كوثر: رأيت شخصًا يدفعنى لنفق تشعله النيران من كل الجوانب «معوض» نزل إلى «التحرير» فى «يناير» ورصاصة فى الرأس تقوده ل«غيبوبة 5 سنوات» هاجر: شاهدت ثلاثة أبواب أحدها يؤدى للعالم الآخر عماد: شعرت كأنى ذاهب إلى النار وأبى يريدنى معه فى الجنة فتقربت إلى الله فى 25 يناير 2011 خرج معوض عادل، الطالب بكلية الصيدلة من منزله بالجيزة، ذاهباً الى ميدان التحرير، كان يقوده الأمل فى العودة الى منزله، منصوراُ بتحقيق الشعارات التى خرج من أجلها، وأثناء سيره بشارع محمد محمود أصيب بطلق نارى فى الرأس، ليسقط فاقدا الوعى، ويظل أسير الغيبوبة قرابة خمس أعوام، قبل أن يعود إلى الحياة مجددا، بعد ان اعتبروه شهيداً. معوض ليس الحالة الوحيدة التى عاشت فى غيوبة كاملة لفترة طويلة، ثم عادت إلى الحياة، فهناك العديد من الحالات التى يصفها الأطباء ب»العائدون من الموت»، ممن كانوا فى عداد الموتى إكلينيكيا. كوثر السيد مهدى، 44 عاماً، تقيم مع ابنتها وزوجها، ارملة، فى يوم ما خرجت ابنتها مع اسرتها واتجهت كوثر لعمل وجبة غداء لها، أشعلت البوتجاز ووضعت مقلاة زيت، واثناء اعدادها الطعام اشتعلت المقلاة ومعها يد كوثر والجلباب التى ترتديه وجسمها بالكامل، ولم تتذكر شيئا عقب ذلك. تستكمل الابنة مها محمد: «عند خروجنا من المنزل وعقب مرور ساعتين تقريباً قام الجيران بالاتصال بى مؤكدين ان هناك دخانا شديدا خارج من المنزل فذهبت مسرعاً الى المنزل ووصلت فى غصون ساعة وحين عودتى وجدت أمى ملقاة على الارض فاقدة الوعى والنيران مشتعلة بها، اخذت امى مسرعةً الى المستشفى وتحدث الطبيب لى قائلاً: قلب والدتك توقف، واعتبرى أنها توفيت، وبدأت باستخراج اوراق الوفاة لكننى رفضت نزع الاجهزة من يديها، أملا فى نجاتها، واستمر الحال ما يقرب من 6 ساعات وعقب الانتهاء من اوراق الوفاة تم ذهابها الى المشرحة، واثناء خروجها من ثلاجة المشرحة ووضعوها داخل صندوق الموت، قامت والدتى بتحريك يديها الاثنين، وفتحت عينها وأغلقتها فى ثوانى فقمنا على الفور بنقلها على المستشفى وقامت بعمل ما يقرب من ثلاث عمليات تجميل فى اماكن الحرق ثم عادت امى حية. تروى «كوثر» ل»الصباح»: «شاهدت النيران تحيط بى من كل مكان وهناك شخص خلفى يقوم بدفعى الى نفق تشعله النيران من جميع جوانبه ورأيت زوجى بجانبى يتحدث معى، ولكننى لم استطيع سماع أى شىء. عماد مدبولى، البالغ من العمر اثنان وثلاثون عاما، يروى ل»الصباح»: «كنت اسير بدارجة نارية ذاهباً إلى عملى بمنطقة امبابة، فانا اقيم بمحافظة الجيزة واعيش فى شقتى مع اخى وولدتى، ولم اتذكر سوى انى كنت اقود الدراجة فصدمتنى سيارة وظللت انا والدراجة فى حالة دوران، لم اتذكر ما حدث بعد ذلك. يروى احمد مدبولى، شقيق عماد، من منطقة المعادى، ظللنا ما يقرب من خمس أيام نبحث عن عماد فى المستشفيات والمشرحة والاقسام إلى أن وجدته فى مستشفى ما ميؤوس من شفاء حالته، وشخص الاطباء حالته بأنه فى حالة موت اكلينكى، والتقرير ينص على وجود نزيف بالمخ وكسر بالعمود الفقرى وكسر بالجمجة وحين دخوله المستشفى كان يعانى الغيبوبة واستمر ما يقرب من 8 ايام غائبا عن الوعى، وقرر الطبيب انزاع الاجهزه من جسده لأنه متوفى، وبالفعل فقدنا الامل فى عودته، واثناء نقله من سرير العناية المركزة الى سرير آخر، تمهيدا لنقله الى المشرحة عاد الى الحياة مرة اخرى حيث فتح عينه ومن شده الذهول ظللنا انا والاطباء واصدقاءه فى حالة من الصمت. عماد مدبولى عقب عودته حكى لنا تفاصيل الواقعة قائلا: لم أتذكر ما حدث معى سوى أنى أقود الدراجة وهناك سيارة قامت بالاصطدام بى وما رأيته هو ضباب ولم أشعر بما يدور حولى ولكن رأيت نفسى كأنى أركب طائرة وأشاهد مصر من فوق وأخى يبكى وأصدقائى وعلمت أنى أموت وأصدقائى يرتدون اللون الأسود والفتاة التى كانت ستصبح زوجتى ترتدى فستانًا أبيض وفجأة وجدت ابى المتوفى يقوم بالمناداة على لكى اجلس بجانبه وأنا اسمع صوته ولم اشاهده وكنت اسال سؤا لً واحدًا فقط أنا مت؟ ولم يرد ابى على سؤالى كل ما كان يريده تعاله بجانبى ولكنى شعرت حينها ان قدمى مشلولة لم استطع تحريكها وكنت اشعر انى اذهب الى النار ولكن ابى يريد ان اكون معه بالجنة، ومنذ ذلك الحين وانا تقربت الى الله بل واصبحت أفسر الاحلام لاصدقائى واقاربى ولا اخشى الموت. هاجر مرسى مختار، اثنان وثلاثون عاماً، ومتزوجة منذ عشر اعوام، وتقطن فى مدينة نصر، كان كل حلمها ان تنجب طفلا، وبالفعل اصبحت حاملا، وعندما ذهبت الى المستشفى فى للولادة أصيبت بنزيف حاد، ولم تتذكر شيئا بعدها. يروى محيى الدين عزيز، زوج هاجر: «كان حلمنا ان ننجب طفلا، وكان الطبيب يتحدث إليها بأن حملها خطر على حياتها، لأنها مريضة بالقلب، ولكنها اصرت على بقاء الطفل وفى بداية الشهر الثامن حدث لها نزيف حاد وذهبنا الى المستشفى وكانت فاقدة الوعى، وعقب مرور ما يقرب من ست ساعات داخل غرفة العمليات خرج الطبيب قائلا: «البقية فى حياتك فى المدام والطفل، وخرجت من غرفة العمليات الى غرفة الموتى، وظلت ما يقرب من ساعتين لحين الانتهاء من تصاريح الوفاة، واثناء ذهاب الاطباء الى غرفة اعداد الموتى وجدوا هاجر تقوم بتحريك قدميها وتبكى. تقول «هاجر»: «انتظرت طفلى المتوفى اعواما كثيرة ولم اتذكر شيئا غير طلق الولادة المبكر، وحينها رايت أنى أجلس فى مكان واسع وهناك ثلاث ابواب وكل باب متعلق عليه قفل كبير لا يمكن فتحه بسهولة بالاضافة الى انى وجدت ابنى والدماء تخفى ملامح وجهه وجسده ويصرخ على يدى ويريد ان يدخل احشائى مرة اخرى، ظللت اصرخ حتى يصغى احد لى، لكنى شاهدت ابى المتوفى من بعيد يبكى قائلا «مش مكتوب ليكى تكونى ام»، ظللت اضحك على حديثه، وعينى تبكى، لان ابنى بين يدى، أنا شوفت الآخرة بعينى.. واتحاسبت فى الدنيا». حسين احمد البالغ من العمر 22 عاماً المقيم بحى الدراسة ذهب منذ عدة اشهر الى شقيقه بمنطقة قلعة الكبش بمصر القديمة وفى وقت اذان الفجر لم يعد حسين الى المنزل. يروى حسين لل «الصباح »: كان صديق لى يقوم بالتشاجر مع احد المواطنين بمنطقة قلعة الكبش وتدخلت لفض النزاع فتم طعنى بالسكين، ودخلت فى غيبوبة وشاهدت انى داخل نفق مظلم وأمامى ثعابين بألوان متعددة وحجمها كبير للغاية وكنت اريد الهروب منها مسرعاً ولكن لم اجد باقى قدمى وظللت اصرخ الى ان وجدت والدتى المتوفاة تدفعنى الى الخلف وكنت أسالها هو انا مت؟ ولكنها لم ترد على سؤالى وظللت احرك كل اجزاء جسدى حتى اعلم انى بالحياة اما بالآخرة الى ان وجدت نفسى بالعناية المركزة. الدكتور عاء يسرى قال ان المصطلح الطبى للغيبوبة هو، ، hypglyemic coma hepaticcomaوهذا يعنى وجود احتمال كبيربأنهم يشاهدون أحلامًا بالغيبوبة ولكنهم فى حالة لا وعى بالجسد. تقول الدكتورة منال زكريا، استاذ علم النفس والاجتماع بجامعة القاهرة، ليس هناك حقيقة فى الغياب، لان الرؤية أو الاحلام فى الغيبوبة تعتبر فى سياق الأفكار الغيبية بالاضافة الى ان هناك فروق فردية كبيرة فمن الممكن ان نحلم اليوم أو الغد ببعض الاشياء ونستطيع فى حين تفسيرها وفى حين اخر لا نستطيع، فالغيبوبة عبارة عن توقعات قد تصيب وقد لا تصيب، وفى منطقة عدم لا واعى لا يمكن ان نقيس حقيقة ما شاهده المرء فهؤلاء الاشخاص مروا بغيبوبة ولم يشعروا باحد فلا يمكن ان نحكم على احلامهم أو نربطها بواقع العلم. أما الدكتور محمد عز العرب، أستشارى امراض الكبد، فيفسر الأمر بأنه حقيقة، لكنها تختلف بحسب تشخيص غيبوبة المريض، منوها إلى أن الاطباء يعتبرون ان الغيبوبة فترة نوم طويلة، فمن الممكن ان يحلم مريض الغيبوبة ويرى العديد من الرؤى الحقيقية.