-اتفقت مع «الطيب » على أن يكون هناك حوار جاد بين المثقفين وبين مشيخة الأزهر -«الشللية » والمجاملة تسيطر على«المجلس الأعلى للثقافة -«الإخوان » لم يدخلوا «التحرير »فى 25 يناير إلا فى اليوم الخامس بعد أن تأكدوا من سقوط «مبارك » -سيتم تغيير كل رؤساء تحرير المجلات الثقافية.. والأزمة مع عبدالمعطى حجازى انتهت -قبولى تولى الوزارة لأول مرة كان نتيجة عدم خبرة و «حسن ظن » بكلام أحمد شفيق -فكر «السلفيين » لا يزدهر إلا فى فترات الاستبداد لأن القاعدة لديهم أنه «لا ثورة على الإمام » قال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة، إن رأى الأزهر فى مسألة «تجسيد الأنبياء» على الشاشة لا يستند إلى أى أحاديث نبوية أو آيات قرآنية، إنما هو «اجتهاد»، حسب قوله، مشيرًا إلى أنه اتفق مع الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، على أن يكون هناك حوار جاد بين المثقفين وبين المشيخة خلال الفترة المقبلة. وكشف «عصفور» فى حوار ل«الصباح» عن كواليس تجربته الأولى وزيرًا فى حكومة أحمد شفيق، موضحًا أن قبوله تولى الوزارة لأول مرة كان نتيجة عدم خبرة و«حسن ظن» بكلام «شفيق».. وقضايا أخرى فى هذا الحوار: * هل تعتبر أن المنظومة الثقافية أدت دورها خلال السنوات السابقة على ثورة 25 يناير؟ -اعتقد أن لو كان لدينا منظومه ثقافية حقيقية قبل 25 يناير لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن، ففى حقيقة الأمر لم يكن هناك أى منظومة ثقافية، وأنا شخصيًا بُح قلمى وقتها - إذا جاز هذا التعبير- فى الكتابة عن ضرورة وجود منظومة ثقافية، وهذا الكلام أردده من عقد الثمانينيات من القرن الماضى حتى الآن، ولكن - للأسف - كل وزارة كانت تعمل بوصفها جزيرة منفصلة عن غيرها، فكان من الطبيعى جدًا أن يحدث خلل فى كل الوزارات، ومما زاد الأمر «كارثية» إن التعليم كان ينهار بشكل مضطرب وغريب وانتهى به الأمر إلى كارثة، وهذه الكارثة هى ما نعانى منه حاليًا، فلو كانت هناك منظومه ثقافية بالفعل لما كانت مصر يمكن أن تنتهى إلى ما انتهت إليه. وتصادف أن تقابلت مع الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما كان مرشحًا، وتحدثت معه عن أهمية المنظومة الثقافية، وبمنتهى الأمانة استجاب الرجل لهذا الكلام. وفى هذه الأثناء، وقبل أن اختير وزيرًا فى حكومة «محلب» بنحو شهرين، كتبت مقالة عن تطوير المنظومة الثقافية، وأنا أظن أن هذا هو السبب الذى جاء بى وزيرًا لمهمة محددة، وهى أن أعمل على إيجاد هذه المنظومة الثقافية. وعندما أتأكد أنها قد اكتملت سأعتبر أن مهمتى فى وزارة الثقافة قد انتهت، ثم ندخل بعد ذلك فى مرحلة أخرى يتولاها وزيرًا آخر أكثر شبابًا. * وهل بدأ تعاون بالفعل بين مختلف الوزارات فى هذا الصدد؟ - بالطبع، بدا التعاون بالفعل بين مختلف الوزارات، ونحن فى وزارة الثقافة اتفقنا مع 6 وزارات، ومع نهاية هذا الشهر ستكتمل بإذن الله العلاقات بيننا وبين الوزارات المعنية، ومنها حتى وزارة العدل، كما أن وزارة العمل وبها «الجامعة العمالية» تريد الانضمام إلى هذه المنظومة الثقافية الجديدة، وهذا بتعليمات مباشرة من «السيسى» و«محلب». * وماذا عن علاقة الوزارة بالأزهر.. وهل تمارس المؤسسة الدينية ضغوطًا بشكل أو آخر على الوزارة كما يتردد؟ - هذا غير صحيح، فلقد عُقد مؤخرًا لقاء بينى وبين الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أولاً لأنه صديق عزيز، وثانيًا لأن هناك معرفة قديمة تربطنا معًا، وثالثًا لكى أرد على تهنئته لى بتولى الوزارة، وقد اقتنصت هذه الفرصة، وهذا اللقاء الحميمى فى مناقشة مجموعة من النقاط التى أرى أنها تشكل مصدر خلافات بيننا، ونحن إلى اللحظة مختلفون فى مسألة الأفلام التى تتصل بمسألة تجسيد الأنبياء، فهم كأزهر ومؤسسة دينية يرفضون عرض الأفلام التى تتصل بالأنبياء تمامًا، لأن لديهم رأيًا اجتهدوا فيه، وهذا الرأى لا يستند إلى أى أحاديث نبوية أو آية قرانية، وإنما هو اجتهاد يدخل فيما يسمى «فقه المستحدثات»، ولكنهم ما زالوا عند رأيهم بأنه لا يجوز تصوير الأنبياء فى كل الديانات، مع أننى أذكر أننى عندما كنت أمينا عاما ل «المجلس الأعلى للثقافة» سمحت بعرض فيلم «آلام المسيح». * وما الذى أسفر عنه هذا اللقاء بينك وبين شيخ الأزهر ؟ - تم الاتفاق بيننا على أن يكون هناك فى المستقبل حوار بين المثقفين وبين مشيخة الأزهر، حوار عام على كل الأمور التى تخص المجتمع المصرى، وأنا على يقين أن الحوار إذا لم ينجح على أسوأ الأحوال، فإنه سيقرب وجهات النظر بين الجانبين، حتى مع بقاء الاختلاف فى بعض النقاط العالقة. * كيف ترى المعارك التى تثار حاليًا بخصوص التراث أو الموقف من قضية «عذاب القبر» أو «صحيح البخارى»؟ - من الواضح أننا ندخل زمنًا جديدًا وهو زمن الدولة المدنية الحديثة، وأسس هذه الدولة تعنى أولًا حق الاختلاف، كما تعنى ثانيًا إعمال العقل فى كل شىء، ومن الواضح أن هناك أطرافًا متعددة من الأطراف التى تستظل بمظلة الدين ترفض مثل هذه الأفكار، ولكن علينا أن نتحاور معهم دون توقف لكى يقبلوا حق الاختلاف، وحتى يؤمنوا بالعقلانية، خاصة أن هناك من تذكر له كلمة «العقلانية» فيصاب بالفزع! وأنا أظن أن أهم سبب من أسباب «تخلف الخطاب الدينى» هو الموقف الغريب من العقلانية والعقل، وهنا لابد أن نسأل أنفسنا بشأن كل من يتحدثون فى الدين، فما مدى وعيهم بميراث الفلسفة الإسلامية، ومدى علمهم بالفكر المعتزلى، ولابد إأن ندرك أن الفكر الإسلامى أنتج الفقهاء الأربعة، كما أنتج المذاهب غير السُنية، وأخرج فى الوقت نفسه الفلاسفة والمتكلمين، ومع ذلك نجد «الأشاعرة» مقدرين جدًا فى الأزهر، ولكن «المعتزلة» ليسوا مقدرين بنفس القدر مع أنهم فرقة إسلامية، وأنا فى رأيى أنهم (أى المعتزلة) هم الفرقة التى تمثل حرية الفكر والاجتهاد الإسلامى. ونحن فى الوقت الراهن لدينا مجموعات «سلفية» كثيرة، ولكن للأسف هذه المجموعات السلفية لا تدرى من التراث شيئًا إلا الفقه السلفى، مع أن هذا النوع من الفقه هو واحد من بين أشكال الفقه الأخرى، فلماذا نصل إلى تقديس هذا الفكر ونهمل باقى تيارات الفكر الإسلامى؟ هذا هو السؤال الأهم فى هذه اللحظة التاريخية الراهنة. * هل لهذا الأمر علاقة بعوامل ثقافية وسياسية معينة؟ - بالتأكيد، له عوامل متعددة، أولًا لأن الفكر السلفى فكر يتناسب تناسبًا طريفًا مع أزمنة الاستبداد، وللعلم لن نجد فكر السلفيين يزدهر إلا فى فترات الاستبداد السياسى لأن لديهم قاعدة مهمة جدًا مفادها أنه «لا تجوز الثورة على الإمام»، وهذا يجعل هناك نوعًا من التحالف النفسى بين السلفية والسلطة. ولو راجعنا التاريخ الاسلامى سيتبيّن لنا جيدًا أنه عندما يتفشى الاستبداد نجد ما نسميهم ب«فقهاء السلطة والسلطان»، ونسمع أقاويل من قبيل «الدين بالملك يقوى، والملك بالدين يبقى»، إذن العلاقة بين الاستبداد والفكر المنغلق على نفسه دينيًا علاقة وثيقة جدًا ومعروفة على مدار التاريخ العربى الإسلامى منذ أزمنة بعيدة. * هناك من يرى أن الرئيس المخلوع حسنى مبارك ترك ل«الإسلاميين» الشارع مقابل عدم منازعته فى السلطة.. فما رأيكم؟ - نحن الآن نتحدث عن سلبيات عديدة كانت موجودة فى عصر «مبارك»، ولكن أنا رأيى أن أسوأ الجرائم التى ارتكبت فى هذا العصر هى أنه سمح لجماعة «الإخوان» بما يسمى «التمكين السياسى»، وتم خلال هذا العهد اقتحام النقابات والسيطرة عليها فيما يسمى بمصطلح «الأخونة». وفى زمن «مبارك» أيضًا، ساعدت الدولة «الإخوان» على هذا التمكين، على أساس أن تجعل الدولة منهم حلفاء، وفى واقع الأمر كان هناك نوع من التحالف بدليل برقيات العزاء التى أرسلها زعماء الإخوان إلى الرئيس الأسبق عندما توفى حفيده، أو أشكال النفاق التى كانت تظهر فى مختلف المناسبات، بالإضافة إلى تخلى الإخوان عن الدوائر التى كان يترشح فيها قيادات الحزب «الوطنى» المنحل، و كل هذا معروف ومسجل، لكن أسوأ ما حدث فى عهد «مبارك» بغض النظر عن تزاوج المال بالسلطة آنذاك هو تمكين الإخوان من مفاصل الدولة، فهم لم يكونوا بحاجة إلى أن يصلوا للحكم حتى يتمكنوا من مفاصل الدولة، ولهذا السبب عندما قامت ثورة 25 يناير لم يدخل «الإخوان» ميدان التحرير رسميًا وعلنًا إلا فى اليوم الخامس، بعد أن تأكدوا أن الرئيس المخلوع قد سقط، فظهرت لديهم النزعة الانتهازية من أجل الحصول على جزء من الكعكة. *ما أبرز تحدٍ حقيقى يؤرقك كوزير ثقافة حاليًا؟ - هناك أشياء تؤرقنى كوزير، وأتساءل عن أسبابها وطرق مواجهتها وكيفية حلها، فأنا أجد على سبيل المثال مجموعة من الكتابات منزعجة من فكرة السن، ويقول أصحابها «إن هذا رجل عجوز» لا يناسب عمره هذه المرحلة من العمل العام، مع أننا لسنا فى حالة صراع بين الأجيال، ولكن ينبغى أن نكون فى حالة تكامل بين هذه الأجيال، ونعلى دائمًا من شأن أمرين، الكفاءة والنزاهة. * هل لا تزال «الشللية» تسيطر على الوسط الثقافى ؟ - للأسف لا تزال ظاهرة «الشللية» بارزة فى أوساط المثقفين، ولا تزال المجاملة تسيطر على «المجلس الأعلى للثقافة» حتى فى جوائز الدولة، وأنا سبق وقلت إننى شخصيًا غير مقتنع بعدد من الجوائز التى تم منحها لبعض الناس هذا العام، وأيضًا فى الأعوام السابقة، لأننا للأسف لم نتخلص من آفة المجاملة حتى الآن، لدرجة أننى فكرت فى نظام جديد، فلماذا لا يتغير المجلس كل عام، وبالتالى نتجنب مسألة المحاباة والمجاملة؟ هذا هو الحل فى تقديرى خاصة أن هناك حالة من الخلل فى « الأعلى للثقافة» نتيجة هذه المجاملات المستمرة. * هل تزعجك مسألة الهجوم الشخصى عليك أم تعتبرها ضريبة الشهرة والمهنة؟ - أعترف أن تجربتى الماضية فى الوزارة كانت يشوبها عدم تقدير سليم منى للموقف السياسى وقتها، فالتجربة السابقة والاستقالة كانت نتيجة حسن ظن منى بكلام أحمد شفيق عندما قال إنه سيشكل «حكومة إنقاذ» تعمل على إنقاذ البلد وأنا صدقت هذا الكلام، ولو كنت أكثر دراية سياسيًا آنذاك كان لابد أن أسأله: من هم أعضاء الوزارة؟ لكى أستطيع أن أحكم على الأمور، ولكن للأسف أنا صدقت كلام «شفيق» عن «حكومة الإنقاذ»، غير أننى عندما ذهبت لأداء قسم اليمين وشاهدت الوزراء أحسست بالصدمة وأدركت أن المسألة محكوم عليها بالفشل، ولهذا مع أول اجتماع لمجلس الوزراء قدمت استقالتى، ولم أحزن كثيرًا بسبب النقد الذى وُجه لى لأننى بمنتهى الأمانة أعترف أننى أخطأت، ولم أحسن تقدير الأمور. * وهل كان هناك صدام شخصى بينك وبين أنس الفقى وزير الإعلام وقتها؟ - بالطبع حدث صدام لأننى كنت أريد أن تكون الحكومة ائتلافية وتمثل كل القوى الوطنية، و«الفقى» كان مصرًا على أنها تكون حكومة «حزب وطنى»، فكان لابد أن يحدث صدام وعلى إثره قدمت استقالتى، وكتبت فى الاستقالة أنه «لا يمكن أن تنجح وزارة إلا إذا قامت على ائتلاف وطنى»، وللعلم فإن الوزارة الثانية التى شكلّها أحمد شفيق بعد استقالتى كانت هناك محاولات لإشراك قوى وطنية. * رغم مرور فترة على توليك الوزارة لم تظهر أى مؤشرات على الاهتمام بقصور الثقافة لاستخدمها كأداة للتنوير ؟ - بدأت مظاهر الاهتمام بأمور قصور الثقافة تأخذ خطى على الواقع، وأول شىء يدل على ذلك اشتراك هذه القصور بما لا يقل عن 10 فرق مسرحية فى الدورة السابعة ل «المهرجان القومى للمسرح». وبالفعل بدأ العمل لتطوير هذا القطاع الثقافى، وهناك عدد من قصور الثقافة اكتملت وستفتتح قريبًا، وخلال شهرين أو ثلاثة سيتم افتتاح قصر ثقافة فى «حلايب وشلاتين»، وهناك عمل يتم على قدم وساق، ومجهود يبذل داخل قصور الثقافة، وخلال الأيام القادمة سنرى المزيد. هل هناك نية لديك لتغيير رؤساء تحرير المجلات الثقافية ؟
- نعم، سيتم تغيير كل رؤساء التحرير، وخاصة أى شخص ظل رئيس تحرير مجلة ثقافية لفترة طويلة سيجرى تغييره، لابد أن نعمل حراكًا لدفع أجيال جديدة، وعبد المعطى حجازى تم تسوية الأزمة معه، والعدد الموجود حاليًا فى المطبعة من مجلة «إبداع» هو آخر عدد يرأس تحريره، وسنعلن قريبًا عن أسماء رؤساء تحرير المجلات الجدد.