«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطب :قانون دور العبادة "أعرج"
نشر في الوفد يوم 12 - 07 - 2011


حوار: ممدوح دسوقي وتصوير: محمد فوزي:
الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوي الأسبق أكد أن ممارسات الأزهر ليست معتدلة بل وصفها بالميوعة المفرطة لأنها تراعي الحاكم ولا يوجد اعتدال بين الفساد والاستبداد الذي كان موجوداً في عصر «مبارك» حيث ضاعت فيه الحقوق وأهدرت الكرامات، متهماً النظام السابق وأذنابه باستثمار بعض القوي المتدنية والغافلة عن حقيقة المجتمع المصري وعن فهم دينها الصحيح في الفتن الطائفية بأياد داخلية وخارجية.
معلقاً علي قلق الناس من ظهور السلفيين وتنامي قوتهم بسبب ارتفاع صوتهم ونظرتهم الأحادية، بالإضافة إلي شكلهم غير المألوف في مجتمعنا، بالإضافة إلي قلة خبرتهم السياسية، مطالباً بقانون لتطوير الأزهر بعيداً عن القانون الحالي رقم 103 لسنة 1961 الذي يراه كرس الإفساد والقطيعة والتراخي، مشدداً علي أن التطوير لابد أن يكون بعيداً عن رموز الأزهر الحالية لأن الشعب يحمل لها ذكريات سيئة.. وإلي نص الحوار:
* كيف تري وثيقة الأزهر؟
** أراها ممارسة من الممارسات الحالية علي الساحة تحاول إظهار القائمين علي الشأن الأزهري بصورة المعاصرة والمشاركة ولكنها للأسف محاولة فاشلة، فهل يتصور أحد أن تصدر مثل هذه الوثيقة بعد 24 ساعة من إيقاف أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر عن عمله، ومنع راتبه لأنه تجرأ ونادي بأهمية تولية شيخ الأزهر بالانتخاب بدلاً من التعيين.. هل يمكن أن يصدر هذا التصرف ممن أصدر هذه الوثيقة؟.. أم أنها تعبير عن غير الواقع وتجميل بما لا يقدر عليه.. فماذا فعل الدكتور عبدالله الصبان وما هو خطأه وخطيئته حتي يتم إيقافه؟
فأيهما نصدق وثيقة ليبرالية أم قرار إيقاف يدعم الفساد والاستبداد؟.. فأقرب ما يقال عنها أنها إضافات يحاول القائمون بالأزهر التجمل بها ليس إلا.
* بعد صدور وثيقة الأزهر هل سنري دوراً له يصلح ويضع ضوابط للحراك السياسي والحركة داخل المجتمع؟
** هذا دور أكبر من الدور السياسي وأقل من الدور الديني، مع أن هذا الدور استمر 8 قرون منذ إعادة افتتاح الأزهر علي يد «صلاح الدين الأيوبي» وحتي تولي الأزهر مقاومة الحملة الفرنسية ولكن خلال القرنين الماضيين وحتي الآن مازال الأزهر لا يحرك ساكناً ولا يعبر عن نفسه ولا يعطي المجتمع حقه.
* لماذا؟
** لأن الشتات الذي أصيبت به مؤسسة الأزهر وتقطيع أجنحته ممثلة في إبعاد المنابر عنه وإلحاقها بتبعية الحكومة عن طريق وزارة الأوقاف.. ثم إخراج منصب الإفتاء - أي بتبعيته الرسمية - أو من وجوده كفرع للمؤسسة الأزهرية وخلطه بإفتاء قضائي وعرضه علي الناس كمنصب محاور للمشيخة.. وهذه بعض العوامل.. ثم ضغوط أسرة «محمد علي» ومن بعدها رجال ثورة يوليو التي أرادت تحجيم هذا النشاط وبالفعل تم التحجيم.
* وما نتيجة التحجيم الذي فرض علي الأزهر؟
** هذا التحجيم كان كفيلاً بأن يولد ما لا يحمد عقباه، فعندما حوصر الأزهر وقلمت أظافره وحجمت خطواته ظهرت الجمعيات والجماعات ثم التنظيمات الدينية وأصبحنا نعيش في فوضي فكرية، وفوضي دينية سببها تغييب الأزهر والكذب علي الواقع والادعاء أن الأزهر يقوم بدوره مع أنه لا يتمالك نفسه.
