الفساد هو حائط خرسانى يقف أمام التنمية على مختلف المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسة، وغيرها، هذا ما أكده خبراء مكافحة جرائم الفساد، وتقارير رسمية لمنظمات عالمية، لافتين إلى ارتفاع معدلات الفساد فى مصر بصورة كبيرة بعد ثورة يناير 2011. أولى قضايا الفساد التى رصدتها «الصباح»، هى قضية القبض على الدكتور أحمد عزيز، مستشار وزير الصحة لشؤون أمانة المراكز الطبية المتخصصة، متلبسًا بتقاضى رشوة مالية قدرها 4.5 مليون جنيه من إحدى شركات الأجهزة والمستلزمات الطبية بمقر ديوان عام وزارة الصحة، وتحقق الجهات الرقابية فى القضية حاليًا. ثانى هذه القضايا هى قضية فساد فى وزارة الزراعة، ومن أبرز المتهمين فيها وزير الزراعة المستقيل صلاح هلال، بجانب المسؤول الإعلامى محيى قدح، ورجل أعمال، وإعلامى وسيط بينهم، حيث وجهت النيابة للمتهمين اتهامات بتلقى هدايا ورشاوى مقابل تقنين إجراءات أرض مساحتها 2500 فدان فى وادى النطرون، وانتهت القضية بالحكم على وزير الزراعة ومساعد وزير الزراعة الإعلامى بعشر سنوات، وأعفت المحكمة ذاتها رجل الأعمال أيمن رفعت، والوسيط فى الرشوة رجل الأعمال محمد فودة من التهم المنسوبة إليهما. واقعة أخرى عندما ضبط مدير مكتب وزير الاستثمار لاتهامه بتقاضى مبلغ 10 آلاف دولار على سبيل الرشوة من شريك ومدير أحد المولات الكبرى بالقاهرة مقابل معاونته فى الحصول على بعض قطع الأراضى المميزة بغرض إقامة مشروعات عليها. كما ضبط رئيس الحى الثالث بالتجمع الخامس التابع لجهاز القاهرة الجديدة عقب تقاضيه رشوة من إحدى الشركات المتعاملة مع الجهاز، وأيضًا ضبط رئيس حى روض الفرج متلبسًا بتقاضى رشوة 20 ألف جنيه من أحد المقاولين، نظير تسهيل حصوله على رخصة هدم أحد العقارات القديمة، والذى اشتراه، تمهيدًا لإقامة عقار جديد. كما تمكن ضباط الرقابة الإدارية من القبض على «ح. ب» رئيس قطاع تنفيذ مشروعات القاهرة الكبرى بشركة النصر للمبانى، والإنشاءات «إيجيكو»، و3 مقاولين أثناء حصوله منهم على مبلغ 600 ألف جنيه على سبيل الرشوة، نظير تسهيل صرف المستخلصات وإجراءات إسناد الأعمال لهم بمشروعات مرافق مياه الشرب والصرف الصحى بالقاهرة الجديدة ومدينة 6 أكتوبر ومشروع 240 قرية بمحافظة الفيوم. وألقى رجال الرقابة، فى وقت سابق القبض على كل من رئيس الإدارة المركزية للطريق الدائرى التابعة للهيئة العامة للطرق والكبارى ومهندس بذات الإدارة، عقب تقاضيهما رشوة متمثلة فى سيارة ومبالغ مالية من صاحب إحدى شركات المقاولات والتوكيلات التجارية، وذلك مقابل قيامهما بإسناد أعمال تطوير الطريق الدائرى ومحاوره بالأمر المباشر على شركة الأخير. كما تمكنت الهيئة من ضبط مدير مكتب تموين القليوبية «هانى.أ، أثناء تلقيه رشوة من سيدة 4000 جنيه لإنهاء إجراءات رخصة بقال تموينى بالمخالفة للقانون وبمواجهته اعترف بالواقعة وتمت إحالته للنيابة. وألقت هيئة الرقابة الادارية القبض على مدير إدارة أوقاف المرج، بتهمة تلقى رشاوى مالية مقابل تعيين أشخاص بالوزارة. وضبط» مدير عام متابعة تنفيذ الأعمال الهندسية بوزارة الشباب والرياضة لطلبه مبالغ مالية على سبيل الرشوة من «ح. ع» صاحب شركة مقاولات قطاع خاص، بلغت حوالى 100 ألف جنيه وذلك نظير استلام ملاعب كرة قدم بالمخالفة للمواصفات بالعديد من المحافظات. تأتى أيضًا قضية «طالبة صفر الثانوية»، والتى جعلت وزارة التربية والتعليم محلًا للكثير من الهجوم بسبب طريقة التعاطى مع الطالبة مريم ملاك، المعروفة إعلاميًّا ب«طالبة صفر الثانوية»، فالوزير كذّب الطالبة، ولم يتعامل مع قضيتها كما يجب، مما دفع البعض للتشكيك فى نتيجة الثانوية العامة لذلك العام. تقارير المؤسسات المعنية بمتابعة قضية الفساد على مستوى العالم، مثل تقرير منظمة الشفافية الدولية الذى يحدد ترتيب الدول فى سلّم الفساد داخل القطاع العام، معتمدًا على آراء خبراء ومتخصصين من رجال أعمال وسياسيين واقتصاديين، أكدت استمرار ارتفاع معدلات الفساد فى مصر بعد الثورة. بينما منظمة النزاهة العالمية، أشارت إلى أن مصر احتلت المرتبة 22 عالميًا لحجم التدفقات المالية غير المشروعة، وهو ما يمثل تقريبا 5.2 فى المائة من إجمالى التدفقات المالية غير المشروعة فى منطقة الشرق الأوسط والتى بلغ متوسطها السنوى 72.736 مليار دولار، مؤكدة فى آخر تقاريرها إلى أن 36 فى المائة من المصريين دفعوا رشاوى خلال ال12 شهرًا الماضية، وأن 65 فى المائة من المصريين يؤمنون بأنهم يستطيعون إحداث تغيير لمواجهة الفساد. وتتسق تلك التقارير مع المؤشرات المحلية للفساد، ومنها عدد قضايا الفساد التى تم التحقيق فيها، والتى وصلت فى عام 2013 - بحسب المتحدث الرسمى باسم هيئة النيابة الإدارية المستشار عبدالناصر خطاب- إلى 151 ألف قضية، بزيادة قدرها 80 ألف قضية عن عام 2012، وبزيادة تفوق الضعف عن عام 2011.