بعد ظهور أرملة مصرية علي إحدي القنوات الفضائية في برنامج شهير أعلنت فيه أنها تقوم بتأجير رحمها لإحدي الأسر اللبنانية التي حرمت من الأطفال مقابل 40 ألف جنيه ونفقات الحمل والولادة. وأكدت أيضا أنها لجأت إلي علماء الدين لمعرفة رأيهم في تأجير الأرحام فأفتوا بأنه جائز شرعا.. لذا كان لابد ل "المساء" أن تستعرض هذا الموضوع وطرح السؤال الصعب علي أهل الفتوي وأساتذة علم النفس والاجتماع وأطباء النساء والتوليد لمعرفة رأيهم في هذه الظاهرة وهل هي مشروعة.. أم لا؟! اختلفت الآراء حول هذا الموضوع حيث يري البعض أنه حرام شرعا.. وأن تأجير الأرحام اعتداء علي سنة الله في الكون لأنها تتسبب في اختلاط الأنساب وأن حرمتها من حرمة الزنا. بينما يري البعض الآخر أنها قد تكون حلالا إذا كانت الزوجة التي تؤجر رحمها لنفس زوجة زوجها.. أي رجل متزوج من امرأتين.. واحدة منهما لا تنجب. أما أطباء النساء والتوليد فقد أكدوا أنه لا توجد عمليات تأجير للأرحام في مصر علي الإطلاق نظرا لحرمانية هذا العمل.. وطالبوا بأن يكون هناك وعي ديني كبير.. وقناة فضائية تابعة للأزهر للتوعية بمثل هذه الأمور حتي لا تكون ظاهرة. تأجير الأرحام ويعرف أيضا بالحمل البديل وهو عبارة عن حل طبي يتم اللجوء إليه لمساعدة النساء غير القادرات علي الحمل والإنجاب لسبب مشاكل صحية حيث تتم عملية الإخصاب خارج الجسم بتلقيح بويضة المرأة بماء زوجها في المختبر قبل نقلها إلي رحم امرأة متطوعة لتنمو وتستكمل فترة الحمل وفي هذه الحالة يطلق علي المرأة المتطوعة اسم الأم "البديلة" بينما تكون صاحبة البويضة هي الأم البيولوجية وعندما تلد الأم البديلة الطفل تسلمه للزوجين مقابل مبلغ مالي يتم الاتفاق عليه ويصل إلي آلاف الجنيهات وحتي الآن لا يوجد أي مركز مصري يجري مثل هذه العمليات والبعض يقوم بها في الخارج. * الشيخ خالد الجندي من علماء الأزهر الشريف قال إن موضوع تأجير الأرحام يرفضه الشرع الإسلامي بشدة والأخلاق الإسلامية توضع أسباب هذا الرفض لأنه يؤدي إلي نكاح المحارم واختلاط الأنساب ويشيع الزنا لأن الزنا ليس متعة جنسية فقط ولكن دخول ماء رجل في مكان أو رحم امرأة لا تحل له حرام وهذه الواقعة ما هي إلا فجور من امرأة لم تهتم بتعاليم الدين الإسلامي والفجور ليس له مبرر. قال لن تكون هذه الواقعة ظاهرة في المجتمع المصري طالما أن هناك التزاما بالدين الإسلامي وواجبنا كعلماء أن نوجه الناس بتعاليم الدين ويجب أن يسأل الناس رجال الدين قبل القيام بأي عمل في الحياة وخاصة إذا كان هناك شبهة تحريم ولا يصح أن نرتكب الخطأ وبعد ذلك نسأل هل هو حرام أم لا وللعلم المسجد لم يعد كافيا لتوجيه الناس لذلك لابد من وجود قنوات دينية تخاطب الناس وللأسف الأزهر لا يقوم بدوره. وتأجير الأرحام لا يحتاج لفتوي دينية بل هي مسألة أخلاقية فهل تقبل امرأة أن تضع بداخلها ماء رجل غير الذي حلله الله لها ولا نقبل أيضا بزرع الأرحام لأنه يؤدي إلي اختلاط الصفات الوراثية من المرأة المتوفاة إلي الطفل أي اختلاط الأمشاج وكما قال الله عز وجل "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج" اختلاط بين الرحم وجداره الداخلي وبين النطفة واختلاط بين الأحياء والأموات وهذا يؤدي إلي مصائب وأمراض وراثية فلا يجوز تأجير الرحم أو البويضة. * الدكتور أحمد كريمة - أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف - قال: أجمعت المجامع الإسلامية علي تحريم ما يسمي بتأجير الأرحام لأن هناك أعضاء لا يجوز فيها الهبة ولا البيع ولا الشراء ولا الإيجار والتي تختص بالتخليق الآدمي مثل الحيوانات المنوية والبويضة والخصية والرحم وهذه الأعضاء لا يجوز فيها مسألة تأجير الأرحام وإن لم يكن زنا فهو في معني الزنا لأن فيه إيصال لماء رجل أجنبي في رحم من لا تحل له وبالتالي يكون محرما ويترتب علي ذلك مفاسد والولد الذي يأتي من هذه العملية يصير علي خلاف سنة الله في الدنيا ويصير له أُمان وهي الأم التي تزرع منها البويضة ومن أجرت رحمها. وقال.. لابد أن