أثارت قضية «زينة» وأحمد عز مسألة «إثبات النسب» من جديد فى الآونة الأخيرة، وهو الموضوع الذى يشغل الرأى العام منذ فترة بسبب ارتباطه بالمشاهير، وكان للممثل الشاب أحمد الفشاوى «السبق» فى هذا الصدد، عندما رفض الاعتراف بابنته من هند الحناوى التى لجأت لتحليل ال «DNA»، وانتهى التحليل بأن أقر هذه العلاقة واعترف الأب بابنته فى النهاية. ويقول الدكتور محمود فريد المتولى أستاذ التحاليل بجامعة المنصورة إن تحليل الأبوة أو ال«DNA» تم اكتشافه فى جامعة «كامبردج» البريطانية، ونسبة الخطأ فيه تبلغ فرصة واحدة لكل 30 مليارا من الحالات، ففى عام 1953 تم اكتشاف التركيب الجزيئى للحمض النووى «DNA »، حيث وضع العالمان «جيمس واطسون» و«فرانسيس كريك» نموذجًا للحمض النووى، ونشر نبأ الاكتشاف فى مقال علمى مقتضب، عرف رسميا بأنه «رسالة» باسم «واطسون» و«كريك» فى عدد مجلة «نيتشر» العلمية فى 25 أبريل 1953. وارتبط التحليل منذ ذلك الحين فى قضايا إثبات النسب، فهو «كلمة السر» السحرية التى تستند إليها كل من تقوم باتهام آخر بأن طفلها منسوب له دون زواج رسمى أو عرفى، كما فى قضية زينة وأحمد عز. ويضيف د. المتولى ل«الصباح» أن بصمة الحمض النووى، أو ال (DNA) عبارة عن بصمة وراثية موجودة فى كل خلية من خلايا جسم الإنسان السائلة منها، كالمنى، واللعاب، والدم، والخلايا الصلبة كالجلد والعظم والشعر، وغيرها، إذ إن لكل إنسان بصمة وراثية تختلف عن الآخرين مثل بصمة الإصبع. وعن كيفية استخدامه فى تحاليل إثبات البنوة أو الأبوة، يوضح د. المتولى أن لكل فرد مزيجا من DNA ، نصفه من الأم والنصف الآخر من الأب، فالمادة الوراثية المنقولة من الأبوين والتى بدورها تحمل رمز أجسامنا تكون مشفرة على ما يسمى بتركيب ال «دى إن إيه» الموجود فى أنوية الخلايا. فالأشخاص الذين بينهم صلة قرابة كالأم والأب والأبناء يحملون سلاسل وراثية مشتركة. وعند إجراء هذا التحليل تؤخد عينة من خلايا الأب مثل الدم أو اللعاب أو الشعر أو غيرها، ويتم تصوير الخطوط التى يظهرها تحليل ال (DNA) عند الأب، ثم يتم أخذ عينة أيضا من الطفل المتنازع عليه أو المشكوك فى نسبه من قبل الأب، ويعامل بنفس الطريقة الأولى، ثم تتم مقارنة نتيجة تحاليل الأب بنتائج تحاليل الطفل، فإذا تطابقت كان ذلك إشارة بأن الطفل من صلبه، وإذا اختلفت النتائج كان ذلك إثباتا بأن الطفل ليس ابنه. وبما أن ال (DNA) صفة وراثية ثابتة موجودة فى الحيوانات المنوية للذكر، وكذلك فى البويضة الأنثوية للمرأة، وهما مختلفان فى ترتيب المكونات الكيميائية لدى كل منهما، فعند التزاوج تتكون البصمة الوراثية للطفل نصفها من الأب والنصف الآخر من الأم، وعند التحليل الوراثى للطفل يظهر نصفى ال (DNA) فى خلايا الطفل مختلفين تماما، أى ما يخص الأب يطابق تماما ما هو موجود فى خلايا الأب فى تحليل الطفل، وما يخص الأم يتطابق مع ما هو موجود فى خلايا الأم فى تحليل الطفل. ويؤكد أستاذ التحاليل بجامعة المنصورة أن نسبة الخطأ فى تحليل الحمض النووى تكاد تبلغ فرصة واحدة لكل 30 مليارا من الحالات، موضحاً أن هذا التحليل معدلات نجاحه تفوق 99.99 % ، أما العينات المستخدمة فى هذا التحليل فهى غالباً من الدم، ولكن أيضاً يمكن استخدام عينات من الشعر أو الاظافر أو الرموش، أو اللعاب، أو أى جزء من الإنسان صلبا أو سائلا، لذا يمكن أن يقوم أحد بعمل هذا التحليل لشخص دون علمه. وهناك معامل خاصة ومعروفة، فضلا عن المعامل المركزية التابعة لوزارة الصحة، تجرى هذا التحليل، وتكلفة إجرائه هى الأغلى بين جميع أنواع التحاليل الأخرى، فهى تتراوح بين 5 و10 آلاف جنيه، طبقاً للدكتور المتولى، ويرجع ذلك إلى