-دستور 56 منح سلطات واسعة للرئيس ومنحه حق إصدار القوانين وإبرام المعاهدات وإعلان الطوارئ -30 مادة حددت اختصاصات الرئيس فى دستور 71 وسلطاته كانت أكثر من مطلقة -السادات لأحمد بهاء الدين: لا أنا ولا عبدالناصر نحتاج نصوصًا لتأكيد صلاحياتنا ولكن وضُعت النصوص من أجل من يجىء بعدى -دستور 2012 المعروف بدستور الإخوان منح صلاحيات واسعة للرئيس -دستور 2014 قلص صلاحيات الرئيس إلى آخر مدى وجعل رئيس الوزراء ومجلس الشعب يشاركانه السلطة على عتبة عهدٍ جديد، يثور تساؤل مهم حول صلاحيات الرئيس وسلطاته بناء على الحدود التى رسمها الدستور. الأكيد أن سلطات الرئيس فى مصر تباينت واختلفت منذ ثورة 23 يوليو 1952، وصولًا إلى الدستور الذى تمخض عن ثورة 30 يونيو وقرارات 3 يوليو 2013. وعلى مر العصور المختلفة، بدا أن الصلاحيات الخاصة برؤساء مصر، خاصة بدءًا من جمال عبدالناصر، مرورًا بأنور السادات وحسنى مبارك ومحمد مرسى، ووصولًا إلى الرئيس المنتخب فى انتخابات 2014، تختلف وتتباين، فتتسع إلى حد كبير فى مرات، وتتقلص فى مرات أخرى، مع وضع أسس للمحاسبة والمساءلة وربما المحاكمة لكل رئيس ينتهك صلاحياته أو يرتكب جريمة الخيانة العظمى. منذ ثورة 23 يوليو 1952 وحتى ثورة 25 يناير 2011، تمتع رؤساء الجمهورية خلال ما يُسمى الآن «الجمهورية الأولى» بسلطاتٍ مطلقة، جعلتهم محصنين ضد النقد، لا يخضعون للمساءلة البرلمانية أو السياسية ولا القضائية إلا فى حالة ارتكاب أيهم جريمة الخيانة العظمى. وتلك حالة لم يجر تفعيلها من قبل، فضلًا عن استحالة إثباتها فى الشروط التى أوردتها المادة 85 من دستور 1971، والتى كانت تنص على أن «يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية بناء على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثىّ أعضاء المجلس، وتكون محاكمة رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة ينظم القانون تشكيلها وإجراءات المحاكمة أمامها ويحدد العقاب، وإذا حكم بإدانته أعفى من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى». ولنقارن هذا بدستور 1923 مثلًا، الذى يعد أول وثيقة دستورية فى مصر تتعرض لسلطة رئيس الدولة وصلاحياته واختصاصاته. كانت المادة (60) من دستور 1923 صريحة بقولها إن توقيعات الملك فى شئون الدولة يجب لنفاذها أن يوقع عليها رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصون. أما المادة (48) من الدستور المذكور فقد نصت على أن «الملك يتولى سلطته بواسطة وزرائه» ، وكانت نصًا يعكس حالة الصراع السياسى العنيف عند وضع الدستور بين من يريدون أن يملك الملك ولا يحكم فيكون رمزًا فقط وهؤلاء ينشدون أن تكون السلطة كلها فى أيدى الوزراء المسئولين أمام مجلس النواب.. وبين من ينشدون أن تبقى السلطات كلها وعلى الوزراء أنفسهم فى أيدى الملك. احتدم الصراع بين الفريقين حتى لم يستطع أحدهما أن يتفوق على الآخر، فتضمن الدستور نصوصًا تعطى الملك سلطات التعيين والسيطرة كما تضمن هذا النص السابق، وترك الفريقان للمستقبل أن يحسم «التفسير القانونى» لكل هذه النصوص، وهل ستبقى السلطة للملك أم ستنتقل إلى قوى وسلطات أخرى. غير أن هذا النص وضِعَ فى ظرفٍ سياسى مغاير تمامًا للظرف الذى نحياه. وإذا كانت السلطة التنفيذية فى مصر تحظى بأهمية خاصة ودور بارز بسبب تقاليد دولة النهر والفرعونية السياسية ، التى جعلت من مصر أقدم دولة مركزية مستمرة فى التاريخ، فإنه منذ النصف الثانى للقرن العشرين، انتقلت السلطة التنفيذية للرئيس