-المتهم قيادى إخوانى شارك فى حشد المظاهرات المنددة بثورة 30 يونيو فى الشرقية مع الوقت يكتشف المصريون مدى الفجور الذى يمكن أن يصل اليه أعضاء جماعة الإخوان فى تعاملهم مع خصومتهم، وكيف أن القشرة الدينية التى كانوا يخدعون بها البسطاء تخفى تحتها شيطانًا لا يعرف الرحمة أو التقوى أو خشية الله. آخر من تلقى هذا الدرس القاسى هم أهالى قرية صان الحجر إحدى القرى التابعة لمركز «الحسينية» التابع لمحافظة الشرقية، والتى يبلغ عدد سكانها أكثر من 80 ألف نسمة وفقًا لآخر تعداد أُجرى لها. هؤلاء الثمانون ألف مواطن مفجوعون الآن، تنتابهم «صدمة سكوت» بعد انتشار خبر جريمة أخلاقية لم يراع فيها الجانى طفولة المجنى عليه وبراءته، فقط كل ما يهمه هو الانتقام من والد الطفل الذى رفض الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين، كما رفض النزول إلى القاهرة فى اعتصام رابعة، الأمر الذى جعل الجانى وهو رجل خمسينى يفكر هو وأولاده ويخططون ويدبرون للانتقام من جارهم «عبد الحميد» الذى رفض السير على نهجهم. 50 مترًا فقط، هى المسافة الفاصلة بين منزلين لجارين داخل القرية الأول «عبد الحميد. ع» فران بسيط، يعمل فى مخبز بعائد مادى ضعيف جدًا يصرف منه على زوجته وأبنائه الأربعة الذين لم يكملوا دراستهم بعد، أما الثانى فهو «سعيد. م «قيادى إخوانى» يعمل موظفًا فى مدرسة ولديه ورشة لتصليح الموتوسيكلات. نشب صراع بين الرجلين منذ فترة طويلة، بعد رفض عبد الحميد الفران النصائح التى قدمها له سعيد حول الجهاد فى سبيل الله، وضرورة النزول معه إلى القاهرة أثناء اعتصام رابعة العدوية لمشاركة إخوانهم فى الجهاد، وما إلى ذلك من كلمات عاطفية رنانة يحاول بها الكادر الإخوانى جلب عدد أكبر من البسطاء لدعم جهود الجماعة وقتها، لكن عبد الحميد رفض عروض جاره، مما جعل سعيد يقرر أن يأخذ حقه من عبد الحميد وينتقم منه بطريقته الخاصة. صدمة غير عادية تلقتها زوجة «عبد الحميد» عندما هرول ابنها الطالب بالصف الخامس الابتدائى، والذى لم يكمل عامه التاسع بعد إلى محل عملها، حيث تعمل فى أرض زراعية مجاورة للمنزل لمساعدة زوجها عبد الحميد فى ظل صعوبة حالتهم الاقتصادية. الابن هرع إلى أمه بملابس ممزقة، حافى القدمين، بدموع لا يعرف طريقة لإيقافها وصرخات متقطعة تشى بألم نفسى وجسدى عميق، واعترف الطفل لأمه بأنه تعرض لاعتداء جنسى واغتصاب كامل، دافعًا فاتورة رفض أبيه الانضمام للجماعة، وبصعوبة التقاط الطفل أنفاسه، وبدأ فى سرد الحكاية على مسامع أمه التى انفطر قلبها ألما على وليدها الصغير. يوم الحادث الطفل قال من بين الدموع إن «أحمد» ابن جارهم استدرجه بعد أن طلب منه مناولته إحدى الأدوات من داخل «ورشتة»، وما أن دخلها حتى فوجئ به يغلق الباب فى أعقابه ويقوم بطرحه أرضًا ويجثم فوقه مكبلًا يديه وممزقًا له ملابسه، بعدها قام بالاعتداء عليه جنسيًا إلى أن انتهى من اغتصابه تمامًا، وأثناء ذلك كان الجانى يردد بعض العبارات التى من شأنها إذلال الطفل، وهو يتوعده بأن ينتقم من والده ويكسره مدى الحياة، ثم ألقى به خارج الورشة. الطفل المسكين خرج بملابسه الممزقة إلى الشارع يبكى، وذهب إلى والدته ليخبرها بالمأساة التى تعرض لها، وهى نفس المعلومات التى وردت فى البلاغ الذى تقدمت به أسرة الطفل لنقطة «عزبة الستينى، القصبى غرب، صان الحجر»، مع الأخذ فى الاعتبار أن الجانى اختفى من المنطقة تمامًا بعد أن ارتكب جريمته، ولم يتم إلقاء القبض عليه إلا بعد الحادث بشهرين وفقصا لرواية الأم. تقرير الطبيب الشرعى ورد فى تقرير الطبيب الشرعى الذى حصلت عليه «الصباح»، إنه بعد توقيع الكشف الطبى على المجنى عليه وأخذ بصمات يديه ومناظرته تبين أنه طفل بنهاية عقده الأول وبصحة عامة عادية، وبوعى وإدراك سليمين، وتبين سلامة جهازه العصبى المركزى، ثم بالكشف عن مواضع إصابته تبين أن الأثر الإصابى المشاهد والموصوف هو حدوث «هتك عِرض» حديث للطفل، وهو الأمر الذى تسبب له فى بعض الألم.
