"مَن الأحق بدفع الضرائب.. الموظف الغلبان أم كبار رجال الدولة؟".. سؤال يطرح نفسه بقوة بعد تصريحات رئيس مصلحة الضرائب عبد المنعم مطر، عن وجود 35 مليار جنيه متأخرات ضريبية مستحقة على الهيئة العامة للبترول والبنك المركزي وقناة السويس، مشيرا إلى أن المتأخرات الضريبية على الجهات السيادية، كانت السبب وراء عجز مصلحة الضرائب عن تحقيق الإيرادات المتوقعة خلال العام المالي الماضي (2014-2015). وأشار مطر إلى أن إجمالي الضرائب المتأخر سدادها من قبل البنك المركزي 7 مليارات جنيه، وهي تمثل الضرائب على أرباح البنك المركزي مضاف إليها الضرائب على أرباح البنوك من التعامل في السندات الحكومية، أما الضرائب المستحقة على الهيئة العامة للبترول والتي لم تسدد خلال العام الماضي فكانت هي النسبة الأكبر في متأخرات الجهات السيادية، مشيرا إلى أن إجمالي قيمة المتأخرات الضريبية تبلغ 70 مليار جنيه حصل منها 10 مليارات جنيه خلال العام المالي 2014-2015. الكشف عن تهرب 13 جهة سيادية في الدولة - ومنها(الرئاسة والدفاع والمخابرات) – عن دفع 8 مليارات جنيه، دفع تلك الجهات لوقف طباعة 100 ألف نسخة من جريدة "الوطن" منذ عدة أشهر؛ خوفا من فضح أمرها لدى القطاع المغيب من المصريين، والذي طالما خاطبه قائد الانقلاب بعبارات "مفيش.. مش قادر اديك.. هتاكلوا مصر يعني". تهرب مؤسسات الدولة والفنانين والإعلاميين ورجال الأعمال من دفع الضرائب لم يكن وليد هذا العام، ولكن يبدو أنها كانت عادة تعودوا عليها على مدار عقود من حكم العسكر – باستثناء عام حكم الرئيس مرسي - حيث كشف مصطفى عبد القادر، رئيس مصلحة الضرائب السابق، في تصريح له أواخر عام 2014، أن المتأخرات الضريبية قدرت ب 79 مليار جنيه (11 مليار دولار) حتى يونيو الماضي، فضلا عن وصول حجم التهرب الضريبي إلى 20 مليار جنيه (2.8 مليار دولار) سنويا. وكان من أبرز المتهربين من دفع الضرائب الراقصة "صافيناز" والتي طالبها قطاع مكافحة التهرب الضريبي بمصلحة الضرائب المصرية بفتح ملف ضريبي والتصالح مع المصلحة؛ لأنها تعمل في مصر وتحقق الملايين من الجنيهات سنويا عن نشاطها دون أن تسدد عن ذلك ضرائب مستحقة، بالإضافة إلى الفنانة "بشرى" والتي تم إحالتها للنيابة بتهمة التهرب الضريبي؛ حيث لديها إيرادات لم تفصح عنها في إقرارها الضريبي بقيمة 450 ألف جنيه عن عقدها مع أحد الفنادق الكبرى عن نشاط الغناء عام 2007. التهرب الضريبي لم يتوقف عند الفنانين فحسب، بل تعداه لرجال الأعمال وقنواتهم الفضائية؛ حيث كشفت مصادر في مصلحة الضرائب عن تهرب قنوات(المحور والحياة وسي بي سي وأون تي في) عن دفع 7 مليارات جنيه ضريبة الدمغة المستحقة على الإعلانات، بالإضافة إلى الكشف في عهد الرئيس مرسي عن تهرب آل ساويرس من دفع 14 مليار جنيه، عن أرباح صفقة بيع شركة "أوراسكوم بيلدنج" إلى شركة "لا فارج" الفرنسية والتى حققت أرباحا 68 مليار جنيه، نتيجة هذه الصفقة، وكان بصدد سداد نصفها وجدولة الباقي، إلا أن وقوع الانقلاب عافاه من القيام بذلك لدوره البارز في الدعم والحشد المالي والإعلامي لتظاهرات 30 يونيو. ويؤكد خبراء أن النظام الضريبي الحالي لا يخدم سوى الأغنياء؛ حيث أقر مصطفى عبد القادر رئيس مصلحة الضرائب السابق، أن النظام الضريبي الحالي يجامل الأغنياء ولا يعطي الفقراء حقوقهم، مطالبا بضرورة أن يكون هناك نظام ضرائب تصاعدية، وأن لا يتم تحميل أبناء الطبقة الوسطى الغالبية العظمى من نتاج موارد الضرائب، مشيرا إلى أن المشكلة التي تواجه منظومة الضرائب هي التهرب الضريبي، وأن منظومة الضرائب الحالية برمتها غير عادلة. الأخطر في جرائم التهرب الضريبي في مصر ما بعد الانقلاب، وجود متهربين كبار يعدون بمثابة خطوط حمراء لا يجوز الاقتراب منهم، بل ويتم معاقبة كل من يفكر في فتح ملفاتهم بما فيهم القضاة أنفسهم، وهو ما كشفه المستشار وليد شرابي، من إحالة القضاة - الذين تعرضوا لقضايا تهرب نجيب ساويرس من الضرائب - إلى التحقيق والتأديب. فيديو تصريحات المستشار شرابي: