-هويدا: أجرت رحم ب 50 ألف جنيه ووثقنا الاتفاق فى الشهر العقارى -كوثر: أسرة سعودية أجرت رحم .. ولم أسأل عن شرعية العملية -«الأم البديلة » ظهرت فى مصر لأول مرة عام 2010 .. وانتشرت بسبب الفقر.. وإسماعيل برادة أول طبيب تخصص فيها -أسر خليجية وعربية تقصد القاهرة أملاً فى الإنجاب.. ومصطفى عباس: أرفض تأجير الأرحام وأرحب بالتبرع بها تاريخ تجارة الأرحام ظهرت تجارة الأرحام لأول مرة فى الهند عام 2002، ثم بدأت الظاهرة فى الانتشار بدول جورجيا وروسيا وتايلاند وأوكرانيا وبعض الولايات الأميريكية، حيث تم حقن عشرات الأرحام بتقنيات التخصيب المجهرى، لإنجاب أطفال لمن لم يتمكنوا من الإنجاب، حيث ترى الهند دوماً أن تأجير الأرحام أحد أوجه الاستثمار التى تمكن بعض السيدات من الإنجاب عبر الأمهات البديلات، وأن هذا النشاط يشهد إقبالا من آلاف الأزواج غير القادرين على الإنجاب، فلم يكن الجدل فى الهند دائرا حول مدى مشروعية ذلك، ولكن حول مدى خضوع مثل هذا النشاط للتشريعات المنظمة لعمليات استغلال النساء الفقيرات، فى محاولة لدفع السلطات إلى إعداد مسودة قانون يجعل هذا النشاط أكثر صعوبة بالنسبة للأجانب الراغبين فى استئجار أرحام فى الهند. ويعد من أشهر المؤسسات الهندية التى تعمل فى هذا المجال، مؤسسة سوروجسى إنديا بمدينة مومباى، التى تم افتتاحها فى عام 2007، والتى أجرت 295 عملية 90% منها لزبائن أجانب، فيما كان أكثر المترددين من مواطنى بريطانياوالولاياتالمتحدة وأستراليا واليابان، فيما لا توجد إحصائية رسمية للحجم الحقيقى لعمليات استئجار الأرحام فى الهند، بينما تشير دراسة أعلنت فى يوليو 2012، عن أن إجمالى الأموال التى تم تداولها فى هذا النشاط بلغت 400 مليون دولار سنويا، خاصة بعد انتشار عيادات التخصيب التى تجاوز عددها ثلاثة آلاف عيادة، وتعد أشهرها عيادة أكانكشا فى بلدة أناند بولاية غوجارات الملقبة ب«عاصمة استئجار الأرحام» والمملوكة لسيدة تدعى نايانا باتيل، وكان قد ذاع صيتها فى عام 2004 عندما ساعدت مريضا على الإنجاب باستخدام أم زوجته كأم بديلة، كما ساهمت العيادة فى إنجاب 500 طفل ثلثهم لأجانب وأناس من أصل هندى يعيشون فى أكثر من ثلاثين دولة، ويتراوح سعر العملية ما بين 25 إلى 30 ألف دولار، منها 6500 دولار للأم البديلة.
