خريجة بمرتبة الشرف: رفضوا إعطائى ملف التقدم.. وقالوا: «التظلم لن يفيدك » سارة » من أوائل دفعتها: حررت مَحضرًا فى قسم الشرطة.. وسأقدم أوراقى على يد مُحضر ما زالت معركة المرأة المصرية والقانون مشتعلة، منذ بدأت عملها كمحامية فى 1933، لتتولى بعد ذلك عدة مناصب حقوقية وقضائية مختلفة، وبالرغم من أن الدستور كفل للمرأة تولى المناصب القضائية دون تمييز بينها وبين الرجل، فإن بعض الجهات ك«مجلس الدولة» ترفع شعار «للرجال فقط». «الصباح» تفتح ملف الممنوعات من دخول سلك العمل بمجلس الدولة، لتكشف الجانب المنسى من قصص نساء اجتهدن وناضلن حتى وصلوا إلى درجات علمية كبرى، ثم أجبرتهن الجهات الحكومية على نسيانها بدلًا من الاستفادة منها. «دينا رجب»، صاحبة الواحد وعشرين عامًا، خريجة حقوق عين شمس قسم اللغة الإنجليزية، انتابتها الفرحة حين عرفت أنها الثالثة على دفعتها بتقدير عام امتياز مع مرتبة الشرف، تخرجت العام الماضى، لتراودها الأمانى والطموحات حين رأت إعلان مجلس الدولة لتعيين مندوب مساعد، وكانت الشروط تنطبق عليها. ذهبت «دينا» إلى مجلس الدولة، فى 8 فبراير، لتطلب سحب ملف التقدم للمسابقة، وفوجئت حين رفضوا إعطائها الملف لأنها «فتاة»، فذهبت إلى مكتب رئيس مجلس الدولة لترفع تظلمًا، ثم ذهبت لقسم شرطة الدقى تجر ذيول الخيبة وراءها لتثبت الحالة، وقالت «دينا» إنها من أوائل الدفعة ومن حقها التعيين، بدلًا توظيف شخص آخر بمجموع أقل، فقط لأنه ذكر. أما «ندى»، 23 عامًا، خريجة حقوق، دفعة 2015، بتقدير عام جيد جدًا مع مرتبة الشرف، فتقول إنها ذهبت لمجلس الدولة بعد أن رأت الإعلان لتتقدم لوظيفة مندوب مساعد، لكنهم رفضوا أن يعطوها الملف وحين طلبت أن ترفع تظلمًا فاوضوها وقالوا لها إن التظلم لن يفيدها، ولكنها أصرت، وذهبت إلى قسم الدقى لتثبت الحالة بمحضر رقم (1025)، وقالت: «لماذا يتم التمييز ضدنا مع أن الدستور كفل لنا التعيين فى المناصب القضائية؟ إنها قضية حق ومساواة. وأشارت إلى أن الدعاوى التى نرفعها ضد المجلس هو من ينظر فيها، وبالتالى فقد أضحى الخصم والحكم فى الوقت نفسه. سارة محمد بدر، تروى قصتها هى الأخرى مع مجلس الدولة، تقول إنها من أوائل الدفعة بكلية الحقوق، ورفعت هى الأخرى تظلمًا برقم (481)، وأشارت إلى أنها بعد ذلك ستسلم أوراقها المطلوبة للوظيفة على يد مُحضر وإن رفضوا إعطائها الملف سيكون ذلك إثبات حالة عليهم. أمينة جاد الله، خريجة دفعة 2013، تم رفضها أيضًا، ورفعت دعوى ضد مجلس الدولة وإلى الآن لم تحصل على حقها. من جانبه، يقول رئيس مجلس الدولة السابق، المستشار محمد الجمل، إن الدستور يكفل للمرأة تولى المناصب القضائية، ولا يمنع تعيين الإناث إذا توفرت إمكانات ووسائل معينة تكفل تعيينها بجانب الرجل فى مجلس الدولة، ومنها وجود أماكن للإقامة فى الأقاليم ووسائل الانتقال، وأيضًا وسائل