تجلس وحيدة فى غرفتها مشعلة إحدى الأضواء الخفيفة التى تكفيها بالكاد للقراءة، انتهت لتوها من قراءة رواية ظل الأفعى التى رأت بداخلها انعكاسا لصورتها بشكل أو بآخر، شىء ما دفعها لإغلاق الكتاب.. ثم أغلقت عينيها وهى تشعر بموسيقى موتسارت فى أذنها، أخذت تحرك أصابعها فى الهواء حركات تتناغم مع موسيقاها.. أخرجها من شرودها صوت هاتفها منبها بوجود رسالة على حسابها الشخصى فى «الفيس بوك»، وجدته هو ذاك الذى ظل له عدة أشهر يحاول التقرب منها والتودد لها، كان صديقًا مقربًا لحبيبها الأسبق وقد انقطعت صلته به منذ أن علم بفراقهما !! كانت تعلم جيدًا أنه من تلك النوعية التى يطلق عليها «بتاع بنات»، حاولت أن تقاوم هوسها بالاقتراب من مثل تلك الشخصيات وتحدى ذاتها بقدرتها الزائفة على علاجهم وإنقاذهم مما هم فيه !! أحيانا نتوهم بأننا قادرون مرارًا وتكرارًا على صنع المعجزات..فهنالك من طبائع الرجال ما إن اجتمعت نساء الأرض على تغييره.. فلن يتغير !! التفتت إلى هاتفها، كان يطلب منها أن تمنحه بعضًا من وقتها ليستطيع التحدث إليها.. _أنا معاك، عايز تقول إيه ؟! _عايز أقولك إنى.. بحبك ابتسمت فى سعادة لا لشىء سوى تلك النشوة النسائية البحتة عندما تشعر بقليل من الانتصار: _بس أنا مش حاسة إنك بتحبنى! يا إبنى ده إنت لسه كنت بتحكيلى عن حبك الأول غير اللى أنا شايفاه عندك.. _إنتى ممكن تدينى فرصة وتشوفى ! _أشوف إيه ؟ _تشوفينى وأنا بتغير عشانك، زى ما إنتى برضه هتتغيرى.. _أتغير ؟! ليه إن شاء الله ؟ _يعنى لبسك، الكتب اللى بتقريها، الفلسفة عمال على بطال !! _فلسفة.. وعمال على بطال!! عادت بذاكرتها إلى الوراء، تذكرت كل من مروا فى حياتها من رجال، من أعجبتهم، من أعجبوها، من صدقتهم ومن كذبوها، من أحبتهم ومن ادعوا حبها.. ربطت بينهم جميعًا، بتناقضاتهم وشغفهم وسخافاتهم وحنيتهم وازدواجياتهم.. انتبهت مجددًا إلى هاتفها لتجده هو: _مردتيش ليه ؟! _بقولك إيه، تسمع موتسارت ؟!