* لكن وثيقة الأزهر ركزت علي التماسك بمدنية الدولة؟
** لا يوجد في التاريخ الإسلامي ما يسمي بالدولة الدينية ولم ينزل من السماء أمر بالدولة الدينية.. حتي عندما بعث الله نبياً ملكاً ك «داود» و«سليمان» عليهما السلام ولم يكن ذلك مصادرة لحقوق الناس أو ضابطاً لإيقاعهم السياسي بل كانت له قوة التغيير وإدارة أزمات المجتمع بقوة فاعلة.. فلم يكن يوجد نبي ولا رسول حاكم علي الضمائر ولا راكب علي أعناق الناس ورؤوسهم يأمر فلا يناقش، وقد ضرب لنا القرآن الكريم مثالاً في الحوار الذي سجله ل «إبليس» ورب العزة فهل يعقل أن الذي دون هذا في وحيه الخاتم يكون قد بعث نبياً ليكتم الآراء أو يمنع الناس من المباشرة، فالدولة الدينية غير موجودة في اليهودية ولا المسيحية وبالتالي الإسلام إنما دولة تسعي لتصحيح حركة المجتمع في رضاء الله.
* كيفية تدعيم الدولة المدنية الحديثة؟
** من تقدير كل الأطراف المتدينين وغير المتدينون علي السواء أنه لا يسكن في هذا الوطن وحده، وأن الله خلق بني آدم كلهم ليكمل بعضهم بعضاً وعندما ينقدح في ذهن أحد المفكرين أو الزعماء السياسيين رأي ويري أنه المخرج الوحيد يكون قد أنشأ ديناً بغير دين أو يعرض دولة لا أساس لها أو مشروعية.. فعلي كل الأطراف أن تتحاور وينطلق هذا الحوار من مستوي واحد ليس منهم من هو مقدم علي الآخر أو صاحب أولوية إلا ما يجلب أكبر قدر من الصالح العام، ويزيح عن المجتمع أكبر قدر من الشر والمنكر والتخلف وهذا هو المعيار، ثم يبقي بعد ذلك الرؤي الخاصة سواء كانت دينية أو علمانية، وفي هذا يجتهد كل لنفسه بما لا يعارض رؤية الآخر.
* كثير من المصريين لا يتقبل كلمة العلمانية والمثقفون والعلمانيين والأقباط يخشون من الدولة الدينية، كيفية حل هذه المعادلة؟
** مدنية الدولة - أي دولة - لا قوة فيها ألا لغير إرادة الشعب، أما مصطلح العلمانية هو مشبوه في الساحة الإسلامية بصفة عامة وفي مصر بصفة خاصة، مع يقين المسلمين بالدولة الدينية ولكنهم عاشوا قرنين ولم يجنوا شيئاً بل ترنحت الدولة وتأخرت وتخلفت ونزلت من علياء الدولة التي كانت تطعم الإمبراطورية الرومانية ودولة قوية مؤثرة في عجلة الحياة إلي دولة هزيلة تابعة ولا قيمة لها.. وحينما ينظر المصريون لذلك يدركون أن مسمي العلمانية جاء بشر.. ويتخيل الآخرون أن علاج هذا الخلل هو حشد الدين مرة أخري كمعلم رئيسي ولا شك أن الدين عامل دفع وقوة ولكنه ليس أداة سيطرة أو أداة تخويف إنما عامل إعمار ومؤاخاة، ولذلك انقسم الرأي عندما رأوا الدين تم تغييبه ومع ذلك لم يجدوا تقدماً، فأصبحت العلمانية مشبوهة لتلك الخبرة التاريخية السيئة.. فبحثت الناس عن الدين لوجود مخرج من خراب هذين القرنين.
