«يوئيل» يثير غضب «المحافظين» بكتاب عن «التناول».. وينسب «شعيرة» للديانة اليهودية ينكرون «وراثة الخطية» و«عقيدة الفداء» وينادون ب «خلاص غير المؤمنين» متهمون بانتقاد الكنيسة والتشكيك فى «الطقوس».. والأرثوذكس يصفونهم ب«المهرطقين» أسقف وسط القاهرة يعتبرهم «أقزامًا».. ولجنة باسم «الإيمان والتشريع» لمراجعة مؤلفاتهم فجر كتاب «المرأة والتناول»، لمؤلفه «يوئيل المقارى»، الراهب بدير الأنبا مقار، الغضب لدى الأقباط الأرثوذوكس، واتهموه بمخالفة تعاليم الكنيسة، وهو ما دفع عدد منهم إلى تقديم شكاوى للمجمع المقدس، الذى يرأسه البابا تواضروس، ضد عدد من الكتب ومراكز التعليم، وضد أشخاص يطرحون «تعاليم مخالفة للمذهب»، مشيرين إلى أن عددهم يبلغ 32 اسمًا. الشكاوى طالت مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية، ومركز أجيا صوفيا، ورجال دين مسيحى، على رأسهم، الراهب «سارافيم البراموسى»، والراهب «أثناسيوس المقارى»، والراهب «يوئيل المقارى»، إلى جانب عدد من الباحثين فى العقيدة والتاريخ المسيحى. صاحب «الكتاب الأزمة» يوئيل المقارى كان صدر بحقه قرار من المجمع المقدس فى عهد البابا شنودة بمنعه من الكتابة، لكنه عاد بكتاب «المرأة والتناول»، والذى ينسب فيه منع المرأة من تناول الأسرار المقدسة أثناء فترتى الحيض والنفاس، إلى الديانة اليهودية. وتواجه الكنيسة أى تعاليم مخالفة بلجنة تسمى «الإيمان والتشريع» بالمجمع المقدس، تراجع ما يرد من شكاوى حول مؤلفات وكلمات من سماهم الأنبا رافائيل، أسقف كنائس وسط القاهرة، ب«الأقزام». وتضمنت هذه الشكاوى اتهامًا للمشكو فى حقهم بالتشكيك الدائم والانتقاد للكنيسة القبطية ودورها، والتشكيك فى الطقوس والأسرار الكنسية، والهجوم على الرسل، ما يراه البعض انحرافًا عقديًا يشكل خطورة على الإيمان الأرثوذكسى، وطالبوا لجنة «الإيمان والتشريع» بممارسة حقها الطبيعى ل«منع تدفق هذه الهرطقات إلى عقول الشعب». وشنت رابطة أرثوذوكسية تسمى «حماة الإيمان»، حملة ضد من أطلقت عليهم «مهرطقين» أو داعمين لهم، ويصل عددهم 32 اسمًا. ونالت مدرسة «الإسكندرية للدراسات المسيحية» النصيب الأكبر من الانتقادات باعتبارها أكبر تجمع وناشر للأبحاث التى تثير الجدل. ومن الأفكار التى أثارت الجدل: «إنكار وراثة الخطية الجدية، ومبدأ إيفاء العدل الإلهى بالصليب»، فمثلًا مينا فؤاد المحاضر بمدرسة الإسكندرية، يقول فى مدونته: «لا يرد مصطلح «الخطية الأصلية» أو «الجدية» فى الكتاب المقدس مطلقًا، أول من استخدم هذا التعريف كان أغسطينوس «الذى يبدو أنه استقاه من ترتليان»، ويضع أغسطينوس هذه الفكرة فى صدر تعليمه اللاهوتى فى مواجهة بلاجيوس. وتقول شكاوى مقدمة ضده: «عكس ما يعتقد المسيحيون بأن المسيح صلب ليحمل العقوبة عن باقى المسيحيين، يقول عماد عاطف على مدونته «لاهوت شعبى»: «إن الصليب كان للحب فقط ولم يكن ضمن برنامج معد مسبقًا، كما نعتقد، بل تألم المسيح لأنه يحبنا، فأراد أن نعيش كل ما نعيشه بما فيه الألم». أما الراهب «سارافيم البراموسى» فتخطى -بحسب الشكاوى- إنكار وراثة الخطية، إلى هدم عقيدة الفداء وسر المعمودية وهى أفكار سبق أن نادى بها جورج بباوى، وتم حرمانه من الكنيسة، وترتكز تلك الفكرة على ثلاثة محاور، إنكار وراثة الخطية الجدية كسبب لعمل الفداء والمناداة بوراثة لعنة الموت، بينما تؤمن الكنيسة القبطية أن الموت جاء نتيجة لفساد الطبيعة الإنسانية. وذكر «البراموسى»، فى كتابه «لهذا أنا مسيحى»، بحسب الشكوى ضده: «السبب الأول لكونك مسيحى هو أن تدرك أن السبب فى ألم المسيح وميتته القاسية أنه يحبك، وهو بحسب الشكوى «مبدأ يهدم وراثة الخطية، فهذا فكر غريب ودخيل». كما يتحدث فى موضع آخر من الكتاب عن «المعمودية والتغطيس وكأنها تمثيلية للموت فيردد كلمات (اجتياز- وكأنه يغرق)»، وتأخذ عليه الشكوى ذلك، مشيرة إلى أن الأرثوذوكس يؤمنون بأن «ما يحدث فى سر المعمودية هو موت وقيامة فعلية فى المسيح بعمل الروح القدس»، معتبرة أن «البراموسى» يأخذ من الفكر البروتستانتى. وتقول الشكوى أيضًا: «الراهب البراموسى قلل من أهمية الطقوس مهاجمًا الخدام وإخلاء الطقس من روحانيته فى كتابه «مذكرات ملاك»، ونقده طال الكتاب المقدس باعتباره نصًا يجب السمو عنه وليس التقيد به». وتضيف: «نادى الراهب بأطروحة أخرى وهى أن كل الطرق تؤدى إلى الله بعيدًا عن مبدأ الفرقة الناجية مناديًا بخلاص غير المؤمنين». وننتقل إلى شكوى ضد «مدرسة الإسكندرية»، تقول: «طال نقد المدرسة الكتاب المقدس والقديس بولس الرسول، فنشرت الصفحة الرسمية للمجلة أن: رسائل بولس الرسول لعبت دورًا هامًا فى تشكيل اللاهوت المسيحى، على مدى قرون، لكن السمة الأكثر بروزًا فى كتاباته أنه لم يقدم أبدًا منهجًا لاهوتيًا تترابط فيه جميع عناصر فكره بعضها ببعض فى قالب متماسك ومنطقى». وذكرت الشكوى متحدثة عن خطايا المدرسة: «فى عدد آخر يتحدثون عن أصول العبادة المسيحية فيقولون: «إن العبادة والممارسة والمعتقد فى المسيحية أمر بالغ التعقيد وأنها متنوعة الأصول متعددة المسارات فى تطورها ومرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتنوع الثقافى»، وهو طرح يشير إلى أن العقيدة وليست الطقوس المسيحية نتاج الثقافة والجغرافيا وليست نتاج إيمان ثابت، وأن الاتجاهات اللاهوتية مختلفة». فى المقابل، يقول مينا فؤاد باحث فى الدراسات المسيحية، و معارض لتلك الشكاوى: «مطالبة الأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة، بإرسال الكتب والأبحاث الدينية للمجمع المقدس قبل نشرها، لا يصلح أن يطبق فى عام 2016، وليس من حق الكنيسة مصادرة الحريات لدور النشر خاصة، والكنيسة ليس لديها سلطة سوى على الكليات الإكليريكية التابعة لها فقط». وأشار إلى أن الحركات القبطية التى تثير الجدل