انتشارها فى مصر فى عام 2010 انتقلت تجارة الأرحام إلى مصر، وكان أشهر الأطباء المسئولين عن إجراء هذه العمليات الدكتور إسماعيل برادة الذى توفى عام 2011. «هبة - ع» تبلغ من العمر 30 عاماً، حاصلة على بكالوريوس تجارة، تعيش بمنطقة كعابيش بفيصل، أرملة وتعول طفلا يبلغ من العمر 12 عاماً، عملت فى أكثر من مهنة لتوفير قوت يومها، وكانت دائمة البحث عن فرص عمل أفضل عبر الإنترنت، حتى علمت ببيزنس تأجير الأرحام، حيث أنشأت صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«تويتر» باسم مستعار، لتعلن من خلاله استعداداها لتأجير رحمها مقابل أعلى مبلغ مالى يمكن طرحه، وبالفعل تواصلت هبة مع إحدى الأسر اللبنانية، والتى ظل الزوجان بدون أطفال لأكثر من 10 سنوات، واتفقت معهما على تأجير رحمها مقابل 40 ألف جنيه، إضافة إلى تحملهم تكاليف وعبء الولادة ومصاريف متابعة الحمل، ودفع إيجار الشقة التى تقطن بها، مشترطة فى العقد أن تتم عملية التخصيب داخل مصر. وتؤكد هبة ل«الصباح»، أنها اتفقت مع طبيب بمنطقة حلمية الزيتون لإجراء العملية، حيث طلب منها مبلغ 35 ألف جنيه، بعد أن علم بتفاصيل القصة، مشيرة إلى أنها استشارت شيوخا وأطباء قبل تنفيذ عقد الإيجار، وأنها اطلعت على فتوى للدكتور عبد المعطى بيومى، الأستاذ بمجمع البحوث الإسلامية، تفيد بأن تأجير الرحم مثل تأجير المرضعة حلال على ألا يوضع فى رحم المرأة بويضة ملحقة إلا عقب التأكد من خلو الرحم من أى بويضات أخرى، وأن ما يترتب على ذلك من مشكلة فى النسب وخلافه، فهذه مسألة قانونية تحل بما يتفق عليه فى العقد بين الطرفين، مشيرا إلى أن العملية ليست من قبيل جريمة الزنا، فالزنا هو وضع القلم فى المحبرة، وأنه فى عهد الرسول الكريم (ص) لم تكن هناك قوانين تجرم تأجير الرحم.
الفقر هو السبب
تقول «هويدا.خ» التى تبلغ من العمر 25 عاماً، إن زوجها منذ 3 سنوات سافر إلى إحدى الدول، حيث انقطعت أخباره تماما، تاركا لها ولدا وبنتا، وهى تقيم بشقة إيجار فى منطقة الوراق، مشيرة إلى أن دخلها الشهرى الذى تتقاضاه من محل كوافير تعمل به، لا يكفى مصاريف أولادها أو مدارسهم، لافتة إلى أنها منذ فترة وجيزة حضرت إليها سيدة تشكو من عدم قدرتها على الإنجاب منذ ما يقرب من 12 عاماً، وطلبت منها أن تؤجر لها رحمها عارضة 50 ألف جنيه مقابل وضع بويضة ملقحة داخل الرحم، وبالفعل تم كتابة عقد بالاتفاق وتم توثيقه فى الشهر العقارى، يضمن تحملها مصاريف متابعة الحمل والولادة، مؤكدة أنها ترددت فى بادئ الأمر ثم سرعان ما وافقت بعد أن أخبرت أولادها.
مستقبل الأسرة «كوثر إدريس» 27 عاماً حاصلة على دبلوم تجارة، ومقيمة بمنطقة الزواية الحمراء، تزوجت لمدة شهرين، وقام زوجها بالزواج من أخرى، باعت أثاث منزلها للإنفاق على نفسها، ولم يعد يتبقى فى شقتها من أثاث سوى سرير وثلاجة وبوتاجاز، فقد عملت بأكثر من وظيفة حتى وصل بها الحال إلى العمل كحارسة عقار، واقترحت جارتها عليها، تأجير رحمها خاصة أن لديها درجة خصوبة عالية، وأسرة سعودية تبحث عن رحم للإيجار مقابل مبلغ 50 ألف جنيه، وبالفعل تمت المقابلة بين الطرفين، ودفع مبلغ 25 الف جنيه من مبلغ العقد، كوثر لم تبحث فى مدى شرعية هذه العمليه، فكل ما يهمها هو تأمين مستقبل أولادها.
