*قبطى يكتشف أيقونة للمسيح مُعلقة فى منزله تبكى دموعًا وتنزف زيتًا الأيقونات المسيحية هى أحد أكثر الأشكال الفنية تميزًا عبر التاريخ، وقد عرفت الكنيسة المصرية هذا الشكل المقدس من الفنون منذ بدياتها الأولى، بل لا يكاد يخلو بيت قبطى من صور أيقونات المسيح والقديسين التى يؤمن الأقباط أنها تجلب البركة والخير لهذا البيت. لكن هذه الأيقونات كما أن لها طابعًا فنيًا لها أيضًا طابع خوارقى، وفى مناسبات معينة تتحول إلى مزارات دينية يتجه إليها الآلاف من البشر عندما تظهر عليها علامة «إعجازية» حسب روايات البعض، وأهم هذه المعجزات التى تصيب الأيقونات والتماثيل هى البكاء بدموع واقعية أو تساقط الزيت منها. آخر هذه المظاهر الخارقة حدث فى الأسبوع الماضى فى عزبة النخل، حين لاحظ أحد المواطنين الأقباط ويدعى عادل سمير من سكان المنطقة أن إحدى أيقونات المسيح المعلقة لديه تذرف الدموع والدماء، وأخرى ينسكب منها الزيت. ما كادت هذه الأخبار تنتشر حتى توافد آلاف الأقباط على كنيسة مارى يوحنا الحبيب بمنطقة عزبة النخل الغربية لمشاهدة هذه المعجزات التى تسعد المؤمنين دائما. من جهته قال الأنبا سوريال يونان وكيل مطرانية شبين القناطر والخصوص والخانكة، إنه من المقرر تشكيل لجنة لإثبات الحقائق تقوم بمتابعة الظاهرة، والتأكد من أنها معجزة من عدمه، وإعداد تقرير يعرض على البابا تواضروس لإصدار قرار بأنها معجزة حقيقية فى حال ثبوتها». واعتبر سوريال، أنه من السابق لأوانه وصف ما حدث بالمعجزة، وأن حياتنا كلها معجزات، وأن الله يرسل لنا مثل هذه الرسائل لتعزية الناس وتقوية الروحانيات لديهم، مشيرًا أن ما حدث فى منزل المواطن عادل سمير قيد الدراسة من الكنيسة والبابا وأساقفة المنطقة». ووسط وجود أمنى مكثف تمكنت الأجهزة الأمنية بمحافظة القليوبية من نقل الصورة بصحبة القس يسى، أحد كهنة كنيسة مارى يوحنا بعزبة النخل، بالقاهرة. مثل هذه الظواهر تنال من التكذيب أكثر بكثير مما تنال من التصديق، لكن الغريب أنك ستلاحظ أن الزائرين لمثل هذه الصور هم من المسلمين والأقباط، وكأن عنصرى الأمة يبحثان عن رسائل روحانية تطمئنهم إلى المستقبل وأن الله مازال يرعى هذا الوطن. الصباح التقت بعض أفراد الفريق الذى صدق هذه المعجزة وآمن بها بل واجتهد فى زيارة مكان الحدث للتبرك بها، وهم قد أتوا من محافظات مختلفة بعضها بعيد، منهم مينا عدلى، من الجيزة، والذى قال إن ظاهرة الأيقونات والصور التى تذرف الدموع والزيت ما هى إلا رسائل يرسلها الرب إلى شعبه كل حين ليذكرهم بأنه موجود يساندهم فى الطريق، لهذا فالأقباط يتلقون مثل هذه المعجزات بالفرحة، وأنه جاء خصيصًا ليتبرك بهذه الهدية السماوية. ويوافقه الرأى جرجس فتحى، من أسيوط، الذى قال: «بالفعل ذهبت إلى بورسعيد فى 2004 وشاهدت صورة السيدة العذراء تنزف زيت ولمست الزيت المبارك بيدى، ومن لحظتها ومشاكلى تحل بسهولة ببركة السيدة العذراء». وعلى الجانب الآخر يرى فريق من الأقباط أن مثل هذه المعجزات لا يمكن تصديقها، وأنها تخيلات وأمانى أكثر منها حقائق، التقينا ب«ملاك هواش» من القاهرة الذى قال إن هذه الظاهرة تبنى على كثير من التراث الشعبى المتوارث الملتبس، فليست كل المعجزات