مستثمرون يتهمون «الضرائب» بدفع 4 مليارات ل«أبو العينين» و«أبو هشيمة» و«عز» و«خميس» مصدرون: 30 فى المائة تراجعًا فى الصادرات المصرية بسبب تعنت رئيس «المصلحة» حكم قضائى بحبس «مطر» سنة مع الشغل وألف جنيه غرامة مصلحة الضرائب.. عرفها المصريون دومًا بأنها الجهة الوحيدة التى لها ديون مستحقة بشكل دائم على الجميع، ولذلك لن يصدق الكثيرون المفارقة التى جعلت «مصلحة الضرائب» مديونة بأكثر من 8 مليارات جنيه لصالح مجموعة كبيرة من صغار المستثمرين ورجال الأعمال، لدرجة أن بعضهم يلاحق رئيس المصلحة قضائيًا من أجل الحصول على مستحقاتهم منها منذ بداية العام الجارى. وحصلت «الصباح» على مستندات تكشف عن معلومات خطيرة، يقول الخبراء إنها كانت أحد الأسباب الرئيسة لانخفاض النمو الاقتصادى لمصر وتراجع قيمة الصادرات المصرية بنسبة 30 فى المائة خلال العام الجارى، نتيجة تعنت رئيس المصلحة فى رد الأموال المستحقة لرجال الأعمال، وأغلبهم من الصُناع والمصدرين، والتى وصلت إلى ما يقرب من 8 مليارات جنيه. تتمثل مستحقات رجال الأعمال لدى مصلحة الضرائب فى بند «ضريبة الصادرات»، وهى وفقًا لقانون الضرائب رقم 11 لسنة 91 يجوز للمصدر الحصول على قيمة «ضريبة المبيعات»، التى سددها للمصلحة عند شراء المواد الخام فى حالة تصنيع تلك المواد وتصديرها للخارج، حيث يلزم القانون مصلحة الضرائب بعدم الحصول على أى مستحقات ضريبية من المستثمر مقابل التصدير إلى الأسواق الخارجية. وتبلغ قيمة ضريبة الصادرات التى من المفترض أن تسددها مصلحة الضرائب إلى المصدرين ورجال الأعمال حوالى 12 مليار جنيه سنويًا، سددت منها المصلحة خلال عام 2015 نحو 4 مليارات جنيه فقط لمجموعة من كبار رجال الأعمال، مثل محمد أبو العينين عن تصدير السيراميك، وأحمد أبو هشيمة وأحمد عز عن تصدير الحديد، وفريد خميس عن تصدير السجاد، بحسب ما ذكره رجال الأعمال الذين تماطلهم مصلحة الضرائب فى سداد مستحقاتهم. ويستنكر رجال الأعمال مطاردة مصلحة الضرائب لهم من أجل الحصول على مستحقاتها الضريبية، وتلاحقهم بالأحكام القضائية إذا تأخروا عن السداد، بينما تتهرب المصلحة ذاتها عن رد مستحقات رجال الأعمال بحجة أن هناك عجزًا وعليهم الانتظار. وبدا واضحًا أن أغلب سهام النقد موجهة إلى عبد المنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب، الذى يتهمه الكثيرون بالتعنت والتسبب فى تعطيل مصالحهم وتجارتهم. وقال محمد إبراهيم فتح الله، أحد المصدرين، ل«الصباح»: إن ضريبة الصادرات «صفر» وفقًا للقانون، متسائلًا: «كيف يلزمنا القانون بدفع ضريبة مبيعات على مدخلات الإنتاج، وعند تصنيع هذه المدخلات وتصديرها لجلب عملة صعبة للبلاد، لا تلتزم مصلحة الضرائب بنفس القانون فى رد هذه الضريبة لنا بعد التصدير؟». واتهم فتح الله مسئولى المصلحة بالتمييز لحساب كبار رجال الأعمال، فى أداء فاضح تحكمه المحسوبية والواسطة، على حد تعبيره. ولفت «فتح الله» إلى أن التصدير هو المصدر الآمن والمضمون لحصول مصر على الدولار، ما يعزز العملة المصرية والاقتصاد الوطنى. فتح الله، تبلغ مستحقاته عند مصلحة الضرائب حوالى 4 ملايين و200 ألف جنيه خلال عام 2015 الحالى، لا يستطيع الحصول عليها حتى الآن، رغم أنه أقام دعوى قضائية على عبد المنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب، وأصدرت المحكمة قرارًا يلزم المصلحة برد كل مستحقاته الضريبية وتنفيذ أحكام القضاء. وحصلت «الصباح» على صورة من حكم المحكمة رقم 16016 الصادر فى 7 نوفمبر الماضى، حيث قضت المحكمة ضد رئيس مصلحة الضرائب عبد المنعم مطر بالحبس سنة مع الشغل والنفاذ، وتغريمه ألف جنيه كتعويض مؤقت، وتحمله تكاليف أتعاب القضية بسبب امتناعه عن تنفيذ الحكم القضائى الملزم برد المبلغ المذكور أعلاه إلى «فتح الله». وتشير التقارير الأولية إلى أن عدد المصدرين الدائنين لمصلحة الضرائب يزيد على ألف مستثمر صغير ومتوسط، توقفت أعمال الكثيرين منهم بسبب تعطل رءوس أموالهم عند المصلحة، بشكل أصبح له تأثير سلبى كبير على حجم صادرات مصر خلال عام 2015 الجارى، والتى انخفضت بنحو 30 فى المائة عن العام الماضى. وذهب البعض إلى حد اتهام مسئولى المصلحة بابتزاز الدائنين من أجل سد عجز الموازنة على حساب المستثمر الصغير، بينما لم تجد المصلحة غضاضة فى رد 4 مليارات جنيه هذا العام بكبار رجال الأعمال من المصدرين. من جانبه، اعترف ياسر محرم، الأمين العام لجمعية الضرائب المصرية، بأن المصلحة مديونة ب 8 مليارات جنيه لصالح العديد من صغار المستثمرين والمصدرين، لكنه قال إن أغلبهم لم يستوف الأوراق المطلوبة للحصول على مستحقاتهم من الضرائب، مؤكدًا أن المصلحة ترد ضريبة المبيعات بالفعل للمصدرين كل 45 يومًا. وأوضح أن رجال الأعمال والمصدرين سيحصلون على مستحقاتهم بعد استيفاء كل الأوراق والمستندات المطلوبة منهم، مشيرًا إلى أن كل من رفع دعوى قضائية سيحصل على مستحقاته المتأخرة وفقًا للقانون. وكشف الدكتور عبدالمنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب، إن إجمالى المتأخرات الضريبية وصلت إلى 85 مليار جنيه خلال العام الحالى، لم تستطع الدولة تحصيلها حتى الآن. وقال إن المصلحة تستهدف تحصيل 100 فى المائة من إجمالى المتأخرات الضريبية غير المتنازع عليها، ونحو 78 فى المائة من المتأخرات الضريبية المستجدة خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن وزارة المالية وضعت خُطة متكاملة للتعامل مع ملف المتأخرات، أهم ملامحها وجوب سداد قيمة الضريبة عن طريق تحويلات أو بشيكات مصرفية مقبولة لتجنُب مشكلة الشيكات المرتدة، إضافة إلى تفعيل عمل لجان الطعن، واللجان الداخلية التى تنظر فى اعتراضات المموّلين حول الربط الضريبى.