الجانى إخوان لم تكن هذه الواقعة هى أولى حالات الصدام بين الجارين، فكما أوضحت «شربات» - أم الطفل - فى التحقيقات التى حصلت عليها «الصباح» أن شقيق الجانى، والمدعو «محمد»، قد تعدى عليها بالسب والضرب من قبل لأنها كانت تستمع لأغنية «تسلم الأيادى» ذلك بسبب انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين. مصادر من داخل القرية أخبرتنا أن والد الجانى كان يقوم بعمل اجتماعات سرية داخل منزله الخاص، حيث كان يجمع أهل المدينة من المنتمين للجماعة لمعرفة الطرق التى سيتبعونها لدعم التنظيم وتوزيع الأدوار عليهم، وهو رجل خمسينى معروف بانتماءاته للإخوان، ويعمل بوظيفة إدارية داخل إحدى المدارس بالقرية. «عبد الحميد» والد الطفل المجنى عليه قال إن غريمه سعيد حصل على إجازة غير قانونية من المدرسة التى يعمل بها أثناء فترة اعتصام مؤيدى الجماعة فى القاهرة بميدانى رابعة والنهضة، وقد ساعده فى الحصول على هذه الإجازة 3 من زملائه داخل المدرسة، وذلك بإخفاء غيابه وسد العجز الموجود فى المدرسة بسبب اختفائه، وذلك بأن يوقعوا بدلًا منه فى دفاتر الحضور والانصراف، لمجرد أنهم كانوا ينتمون مثله لنفس الفكر الإخوانى المتشدد. وبالفعل بدأ سعيد فى إقناع عدد كبير من أهل قريته بالنزول إلى القاهرة والاعتصام معه فى رابعة العدوية، وحاول أكثر من مرة إقناع جاره عبد الحميد «والد الضحية بالذهاب معه إلى معسكر المعتصمين، إلا أن عبد الحميد رفض بشدة لأنه لا يثق فى الإخوان ومن معهم، ومن هنا بدأت المشكلات بين الجارين، فبالرغم من عرض الجانى أموالًا على والد الضحية من أجل الموافقة على الانضمام معه إلى اعتصام رابعة إلا انه وعلى الرغم من ضعف حالته المادية رفض تمامًا أى مساعدات مادية. الخلاف لم يتوقف عند هذا الحد، بل اشتد بين الجارين لما هو أسوأ عندما زاد وضع الإخوان سوءًا عقب ثورة 30 يونيو، فاضطر سعيد الإخوانى إلى أن يتخذ من منزله مركزًا لتجمع الإخوان داخل القرية، الأمر الذى زاد من توتر عائلة جاره بسبب التجاوزات العنيفة التى يقوم بها الإخوان فى طول مصر وعرضها، الأمر الذى اضطرهم إلى إبلاغ الشرطة عن هذه الاجتماعات، وعندما علم سعيد بهذا البلاغ دخل فى شجار عنيف مع جاره وصل إلى التشابك بالأيدى. وبرغم الصلح الشكلى الذى تم بين الجارين، إلا أن القلوب لم تكن قد صفيت بعد، واستمر الجانى وأبناؤه فى افتعال المشكلات واستخدام أسلوب البلطجة وافتعال العنف مع جارهم الفران البسيط، إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة التى نفذوا فيها أبشع انتقام من «عبد الحميد» عن طريق ابنه المسكين الذى لا ذنب له فى أن والده رفض الانضمام للجماعة. أم مكلومة «ابنى مبينمش طول الليل، بيصحى يصرخ ويبكى، ورافض يروح المدرسة». بهذه الكلمات وصفت الأم حال ابنها الصغير، وأكدت لنا أنه رغم مرور شهور على الحادث إلا أن ابنها لايزال يمر بظروف نفسية قاسية، كانت أول مظاهرها رفضه التام للذهاب إلى المدرسة، كذلك فهو لا يستطيع النوم بشكل طبيعى، بل ينام على فترات متقطعة تتخللها كوابيس يستيقظ منها باكيًا ويحتمى بأى فرد ينام بجواره، بل إنه فى الفترة الأخيرة وبعد أن زادت حالته النفسية سوءا صار يتمنى الموت، وقال لها: «عايز أموت علشان أستريح خالص من الدنيا دى».