التى نسمعها صحيحة، ويجب علينا ألا نصدق إلا الحقائق فقط ولا نترك الأمنيات أو الحماس الدينى يحرك عقولنا. يقول أمجد ميخائيل من القاهرة: «أنا لا أؤمن بمثل هذه الاشياء لأن الكتاب المقدس حذرنا منها، ويجب على الكنيسة أن توضح الحقائق المجردة للشعب دون حساسيات، فإذا كان البعض يتخيل حدوث بعض الأمور لأن فى حاجة إلى شىء غير طبيعى يغير حياته أو ينقذه من آلامه، فهذه ليست حالة كل الأقباط، وليس شيئًا إيجابيًا أن يسير الناس كلها خلف صورة المسيح وجدوها فى بيت عادى معتقدين أن خلاصهم فيها». تواصلنا بعد ذلك مع القمص عبد المسيح بسيط أستاذ اللاهوت المقارن، الذى قال إنه عند حدوث مثل هذه الظواهر تشكل الكنيسة لجنة من الدارسين المشهود لهم يقوموا بدراسة وفحص كل الأحداث بدقة وحيدة تامة وبأسلوب علمى، مضيفًا أنه يتم التشكك من كل ظهور أو ظاهرة مبلغ عنها، ولا يعلن أنها ظاهرة روحية إلا بعد تقييمها بدقة وتأن. مؤكدا أنه يؤخذ فى الاعتبار أن بعض الأشخاص يحاولون الظهور ولفت الانتباه والشهرة وكسب الأموال بادعاء حدوث مثل هذه الأمور. بعد كل ذلك يعلن أسقف الأبرشية البابا بنتائج عمل اللجنة وحقيقة المعجزة إذا كانت خارقة للطبيعة، ثم يتبع ذلك اعتراف البابا بهذا الحدث ثم تسجل المعجزة فى تقويم الكنيسة الرسمى وتقرأ على المؤمنين حين تتكرر ذكراها. من جانبه يقول الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس «المعجزة لا يرفضها العقل، ولكنها فوق مستوى العقل. بمعنى أن معجزة شفاء مريض لا يرفضها العقل، لأن الله الذى سمح بالمرض هو نفسه الله الذى سمح بالشفاء. وإن كان العلم والطب يعجزان عن فهم ما حدث ولكنهما يصدقان ويقران بحدوث شفاء معجزى» وقال لنا هانى أبو ليلة، أحد سكان عزبة النخل، إن الصورة التى تنزف دمًا وزيتًا الان بكنيسة مار يوحنا بالخصوص، مشيرًا إلى أنها تعرضت لشىء من الكسر نتيجة التدافع عليها من مئات من الناس، مؤكدا أن الزيت هو رمز للبركة أى أن المسيح يبارك شعبه. أيضًا عزز المفكر القبطى كمال زاخر فى تصريح للصباح فكرة تشكيل لجنة متخصصة من رجال الدين وعلماء الاجتماع والنفس لدراسة مثل هذه الموضوعات الغيبية، منوهًا إلى أن دور اللجنة أن تصدر بيانًا بصحة أو خطأ هذه الظاهرات التى تتم فى مناطق عشوائية تعيش تحت ضغط الفقر والبطالة وفى ظروف يكون التحقق فيها صعبًا من صحة أى شىء. ظاهرة بكاء التماثيل أو الأيقونات ليست الأولى من نوعها التى تحدث داخل الكنائس الأرثوذكسية وتحدث صدى كبيرًا جدًا بين الأقباط وفى وسائل الإعلام، ففى صباح يوم الأربعاء 17 فبراير 2004، فى كنيسة القديس العظيم الأنبا بيشوى ببورسعيد، تقاطرت من صوره السيدة العذراء زيت مقدس بدون تفسير، مما أجبر القساوسة على وضع كيس أسفل الصورة امتلأ أكثر من نصفه بالزيت المقدس. وفى يوم الأربعاء 14 ديسمبر 2011 وجد كاهن كنيسه العذراء مريم والملاك بعين شمس أن أيقونة العذراء مريم بالكنيسة ينزف من داخلها الزيت وقت كان النجارون يعملون بإصلاح الكنيسة، وعندما لاحظ العمال نزول الزيت ففك النجارون أجزاء الصورة ومسحوها وأعادوا تركيبها فنزل الزيت مرة أخرى (حسب رواية الكاهن)، بعدها تجمع الآلاف لأخذ بركة معجزة صورة العذراء.