* أسباب تراجع دور الأزهر؟
** الأزهر تقوقع منذ بداية حكم «محمد علي» لكن بخطوات ضئيلة ووئيدة وأوكل الأزهر لرموز لا تحيط برسالة الأزهر ولا تعرف طريقاً لإدارته إلا إدارة العمل اليومي وعشوائياً.. ولكن خلال الثلاثين عاماً الأخيرة تسارعت خطي التراجع والخروج من الساحة والعبث بالأصول ووضحت نوايا من يوجهون هذه السياسات فكان اختيار رموز الأزهر لخدمة النظام وأصبح الأزهر يؤدي حراكاً باسم الدولة والحكومة ولهذا كنا نراه لا يبدي رأيه إلا بعد أن يتكلم الآخر.. والقائمون بالدور ظهر عوارهم وعجزهم وعدم إحاطتهم بالدور وعدم رؤيتهم لما يصلح للبلاد والعباد.
* كيف كان دور الأزهر تجاه ثورة 25 يناير؟
** دوره كان قمة الكوارث لكن والحمد لله لم تخل ساحة ميدان التحرير منذ 25 يناير من عمائم الأزهر تؤدي دورها، وإن كانت جهود طوعية للثقافة الأزهرية.. أما رموز المؤسسة بكاملهم فقد تقوقعت تقوقعاً خطيراً بل عارضوا الثورة وتصوروا أنها عبث أطفال.. وهذا دليل علي عدم استشعارهم للمسئولية طالما لم يرتفع ترمومتر الأزهر مع شباب الثورة، فهذه كارثة في حق الدولة، والشعب والأزهر.. ولو كان الأزهر يقظاً لدوره ما كان بلغ الطغيان مداه وما خرج الشباب وما قتلوا.
* وماذا كان دوره خلال الثورة؟
** كانت ممارسات رموزه مسيئة ومشتتة، فمثلاً جريدة «الأزهر» الناطقة باسم مشيخته وليست باسم علمائه صدرت يوم 28 يناير وبها تهنئة من الشيخ ومن حوله يهنئون وزير الداخلية بعيد الشرطة وبها صورة له بحجم كبير.. هل هذا يمكن أن يعتذر عنه بأنه كان قبل 25 يناير ولم يستدركوا طبعه!! مع أن الشعب قد بلغ درجة الغليان والأزهر في ثبات مصطنع أو مدعي وكانت بيانات الأزهر صدي لبيانات النظام المخلوع.
* وماذا عن مؤسسة دار الإفتاء؟
** كان بها اهتراء بتداعي غالبية المصريين إلي حشد مليونية ونري القائم بعمل المفتي يقول: من أراد ألا يصلي الجمعة فلا يخرج.. وهذا الإفتاء الأعوج ما هو إلا رغبة في تقليل حجم المليونية لإثبات أن الثوار أقل حجماً من غيرهم.
* قيل إن سبب هذا تقليل الخسائر في الأرواح إذا تم الاصطدام بين الثوار وقوات الأمن؟
** لا.. قد سألوا في ذلك فقالوا: الله أعلم بالنوايا والناس لا تستفتي الشيخ علي نيته إنما تستفتيه علي واقع قائم فلن نجد طبيباً يعالج بنيته!! إنما بتخصص ودراية.
* كيف تري التعليم الأزهري وقدرته علي تخريج دعاة أكفاء ينشرون الوسطية بين الناس؟
** الدعاة ضعاف ولكن العجيب أمر هؤلاء الرموز عندما يعلنون هذا الضعف، فشيخ الأزهر ووزير الأوقاف السابق والحالي والمفتي.. أقول لهم: من أضعفهم غيركم لأنكم أنتم الذين درس لهم في الكليات.. فأين المناهج التي قررتموها وهم لم يتقنونها؟.. ثم كارثة الكوارث أن وزارة الأوقاف أصبحت جناحاً رسمياً من أجنحة أمن الدولة.
ثم لماذا يبقي وزير الأوقاف علي ما يسمي بمعاهد الثقافة الإسلامية لتأتي لنا بخطباء، فإذا كان الأزهر لا يخرج خطباء فأغلقوه!! أما أن يتطاول هؤلاء علي الأزهر بعدما يقيدونه صباحاً ويعيروه ظهيرة ويجهزوا عليه مساء، فتلك مؤامرة في هذه الثلة لأنهم كانوا رؤساء جامعات وعمداء كليات لمدة عقود ولكنهم لم يعلموا ولم يضبطوا فهم المسئولون عن ضعف الدعاة.