بكاملها بما فى ذلك سلطة تنظيم وإنشاء وإلغاء المرافق العامة للإدارة، وكذلك كل سلطات الضبط الإدارى الكافلة لحفظ النظام العام والصحة العامة والسكينة العامة، وأيضًا سلطة اتخاذ اللوائح التنفيذية الكافلة لتنفيذ القوانين بما لا ينطوى على مخالفتها، ويضاف إلى ذلك السلطات الرئاسية المنصوص عليها. وفى دستور 1956، نجد سلطات واسعة لرئيس الدولة (جمال عبدالناصر)، فهو رأس السلطة التنفيذية ويضع بالاشتراك مع الوزراء السياسة العامة للحكومة ويشرف على تنفيذها (المادة 131)، وللرئيس حق اقتراح القوانين والاعتراض عليها وإصدارها (المادة 132)، وله حق إصدار القانون بمرسوم جمهورى فى المدة ما بين انعقاد دورات مجلس الشعب أو فى فترة حله إذا تطلبت الضرورة ذلك (المادة 135). وفى الأحوال الاستثنائية لرئيس الجمهورية، بناء على تفويض من مجلس الشعب، إصدار قرارات لها قوة القانون (المادة 136)، وله حق إصدار القرارات اللازمة لترتيب المصالح العامة (المادة 137)، ولوائح الضبط واللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين (المادة 138)، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة (المادة 139)، وهو الذى يبرم المعاهدات ويبلغ بها مجلس الأمة مشفوعة بما يناسب من البيان (المادة 143)، ويملك حق إعلان حالة الطوارئ، على أن يبلغ بها مجلس الأمة خلال 15 يومًا من إعلانه، فإن كان مجلس الأمة منحلاً يعرض الأمر على المجلس فى أول اجتماع له (المادة 144). وضع دستور 1956 الأساس الدستورى لوضع رئيس الجمهورية وسلطاته وصلاحياته الواسعة الذى سارت على منواله الدساتير التالية. وعلى مر عهود رئاسية مختلفة فى مصر، ارتدى الرئيس ثوب الحاكم المُنزه، والزعيم المفدى، والقائد الملهم، والرئيس المؤمن. كان النظام الدستورى المصرى ووثائقه الخمس (الإعلان الدستورى المؤقت عام 1953، ودستور 1956، والدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة عام 1958 (مرحلة الوحدة مع سوريا)، والإعلان الدستورى المؤقت لعام 1964، والدستور «الدائم» لجمهورية مصر العربية لسنة 1971 وتعديلاته الأربعة)، وتعديلات الوثيقة الدستورية لعام 1971، يعد تعبيرًا أمينًا عن ثقل ومركزية موقع رئيس الجمهورية فى النظامين الدستورى والسياسى. وثمة استثناء وحيد هو مشروع دستور 1954 الذى أخذ بالنظام النيابى البرلماني، لكنه لم ير النور أو التطبيق بعد إعداده على يد لجنة دستورية آنذاك. ورغم أن محاولة مشروع دستور 1954 أجهِضَت، فإن مطلب الجمهورية البرلمانية ظل يتردد فى أدبيات المعارضة وفى مواجهة السلبيات الكارثية الناجمة عن السلطات الواسعة لرئيس الجمهورية فى نصوص دستور 1971 وفى الممارسة الفعلية. يُشار هنا إلى أن مصر شهدت وفق دستور 1971 - المعدل فى 22 مايو 1980 وفى مايو 2005 وفى مارس 2007- الجمع بين نظامين سياسيين، هما الجمهورية الرئاسية والجمهورية البرلمانية، مع إعطاء الرئيس كل السلطات والميزات الواردة فى النظامين. فالرئيس - طبقًا لدستور 1971- يجمع بين صفتين، فهو رئيس الدولة الذى يمثل سلطة السيادة مما يعطيه حق التدخل فى اختصاصات بقية السلطات باعتباره حكمًا بينها.. وهو رئيس السلطة التنفيذية الذى يمثل سلطة الحُكم. وفضلاً عن أن الدستور لا يضع حدًا لحق الرئيس فى تجديد مدد رئاسته، فإنه طبقًا للأعراف السياسية السائدة- رئيس الحزب الذى يفوز دائمًا بالأغلبية فى الانتخابات العامة. ويكفى أن نوضح أن دستور 1971 تضمن حوالى 30 مادة تشكل أكثر من 15% من مواده، تعطى لرئيس الجمهورية