عشرة ملايين جنيه حجم إيرادات «النذور» تذهب إلى «العباسية».. والدير مصنف ضمن «الأديرة الفقيرة» مصادر قبطية تقدر حجم المشاركين بمليون مواطن قبطى ومسلم.. والنذور إما «ذبائح» أو «أموال سائلة» يحتفل مواطنو الصعيد فى الأيام الجارية من كل عام، بعيد الشهيد مارجرجس فى ديره بالرزيقات بأرمنت فى محافظة الأقصر، حيث تشهد المحافظة تجمع عشرات الآلاف من الأقباط ومعهم المسلمين لإحياء هذا الاحتفال الذى يعد أحد الكرنفالات الدينية الشهيرة. وتقدر مصادر قبطية عدد المشاركين فى الاحتفالات بمليون شخص، يزورون الدير، حيث يعد التجمع الأكبر للأقباط على مستوى البلاد. وخلافًا لما جرى خلال الأربع سنوات الماضية، حيث منع الدير إقامة الخيام بتوصية من الأمن، أقيمت الخيام هذا العام على مساحة 120 فدانًا، وهو ما استقبله المشاركون بفرحة عارمة. «الصباح» رصدت أجواء الاحتفال حيث يقع الدير بالجبل الغربى بقرية الرزيقات على بعد 30 كم من مدينة الأقصر، وكل أقباط ومسلمى الصعيد يعرفونه. فى الطريق إلى الدير تتكدس السيارات المحملة بالزائرين والأدوات التى يستخدمونها من خشب وأقمشة لنصب الخيام وتخزين كميات من الطعام تكفيهم لمدة أسبوع. واعتاد الزوار وخاصة كبار السن منهم التغنى بمجموعة من الأغانى التراثية، وهم فى طريقهم إلى الدير، وتقول أشهر هذه الأغانى التى تمجد مارجرجس: « يارايح بلادنا قول لأخى العزيز يبيض أعتابنا.. يارايح يارايح قول لأخى يتكى الدبايح... خشم باب الشهيد طلبنا العديلة خشم باب الشهيد طفينا الفتيلة... قبتك يا مجلع على البعد بانت على البعد بانت». مصدر داخل للكنيسة وعلى الرغم من ارتفاع بعض الأصوات التى تطالب بإلغاء الموالد التى تقام فى الأديرة والكنائس، إلا أن الكنيسة تدافع عن إقامتها بكل قوة لأنها تعتبر مواسم لجنى النذور والتبرعات التى تدر على خزينة الكنيسة مبالغ ضخمة تستطيع بها أن تمارس اختصاصاتها وتغطية متطلباتها، فالمسئولون عن مثل هذه الموالد من الإكليروس يبذلون جهدًا كبيرًا مع الأمن حتى تتم الموافقة على إقامة الموالد وخاصة مولد مارجرجس بالرزيقات، والجدير بالذكر أن لجنة بابوية مالية تدير أموال هذا الدير فى مولده لتذهب بدخل الزيارة إلى الكاتدرائية المرقسية مباشرة، ولا يستفيد الدير من دخله فى هذا الأسبوع. دق الصلبان وشراء الملابس من أهم الأشياء المرتبطة بمولد مارجرجس دق الصلبان للأطفال الصغار والوشم للكبار، ويصاحب ذلك احتفالات يقوم بها أهل الطفل من إلقاء الزغاريد والحلوى بمناسبة دق الصليب فى يد طفلهم الذى لم يتعد عامه الأول. كما ينتشر فى أرجاء الدير من يقومون بدق «الوشوم» لصور القديسين، ومن أهم المظاهر التى تنتشر داخل الدير هو بيع الملابس، فالمولد يعتبر سوقًا رائجة لكل المصانع والمحلات لعرض بضاعتها، حيث يحضر تجار من كل أنحاء الجمهورية إلى المولد ويفترشون الأرض أمام زبائنهم من الزائرين. ويشارك المسلمون الأقباط فى الاحتفال بعيد مارجرجس بل ويتركون رسائل له فى عيده، وتتلخص أبرزها فى أن يحفظ الله مصر وشعبها بعيدًا عن كل الشرور والمكائد، ثم تتفرع إلى أن يدبر الرب بشفاعة مارجرجس عريسًا للبنت ويجد الابن بنت الحلال التى تسعده، وتسديد الديون وراحة البال وشفاء الأمراض والمس من الجن والشياطين. ويقول ميخائيل جرجس من زوار الدير: اعتدنا منذ عشرات السنين على الانتظام فى زيارة مولد مارجرجس، وهذا تراث توارثناه من آبائنا وأجدادنا، وسنستمر عليه حبًا فى الشهيد مارجرجس، نحن نزور البطل كل عام فى شهر نوفمبر لنقدم له طلباتنا لكى يشفع فينا ويقدمها إلى الرب، نطلب منه أن يشفع لنا عند يسوع بالستر وشفاء المرضى والحفاظ على الوطن. من المميزات التى ينفرد بها مولد مارجرجس كثرة الذبائح والنذور التى تقدم من الزوار، فلا تكاد تسير فى أحد شوارعه إلا وتجد نذرًا من الحيوانات من الخراف أو الماعز أو البقر، تسير فى موكب متجهة إلى السلخانة لكى يتم ذبحها وتسليمها للدير. ويلتزم أصحاب النذور بطريقة معينة فى تقسيم الذبائح، حيث يقوم صاحب النذر بالذهاب بنذره إلى السلخانة، ويتم ذبحها ويأخذ ثلاثة أرباع الذبيحة، ويعطى الدير الربع إضافة إلى الأحشاء. الموالد بين الرفض والقبول ورغم الإقبال الكبير على الموالد إلا أن هناك من يرفضونها، ويعتبرونها خروجًا عن المسيحية وتعاليمها، معللين ذلك بأن الناس تذهب إلى الأديرة فى الموالد للأكل والشرب فقط، وتبتعد عن الصلاة والعبادة. من جانبه يقول صفوت سمعان ناشط قبطى بالأقصر: كل ما يوجد فى مولد مارجرجس بالرزيقات لا يتعلق للمسيحية بصلة إلا دورة الأيقونة، ولا تكون منظمة أيضا، ويتابع عشرات الآلاف من الناس المتكدسين فى خيام على الأرض فى جو غير صحى بالمرة ودورات مياه فى منتهى القذارة. ويؤكد سمعان أن دخل الدير يتراوح ما بين 10 إلى 12 مليون فى فترة زيارته تذهب إلى الكاتدرائية وكل مؤسسات المحافظة «تسترزق» على حساب هذا المولد، وهو الدير الوحيد الذى يتم أخذ إيراده بهذه الطريقة. ويضيف سمعان: أريد أن أسأل البابا والأساقف: هل ما يتم فى مولد مارجرجس يمت للمسيحية بصلة؟ ويتابع: لابد أن يغلق هذا الأمر تمامًا ونمنع إقامة الموالد وتكون الزيارة عبارة عن يوم واحد لعدة ساعات.