*أبرزها.. «الأكتوس» و«النوفالجين» و«فنتولين» و«الموتيليوم» الذى يسبب الموت المفاجئ *مدير مركز «الحق فى الدواء»: وزارة الصحة « متواطئة» فى عمليات التفتيش.. والعقوبة القانونية الحبس لمدة عام وغرامة 10 آلاف جنيه خلال الفترة الأخيرة حذرت هيئة الصحة العالمية ووزارة الصحة المصرية من تداول بعض العقارات والأدوية بالصيدليات، لأنها تصيب الإنسان بالسرطان، ولعل أبرزها أدوية «الأكتوس» الذى يستخدمه مرضى السكر، و«الموتيليوم» لعلاج إضرابات المعدة، والكارثة أن العقارين يحتويان على مادة «بيوجليتازون - «pioglitazon، التى تسبب سرطان المثانة، بالإضافة إلى «النوفالجين» المحظور تداوله منذ 2001، وكذلك أدوية «أبيمول» شراب ذو التشغيلة رقم A505808 فقط، وعقار «فنتولين» شراب ذو التشغيلة رقم A506076، والتى أصدرت الإدارة المركزية لشئون الصيدلية قرارًا رقم 28 لعام 2014 فى مارس الماضى بسحبهم من السوق لاحتوائهما بالخطأ على مادة سلفات الصوديوم بدلا من سترات البوتاسيوم. المفاجأة المذهلة التى يكشف عنها هذا التحقيق هى أن هذه الأدوية المسرطنة المحظور تداولها، لا تزال تباع بالصيدليات ببساطة وسط غياب الجهات الرقابية، التى تكتفى فقط بإصدار البيانات التحذيرية، ولعل ما يؤكد ذلك حالة أحمد فتحى محمد، شاب عشرينى، أصيب بجلطة فى المخ بسبب تعاطيه عقار «الموتيليوم» لأكثر من ثلاثة شهور، وكذلك شهادة محمد عمار من محافظة الفيوم الذى أكد وفاة والده على خلفية تعاطيه الدواء ذاته.. «الصباح» قررت القيام بجولة ميدانية على الصيدليات فى مناطق مختلفة للتأكد عما إذا كان يتم تداول هذه الأدوية فعلاً داخل الصيدليات من عدمه، خاصة فى ظل تناقض الروايات ما بين إدارة التفتيش الصيدلى التى تؤكد أن هذه الأدوية غير متداولة فى الصيدليات، والمرضى الذين أصيبوا على خلفية تعاطيهم هذه الأدوية. البداية كانت من منطقة الهرم، مررنا على خمس صيدليات لم نجد فيها هذه الأدوية، إلا أنه بعد دقائق معدودة وصلنا إلى صيدلية «أ.م» بشارع الهرم الرئيسى واشترينا منها عقار «الأكتوس تركيز 15» بسعر 120 جنيهًا، كما حصلنا على عقار «الموتيليوم» من إحدى الصيدليات الكائنة بشارع العريش، بسعر 12 جنيهًا، وكذلك عقار «أكتوس تركيز 30» من صيدلية «أ.ك» بشارع التحرير بالدقى. وفى منطقة المقطم، وجدنا أدوية الهاى جليتازون، والأكتوس، والنوفالجين بصيدلية «م.ص» بشارع البريد. وفى منطقة فيصل، عثرنا على عقار «الفنتولين» من صيدلية «أ. ز» بشارع ترعة الزمر، والملفت أن الدواء لم يكن معروضًا فى «فاترينة العرض»، بل أتى به الصيدلى من داخل المخزن. ورغم أننا لم نجد هذه الأدوية فى غالبية الصيدليات بحى شبرا مصر، بعدما أكد الأطباء الصيادلة أنها لم تعد متداولة فى الأسواق خلال الفترة الحالية، إلا أننا حصلنا على البعض منها من صيدلتى «أ.ى» «أ. ر» بشارع شبرا الرئيسى. وفى منطقة « أبو قتاتة» المقابلة لجامعة القاهرة، وجدنا معظم هذه الأدوية متوافرة بالصيدليات الكائنة بالشوارع الجانبية، وأبرزها صيدلية «م. ص» بالشارع الموازى للجامعة. وفى منطقة «أبو النمرس» بالمنيب بمحافظة الجيزة، تمكنا من الحصول على عقارى «الأكتوس»، و«الهاى جليتا زون» من صيدلية الدكتور «ج.