تراجع فى اللحظات الأخيرة «منى السيد» كانت قد أوشكت على الخضوع لعملية التخصيب، إلا أنها تراجعت فى اللحظة الأخيرة.. منى تسكن فى شقة إيجار، ولديها أربعة أولاد، ويعمل زوجها على ميكروباص، وقد قامت إحدى صديقاتها بإخبارها برغبة إحدى السيدات فى الإنجاب، مقابل مبلغ مالى كبير، وحينما عرضت منى الفكرة على زوجها وافق على الفور، أملا فى شراء سيارة يعمل عليها، وقبل إجراء عملية التخصيب، تحدثت منى مع أحد شيوخ الأزهر، الذى أكد وجود شبهة زنا فى الأمر، ما جعلها ترفض العرض. «علياء حسين» عاملة نظافة تبلغ من العمر 32 عاماً، تعول أبيها وأمها ونجلها، توفى زوجها منذ ثلاثة أعوام، وتحصل على راتب يبلغ 700 جنيه شهرياً، حيث عرضت عليها ممرضة بمدينة العمال بمنطقة إمبابة، تأجير رحمها مقابل مبلغ مالى، وبالفعل تعرفت علياء على أسرة من الكويت، لم تنجب منذ خمس سنوات، حيث تم الاتفاق على كتابة عقد بمبلغ 55 ألف جنيه مقابل العملية، وقبل توقيع العقد ذهبت علياء إلى دار الإفتاء المصرية، وتحدث معها أحد الشيوخ حول أن تأجير الرحم به شبه اختلاط أنساب، ما دفعها للتراجع عن موقفها. حرام من جانبه، أكد د. مصطفى عباس أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية وعلاج العقم بالدقهلية، أن تأجير الأرحام حرام لمساعدته على تفكيك الأسرة، ويفتح الباب للأزواج لاستغلال أرحام زوجاتهن مقابل جمع الأموال، مشيرا إلى أن ذلك يأتى ضمن عمليات تجارة الأعضاء، وأنه من الأفضل التبرع بالرحم، فليس هناك قانون يمنع ذلك، مشيرا إلى أنه من الممكن أن تقوم سيدة بتأجير رحمها أكثر من مرة دون أى ضرر. رأى الدين ويضيف الشيخ على عمر عضو لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن قوله تعالى: «والذين هم لفروجهم حافظون، إلا عن أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون»، لا يفرق فى وجوب حفظ الفرج بين الرجال والنساء، وحفظ الفرج مطلق يشمل حفظه عن فرج الآخر وكذلك عن منيه، والفتوى تعنى أن الأصل فى الأبضاع التحريم ولا يباح منها إلا ما نص عليه الشارع، والرحم تابع لبضع المرأة، فكما أن البضع لا يحل إلا بعقد شرعى صحيح، فكذلك الرحم لا يجوز شغله بغير حمل الزوج فيبقى على أصل التحريم، ومنها أن الرحم ليس قابلا للبذل والإباحة، فإن الشارع حرم استمتاع غير الزوج ببضع المرأة، ولذلك فالتبرع أو الانتفاع برحم المرأة حرام شرعاً.
رأى القانون ترى الدكتورة ملكة زرار أستاذة الشريعة والقانون، أنه ليس من حق النساء تأجير أرحامهن، كون الجهاز التناسلى الخاص بالمرأة ليس مشروعا استثماريا لتحقيق الربح، مشيرة إلى أن عقود تأجير الأرحام باطلة، حيث يجرم القانون ذلك ويعتبره أشد من جريمة الزنا، لافتة إلى أن ما يحدث فجور علمى، فالتلاعب بالأنساب يجعل الطفل حائرا بين الأم البيولوجية والأم المستأجرة، فالعقم ليس مصيبة من المصائب ولكنه ابتلاء من الله، والقوانين الوضعية التى تحلل ذلك فى الهند والدول الأوروبية ترده للحرية الشخصية، وهذا ما استقرت عليه محكمة النقض الفرنسية، فيما يعتبر فعل ذلك فى مصر جنحة تخضع لقانون العقوبات. من جانبه، قال أحمد جاد المحامى بمحكمة النقض بالإسكندرية، إنه ليس هناك من الناحية القانونية قانون ينص على تحريم تجارة الأرحام، ومن ناحية الشرع فلا يوجد ما يعرف بتأجير الأرحام، مشيرا إلى أن ذلك ليس بالشىء المفزع.