* هل تبعية شيخ الأزهر سياسياً للدولة تؤثر علي مسار الأزهر؟
** الأزهر طول عمره مؤسسة دولة - أي كيان في دولة - ويؤدي دوره طبقاً للدستور ولممارسة مقبولة، ولكنه أصبح أداة في يد الحاكم فمزقت هيبته كمؤسسة دولة وأصبح 3 مؤسسات فالإفتاء تتبع وزارة العدل أو تدعي الاستقلال.. والأزهر يقوم علي إدارة المعاهد والأوقاف تتبع الحقائب الوزارية.. فتشتت الأزهر وارتضي القائمون عليه أن يستمروا في أداء هذا الدور مع أن الأزهر مؤسسة دولة لا تتلقي الأوامر، إنما يشترك في صياغة الإجماع، ولهذا علي الأزهر أن يلملم شتاته ويعود مؤسسة دولة يشارك في رسم الخطة العامة ويلتزم بدوره المدني.
* هل تؤيد تولي شيخ الأزهر منصبه بالانتخاب؟
** الانتخاب هو أهون ما في تطوير الأزهر وأقل القليل المطلوب للتطوير، وبعض الدجالين يريدون انتخاب شيخ الأزهر في استفتاء عام للشعب كله!! مع أن الأصل في التطوير هو إعادة بناء هيكل المؤسسة الأزهرية من الإمام إلي المدرس حتي نصل لمنصب شيخ الأزهر بالانتخاب حتي لا يصبح الأزهر أداة في يد غيره وهذا جزء من إصلاح الأزهر.
* ولكنه إصلاح بعيد عن القانون 103 لسنة 1961 الخاص بتطوير الأزهر؟
** هذا القانون كرس الإفساد والقطيعة والتراخي وإن جاء بما سمي الكليات العملية التي أضافت مظهراً لا مخبر له.. فالأزهر في احتياج إلي استعادة قدراته بإعادة مناهجه ودراساته ومقرراته وهيبته وكل هذا لابد أن يصاغ بقانون جديد ورموز جديدة لا يحمل الناس لها ذكريات سيئة!
* لماذا ينتقص الأزهر من علماء الدين غير الدارسين فيه؟
** الإسلام ليس كهنوتاً ولابد أن يفرق الناس بين أمرين، الدين والتدين، لأن الدين علم مثل سائر العلوم وإن كان فيه المعلم الإلهي، ولكنه علم له قواعده ونظرياته وأصوله ومنهجه، ولابد أن يدرس ويتخصص فيه والقرآن أشار إلي التخصص عامة وفي الدين بصفة خاصة، فعلم الدين يخص المتخصصين ولكن التدين يخص كل الناس ويتصور البعض أنه قد يتتلمذ علي يد غير متخصص بأن يشتري كتاباً ويقرأه.. ولكن أسأل هؤلاء: إذا مرض ابن فرد فيهم وهو يقرأ في الطب فهل سيقوم بعلاجه؟.. وهل سيقبل المجتمع للمثقف ثقافة طبية بأن يعالج الناس؟.. والأزهر بحاجة إلي هؤلاء المتدينين لكن إلي حد معين وفي دائرة محددة حتي يثمروا.
* مدي تغلغل الفكر الوهابي في الثقافة المصرية؟
** الفكر الوهابي هو لون من ألوان المذهب الحنبلي والأزهر كان يدرس هذا المذهب ولكن منذ 20 عاماً أصبح التوجه العام في السياسة المصرية التي ينفذها رموز الأزهر هو التقليل من تدريس هذا المذهب بدعوي عدم وجود مدرسين وهذا استدرج الحنابلة في الخليج فعاملوا الدولة بعكس إرادتها واستضافوا علماء الأزهر وكل منهم راتبه دون الألف جنيه وكان يطلب منهم أن يدرسوا هناك في ضوء المذهب الحنبلي أو الوهابي ويقبضوا ما بين 5 و10 آلاف ويهدي إليهم ما بين 20 و30 ألفاً.. وإذا استمر علي تلقين ذلك هنا وعمل علي تطوير مذهبه ورؤيته يدعي للعمرات والحج.. فأصبح يوجد الكثيرون من الأساتذة ينتقون الأقوال والأحاديث التي تروج للفكر الحنبلي ويصرون عليها ويحتلون بها مساحة، بالإضافة إلي الرموز المصنعة في ساحة المجتمع بأموال الخليج من خلال قنوات وصحف وإجماع كل هذه الأطراف جعل الناس تضيق بالحنابلة والوهابية وبالأزهر لتعثره أمامهم فانطلق الناس إلي الجماعات والتنظيمات الأخري وهذا هو القلق الموجود في الساحة.