لحفظ القضايا، وأماكن مكتبية للجلوس فى أقسام مجلس الدولة، فإذا توفرت تلك الإمكانات فلا مانع من تعيين الإناث فى المجلس. وتقول نهاد أبو القمصان، الناشطة النسوية، رئيس المركز المصرى لحقوق الإنسان، أن عدم تعيين المرأة فى مجلس الدولة مخالف للدستور ونوع من التمييز ضدها، ومن المفروض أن يكون مجلس الدولة الحارس على تطبيق القانون والدستور، وأشارت إلى أن من حق المجلس المطالبة بإصلاح بيئة العمل والمبادرة بحلول جيدة لهم ولكن دون استخدام ذلك للتميز ضد المرأة وحجبها من التعيين بالمجلس، وأضافت: «من الممكن حل مشكلة الاستراحات بالأقاليم والمحافظات بتوفير فيللات مملوكة للمحافظة، وتابعت أن مجلس الدولة هو من ينظر فى القضايا والدعاوى ضده، وهو أمر غير منطقى». وتؤكد جواهر الطاهر، الناشطة بمركز قضايا المرأة، أنهم تواصلوا مع الحالات التى تم رفضها وسيقفون بجانبها حتى تحصل على حقوقها. وأصدرت 10 منظمات مجتمع مدنى، هى نظرة للدراسات النسوية، ومؤسسة المرأة الجديدة، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومؤسسة المرأة والذاكرة، ومؤسسة سالمة لتنمية النساء، ومؤسسة جنوبية حرة للتنمية، ومؤسسة أصوات واعدة لحقوق الإنسان التنمية وملتقى تنمية المرأة وجمعية أمى للحقوق والتنمية. بيانًا بعنوان «اختبار جديد لاحترام الدستور وسيادة القانون»، أشاروا فيه إلى أن المجلس سمح للمؤهلات بسحب ملف التقديم على المنصب، وإتمام إجراءات التسابق والمنافسة، ثم أعلن رفضه تعيين المؤهلات المجتازات لإجراءات التقديم والتسابق عن جدارة بحجة عدم ملائمة النساء لمنصب القضاء، وهو ما حدث بداية من الدكتورة عائشة راتب، ووصولًا لخريجات دفعة 2010. وأضاف البيان: «مؤخرًا تصاعدت ممارسة مجلس الدولة للتمييز قصدًا ضد النساء، وانتهاك مبدأ تكافؤ الفرص، ما يعد منافيًا لنصوص صريحة فى دستور 2014 كالمادة «9، 11، 14، 53»، حال دون تمكين الخريجات المؤهلات من سحب ملف التقديم على المنصب، وعدم تمكينهن فى الدخول فى إجراءات التسابق، والاختيار حسب الأكفأ. يذكر أن مجلس الدولة وافق عام 2010 على سحب النساء ملفات التسابق وتم اختيارهن وفقًا للمعايير القانونية ثم استبعدهن فيما بعد ما آثار جدلًا واسعًا بين الحقوقين والنشطاء حينها. أما عن تاريخ المرأة فى القضاء، فتؤكد البرديات الفرعونية أن «نبت» كانت أول قاضية ووزيرة عدل فى مصر، أما «ثمل القهرمانة» وكانت تلقب بأم موسى القهرمانة، فهى أول امرأة مسلمة تتولى مهنة القضاء فى التاريخ الإسلامى فى بغداد سنة 318 هجرية، وقال عنها بعض العلماء كالطبرى، الذى عاصرها فى بغداد، أن «ثمل» قامت بمهمتها خير قيام، أما عن المرأة فى العصر الحديث فقد تولت تهانى الجبالى منصب أول قاضية فى مصر عام 2003، وظلت القاضية الوحيدة حتى عام 2007 حتى تم تعيين نحو ثلاثين قاضية أثبتن جدارتهن فى المناصب القضائية.