لا تزال المرأة تعانى من التهميش، خاصة فيما يتعلق بالحقوق ومسألة مساواتها بالرجل فى الحياة العملية والعامة،حتى المؤسسات الدينية ظهر داخلها قيادات ومسئولون معظم أحاديثهم تدور حول تهميش المرأة من منطلق«ناقصات عقل ودين »، وعلى الرغم من إقرار القوانين المدنية بالكثير من الحقوق التى تعطى المرأة ما تسعى له، إلا أن الكهنوت داخل الكنيسة الارثوذكسية يمثل عائقًا كبيرًا أمام تفعيل هذه الحقوق على أرض الواقع. وفيما يبدو أن المسيرة التى خاضها قاسم أمين وهدى شعراوى والكثير بعدهما تواصل سعيها وتخوض معارك كبيرة انعكست على الواقع السياسى والدينى أيضا وربما أن موجة التحرر التى سادت المجتمعات البشرية ألقت بظلالها على المجتمعات العربية لتعلن النساء عن موجة جديدة من التحدى للأزهر أو الكنيسة متمسكات بكل حقوقهن المشروعة التى همشت طوال القرون الماضية. البابا يرفض.. والمجتمع القبطى يؤيد:إقصاء السيدات عن«الكهنوت » بنص إنجيلى تحركات قبطية نسائية للمطالبة بحقوق المرأة داخل الكنيسة الأرثوذوكسية انتقادات داخل الكنيسة للبابا تواضروس بسبب رغبته فى المساواة الكهنوتية بين الرجل والمرأة «لتصمت نساؤكم فى الكنائس لأنه ليس مأذونًا لهن أن يتكلمن، بل يخضعن كما يقول الناموس أيضًا، ولكن إن كن يردن أن يتعلمن شيئًا فليسألن رجالهن فى البيت، لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم فى الكنيسة» ( كورنثوس 14: 34: 35 ). الآية السابقة تعد أهم الآيات التى تعتمد عليها الكنيسة فى إقصاء النساء من التعليم والرسامة للكهنوت، حيث عاشت المرأة فى الكنيسة محاطة بقائمة ممنوعات لا تجرؤ على تخطيها، لأسباب مختلفة وفقًا لاختلاف الممنوعات، فمثلًا لا يجوز ترسيمها شماسًا، «لاعتبار أن الكاهن هو صورة من المسيح الذى تجسد فى صورة رجل ولا يُختار ليقوم بوظيفة، بل ليكون شريكاً فى الكهنوت، فكيف يتم اختياره أنثى؟!.. كذلك لأن المسيح لم يختر أى امرأة لتكون من الرسل الإثنى عشر، والمرأة المستحقة أن يكون لها دور كهنوتى هى العذراء مريم، ومع ذلك لم يتم ترسيمها كاهنًا، كما لم يقم الرسل فى الزمن الرسولى الأول ولا الآباء فى القرون الأولى برسم أية امرأة كاهنة». ومن الممنوعات على المرأة فى الكنيسة دخول الهيكل، فلا يسمح بالدخول للهيكل لأى طفلة أو فتاة أو شابة أو سيدة كبيرة فى أى سن أو غيره، بينما تتحكم الرتبة فى دخول الرجل للهيكل. وأخيرًا بدأت رياح التغيير تهب على الكنيسة وبدأت تحركات قبطية نسائية للمطالبة بحقوق المرأة داخل الكنيسة، ويتردد أن ظهور تلك التحركات جاء بدعم من البابا تواضروس المتأثر بالكنائس الأوروبية، فيعمل على تطوير الكنيسة وتشجيع المرأة على الحصول على حقوقها، لذلك كان المؤتمر الأول للمرأة الأرثوذكسية فى لندن تحت رعاية البابا، الأمر الذى لاقى رفضًا من المجتمع القبطى الرافض للتغيير. ويرى القمص عبد المسيح بسيط أستاذ اللاهوت الدفاعى فى الكنيسة أن «المرأة فى المسيحية خدمتها تتعلق فقط بأخوة الرب ومدارس الأحد والخدمات التى تقدمها الكنيسة لرعيتها، فيما لا تقف كشماسة أمام الهيكل وترتل الألحان وترتدى لبس الشمامسة، لأن الكتاب المقدس لم يذكر فى أى فصل من فصوله أن المرأة أخذت رتبة الشموسية أو خدمت فى هذا المجال». ومن جانبه يقول القس رفيق جريش المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الكاثوليكية «للمرأة فى الكنيسة مجموعة من الخدمات التى تقوم بها؛ مثل التعليم والخدمة لإخوة الرب مثلًا، وهذا ليس امتهانًا للمرأة فى الكنيسة ولكن كما أن للرجل دورًا للمرأة دور، والكهنوت ليس منصبًا كى تطالب المرأة بتقلده ولكن هو خدمة فى الكنيسة». ويوضح جريش أن الطائفة البروتستانتية تسمح برسامة المرأة قسًا، لأن القس فى البروتستانتية يساوى المعلم أو الواعظ لدينا. على جانب آخر، يعتبر القس إكرام لمعى أستاذ اللاهوت بكلية اللاهوت الإنجيلية أن عدم تقلد المرأة مناصب التعليم والكهنوت فى الكنيسة، تمييز ضدها، لأن الكتاب المقدس يساوى بين الرجل والمرأة فى كل المجالات، مطالبًا المرأة القبطية بالتحرك للحصول على حقوقها بالكنيسة. ورغم مساعى بعض السيدات نحو المساواة بين الرجل القبطى والمرأة القبطية رصدت «الصباح» رفض غالبية القبطيات مطالبات المساواة تلك، حيث أكدت مارى ملاك صادق، وهى