* وماذا عن المذهب الشيعي؟
** الشعب المصري يتميز بإعمال العقل والفكر فيما يعرض عليه من كل النصوص ولهذا فرق المصريين بين الحب الواجب لأهل البيت، وبين من يدعي من أهل البيت في السيادة السياسية، لأنهم أدركوا أن النصوص القرآنية والنبوية تحول دون توريث النبوة، فاجتمع المصريون علي أن أهل البيت لهم مكانة وليس لهم حكم علي الرقاب وعاملوهم كما عاملهم رسول الله صلي الله عليه وسلم وهذا هو أحد مداخل إذهاب الرجس عنهم بألا يصبحوا طرفاً في حوار فأبعدوا بإرادة إلهية وبتنفيذ نبوي.
* وماذا عن الأحزاب التابعة للتيارات الدينية مثل الإخوان المسلمين والسلفيين وفي صدد صدور حزب شيعي؟
** من حق هذه التيارات أن تجرب كما جرب غيرهم وليأخذوا حقهم في التجربة وعلي الشعب أن يختار.
* لكن يخشي البعض من ظهور السلفيين وتنامي قوتهم؟
** الحقيقة أن مسألة هدم الكنائس والتعويق في بنائها هي بدعة سياسية استخدمها الحكام في الحقب السابقة ولا أساس لها في شرعنا، ولا حق لأحد فيها وهذا أمر لابد أن يقر في الأذهان ثم أن الناس يخافون من عدم الخبرة لدي السلفيين من ضوابط الحراك السياسي بسبب ارتفاع صوتهم ونظرتهم الأحادية، والشكل غير المألوف في المجتمع المصري، متصورين أن هذا الشكل هو سنة مؤكدة ينبغي أن يظهر به الناس وكل ذلك يخيف العقلاء لأن العاقل يعلم أن الله لا ينظر إلي صورنا، ولم يفرض قوماً علي قوم أو عنصراً علي عنصر أو فئة ولا حزباً فوق أحد، وهؤلاء السلفيون قليلو الخبرة من ناحية، ثم إن الإعلام يضخم المآسي التي تدور حولهم أو بهم في بعض الأحيان.
* بماذا تفسر الفتن التي ظهرت بين بعض المسلمين والمسيحيين؟
** هذه الفتن حدثت بالفعل وثبت أنها من صنع أجهزة الحكم السابق وأذنابه، واستثمار بعض القوي المتدينة والغافلة عن حقيقة المجتمع وفهم الدين الصحيح الذي يتطلب عاملين متكاملين فهم ما أمر الله به وفهم الواقع وكيف يطبق.. ولكن عندما يفهم أحد ماذا أنزل الله ولا يفهم كيف يطبقه معتقداً أن ما أمر به الله لابد أن يفرض بالقوة، فهذا ليس ديناً والأزمة أن النظام السابق وأذنابه كان يستقطب غير المتفقهين ويبدو في المشهد وكان هناك حراك سيء وهذه الفتن هي بفعل فاعل وصنع صانع وبأياد داخلية وخارجية.