المغتصب مريض نفسى تحدثنا مع الدكتورة «عصمت محمد» أستاذ علم النفس، التى قالت إنه من الملاحظ زيادة نسب الاعتداءات الجنسية على الأطفال مؤخرًا، وهو شىء مؤسف يعود إلى انشغال ذوى الطفل عن متابعة أطفالهم، مما يسهل على الجانى دائمًا استدراج ضحيته فى غفلة من الكل. الخبيرة النفسية قالت إن التعرض لاعتداء جنسى أمر بشع جدًا بالنسبة للكبار ويؤثر سلبيًا على صحتهم النفسية لفترات طويلة، فما بالنا بالأطفال؟ معتبرة أن للجانى سيكولوجية خاصة لا يجب تجاهلها، وفى الغالب يكون قد تم اغتصابه أو التحرش به فى طفولته، الأمر الذى يجعله ناقمًا على المجتمع. وهو على الرغم من كراهيته لهذا السلوك فإنه يقرر أن يعاقب المجتمع كله بنفس هذا الفعل. كذلك يتسم المغتصب بشخصية عدوانية وشهوانية إلى حد كبير تسيطر عليه الغرائز، ويحاول معالجة الهشاشة والعدوانية فى شخصيته بالعنف الجنسى، وقد ترجع هذه السمات إلى التفكك الأسرى أو التنشئة الخاطئة، وفى أحيانٍ كثيرة فإن ما يتم تقديمه فى الإعلام والدراما من مشاهد قد تزيد من تفاقم المشكلة، كذلك فإنه فى أحيانٍ كثيرة وبالفحوصات نجده يعانى من اضطرابات نفسية عميقة قد تتسبب فى مرض نفسى حقيقى. الدكتورة «عصمت محمد» نبهت المجتمع إلى أن الطفل المغتصب يحتاج لترميم نفسى خاص، وهذه حقيقة قد تكون غائبة عن الكثيرين، فلا يجيد أهل الضحية التعامل معه فى كثير من الأحيان خاصة مع الأطفال، فاغتصاب الطفل يصيبه بفزع متكرر، ودائمًا ما يستيقظ بعد أن رأى كوابيس مزعجة، وتتطور معه الأعراض إلى درجة إصابته بالاكتئاب، محذرة فى نفس الوقت من أن كتمان الحادث قد يؤدى لنتائج عكسية على الطفل، حيث يتشكل لديه بنسبة كبيرة ما يسمى ب «ازدواجية الشخصية» وهو اضطراب يتسبب فى إيذاء الطفل لنفسه، ويتطور مع الوقت ليتحول إلى إيذاء الآخرين، هذا بخلاف احتمالية إصابة المغتصب «الذكر «بحالة من الشعور دائم بالخزى والانعزال الاجتماعى ورفض الزواج وفقدان للثقة بالنفس، لذلك فلابد من جلسات علاج نفسى مكثفة للأطفال الذين يتعرضون لمثل هذه الحوادث، حتى لا نخلق مغتصبًا جديدًا فى المجتمع ونحول المجنى عليه إلى جانٍ فى المستقبل. الأشغال الشاقة المؤبدة
«كل من هتك عِرضًا بالقوة أو التهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة من 3 إلى 7 سنوات هذا ما صرح به «أشرف محمد» المحامى، حيث أضاف أنه فى حالة ما إذا كان عمر المجنى عليه الذى وقع عليه الضرر أقل من 16 عامًا، أى دون السن القانونية فيتم مد العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤقتة، أما فى حالة أن يجتمع البندين الأول والثانى أى أن تكون الواقعة تمت بالقوة وبالتهديد، وفى نفس الوقت عمر المجنى عليه أقل من 16 عامًا فتمد العقوبة إلى أقصاها، والتى يمكن أن تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.