مفتش آثار: الإصلاحات تتطلب موافقة اللجنة الدائمة.. ومصدر: الروتين يسيطر عليها.. والموافقات تستغرق وقتًا طويلًا انهيارات وتصدعات فى «مساجد السلاطين».. و«هدير»: معظمها مغلق.. وعمليات الترميم حائرة بين «الأوقاف» و«الآثار» لم يسلم أى قطاع من قطاعات الآثار، المصرية والقبطية والإسلامية والرومانية، من الإهمال، بل إن الأمر وصل فى بعض القطاعات إلى السرقة، وإهدار المال العام، وتدمير الآثار، من قبل القائمين على حمايتها. قطاع الآثار الإسلامية أحد أهم القطاعات التى تمثل قيمة كبيرة فى الحضارة المصرية، لما يضمه من مساجد وأماكن أثرية كبيرة، وتعد منطقة القلعة من أهم المناطق التى تحظى باهتمام كبير، لكن الإهمال الذى ضرب معظم معالم المنطقة يهدد الآثار الباقية، التى بدأت فى الانهيار شيئًا فشيئًا، وسط تجاهل تام من الوزارة التى انشغلت بكم السرقات التى تكتشف يومًا بعد يوم. فى مشهد يدعو للتساؤل، بدت بعض أركان مسجد محمد على، الذى بناه داخل قلعة صلاح الدين بالقاهرة، فى الفترة من 1830م إلى 1848م، والذى يفترض أن يكون من أكثر المساجد رعاية من جانب الوزارة، نظرًا لتواجده داخل القلعة، المكان الأهم على الإطلاق فى منطقة مصر القديمة. الصور التى رصدتها «الصباح» خلال جولتها داخل المسجد توضح مدى الإهمال الذى يضرب المكان، فالألواح الزجاجية المكسورة، والأخرى التى تلطخها بعض ألوان الطلاء، تمثل كارثة كبرى فى مكان يأتى إليه الزوار من مختلف العالم، المشاهد التى رصدتها «الصباح» واجهت بها المسئولين فى القلعة، حيث أوضح محمد عبد الفتاح، مفتش آثار بالقلعة، أن هذه الألواح أثرية، ووضع بدائل لها يتطلب موافقة اللجنة الدائمة، التى قد تستغرق الكثير من الوقت من أجل السماح بتركيب زجاج مطابق للموجود. وتابع «عبد الفتاح» أن التفتيش يعد تقريرًا نصف شهرى، يرصد فيه كل نواحى التقصير أو التلفيات الموجودة بالقلعة والمسجد وكل الأماكن، ويقدم هذا التقرير لمدير المنطقة لبحثه. وأكد مصدر آخر أن عدم اهتمام اللجنة الدائمة بمثل هذه الأشياء التى تعتبرها صغيرة يؤجل القيام بأى إصلاحات أو استبدال أى أجزاء يتم كسرها. الإهمال لم يقتصر فقط على مسجد محمد على، بل شمل العديد من المساجد الأثرية أيضًا، ومنها مسجد «قانيباى الرماح»، الذى شيده السلطان قانيباى عام 1503- 908 هجرية، وهو من المساجد التى تعانى الإهمال بشكل كبير فى منطقة القلعة، وسرق منبره فى 2010، وهو واحد من أجمل 4 منابر فى العالم، مطعم كله ب«السن والعاج» ويبلغ طول ارتفاعه 5 أمتار، الأمر الذى طرح علامات استفهام كثيرة بشأن عملية السرقة، وعدم فتح تحقيق فيها أو الإعلان عن أى نتائج للبحث حتى الآن، الغريب فى الأمر أن المسجد الذى تعرض للسرقة فى 2010 أصبح الآن فى حالة لا يمكن وصفها، فالانهيارات التى لحقت به منذ غلقه فى 1992 حولته إلى خرابة كبيرة. المسجد الآخر هو المسجد الذى يحمل الجنيه المصرى صورته، والذى أنشأه السلطان قايتباى، عام 1472، وسط مبانى حى قايتباى العتيق «سابقًا»، ومقابر المماليك «حاليًا»، ويبدو المسجد فى حالة مزرية تدعو للتساؤل حول دور الأوقاف والآثار تجاه تلك المساجد الأثرية، خاصة هذا المسجد الذى تحيط به مجموعة من المقابر الأثرية، كلها ذات تصميمات أثرية فريدة. المسجد تآكلت قبته وانهارت بعض حوائطه تمامًا، ولم يبق منه سوى أسوار حجرية، كما اختفت النقوش التى كانت موجودة على حوائطه تمامًا، بسبب إهماله والعبث بحوائطه من قبل الكثيرين دون أى رقيب من وزارة الآثار. ضمن هذه المساجد أيضًا مسجد السلطان حسن ومسجد الرفاعى، ويجاوره جامع المحمودية فى هيئته العثمانية، وأنشأ هذا المسجد أحد وزراء الدولة العثمانية، فى عهد السلطان سليمان القانونى، ويعد من «المساجد المغلقة» ويعانى تصدعات وشقوق تظهر جلية فى جدار القبلة وفى المأذنة، كما تتراكم القمامة فى بئر كان يستخدم فى الماضى لتزويد المسجد باحتياجاته من المياه، وصار اليوم مقلبًا للمخلفات. من جانبها، قالت هدير على، مفتشة آثار بمنطقة القلعة، إن هناك عددًا كبيرًا من المساجد بمنطقة مصر القديمة يحتاج إلى الترميم بشكل عاجل، وبعضها يحتاج إلى إعادة افتتاح، حيث أن بعض المساجد مغلقة، لكن العائق الذى يقف أمام هذه العمليات هى عملية التمويل، التى من المفترض أم تقوم بها وزارة الأوقاف بحسب المادة 30 من قانون الآثار، وتنص على أن الأوقاف تتحمل تكلفة الترميم، فيما تشرف الآثار على العملية. من جانبه أيضًا قال الدكتور جمال مصطفى، مدير عام آثار القلعة، إن بعض قطع الرخام المتساقطة وبعض الألواح الزجاجية المكسورة يتم حصرها الآن ويتم إعداد تقرير بكافة الأماكن التى تحتاج إلى الترميم داخل المسجد.. وأضاف مصطفى أنه يجرى الإعداد لمشروع ترميم المسجد فى الوقت الحالى، إلا أن تغيير أى شىء سواء كان الحجر أو الزجاج يحتاج إلى ميزانية ويشترط أن يكون من ذات النوع واللون حتى يتطابق مع الموجود بالقلعة وأن هذه العملية تحتاج إلى وقت. وبشأن الإهمال الذى ينتشر فى المسجد وعدد من معالم القلعة، رد بأن كافة هذه الأشياء سيتضمنها مشروع الترميم والتطوير الذى يعد حاليًا.