* تم رفض قانون دور العبادة الموحد.. مع أنه بحت الأصوات في المطالبة به؟
** هذا القانون صياغته عرجاء لأنه لم يضعه المتخصصون ولم ترض عنه الكنائس وأنا شخصياً وكثير من أهل الدعوي لا يرضون عن هذا القانون، مثلاً أنا أسكن في حي أسمع منه 14 أذاناً وتنعقد 14 جماعة ولا تزيد الجماعة فيهم علي 40 مصلي وبين الجماعة والأخري من 100 إلي 150 متراً وإذا جاز هذا في صلاة الظهر والعصر فهل يجوز في يوم الجمعة؟.. فلابد من إعادة النظر في هذه الفوضي في المصليات والمساجد والكنائس حتي يكون للمسجد مكانة في حيه بالعناية في اختيار الموقع والأبعاد والمسافات أكثر من العناية في اختيار القصر الجمهوري ودور السينما والمسرح.. وأعرف مساجد كثيرة لا يليق بأن يطلق عليها اسم مسجد من ضيق مساحتها.. ولعدم تهويتها أو انضباطها علي القبلة أو لعدم وجود إمام متخصص لها وكل هذا فوضي وأعجب لمجتمع يضع شروطاً للمسافات بين السينمات والصيدليات ولا يضع شروطاً وضوابط للمساجد، فأنظمة الحكم أرادت تمزيق الجماعة الإسلامية وتمزيق إرادة المجتمع، وكلما تكثر نقاط الخطابة تمزق المجتمع وسهل قيادته، ولابد أن يقود الأزهر لتلتئم الجماعة وتدرك ركاب الحضارة مرة أخري.
* ركزت علي أكثر من نقطة في الحوار علي أن الأزهر تم تهميشه وإضعافه وإخراجه من المنظومة ولكن التاريخ يؤكد علي وجود شيوخاً للأزهر تفتخر بهم الأمة؟
** كان الشيوخ جميعهم علي مستوي دون خلل فيما بينهم أو حولهم حتي طرد الحملة الفرنسية وتعيين «محمد علي» بواسطة علماء الأزهر فأتلفت الصليبية العالمية متمثلة في وزارتي الحرب الفرنسية والإنجليزية والمستشرقين واتفقوا مع «محمد علي» علي إضعاف هذه المؤسسة بحجة أن الذي جاء به يستطيع أن يعزله وبدأ تشتيت العلماء، ولكن لا أحد ينكر مجيء علماء لهم قيمتهم شيوخاً للأزهر مثل «حسونة النواوي» و«سليم البشري» و«المراغي» و«حمروش» و«عبدالمجيد سليم» و«مصطفي عبدالرازق» و«شلتوت» و«عبدالحليم محمود» وآخر الشيوخ العظام كان الشيخ «جاد الحق» رضي الله عنهم جميعاً.. لكن كان النظام يأتي بهؤلاء كحركة تسكين وإلهاء للناس بعيداً عن أن يرقبوا خط الانحدار.. وعندما كان لا يوجد مدرس جيد أو يوجد كتاب محترم يأتون بشيخ قوي للأزهر فيكون بدون أدوات وآليات، وهكذا مرت ال 200 سنة السابقة وكان لها أثر في إضعاف الأزهر وتهميشه.
* كيف تري دعوة أمريكا في مطالبتها بتعديل مناهج الأزهر؟
** هذه دعوة حق جاءت من طريق باطل، ولدينا في مصر حساسية شديدة من التدخل الخارجي في شئوننا الداخلية، ولكن أن يقول الخارج إن الأزهر مريض ويحتاج إلي علاج فهذا أمر لا كلام فيه.. ومع رفضي لكل ما يأتي من أمريكا لكنهم يقولون حقيقة، وهي أن الأزهر مريض ونحن مقصرون لأننا لم نقل هذا قبلهم، وكل عقلاء المسلمين يدركون وجود أزمة في الأزهر ولكننا عجزنا عن التعبير، وعبر غيرنا عنا وهذا من تغافلنا وتناسينا وتراخينا فلابد من المعالجة من خلالنا وليس من خلال أمريكا حتي تصبح مصر والأمة الإسلامية من خير الأمم بدلاً من أن نقبع في آخر الأمم لأن المجتمع والأزهر في غفوة وغفلة.
