أثار إعلان باحثين فى جامعة «برمنجهام» البريطانية عن اكتشافهم لما يقولون إنه أقدم نسخة للقرآن الكريم فى العالم، العديد من تساؤلات الباحثين المسلمين ورجال الدين بشأن دقة الاكتشاف، خاصة أن النص الذى تم اكتشافه كان مكتوبًا على قطع من جلد الغنم أو الماعز ورقائق من السعف والصخور وعظام أكتاف الجمال.. «الصباح» استطلعت آراء المتخصين والمسئولين من علماء الأزهر بشأن الاكتشاف البريطانى الجديد. الدكتور محيى الدين عفيفى، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، يقول: إن هذا الكلام عن أقدم نسخة عار تمامًا عن الصحة وغير مسلم به على الإطلاق، واصفًا الأمر بأنه معلومات هلامية غير موثقة وغير واردة من مصادر مضمونة. وتابع عفيفى: «القرآن الكريم تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه حينما قال فى الآية القرآنية: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، فكيف إذا وجدنا تغييرًا طفيفًا فى النسخة البريطانية المزعومة للقرآن، وموضحًا أن التغيير الطفيف يعقبه تغيير كبير، وإذا تقبل المسلمون الأمر ستكون كارثة، تفتح أبواب الفتنة. وأوضح عفيفى، أنه فى حال كان التغيير فيما يسمونه ب «مصحف برمنجهام» فى رسم الخط أو شكل الحرف، فهذا أمر لا مشكلة به، ويتعلق الأمر بتطور شكل الخط العربى. فى السياق ذاته، قال الدكتور عبد العزيز النجار، مدير إدارة الدعوة بمجمع البحوث: إن الدليل الذى يؤكد أن هذا المصحف ليس بالقرآن الكريم كما يزعمون هو أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة رضوان الله عليهم عن أن يكتبوا القرآن على عظام الحيوانات، حيث قال: إنها طعام الجن وهذا يدل على أن الصحابة لم يستخدموا العظام فى كتابة القرآن الكريم، إنما كان الصحابة رضوان الله عليهم يكتبون القرآن الكريم على جلود الحيوانات، لافتًا إلى أن هناك العديد من المخطوطات للمصحف الشريف والتى يبلغ عمرها مئات السنين داخل أروقة مكتبة الأزهر وتمت مراجعة جميع هذه المخطوطات فى عصر الدولة الفاطمية. وكشف النجار، أن هذا الاكتشاف البريطانى، قيد البحث من قبل علماء الأزهر وعلى رأسهم شيخ الأزهر، الدكتور، أحمد الطيب، حيث من المتوقع أن يرسل شيخ الأزهر وفدًا من كبار علماء الأزهر إلى لندن خلال الأيام القليلة المقبلة، للتأكد من صحة هذه النسخ التى تم العثور عليها ومطابقتها ومراجعتها بالقرآن الكريم، للتأكد من صحتها. على الصعيد ذاته، أوضح الدكتور عبد المقصود الباشا، أستاذ التاريخ الإسلامى، أن القرآن الكريم لم يكتب إلا فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كتبه كتاب الوحى وعلى رأسهم سيدنا زيد بن ثابت ومعاوية أبن أبى سفيان، وعبد الله ابن سعد رضوان الله عليهم، وقد كتب على «الرقاع» أى جلود الحيوانات واحتفظ النبى بهذه الوثائق القرآنية عند السيدة حفصة زوجة النبى، إلى أن جاء سيدنا عثمان بن عفان بعد وفاة النبى الكريم، وشاور الصحابة فى كتابة المصحف الشريف من خلال هذه الوثائق. واستطرد الباشا حديثه: إن العالم الإسلامى امتد فى القرى الأرضية من وسط الصين شرقًا إلى ما قبل باريس ب 70 كليو مترًا غربًا، ووصلت الإدارة الإسلامية إلى السويد ودول البلطيق والمحيط الهندى والهادى، مارًا بأنجولا وموزمبيق جنوب أفريقيا والهند واندونسيا واليابان والأمريكتين وأسترليا وغير ذلك، وهو ما يفسر العثور من حين إلى آخر على مخطوط جديد من كتاب ما، أو اكتشاف نسخ مكتوبة بخط اليد من القرآن الكريم حتى أن بعضها يرجع إلى عهد سيدنا عثمان رضى الله عنه. ودعا الباشا، المكتشفين والمتخصصين فى الأبحاث العلمية الذين يعلنون حصولهم على هذه النسخ أن يلجأوا إلى الأزهر الشريف ليتعاون معهم عبر الأجهزة العلمية المتخصصة والمتطورة لمعرفة تاريخ كتابة هذه المخطوطات، والتأكد من صحتها ومطابقة هذه النسخ مع المصحف الشريف الموجود حاليًا، والذى يستند إليه كل المسلمين فى جميع أنحاء العالم، مطالبًا حكومات العالم الإسلامى بتوحيد الجهود وبذل الغالى والنفيس فى سبيل الوقوف ضد أى محاولات للنيل من المصحف الشريف وتشكيك المسلمين فى صحته واكتماله. ولفت الدكتور مختار مرزوق، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، إلى أن ما يتم ترويجه من آن لآخر عن المصاحف الجديدة سواء أكانت عند الشيعة أو غيرهم، لا يعتد به ولا ينظر إليه، لأن المصحف العثمانى والذى كتب فى عهد سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه، وفى حضور الصحابة الكرام، ارتضته الأمة بالقبول جيلًا بعد جيل إلى العصر الحاضر ثم إلى قيام الساعة. وطالب مرزوق، المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها ألا يلتفتوا إلى هذه الادعاءات التى تنتشر بين الحين والحين والغرض منها الطعن فى القرآن الكريم، خاصة أن البعض يقول إن النسخ المزعومة للقرآن تحمل تغييرًا طفيفًا وهذا لا يلزم المسلمين على الإطلاق الذين يؤمنون إيمانًا خالصًا أن القرآن الكريم حفظه الله تعالى من أى تحريف أو زيادة أو نقصان.