م» بشارع كوبرى العريشة. وفى محافظة الفيوم، وجدنا هذه الأدوية تباع داخل غالبية الصيدليات فى قرى تادرس، وعبد العظيم بمركز سنورس، وبالأخص عقار «النوفالجين» الأكثر تداولاً فيها. عدد كبير من الصيادلة برروا تداول هذه الأدوية بالصيدليات بعدم وصول المنشورات التحذيرية التى تصدرها وزارة الصحة إليهم، مؤكدين أنهم على استعداد لجمع أى أدوية محظورة حال علمهم بذلك، مطالبين وزارة الصحة بضرورة موافاتهم بهذه المنشورات أولاً بأول حتى لا يتسلمون هذه الأدوية من الشركات المنتجة لها. من جانبه، قال الدكتور عمرو سعد، مدير مركز «اليقظة الصيدلية»: نصدر العديد من النشرات الدورية الخاصة بالعقاقير المحظور تداولها، ويتم توزيعها على جميع الصيدليات الحكومية التى يتعامل معها المركز، متابعًا: كما يتم توعية الأطباء الصيادلة، بكل المستجدات والتشغيلات ومدة الصلاحية، وفى حال وجود أية مخالفات يتم إبلاغ الوزارة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد الصيدلية أو الشركة. وبمواجهته بتداول الأدوية المسرطنة فى بعض الصيدليات، أوضح سعد، أن بعض الصيدليات الخاصة، لا تأخذ تلك التحذيرات بجدية، وتفترض أنها غير مضرة، وأن الوزارة تهول من شأن تلك المواد التى تعتبرها غير ضارة، وتبقى على الكميات الموجودة فى الصيدليات بهدف الربح، وذلك من خلال تخزين هذه العقاقير لفترة بسيطة ثم يتم بيعها بأسعار أعلى من أسعارها نظرًا لقلتها فى الأسواق. فيما قالت الدكتورة مديحة أحمد، مدير إدارة التفتيش الصيدلى، إن الوزارة أصدرت عدة بيانات وتحذيرات من تداول هذه العقاقير، وطالبت الشركات المستوردة بجمع تلك الأدوية من الصيدليات. وتابعت مديحة: مصر بها نحو 60 ألف صيدلية، لا يصل إليهم جميعًا نشرات التحذير، ولذلك تضع الإدارة هذه النشرات على الموقع الخاص بها، وترسل منها نسخة إلى الشركات فقط، والتى تكون مسئولة عن إبلاغ الصيدليات. وأكدت مديحة، أن الإدارة تشن العديد من الحملات التفتيشية على الصيدليات، وحال وجود أى من هذه العقاقير تتخذ الوزارة الإجراءات القانونية تجاه الشركة، التى قد تصل فى بعض الأحيان إلى وقف خط الشركة وفرض غرامات عليها. وفيما يتعلق بمسئولية الصيدلى تجاه هذا الأمر أوضحت مديحة أن الصيدلى لا تقع عليه المسئولية، بل تقع على الشركة، حتى إن كان هذا العقار تم بيعه للصيدلية عن طريق المخازن بعيدًا عن التعامل الرسمى مع الشركة. وعلق محمد سعودى، الأمين العام لنقابة الصيادلة، قائلاً: معظم الأدوية التى تم حظرها خلال الفترات الماضية لا يزال يتم تداولها حتى الآن فى غالبية الصيدليات، وأبرزها «الأكتوس» و«النوفالجين» و«الموتيليوم» الذى قد يسبب حالات الموت المفاجئ. وقال سعودي: بيانات الوزارة لا تصل إلى جميع الصيدليات فى مصر، نظرًا لعدة أمور كثيرة، منها عدم التجهيزات الحديثة بالصيدليات، وخدمات الإنترنت، حتى يتثنى له متابعة كل التقارير والبيانات التى تصدر عن الوزارة أو الإدارة المركزية، وكذلك عدم حرص الشركات على جمع الأدوية من الصيدليات، وهو ما يحتم أمرين، الأول أن هناك فئة لا يمكنها تحمل خسارة ثمن تلك الأدوية حال رجوعها للشركة، فيقوم ببيعها، والثانى هو عدم معرفته من الأساس. واتهم الدكتور محمد فؤاد مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، وزارة الصحة ب«التواطؤ» فى عمليات التفتيش والمراقبة على الصيدليات، كاشفًا عن أن عدد المفتشين بالوزارة يبلغ نحو 1250 مراقبًا، وهو عدد لا يتناسب مع ال 60 ألف صيدلية الموجودة على مستوى الجمهورية. وقال فؤاد: المشكلة الأكبر أن الوزارة لا يوجد لديها آلية لسحب العقاقير من الصيدليات، وتكتفى بإصدار بيانات على موقعها الإلكترونى فقط دون أن تصل تلك البيانات إلى الصيدليات، وهو ما يتسبب فى استمرار بيع تلك العقاقير دون معرفة الصيدلى أو المواطن نفسه. وأضاف فؤاد، إلى أن المركز قد قام بحملة منذ 6 أشهر لمنع تلك العقاقير من التداول على مستوى الجمهورية، وذلك بعدما تبين احتواء هذه الأدوية على مواد مسرطنة. وفيما يتعلق بقانون العقوبات رقم 127 لسنة 59 والذى ينص على حبس الصيدلى لمدة عام، وغرامة 10 آلاف جنيه، أوضح فؤاد، أن هذا القرار يصعب تطبيقه فى ظل عدم وجود آلية إثبات معرفة الصيدلية بأن العقار محظور.