* دور الأزهر في المحافل الدولية؟
** العالم كله يرحب بالأزهر كتاريخ ولكن حين يعرض الأداء يفاجأ بما ينطبق عليه المثل العربي القديم «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» فمع تاريخ الأزهر المشرف، فالقائمون علي أموره دون هذا التاريخ ودون تلك الصلاحيات لا يتمتعون بأي رضا بل تجدهم يتهكمون علي طلاب الأزهر ومدرسيه لأنهم يستمدون سلطتهم من السلطة التي حولهم ومن التأييد من خارج الأزهر.
* البعض يصف سياسة الاعتدال التي يتبعها الأزهر بالميوعة؟
** الممارسات التي يتبعها الأزهر ليست اعتدالاً بل هي ميوعة!! بل ميوعة وإفراط وعدم دراية، لأن الاعتدال أن تكون وسطاً بين طرفين.. لكن أن تكون وسطاً بين الفساد والاستبداد!! فهنا لا يوجد اعتدال بل كانت توجد مراعاة للحاكم مع أن دور الأزهر الدعوة للتنوير والتثقيف، وعندما تهتز مؤسسة أخري يتطوع الأزهر لأداء دورها بقيادة الشعب وتحميسه للحصول علي حقوقه كما كان يحدث في السابق، فلم تكن تخرج ثورة من مصر إلا وكان يتقدمها الأزهريون واليوم صمت الأزهر فخرجت جامعات أخري ومصادر للتنوير غير الأزهر.
* أعلم أنك تقلق من المادة الثانية في الدستور؟
** بالفعل أن قلق وهذا قد يصدم الكثيرين لأنني شيخ معمم، لكن الدستور حق لجميع المواطنين وبه باب يسمي باب الحريات والحقوق وتكفل فيه حرية العقيدة وبهذا نكون أعطينا للمسلمين والمسيحيين حقوقهم في حرية العقيدة، فما هو المبرر لأن نعيد تصنيع الدستور وتذكر فيه الشريعة الإسلامية منفردة، قائلين بأن الإسلام دين الدولة مع أن هذا لا يحتاج نزاعاً، فغالبية الشعب يدين بالإسلام، وأن اللغة العربية لغتها الرسمية، ولا يوجد عاقل يعترض علي هذا، ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وهذا كلام يخص 90٪ من الشعب.. فلماذا تناسي الدستور ال 10٪ الباقية؟.. وهذه المادة الثانية بحالتها تبقي كفقرة أولي للمادة الثانية.. ولابد أن يضاف إليها فقرة ثانية تقول: يضمن الدستور حقوق جميع الشرائع السماوية في ممارسة طقوسها وأحوالها الشخصية في ذات المادة.. لكن ذكر الدين الرسمي فقط نكون أقصينا الآخر.. وهذا يشعر الإخوة المسيحيين بأن الدولة اختطفت منهم، وهذه الصياغة متعمدة بالدجل السياسي ليصنع للنظام السياسي قدرة بأنه يخدم فئة ويقصي فئة وكأنه يقدم رشوة للأغلبية المسلمة.
* كيف تري مشروع الخلافة التي يسعي إليها الإخوان والسلفيون؟
** الخلافة الإسلامية لم تكن وبالاً علي العالم، ومازال العالم يعرف دولة دينية هي «الفاتيكان» وكلمة خلافة لا تضر ولا تخيف، لكن هل أنا أري أن الخلافة واجبة، أو يصح أن ننادي بها؟.. فمن ينادي بها مثل الطفل الرضيع الذي ينادي بحقه في الزواج أو في الولاية فهذه الدعوي بيننا وبينها مسافات بعيدة تقاس بعشرات السنين والدكتور «عبدالرازق السنهوري» نال رسالة الدكتوراه من أساتذة يهود ومسيحيين في «السوربون» وأقروه علي أن الخلافة الإسلامية هي مؤسسة دولية لتنظيم الأمة الإسلامية.. ونحن نري مؤسسة إقليمية للاتحاد الأوروبي وليس حراماً أن يكون للمسلمين الاتحاد الإسلامي.
* ماذا تقول لشيخ الأزهر؟
** لا أقول شيئاً.
* ولا حتي سلاماً؟
** لا أستطيع أن أقول لأن الأمر أكبر من أن أقول أو يستطيع هو أن ينفذ!!
* كيف تصف عصر مبارك؟
** عصر فاسد ضاعت فيه الحقوق والكرامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.