محمد: المحكمة برأتنى من تهمة سرقة مرتين.. وكارت المعلومات منعنى من العمل 12 سنة فرحة وابتسامة شقت طريقها إلى قلب ووجه الأب بعدما علم أن ابنه «محمود» حصل أخيرًا على وظيفة لم يكن يحلم بها، وهى حارس أمن فى البنك الأهلى بمرتب مجزٍ، بعد حوالى 5 سنوات من حصوله على «دبلوم تجارة»، وبعد عمل شاق فى وظائف مختلفة بمقابل ضئيل، ليتحقق حلمه بعد عناء ويبدأ الأمنيات لتجهيز نفسه للزواج وخطبة الفتاة التى اختارها، وبعد مرور شهرين من بدء إجراءات التعيين فوجئ الشاب بإدارة البنك تبلغه بأنه تم التحرى عنه، وتبين أن والده، محكوم عليه فى قضيتين، وأن إدارة البنك تريد شهادات إفادة من الجهات المختصة بموقف والده منها.. «الصباح» تكشف فى هذا التحقيق عن ضحايا أبرياء أصبحوا متهمين بسبب أخطاء فى كارت المعلومات الخاص بالسجل الجنائى بوزارة الداخلية. ذهب محمود الحالم بالوظيفة، إلى والده المحال إلى المعاش ليسأله عن القضايا التى تم اتهامه بها، ليرد والده بأسى رجل برىء يدافع عن نفسه، إنه لا يعرف شيئًا عن تلك القضايا. واصل الشاب رحلة البحث عن القضيتين اللتين اتهم فيهما والده، فتوجه إلى نيابة السيدة ليكتشف أن الأولى سرقة، والأخرى تتعلق بحيازة سلاح أبيض منذ عام 1982، وتحمل رقم 534 لنفس العام، وفوجئ بأن أوراق القضية تم التخلص منها نظرًا لمرور مايقرب من 35 سنة عليها، وأنه قد تم (دشتها) أى تم التخلص منها لأنها قديمة، وحصل على ورقة من نيابة السيدة مكتوب بها (لا توجد دفاتر لهذا العام حيث تم الدشت لانقضاء المدة القانونية للحفظ). وكانت الجملة السابقة سببًا فى عدم التأكد مما إذا كانت القضايا تخص والد الشاب الحالم بالوظيفة أم لا، وإذا ما كان حُكم فيها بالبراءة أم أن الأب أدين بسببها، ليذهب محمود بتلك الأوراق إلى البنك ويرفضها الأخير. وسعى الشاب إلى إزالة القضايا من كارت المعلومات بوزارة الداخلية، وأمهله البنك شهرين لحل أزمته، فتوجه إلى مصلحة الأمن لإزالة تلك التهم، ولكنها رفضت، حتى بعد قرار نيابة السيدة بأن أوراق القضية قد دشتت، ليخسر محمود وظيفته وأحلامه معًا. براءة موقوفة حالة أخرى بطلها «محمد.أ»، والذى كان يعمل سائقًا فى إحدى شركات تصنيع الأدوية، وأثناء توصيله لإحدى شحنات الأدوية نزل من سيارة العمل ليشترى شيئًا من الكشك ليفاجأ بعدها أن السيارة سرقت، وتم اتهامه من قبل الشركة بسرقتها؛ إلا أنه حصل على براءة من المحكمة، واستأنفت الشركة ضد الحكم وحصل مرة أخرى على البراءة الثانية، غير أن المفاجأة تمثلت فى أن صحيفة الحالة الجنائية الخاصة به سُجلت بها تهمة السرقة، فتوقف عمله ومصدر رزقه، ورزق أطفاله الثلاثة، وكان عليه أن ينتظر ثلاث سنوات حتى يتمكن من كتابة حكم البراءة فى كارت المعلومات بوزارة الداخلية، ولم يستطع العمل فى أى شركة بسبب الحكم. ويقول الضحية: أصبت بمرض الكبد لسنوات وظللت أعانى منه، وبعدها حصلت على وظيفة سائق فى شركة أخرى، ولكن عند توصيل شاحنة أدوية إلى شرم الشيخ تم القبض علىَّ مرة أخرى بسبب القضية التى تم اتهامى بها منذ 12 سنة ولم تتم كتابة تبرئتى منها، لأضطر إلى رفع قضية فى مجلس الدولة وتحمل تكليفاتها العالية، لأننى لم أحصل على عمل إلا منذ وقت قليل، ولم أكن أملك المال الكافى لأتعاب المحاماة، كما أن مدة القضية تتراوح ما بين ستة أشهر إلى سنة»، وأنهى محمد كلامه بتساؤل مرير «لماذا لم تتم كتابة حكم البراءة مباشرة بعد صدور الحكم.. فهذا أبسط حق؟!». وتقول المحامية ميادة محمد، إن مدة سقوط أحكام الجنح تبلغ ثلاث سنوات، إذا كان الحكم بحضور المتهم، وخمس سنوات إذا كان الحكم غيابيًا. وتضيف: «أنه يجب على المتضررين أن يرفعوا دعاوى شطب ومحو اسم من السجلات فى مجلس الدولة ليكتب أمامهم إنه تم الحكم عليهم بالبراءة، وأشارت إلى أن التكاليف القضائية للقضية تتراوح ما بين 300 إلى 500 جنيه، وأتعاب محاماة من «2000 إلى 5 آلاف جنيه، مع رفع قضية محو اسم من السجلات ضد الدولة المتمثلة فى وزير الداخلية ومدير الأمن ومدير مصلحة الأمن». ويقول المحامى سيد أحمد: «من الأفضل أن يتم تعديل القانون بإضافة فى الكتاب الدورى لوزارة الداخلية، بتوصيات بكتابة الحكم فى كارت المعلومات وخصوصًا إذا كان المتهم بريئًا، أو تم «دشت» أوراق القضية فور صدور الحكم من القضاء، حتى يحصل هؤلاء الأبرياء على حقوقهم».