أهمية وخصوصية هذا التحليل، فهو يستخدم فى الغالب لأشياء خاصة جدا فى الزواج وفى الطب الشرعى واكتشاف الجناة، وهكذا. ومع أن هذا التحليل الوراثى اكتشف منذ أكثر من 60 عاما، الا أنه منذ أقل من 10 سنوات فقط حدثت ثورة هائلة فى استخدام تحاليل البصمة الوراثية، خاصة بعد اكتشاف «الخريطة البشرية». والDNA نوعان، الأول يستخدم لتحديد السلالة الذكرية، أى اكتشاف الابن كما هو معلوم، ولكن طور بحيث يمكن استخدامه فى إيجاد الأشخاص الذين يلتقون مع الشخص بشكل مؤكد من جيل الجد الأول إلى الجيل 52 وإمكانية التواصل معهم، أى يمكن لك أن تجد أشخاصا يلتقون معك فى جد من آلاف السنين. والنوع الثانى من «DNA» يتعلق بالأم ويستخدم فى تحديد السلالة الأنثوية، أى تحديد الأم وحتى الجدة ال16، والأشخاص الذين يشتركون معك فى سلالة الأم، حدث كل ذلك بالتحديد عام 2009 قامت شركة Family Tree DNA بطرح نوع جديد من الفحص يستطيع الشخص سواءً ذكر أو أنثى بإجراء هذا الفحص. كما يستخدم «DNA» فى معرفة أسماء الدول والأماكن التى يتواجد بها أصحاب سلالتك الذكرية، ومعرفة أقرب القبائل لقبيلتك بشكل علمى. ويُستخدم لتحديد «النسب المئوية الجينية» لنسَب شخص ما من قارات أو مناطق معينة أو إدراج البلدان والقبائل التى ينحدر منها على أساس كلى، من خلال النظر إلى نقاط الحمض النووى للشخص التى طرأ عليها طفرة أو تطور معين، ومن ثم تتم مقارنة النتائج مع نتائج أناس آخرين من جميع أنحاء العالم. ومعرفة النسب عن طريق الحمض النووى هو نوع من الاختبارات مصمم فى الأساس لمعرفة النسب المئوية للأصول الأمريكية والأوروبية والشرق أوسطية والشرق آسيوية والإفريقية الجنوب صحراوية الأصلية التى يحملها الشخص، وعندما يتم إجراء الاختبار الأول، يمكن تحليل المزيد من العلامات الجينية لتحديد المكان الحقيقى الذى ينتمى إليه الشخص، وعلى سبيل المثال، يمكن لمن كانت نتائجهم أوروبية إلى حد كبير إجراء الاختبار لتحديد المقدار الفعلى لكونهم أوروبيين أو شرق أوسطيين أو جنوب شرق آسيويين. من جانبه، يقول الدكتور عبد الهادى مصباح: إنه على الرغم من خصوصية واقتصار هذا التحليل على بعض المعامل، فإن هذا التحليل معروف على أوسع نطاق فى أمريكا وأوروبا، بل إن هناك سيارة «فان» طولها 8.5 متر عبارة عن عيادة طبية متنقلة مكتوبا عليها «من هو الأب الخاص بك؟» تطوف فى شوارع نيويورك تقدم على الفور خدمات اختبار الحامض النووى المحمول، حيث تؤخذ العينة من الحامض النووى وتتم تعبئتها وإرسالها إلى مختبر فى ولاية أوهايو، ويتم إرجاع النتائج فى غضون من 3- 5 أيام. ومن جهته، يقول المستشار محمد مختار غويبة رئيس محكمة استئناف القاهرة سابقا ل«الصباح» «إن هذا التحليل يتم إجراؤه فى قضايا إثبات النسب عن طريق الرضا ولا يحق للنيابة العامة أن تجبر المدعى عليه بعمل ذلك التحليل أبدا. وفى جميع القضايا المنظورة أمام المحاكم فى إثبات النسب ، يكون التحليل برضا الطرف الآخر ما لم يوجد عقد، فهو غير قانونى أى لا يوجد أى نص فى القانون يجبر الزوج أو الزوجة أن يقوم بعمل تحليل حمض نووى إلا فى حالة واحدة، وهى من حق النيابة العامة، بأن تجبره الأخيرة على إجراء هذا التحليل بإذن صادر منها ويكون التحليل فى معمل من معامل وزارة الصحة المعتمدة، وفى هذه الحالة لابد أن يكون هناك عقد بينهما سواء كان رسميا أو عرفيا.
ويوضح المستشار «غويبة» أنه فى معظم الحالات التى أقامت دعاوى أمام المحاكم وطلبت تحليل « DNA» لإثبات النسب ، لا توجد أوراق تثبت ذلك النسب، لذلك فهى تلجأ لهذا التحليل باعتباره الحل الأخير الذى ينصف الطرف المظلوم على الطرف الآخر سواء كان المدعى أو المدعى عليه.