سلطات، بينما لا توجد به سوى مادة واحدة - معطلة- تجيز مساءلته. إن الرئيس فى دستور 1971 يحوز سلطات وصلاحيات واسعة، فى حين لا يملك مجلس الشعب حتى مساءلته إلا فى حالة واحدة فقط، هى اتهامه بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية، على أن يحاكم أمام محكمة خاصة نظمها قانون لم يصدر حتى الآن، على الرغم من تناسخ النص عليها فى دساتير العهد الثورى مئذ سنة 1956. بدا النظام الدستورى المصرى وفق دستور 1971، محض إطار شكلى لإضفاء مسوغ دستورى على سلطة رئيس الجمهورية شبه المطلقة فى عهدىّ الرئيسين أنور السادات وحسنى مبارك. كان النظام السياسى يُدار بواسطة رئيس الجمهورية – أيًا كان شخصه- وكانت المسوغات الدستورية أو القانونية مجرد أمور شكلية تحت الطلب من قبل جماعة من «ترزية القوانين»، وهى جماعة لعبت أدوارًا خطيرة فى تطويع الدساتير لخدمة الحاكم. ويروى الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين أنه عندما أبدى ملاحظة أمام الرئيس السادات عن السلطات الواسعة وغير المحدودة للرئيس فى دستور 1971، رد السادات بالقول: «يا أحمد.. عبدالناصر وأنا آخر الفراعنة، لا هو كان محتاج لنصوص ولا أنا. السلطات اللى فى الدستور دى.. أنا حاططها للى حييجوا بعدنا.. حييجى بقى رؤساء عاديين «محمد» و«على» و«عمر» يحتاجوا للنصوص دى علشان يمشوا شغلهم». وهكذا ارتدى دستور 1971 ثوبًا ديمقراطيًا براقًا، يخفى بين ثناياه عوارًا واضحًا وفادحًا أساسه الاستبداد واحتكار السلطات وغياب مساءلة الرئيس، وبدرجة أقل، أعضاء الحكومة. وأثير الجدل حول السلطات الموسعة لرئيس الجمهورية، بعد إعلان الجمعية التأسيسية للدستور عن المسوّدة النهائية لدستور 2012 ؛ إذ بدا أن تلك المسوّدة - التى تم إقرارها إثر استفتاء عام- أفرطت فى منح السلطات لرئيس الجمهورية؛ مما قد يفتح الباب للاستبداد. وينص الدستور فى مسودته النهائية على أن رئيس الجمهورية يتولى سلطته «والأصح لغويًا أنه يمارس سلطته» بالاشتراك مع رئيس الوزراء ونوابه والوزراء، فيما عدا اختصاصات محددة ورد النص عليها حصرًا «مادة 141»، تتصل بالدفاع والأمن القومى والسياسة الخارجية، والسلطات المنصوص عليها بالمواد (139)، (145)، (146)، (147)، (148)، (149) من الدستور. وتتعلق هذه المواد بما يلى: تسمية رئيس الوزراء وتكليفه «مادة 139»، وإبرام المعاهدات الدولية «مادة 145»، وكونه القائد الأعلى للقوات المسلحة «مادة 146»، وتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين وعزلهم وتعيين الممثلين الدبلوماسيين وإقالتهم «مادة 147»، وإعلان حالة الطوارئ «مادة 148»، العفو عن العقوبات والعفو الشامل بقانون «مادة 149». وفى تقديرنا أن هذه الاختصاصات كلها على درجة من الأهمية والخطورة، وليس معلومًا سبب نص الدستور على استئثار الرئيس بها، رغم أنه من غير المتصور أن يكون بمقدوره ممارستها «فيما عدا تعيين رئيس الحكومة» من دون عون من الحكومة وجهازها التنفيذى. فإذا قمنا بإضافة هذه الشبكة الواسعة من الصلاحيات التنفيذية لرئيس الجمهورية إلى افتئاته مع مجلس الدفاع الوطنى على السيادة التشريعية والرقابية الكاملة للبرلمان بشأن موازنة وقوانين القوات المسلحة، وكذلك إلى حق حل البرلمان الممنوح له، «سنكتشف مدى عمق الاستبداد الرئاسى الذى يؤسس له مجددًا فى دستور الجمعية التأسيسية ومع غياب شبه كامل لآليات الرقابة على الرئيس ومحاسبته». إن الرئيس، حسب دستور 2012، هو من يُسمى رئيس مجلس الوزراء ويكلفه بتشكيل