لم تستطع جماعة الإخوان الصمت أمام مشاركة مصر فى التحالف العربى ضد الحوثيين الموالين لإيران فى اليمن، وتصور البعض أن الأمر لن يتجاوز حد الهجوم المعتاد على سياسات الرئيس عبدالفتاح السيسى، لكن فى هذه المرة تجاوزت الجماعة هذا الحد إلى دعم حليفتها القديمة، إيران، الداعمة للحوثيين. وكشف محمد غنيم، رئيس ما يسمى بالتيار الشيعى فى مصر، أبعاد علاقة التحالف بين الجماعة والنظام الإيرانى، قائلًا إن أبرز القيادات الشيعية هى فى الأصل إخوانية، أو تابعة للحركات الإسلامية والجهادية التى انبثقت عن الجماعة، من بينها القيادى الشيعى أحمد راسم النفيس، وصالح الوردانى الذى كان ينتمى للجماعة الإسلامية، التى انبثقت من رحم الإخوان أيضًا، وغيرهم من قيادات لا تزال على قيد الحياة، وأخرى توفيت، ما يوضح مدى العلاقة بين الجانبين. وأضاف غنيم ل«الصباح» أن الواقعة التى كشفت وجود علاقة بين الجماعة وطهران هى اقتحام الطلبة الإيرانيين للسفارة الأمريكية بعد اندلاع الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979 واحتجازهم مئات الرهائن من الموجودين فى السفارة، حيث حاولت الجماعة الوساطة بين قيادات الطلبة ومنهم الطالب أحمدى نجاد وقتئذ وبين واشنطن، حيث توجه وفد إخوانى برئاسة عمر التلمسانى مرشد الجماعة، خصيصًا لإنجاز هذه المهمة، ومع فرض الولاياتالمتحدة حظرًا على الشركات الإيرانية أخذت الشركات التابعة للجماعة وتنظيمها الدولى على عاتقها تسهيل دخول مواد محظورة إلى إيران. وفور أن تولت الجماعة مقاليد الحكم فى مصر، بدأت إيران فى رد الجميل لها، حيث حاولت مساعدتها فى إنشاء حرس ثورى لمواجهة الجيش، وتسللت بعض عناصر الحرس والمخابرات الإيرانية، وعلى رأسهم رئيس فيلق القدس، قاسم سليمانى، إلى مصر، لوضع الخطط ومناقشة الموضوع مع قيادات إخوانية. واستمرت العلاقات الودية بين النظام الإيرانى والنظام الإخوانى، رغم العداء المتبادل بين الشيعة المصريين والجماعة، على خلفية تعرضهم لمذبحة فى قرية أبومسلم بالجيزة، خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، ما أسفر عن مقتل القيادى الشيعى البارز حسن شحاتة وآخرين، وتطورت العلاقات بين طهران والإخوان بالاتفاق بين الجانبين على فتح العتبات المقدسة أمام السياحة الإيرانية، ووقتها حذر محللون من خطورة الاتفاق على الأمن القومى المصرى، باعتباره يفتح الأبواب المغلقة أمام العناصر الاستخباراتية الإيرانية لاختراق البلاد، كما أثار الاتفاق غضب السلفيين، الذين دخلوا فى خلافات فارقة مع الإخوان، وصلت ذروتها بتأييد الدعوة السلفية وحزب النور لثورة 30 يونيو. ووصلت العلاقات الودودة بين الإخوان وإيران، إلى حد استضافة مرسى لنظيره الإيرانى وقتها، أحمدى نجادى، وظهرا سويًا فى أحد مشاهد الغزل السياسى خلال لقاء وصفه محللون ب«الحميمى»، وكانت الزيارة وقتها مخصصة لحضور مؤتمر القمة الإسلامى، عندما رصدت الأجهزة الأمنية أن السبب الحقيقى لحضور نجاد هو مناقشة الأجندة السياسية الإيرانية للعلاقات مع مصر فى ظل حكم الجماعة. وكانت العلاقة بين الجماعة وطهران أكثر الأمور التى أدت لنشوب خلافات بين الإخوان والتيار السلفى، الذى رفض الترحيب بقيادات الشيعة على أرض بلد الأزهر المرجعية الأولى للسنة فى المنطقة، وتعرضت الجماعة لهجوم كبير من جانب مشايخ الدعوة السلفية، وعلى رأسهم محمد إسماعيل المقدم، الذى وصف الجماعة بأنها «قنطرة» يستخدمها الإيرانيون لبدء غزو شيعى لمصر، مستغلين إهمال الجماعة للعقيدة، مقابل التمسك بالسلطة وإدمان السياسة. ولعل أبرز أشكال التعاون مساندة إيران للجماعة بعد توليهم الحكم، مساعدة مرسى فى التوسط بين حماس وإسرائيل والتوصل إلى هدنة بينهما، ما رفع من أسهم الجماعة لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وكذلك تعمد إيران إجراء محادثات مع الجانب الأمريكى فيما يخص ملفها النووى بمساعدة الجماعة، ما يفسر بعض أسباب دفاع واشنطن عن الجماعة فى مواجهة الرفض الشعبى لها. ويكشف محمد صبح أحد القيادات المنشقة عن الجماعة الإسلامية، سر العلاقة بين الجماعة وطهران، بقوله إن الجماعة تعاونت مع طهران لكسب حليف ضد دول الخليج، التى كانت ترفض فكرة تولى الجماعة حكم مصر، وعداء دول الخليج للجماعة، أمر معروف وخرج للعلن بعد الهجوم الذى شنه مسئولون سعوديون منذ سنوات، ضد الجماعة حيث حملوها مسئولية انتشار التطرف والإرهاب فى المنطقة، وتكرر الأمر فى بقية دول مجلس التعاون الخليجى، التى وضعت قيودًا على تحرك قيادات الجماعة. وقال عادل نصر المتحدث باسم الدعوة السلفية، إن الجماعة كانت ترغب فى توثيق التحالف مع طهران بشكل ملح، وصل الأمر للتسفيه من الخلاف بين السنة والشيعة فى كونه خلافًا فى فروع العقيدة الإسلامية وليس فى الأصول، وفتحوا الأبواب أمام الرئيس الإيرانى وبقية قيادات طهران، لافتًا إلى أن الأمر وصل لحد اختيار شبكة رصد الإخوانية روح الله الخومينى قائد الثورة الإيرانية شخصية العام.