تشابه أسماء مروة عبدالعال، محامية فى بداية عملها بالمهنة، تحكى أنها كانت مسافرة إلى الغردقة، واحتجزها الأمن بسبب تشابه اسمها مع اسم أخرى فى قضية وصل أمانة، وأشارت إلى أنها نزلت من السيارة فى موقف محرج وسط ذهول ونظرات الراكبين، إضافة إلى كلماتهم المستعطفة. وأضافت أنها أظهرت كارنيه نقابة المحامين للضابط، وأنها حالفها الحظ لأن القضية كان مسجلة باسم أم المتهمة، كما أن محل إقامة المتهمة كان فى سوهاج. وتابعت: «عمى كان يعمل فى شرم الشيخ واحتجز فى قضية تشابه أسماء، وفى كل مرة يمر خلالها بكمين أمنى يحال إلى السجن وتكرر معه هذا الموقف 4 مرات». أما هشام يونس وهو شاب، يعمل فى كافيتريا سياحية بمدينة الطور، فيقول إنه أثناء عودته من مقر عمله إلى بيته، فى إجازته الشهرية، احتجزته الشرطة فى مدينة الطور عام 2015، فى قضية حمل سلاح أبيض ومحكوم عليه فيها بحكم غيابى منذ عام 2010، وتم القبض عليه وتسليمه إلى قسم الطور، وظل محتجزًا بالقسم لمدة أسبوع، وتمكن من إثبات أنه ليس المتهم، وأن الأمر مجرد تشابه أسماء، وأقام محامى هشام دعوى معارضة فى البداية على الحكم حتى يتمكن من إخراج هشام من الحبس، وبعد ذلك إثبات أن القضية مجرد تشابه أسماء. وأشار إلى أن المحامى حاول إثبات أن القضية ليست تابعة لموكله، ولكن كان من الصعب إثبات ذلك أولًا، لأن القضية منذ البداية مسجلة باسم ثلاثى فقط، كما أن المحكوم عليه لم يتم التحقق من هويته بشكل كامل حيث كان مكتوبًا فى محضر القضية (فقد قمنا بالانتقال حيث تبين عدم تواجده ولمناسبة وجود أحد المتواجدين بالمكان أفاد أنه يدعى «هشام يونس حسن»، ولم نتأكد من صحة الاسم لعدم إثبات تحقيق شخصية المستعلم عنه). وأضاف هشام، أن المتهم كان يسكن فى نفس المنطقة التى يسكن بها هشام، وهى العجوزة، ولكن فى دائرة أخرى، ويكشف أنه توجه مع المحامى إلى محل إقامة المتهم الحقيقى فى العجوزة للتفاهم معه، وقالت لهم والدته إنه مسجون بالفعل فى قضية أخرى. ويقترح سيد أحمد المحامى بمجلس الدولة، عدة خطوات لحل مشكلة تشابه الأسماء عن طريق الإلزام بتسجيل القضايا بالرقم القومى لمنع تشابه الأسماء، والتوصية فى الكتاب الدورى للنيابات من قبل النائب العام، على منع كتابة أى محضر بالاسم الثلاثى والإلزام بكتابة الاسم الرباعى لافتًا أن تلك الخطوات لن تُنهى مشكلة تشابه الأسماء، ولكنها ستقلل منها، مع التأكد من الاسم سواء بتحريات المباحث أو من خلال مدعى المحضر نفسه وخصوصًا فى الجنح الصغيرة مثل إيصالات الأمانة». وأضاف «قضايا الجنح أبسط من الجنايات، حيث يظل المتهم أيامًا فقط فى القسم، حتى يتم إثبات أنه تشابه الأسماء، لكن الأزمة الكبرى تكون فى قضايا الجنايات؛ مثل القتل وغيره، حيث يمكن أن يظل المتهم شهورًا حتى يثبت أنه تشابه أسماء».