيضا أن ما خفي كان أعظم! ورغم أن جهاز الكسب غير المشروع ولجنة استرداد الأموال قد سبق وأبرموا عقدين تصالح أحدهما من حسين سالم رجل الأعمال الهارب والذي جاءت قيمته بنحو5 مليارات و341 مليونا,والتصالح الثاني كان بالنسبة لرشيد محمد رشيد وزير الصناعة الأسبق الذي اتفق علي سداد500 مليون جنيه عبر شيكات محررة باسم لجنة استرداد الأموال المهربة,ناهيك عن طلب التصالح المقدم من يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق في ضوء تقارير خبراء الكسب غير المشروع حول ثرواته وممتلكاته والذي سيتم فيه تحديد قيمة التصالح والمبالغ التي يتعين عليه ردها بعد انتهاء الخبراء من عملهم تماما,إلا أن الحقيقة الصادمة تؤكد أن جهاز الكسب غير المشروع يحقق منذ ثورة25 يناير وحتي الآن مع أكثر من732 شخصية,معظمهم من رموز المخلوع وعدد من الموظفين العموميين بالدولة في عهد المعزول,فضلا عن تلقي الجهاز لأكثر من160 طلبا للتصالح في جرائم العدوان علي المال العام واستغلال النفوذ,تم من خلالها رد نحو421 مليون جنيه. أما بالنسبة للجنة استرداد الأموال المهربة,فقد تلقت منذ إنشائها وحتي الآن15 طلبا للتصالح مع بعض رموز نظام المخلوع ممن تم تجميد أموالهم في الخارج,فيما أرسلت طلبا إلي الاتحاد الأوروبي لتجديد تجميد مبلغ1.5 مليار دولار بما يعادل نحو22 مليارا و500 مليون جنيه مملوكة لنظام مبارك,تم تهريبها للخارج من بينها600 مليون فرانك سويسري مملوكة لجمال وعلاء مبارك,وحول ما قامت به لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان الإرهابية,علي مدار أكثر من ثلاث سنوات منذ بداية عملها في نوفمبر عام2013, فقد تمكنت من حصر ما يقرب من95% من إجمالي أموال قيادات الجماعة الإرهابية والتي تقدر بنحو45 مليار جنيه. وقد عمدت التحدث بلغة الأرقام تلك لأنها ستظل سيف الحقيقة علي رقاب البراءات الخادعة لمافيا إهدار أموال الشعب ومقدرات الوطن,وهنا تقف الأسئلة عاجزة:كيف تمت تبرئة هؤلاء اللصوص؟وهل هذه الأرقام الصادمة لم تكن كافية لتجريمهم؟!!وإن كانت عصابات اللصوص ومافيا الأنظمة الشيطانية رغم تلك الأرقام تحصل علي البراءات وتتصالح معهم الدولة,فمن يجرم إذن؟!!