الحكومة خلال ثلاثين يومًا على الأكثر حسب المادة (139)؛ فإذا لم تحصل على الثقة يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا آخر لمجلس الوزراء من الحزب الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب؛ فإذا لم تحصل حكومته على الثقة خلال مدة مماثلة، يختار مجلس النواب رئيسًا لمجلس الوزراء ويكلفه رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة، على أن تحصل على الثقة خلال مدة أخرى مماثلة، وإلا يحل رئيس الجمهورية مجلس النواب، ويدعو لانتخاب مجلس جديد خلال ستين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل. وهذه حقًا مادة عجيبة، ولا لزوم لها فى وجود إجراء أيسر كثيرًا، وهو أن يكلف الرئيس منذ البداية الحزب أو الائتلاف الفائز بأغلبية الأصوات فى الانتخابات التشريعية بتشكيل الحكومة. ومن الإفراط فى السلطات الممنوحة للرئيس، وفق هذا الدستور، أنه يضع، بالاشتراك مع مجلس الوزراء، السياسة العامة للدولة، ويشرفان على تنفيذها (المادة 140)، وأنه من يُعين رؤساء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة بعد موافقة مجلس الشورى (المادة 202) الذى يجوز للرئيس أن يعين عددًا لا يزيد على عُشر عدد الأعضاء المنتخبين فيه (مادة 128)، وليس حتى بموافقة مجلس النواب (الشعب) المنتخب بالكامل. ومع الأخذ بعين الاعتبار بالقواعد التى وضعها الدستور المذكور لضبط استخدام لسلطاته، فإنها تبقى سلطات كبيرة، خاصة عندما يكون الحزب الذى ينتمى إليه الرئيس هو صاحب الأغلبية فى البرلمان، وفى ضوء أن الرئيس ليس مسئولاً أمام البرلمان أو أية جهة أخرى، ولا يمكن محاسبته عن سياساته، وأن قراراته لها قوة تنفيذية، ولم يشترط الدستور توقيع رئيس مجلس الوزراء لنفاذها، وذلك خلافًا لدستور 1923 فى مصر والدستور الفرنسى وللمسوّدة الثالثة من الدستور (الصادرة فى 11 نوفمبر 2012) فى هذا الشأن. وبمجرد صدور هذا القرار يوقف رئيس الجمهورية عن عمله؛ ويعتبر ذلك مانعًا مؤقتًا يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته حتى صدور الحكم. ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضوية أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء أمامها النائب العام. وإذا قام بأحدهم مانع حل محله من يليه فى الأقدمية. وينظم القانون إجراءات التحقيق والمحاكمة ويحدد العقوبة؛ وإذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفى من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى. بشكل عام، تبدو مسألة المحاسبة جلية، على الرغم من أن أوجه ارتكاب الخيانة العظمى بالنسبة للرئيس بقيت عامة من دون توضيحاتٍ كافية. وبعد عزل محمد مرسى، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية عدلى منصور رئيسًا مؤقتًا للبلاد، أصدر منصور إعلانًا دستوريًا من 33 مادة دون تشاور مع القوى السياسية والأطراف المعنية. تضمن هذا الإعلان - للأسف- أوجه عوار كثيرة، ربما كان أهمها: اتساع السلطات والصلاحيات الممنوحة لرئيس الدولة المؤقت، فهى نفس السلطات والصلاحيات التى كانت ممنوحة لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى بداية المرحلة الانتقالية الأولى، ولرئيس الدولة فى المرحلة الانتقالية الثانية، وكان اتساعها على هذا النحو فى غياب الرقابة والمساءلة أحد أهم أسباب الارتباك فى إدارة هاتين المرحلتين، لذا كان يتعين أن تكون سلطات وصلاحيات الرئيس فى المرحلة الانتقالية الثالثة محصورة فى أضيق الحدود. أما