نعترف أن هناك تقصيرا من 40 سنة توصيل المبادئ الدينية الصحيحة لجموع المواطنين والناس انشغلوا بالأمور التافهة وفقه الدين الإسلامي وغياب للأزهر الشريف وتركنا من لا يملكون التخصص في الإفتاء في الظهور علي جميع القنوات ولابد من صدور قانون يجرم الإفتاء لمن لا يحمل شهادة بذلك. * الدكتورة صباح عبدالبصير - استشاري أمراض النساء والتوليد - قالت: إن تأجير الأرحام يحدث بكثرة خارج مصر في دول أوروبية وغيرها وعملية تأجير الرحم مثلها مثل الحقن المجهري فيتم أخذ الحيوان المنوي علي البويضة في وعاء تحت درجة حرارة ويحدث التلقيح وعندما تنجح تبقي في وعاء لمدة خمسة أيام وتنقسم 4 انقسامات وبعد ذلك 8 انقسامات ويأخذونها للرحم وتعرف طريقها علي جدار الرحم وتأخذ المواد الغذائية أما في عملية التأجير فهي تأخذهم جاهزين البويضة الملقحة من الحيوان المنوي للزوج والزوجة عن طريق الدورة الدموية للأم. قالت: إن عملية تأجير الأرحام سلاح ذو حدين وكثير من رجال الدين أفتوا بتحريم مثل هذا الأمر وعلي ذلك فلابد أن ندرأ الشبهات فنبتعد عنها تماما ويجب أن تكون هناك توعية دينية من فقهاء الدين الإسلامي للناس ويكون الداعية وسطيا ونحن نحذر من مخاطر هذا الموضوع. * الدكتور خالد العطيفي - استشاري أطفال الأنابيب وأمراض النساء والتوليد وعضو الجمعية الأمريكية والأوروبية للخصوبة والعقم - قال: إن التعاليم الإسلامية تحرم مثل هذا الموضوع وتعتبر عملية تأجير الأرحام وفكرتها مثل أطفال الأنابيب والحقن المجهري أي بويضة وحيوان منوي في رحم سيدة تؤجر الرحم ولا يجوز هذا الأمر في مصر لأن علماء الدين أعلنوا تحريم هذا الأمر. قال.. إن مثل هذا الموضوع يتم عن طريق 4 أشخاص.. الزوج والزوجة والسيدة التي تؤجر رحمها والفريق الطبي وهذا الطرف أي الفريق الطبي لن يقوم بهذا الأمر في أي مركز علي مستوي مصر وأما عن زرع الأرحام فهي حتي الآن تحت الدراسة والبحث في استراليا وحتي الآن لا يجوز في مصر ولكن الأمر يتعلق بمدي مشروعيتها لأنها تتعلق بالنسب وهذا ما يقف عائقا في الموضوع لأن الفكرة في زرع الرحم أن هناك بويضة وحيوانا منويا يتم وضعهما في رحم علي أنه مجرد وعاء ولكن من الممكن أن يكتشف العلم بعض العوامل التي يأخذها الجنين من رحم الأم ويؤثر علي انتماء الطفل إذا هناك خطورة من تطبيقه لعواقب في المستقبل وتأثير علي الحالة النفسية للأم المؤجرة لرحمها وتحول أعضائها كتجارة. يؤكد الدكتور محمد الشحات الجندي - عضو بمجمع البحوث الإسلامية - أنه يجب توعية المواطنين بهذا الموضوع فقد تقوم هذه السيدة بهذا العمل بدافع إنساني فالبويضة التي أخذتها هذه السيدة هي لزوج وزوجة شرعيين ولا يعد اختلاطا للأنساب علي الإطلاق فمثلا هناك أمهات تقوم بإرضاع أطفال لأن الأم الأصلية لا يوجد لديها لبن في ثدييها ويساهم هذا اللبن في تكوينه وهذا اللبن مختلط وجاء من دمها ولكن هذا لولد محرم علي السيدة فيما بعد. وحذر من أن يتم أخذ موضوع تأجير الأرحام كتجارة والرقيب في هذا الموضوع هو الضمير وللأسف لا يوجد قانون يمنع هذا حتي لا تفتح الباب أمام هذا الأمر حتي لا يتعاظم. * الدكتورة سوسن فايد - أستاذ علم نفس الاجتماعي بالمركز القوي للبحوث الاجتماعية والجنائية - قالت: إذا كانت هذه السيدة قامت بتأجير رحمها للمرة الأولي فقد يكون نظرا للظروف الاقتصادية التي مرت بها وضغوط الحياة ولكن هذه التجربة قد تكون لها توابع نفسية مدمرة وبعد أن يكبر الجنين في رحمها وتشعر به ثم تقوم ببيعه فذلك يكون له أثر نفسي كبير أما إذا قامت بالتأجير أكثر من مرة فهي لا تحمل أي مشاعر حقيقية للأمومة وتسعي وراء الأموال دون النظر لأي شيء. أضافت يجب أن نأخذ من هذه الواقعة إشارة بأن هناك شيئا خطأ يحدث في المجتمع وحتي لا تكون ظاهرة يجب أن تتحرك منظمات المجتمع المدني والمجلس القومي للمرأة والمؤسسات الدينية والجمعيات الخيرية لأنها أكثر الأماكن التي تخاطب السيدات التي تعول أطفال وتوجههم للأماكن التي يستطيعون من خلالها الحصول علي مصدر دخل.