مرضى على الأرض وبيدهم محلول معلق بصندوق القمامة ومساعد وزير الصحة يرد: «مش بتاعنا » الإسعار تزيد كل ما طالتالمدة.. والممرضات اقروا نظاماً كاملاً يشمل التسعيرة والتقسيط لغير القادرين أجساد مرصوصة بعضها نائم والآخرون منهم يستندون إلى الحوائط، «ملايات» بيضاء وزجاجات مياه وبعض أوانى الطعام، وطرقات مغلقة من المواطنين من ذوى المرضى داخل مستشفى الدمرداش والتى تكشف «الصباح» فى السطور التالية أنه يتم تأجير أرضية وطرقات المستشفيات والكراسى وبعض الغرف المعزولة التى تحوى أسرة خالية من المرضى بعشرات الجنيهات فى الليلة الواحدة من قبل الممرضين والموظفين، فى غياب تام لإدارة المستشفى ووزارة الصحة والتعليم العالى خاصة أن ذلك المستشفى اتضح أنه يتبعها. تأتى تلك الوقائع لتزيد من معاناة المرضى وذويهم بل وسرقة أموالهم بدلاً من مساعدتهم والتخفيف عنهم، ويتضح جشع الممرضات فى امتصاص دماء الميت والحى. البداية كانت معلومة حصلت عليها «محررتا الصباح» تفيد بأنه يتم تأجير أرضية مستشفى الدمرداش وتم تتبعها للتقصى خلفها وكشف الواقعة. دقت الساعة التاسعة صباحاً وفتح مستشفى الدمرداش التعليمى التابع لجامعة عين شمس أبوابه لاستقبال المرضى وبداية الزيارة، دخلت المحررة على أنها تزور مريضًا يدعى مراد السيد المتواجد بغرفة 207 بالدور السادس وحصلت على تذكرة، الدور الأول حيث قسم الجراحة العامة ويشمل مكاتب الأطباء وهيئة التمريض والهيئة الإدارية للمستشفى، وبالدور الثانى قسم جراحة التجميل والإصلاح وعلاج الحروق وبهذا الدور ما يقرب من 15 غرفة وبهذا الممر بالتحديد كان العديد من الأسر ملقى على الأرض وهناك من ينام على قطعة من القماش وبجانبه ملابسه وطعامه. قالت فاطمة مرزوق 42 عاماً ومعها زوجها محمد السيد 50 عاماً، الذين جاءوا من مركز ميت غمر بالدقهلية «منذ أسبوع تقريباً وجدت زوجها يعانى من تكيس على الكبد يجعله يفقد الوعى دوماً، فنصحه الجميع أن أفضل الأطباء بمستشفى الدمرداش فجاء إلى هنا ووقع الطبيب الكشف الطبى عليه، وطلب منه البقاء لأيام بالمستشفى لأنه يحتاج للرعاية حتى يتم علاج الكبد، وبالفعل دفع مبلغًا لسرير وفترة جلوسه، اصطحبتنا للدور الثانى فى غرفة وجدنا بها ما يقرب من 12 سريرًا ومزدحمة جداً بالمرضى وأسرهم، فسألنا الممرضة أين السرير فكان الرد أنه لا يوجد سرير خال وجميع المرضى المتواجدين بالممر ينتظرون أدوارهم مثلك، فإذا كنت لا تريد لك حق الاختيار أن تذهب، إلا أن ممرضة أخرى طلبت منى التحدث لها بمفردنا بعيداً عن الحسابات وبالفعل ذهبت لها فعرضت على أنه من الممكن أن أقوم بتأجير متر فى الممر فى اليوم ب 10 جنيهات، أو أقوم بتأجير الكراسى الحديدية المتواجدة بالممر فى اليوم ب 25 جنيهًا فى المساء، وفى اليوم الثانى يكون هناك سعر آخر حتى يتم إخلاء سرير فى أى وقت وحينها سوف يكون لك الأولوية فى الحصول على السرير، وحينها لم يكن أمامى سوى الموافقة وفى كل يوم يقومون بالحصول على أموال أكثر وهكذا، بالإضافة إلى أن من يترك سريره يحصل عليه الشخص الذى وصل المستشفى قبلى فهم يضعون النظام فى الحصول على السرير ويحصلون على الأموال مقابل الجلوس على الأرض، وهناك أشخاص ملقون على الأرض وفى يدهم المحلول مُعلق بصندوق القمامة». لم تكتف «محررتا الصباح» بتلك الرواية وذهبتا للدور الثالث ووجدتا قسم جراحة العظام وبالدور الرابع قسم جراحة المسالك البولية وبه الغرف الاستثمارية، التى تعتبر لطبقة الأغنياء، وبالدور السابع قسم جراحة أنف وأذن وحنجرة ولا يختلف هذا الدور عن الدور الذى قبله فالممر عبارة عن «ملايات» سرير فى جميع جوانب الممر حتى الكراسى الحديدية ينام عليها رجل وبجانبه تجلس زوجته وتقوم بإطعامه وكأنهم بالشارع وليس المستشفى. بيزنس هيئة التمريض خلال جولة محررتى «الصباح» داخل المستشفى، وجدتا الممرضة التى تجمع الأموال من المرضى فجاءت إلى إحداهما وسألت عن أسباب تواجدها وادعت المحررة أن والدها مريض ويبحث عن سرير لمدة أسبوع ولا يوجد له فتريد مكانًا ينام به فقط حتى تتحسن حالته وحينها قامت الممرضة التى تدعى «حنان. م» وبالفعل وفرت مكانًا وأعطتهم «ملاية» سرير من المستخدمين على سراير المستشفى، وفرشتها على الأرض وطلبت الحصول على 10 جنيهات مقابل تأجير الأرضية و5 جنيهات تأجير «ملاية» وأشارت إلى أنها فى اليوم الثانى ستحصل على 20 جنيهًا تأجير أرضية و7 جنيهات تأجير «ملاية» لأن كل يوم أسعار التأجير فى الزيادة، نظراً لأنهم يعرضون حياتهم للخطر مقابل راحة المريض - على حد قولها. وعندما تحصلت على المبالغ المطلوبة اتصلت بممرضة صديقتها تأتى فى الشيفت الليلى، وأشارت لها بألا تحصل على أموال من شخص بعينه قام بتسديد كل أمواله والسبب فى ذلك أن هناك أشخاصًا غير قادرين على دفع إيجار الأرضية كل يوم، فيدفع جزءًا والباقى بالتقسيط، بالإضافة إلى أن بيزنس الممرضين لا يقف عند هذا الحد، بل وصل إلى حصولهم أحيانا على أجزاء من طعام المريض. روايات المتضررين العديد من الأشخاص يريدون أن يستغيثوا كى ينقذهم أحد من الفساد الذى يحيط بهم فى هذا المستشفى، «نوال شوقى» 44 عاماً من دمياط قالت «ابنتى مريضة وتعانى من آلام شديدة فى العظام على الرغم من أن عمرها لا يتجاوز 15 عاماً، جئنا للمستشفى وطلب منا الطبيب المكوث فى المستشفى لتكون تحت الملاحظة، وهنا علمت مدى الاستغلال الذى يحدث بهذا المستشفى، فأثناء بكائى بعد فشلى فى الحصول على سرير لابنتى جاءت إلى الممرضة وتحدثت معى عن العرض الذى تقوم به مع أهالى المرضى، لبقائهم داخل المستشفى، وبالفعل وافقت بدون تردد وظللت بالمستشفى 4 أيام وخلال هذه الأيام دفعت ما يقرب من 200 جنيه، فإذا استأجرت غرفة لابنتى كان أفضل من تأجير أرضية فى ممر المستشفى، فما يحدث بهذا المستشفى وباء ولابد من السيطرة عليه». تشتت فى تبعية المستشفى يقول الدكتور صابر غنيم، مساعد وزير الصحة للشؤون العلاجية، إن مستشفى الدمرداش تابع لإشراف رئيس جامعة عين شمس، ووزارة الصحة لا تشرف عليه، كما استنكر تأجير أرضيات المستشفى للمرضى وتساءل إذا كانت تلك هى المستشفى الوحيدة وإن كان هناك غيرها تؤجر أرضيات الطرق ليتابع الأمر. فيما أشار طارق كامل، رئيس لجنة آداب المهنة، إلى أنه من المفترض أن يكون هناك تفتيش دورى على المستشفيات لمعرفة أى نواقص بالمستشفى لاستكمالها وأنه فى الحقيقة لا يوجد تفتيش دورى إلا إذا حدثت أزمة، وأن النقابة لها الحق فى تأديب أى طبيب خالف قوانين النقابة ابتداء من اللوم وغرامة ألف جنيه وإيقاف مؤقت من العمل أو شطب من سجلات النقابة.