دستور 2014، الذى كتبت مواده لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق، فقد جاءت مواده لتتدارك بعض أوجه القصور فى دساتير سابقة، وإن كانت قد أبقت على صلاحيات موسعة للرئيس ليكون النظام شبه رئاسى وليس نظامًا برلمانيًا. ومن ذلك أن رئيس الجمهورية، يضع بالاشتراك مع مجلس الوزراء، السياسة العامة للدولة، ويشرفان على تنفيذها (150)، و«يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب» (151)، و«يعين رئيس الجمهورية الموظفين المدنيين، والعسكريين، والممثلين السياسيين، ويعفيهم من مناصبهم، ويعتمد الممثلين السياسيين للدول والهيئات الأجنبية، وفقًا للقانون» (153)، و«يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأى مجلس الوزراء حالة الطوارئ، على النحو الذى ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه» (154). ويعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه (216). ومن الصلاحيات الخاصة بالرئيس وفق دستور 2014، أنه «يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا، عُدّ المجلس منحلاً ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل» (146). كما يحق «لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب. ولرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزارى بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين وبما لايقل عن ثُلث أعضاء المجلس» (147). وكان نص المادة (141) يوازن السلطات الأخرى المتاحة لرئيس الجمهورية بدستور 2012 مثل ما ورد بالمادة (146) عن سلطته فى حل مجلس النواب عند الاختلاف على تعيين رئيس الوزراء مرتين متتاليتين، ومثل المساهمة فى اختيار وزراء السيادة، كوزارتىّ الدفاع والداخلية. المواد الأكثر اتصالاً بمحاسبة الرئيس ومحاكمته تقع فى المواد التالية: مادة (158) لرئيس الجمهورية أن يقدم استقالته إلى مجلس النواب، فإذا كان المجلس غير قائم، قدمها إلى الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا. وكان منصب رئيس الجمهورية وفقًا لدستور 2012 متعاليًا عن أى نوع من المسئولية اللهم إلا إذا ارتكب الرئيس جناية أو جريمة الخيانة العظمى. أما دستور 2014، فقد أضاف إلى حالات المسئولية الجنائية لرئيس الجمهورية حالة جديدة (من واقع خبرة مصر مع رئيسها السابق) وهى حالة انتهاك أحكام الدستور. على أن الأهم من ذلك هو المسئولية السياسية لرئيس الجمهورية التى تقررت فى مادة فريدة من نوعها فى المشروع الجديد، وهى المادة 161، حيث قررت أنه يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية بإجراءات خاصة وأغلبية خاصة ثم يقرر الشعب فى الاستفتاء إما سحب الثقة من الرئيس، فيخلو منصبه، أو تأكيد الثقة فى الرئيس فيحل مجلس النواب.
صحيح أن دستورىّ 2012 و2014 قلصا بعض الشىء من صلاحيات رئيس الجمهورية مقارنة بالدساتير السابقة، لكنهما أبقيا على نظام مختلط ينص على رئاسة رئيس الدولة للسلطة التنفيذية. ومع ذلك يبقى من الإنصاف القول إن دستور 2014 نظامًا رئاسيًا متوازنًا يكون فيه الرئيس رئيسًا قادرًا كامل السلطات، ويكون فى نفس الوقت مسئولًا مسئولية جنائية وسياسية، وتكون فيه الوزارة قادرة يشكلها الرئيس بمشاركة البرلمان والأكثرية فيه، وتشترك مع الرئيس فى القيام بأعباء الحكم وهى بدورها مسئولة أمام البرلمان، ويكون فيه البرلمان قادرًا على تشكيل الحكومة وعلى مساءلتها بل وعلى سحب الثقة منها ومن الرئيس، ولكنه مهدد بالحل إن أساء استخدام سلطته.