مثل «رابطة حماة الإيمان»، تعبر عن جزء من الرأى العام من رجال الدين فى الكنيسة، ودائمًا ما يؤدى نقدها للإطروحات الدينية إلى سجال داخل الكنيسة. وأكد أن «الكنيسة القبطية ليس لديها بنود إيمان معلنة أو كتاب رسمى يعبر عن إيمانها، وهو السبب الرئيسى فى الجدال الذى يحدث واختلاف وجهات النظر حول الجوانب العقائدية، فالمراقبة السابقة للكنيسة على الكتب والمنشورات قرار لا يستطيع اتخاذه سوى البابا تواضروس وهو من سيحسم القضية فى النهاية». وأوضح «فؤاد» أن أسقفية الشباب ليس من حقها إصدار تقارير حول نشاط مدرسة الإسكندرية، والمجمع المقدس هو المنوط بالأمر، والمدرسة ليست ملزمة فى أبحاثها بالمذهب الأرثوذكسى، وتتناول الأطروحات من وجهات نظر علمية بعيدة عن المذهب. كما قال: «وصف كتابات القديس بولس الرسول بأنها لا تخضع لمنهج لاهوتى لا يقلل من قدره، فكتاباته كانت مجرد رسائل لأقطار مسيحية مختلفة، كل حسب مشكلته الخاصة»، مشيرًا إلى أن «الممارسات الكنسية تتطور بالفعل، فالصلاة فى إفريقيا تختلف عن مصر، وهذا دليل أيضًا على أن التراث والثقافة تؤثر فى الدين». عارضه مينا أسعد كامل، مدرس اللاهوت الدفاعى، قائلاً: «هناك تطابق فى الأفكار والاقتباسات المنحرفة لدى جميع أعضاء مدرسة الإسكندرية، فمرجعيات المحاضرين بالمدرسة غير أرثوذكسية، يحركهم جميعًا من خلف الستار جورج حبيب بيباوى، وهناك قرارات حاسمة من المجمع المقدس من قبل لجنة تم تشكيلها لمراجعة المواد التعليمية التى تنشر داخل الكنيسة». وأشار «أسعد» إلى «خطورة نشر التعاليم المخالفة بين العامة، من غير الدارسين، بما قد يخلق صراعًا»، مشيرًا إلى أن «عقوبات المجمع المقدس تصل إلى الحرمان والقطع من الكنيسة مثلما حدث مع بباوى». وأكد أن «هناك من يستغل صوره مع البابا تواضروس فى نشر تعاليم مسيحية مغلوطة عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى»، وقال: «تقدمت بالعديد من الشكاوى والمذكرات إلى المجمع المقدس، طالت أكليريوس مثل الراهب أثناسيوس والراهب سارافيم البراموسى والراهب يوئيل المقالى، بسبب نشر تعاليم مسيحية مغلوطة، بالإضافة إلى مراكز لتعليم اللاهوت المسيحى مثل مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية ومركز أجيا صوفيا». وأضاف: «البابا تواضروس شكل لجنة لوضع تصور خاص بمصطلحات اللاهوت وشرح العقيدة المسيحية»، مشيرًا إلى أن هناك حركات عالمية تهدف لاختراق المسيحية المصرية لأسباب سياسية. وتابع: «بعض الإكليريوس الذين ينشرون تعاليم مخالفة كان قد صدر ضدهم قرار من المجمع المقدس فى عهد البابا شنودة الثالث بمنعهم من الكتابة». فيما توقع الناشط والكاتب القبطى عادل جرجس أن يتسبب الصراع بين المحافظين والمحدثين فى انشقاقات جديدة بالكنيسة لم تشهدها منذ مئات السنين، وقال: «الجميع يمتلك مصادر التمويل التى يمكن أن تدفع نحو تصاعد هذا الصراع».