ناشطة وإعلامية أرثوذوكسية، أن «هذه المطالب لا تصلح إلا فى الطوائف التى تخلت من قرون عن الإيمان الرسولى واعتمدت على أفكار من انشقوا عن الكنائس الرسولية وتحرروا فى أفكارهم بعيدًا عن الإيمان وعن كل تقليد الكنيسة الجامعة الرسولية المستقيمة. فمنشأ هذه الأفكار هو الغرب المتحرر من كل تقاليد دينية وغير دينية، فسارت تلك المجموعات المطالبة بالمساواة فى ركب التحرر دون وعى». وأضافت مارى «منع المرأة القبطية من بعض الامتيازات لدى الرجل ليس من قبيل التقليل منها، بل هو امتداد من كهنوت المسيح الذى تجسد فى هيئة رجل واختار تلاميذه ورسله من الرجال». وترفض رانيا مكاريوس، أيضًا، كهنوت المرأة، قائلة «هذا الأمر يخالف الكتاب المقدس ولم تعتد عليه الكنيسة عبر تاريخها الطويل، وذلك ليس امتهانًا للمرأة داخل الكنيسة، بل لكل فرد دور فى الكنيسة، والمؤمنون جسد واحد لكل عضو فيه دور». الطيب ينفى.. والواقع يؤكد: المناصب القيادية «محرمة » على نساء الأزهر عضوية «كبار العلماء »ومجمع البحوث رئاسة الجامعة ورئاسة قطاع المعاهد«محظورة على المرأة قيادى بالأزهر:لا توجد «نملة »مؤنثة فى الأماكن القيادية بالأزهر رغم دورها المحورى الذى تلعبه داخل المؤسسات الدينية الرسمية، منذ مئات السنين، ورغم بيانات المؤسسة الأزهرية التى تتضمن دفاعًا عنها والمطالبة بعدم تهميشها، إلا أنه حتى اللحظة لم تحصل المرأة عن حقوقها داخل تلك المؤسسات، فهى ممنوعة-بشكل غير رسمى- من تولى المناصب القيادية داخل المشيخة وهيئاتها، سواء فى عضوية المكتب الفنى لشيخ الأزهر أو فى هيئة كبار العلماء أو حتى فى مجمع البحوث الإسلامية أو رئاسة جامعة الأزهر أو قطاع المعاهد الأزهرية، الأمر الذى جعلنا نبحث عن أسباب هذه الظاهرة«المتعمدة »، فى ظل عدم وجود سبب قانونى لذلك. يؤكد محمد مهنا كبير مستشارى شيخ الأزهر أن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لا يتدخل إطاقاً لإقصاء المرأة من تولى المناصب القيادية داخل مؤسسة الأزهر، «فهناك عشرات النساء وصلن إلى أعلى المناصب القيادية داخل الأزهر وذلك بتوليهن عمادة العديد من الكليات الأزهرية، كما أن هناك وكيلة لقطاع المعاهد الأزهرية .» وتابع مهنا «الطيب يرحب بشدة بتولى المرأة زمام الأمور، حيث سبق أن قال داخل البرلمان الألمانى فى 15 مارس الماضى: إن المرأة هى شريكة الرجل فى كافة الحقوق والواجبات، كما أن المرأة عانت الكثير من القيود والتهميش خارج إطار الشريعة الإسلامية، فمن ينظر إلى واقع المرأه المصرية يجد تقصيراً وظلماً وتهاوناً فى بعض حقوقها بسبب موروثات ثقافية واجتماعية تقف أمام وصول المرأه إلى وضعها العادل فى المجتمع .» وشدد مهنا على أنه لا مانع شرعًا من تولى امرأة أى قيادة داخل الأزهر، إذا كانت لديها جميع القدرات التى تؤهلها لتولى المنصب بكل اقتدار،ولكن الأزمة الحقيقية فى عدم وجود شخصية نسائية مؤهلة حتى الآن لتولى منصب قيادى بالأزهر. وبينما اعترف الدكتور حسن الجناينى، من كبار الباحثين بالأزهر، بأن هناك بعض المناصب القيادية تتطلب وجود المرأة مثل محاكم الأسرة أو المرأة الضابطة أو الداعية أو الوزيرة فى الحكومات أو أستاذة الجامعة، لكنه رأى أن هناك وظائف لا تستطيع أن تتولاها امرأة مثل تعيينها شيخاً لأزهر، نظراً لظروف العمل وقدرتها على العمل لساعات طويلة، بما يتعارض وطبيعة المرأة، بالإضافة الى أن«الرجال قوامون على النساء ،»فقدراتها العلمية شىء وطبيعة المرأة وقدرتها على الإدارة والسفر لأيام طويلة وغيابها عن منزلها وأولادها شىء آخر. بينما استنكر قيادى بالأزهر، يطالب بتولى المرأة المناصب العليا، ولكنه تحفظ على نشر اسمه، قائلا «لا توجد نمله مؤنثة فى الأماكن القيادية بالأزهر، ولم تتول امرأة عضوية هيئة كبار العلماء أو رئاسة جامعة الأزهر أو حتى نائبة لرئيس الجامعة، وبالتالى لم تتول عضوية المجلس الأعلى لأزهر، لأنه وفقاً لقانون رقم 103 لعام 1961فالمجلس الأعلى لأزهر يضم فى عضويته رئيس الجامعة ونواب رئيس الجامعة بمختلف الجامعات الأزهرية.. كذلك مجمع البحوث منذ إنشائه فى اوائل السبعينيات من القرن الماضى لم يضم فى عضويته أى قيادة نسائية على الإطاق، وهذا لا يقلل من شأن الأزهريات، فهناك العديد من العالمات الفضليات المؤهات لتولى هذه المناصب القيادية.