الصراع بن جماعة «الإخوان المسلمن » ومؤسسة القضاء، أبجدية عداء متدفقة بلا نهاية. هكذا يقول التاريخ، منذ تأسست الجماعة الإرهابية على يد حسن البنا فى عام 1928 ، وتبدو عملية اغتيال القاضى أحمد الخازندار، فى 22 مارس 1948 خير دليل على عداء الجماعة للقضاة، ففى ذلك اليوم خرج الخازندار من منزله بحلوان متجهاً إلى منطقة وسط القاهرة حيث مقر المحكمة وبحوزته أوراق قضية تفجيرات سينما مترو، التى اتهم فيها عدد من شباب الإخوان، وما هى إلا لحظات وأخرج كل من حسن عبدالحافظ ومحمود زينهم مسدساتهما وأطلقا واب ا من الرصاص ليسقط الخازندار أول شهيد للقضاء المصرى على يد الجماعة الإرهابية، تكررت حالات تنحى القضاة الذين ينظرون قضايا الإخوان لم يشهد لها مثيل، كتنحى المستشار على مشهور رئيس محكمة جنح الخانكة عن نظر قضية سيارة ترحيلات أبوزعبل، وكذلك تنحى المستشار مصطفى سلامة عن قضية محاكمة المرشد العام محمد بديع ونائبيه فى قضية استعراض القوة واستعمالها أمام مكتب الإرشاد، ومن قبله تنحى المستشار محمد أمين القرموطى فى ذات القضية التى أحالها إلى محكمة الاستئناف لتحديد دائرة أخرى لنظرها. وبين التنحى والأحكام التى تصدر ضد أعضاء بالجماعة، كشف المستشار سعد السعدنى وكيل نادى قضاة الإسكندرية ل «الصباح »، عن سر الهجمة الإخوانية وتفاصيل تعرض القضاة لتهديدات الجماعة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، مضيفاً: تجب الإشارة إلى أن القضايا التى تنحى عنها القضاة كان السبب الرئيسى وراءها هو استشعار الحرج وليس الخوف من تهديدات الإخوان، ولكن كان علينا الوقوف خلف القضاة الذين يتعرضون لتهديدات خاصة بعد البيان الأخير ل «تحالف دعم الشرعية » والذى استهدف من خلاله القضاة الذين أصدروا أحكاماً ضد عناصر الإخوان، وتم إرسال مذكرة إلى النائب العام فيها شرح تفصيلى حتى يحصل القضاة على الحماية اللازمة خاصة فى القضايا المنظورة حالياً. وفيما يخص التهديدات التى تأتى للقضاة يتابع السعدنى: تاريخ هذه التهديدات يرجع إلى واقعة اغتيال الخازندار وصولاً إلى التهديدات التى نتلقاها يومياً باقتحام المحاكم وقتل القضاة ورسم وكتابة عبارات مسيئة على سور نادى القضاة، وقد أبلغت مدير أمن الإسكندرية بهذه الأمور
على تصريحات من قاضى محاكمة فتيات حركة 7« الصبح » المستشار أحمد عبدالنبى، الذى أكد أن القضاء لا يدخل فى صراع شخصى مع أى شخص أو جماعة. لكن الصراع من جانب الجماعة ضد القضاة، لافتاً إلى أن حماية القاضى أثناء نظر القضية وبعدها عامل رئيسى لابد أن تنظر إليه الجهات المختصة، فأثناء نظر قضية بنات 7 الصبح تم تعيين فردى شرطة لحمايتى، وداخل القاعة كان أفراد الشرطة يؤمنون القاعة بالكامل وبوابات إلكترونية، وخارج القاعة كانت سيارات الأمن المركزى تقف بكثافة وبعد صدور الحكم تم سحب الحراسة على الرغم من أن الجزء الثانى من القضية مازال لم يصدر فيه حكم، وهم القيادات التى حرضت الفتيات على تشكيل الحركة، وقد أرجعت ذلك إلى عاملين وهو أن الضغط الإعلامى لحماية القاضى له أثر كبير. خطة القصاص وبن الإصرار على استكمال نظر القضايا، والتنحى، حصلت «الصباح » على تفاصيل مخطط الإخوان للحصول على البراءة فى كافة القضايا المنظورة أمام المحاكم والمتهم فيها القيادات الإخوانية والرئيس المعزول، حيث صرح مصدر مطلع ل «الصباح » قائ اً: بعد إدراك عناصر وقيادات الجماعة أن المحاكمات قادمة لا محالة تم وضع خطة ليحصلوا من خلالها على البراءة، وهى ذات شقين الأول وقد فشلوا فى تحقيقه وهو عقد الصفقات مع الحكومة وبمقتضاها يحصل القيادات والرئيس المعزول على البراءة مقابل تهدئة الأمور وإيقاف العنف فى الشارع، وكان مهندس هذه الصفقة هو الدكتور محمد على بشر وعمرو دراج أمين حزب الحرية والعدالة وقد فشلوا فى إقناع المسئولين ببنود الصفقة. أما الشق الثانى من الخطة فيتم فيه التنسيق مع خلايا الإخوان فى المحافظات والوزارات والهيئات السيادية وداخل وزارة العدل ذاتها عن طريق إخراج بيانات القضاة المسئولين عن محاكمة قيادات الإخوان كالعناوين وأرقام التليفونات وعدد أبنائهم وأماكن دراستهم أو محال عملهم، حيث يتم إمداد مجموعة «التنظيم الخاص » بهذه البيانات للإشراف على تهديد القضاة وإرغامهم على التنحى أو إصدار حكم بالبراءة، وقد خرجت هذه البيانات بالتنسيق بين بعض محامى الإخوان بيانات القضاة ونشر شائعات حول البعض الآخر. أكد المستشار محمد عبده نائب رئيس محكمة النقض أن كل الاعتداءات
«لابد من توفير الحماية اللازمة للقاضى حتى لا يتعرض لمثل هذه الاعتداءات ». فى السياق ذاته، طالب المستشار فتحى عبدالله وكيل نادى قضاة القاهرة، الجهات الأمنية بتوفير الحماية اللازمة للقضاة خاصة فى القضايا المتعلقة بالجماعة الإرهابية وأعضائها، فبعد التهديدات التى تلقاها 6 من القضاة بمحاصرة منازلهم لا يوجد أكثر من ذلك، وتابع عبدالله: خاطبنا وزارة الداخلية من أجل توفير الحماية اللازمة للقضاة فى ظل الوضع الحالى، وتعرض القضاة لحملات إرهابية من قبل أعضاء المحظورة، فنحن لن نقبل بخازندار جديد الذى اغتيل على يد الإخوان فى أربعينيات القرن الماضى. فى حين أكد الدكتور محمود كبيش عميد حقوق القاهرة ل «الصباح » أن أسلوب الإخوان المتبع الآن هو المماطلة فى المحاكمات لمنح أعضائهم فرصة لارتكاب مزيد من الفوضى والعنف، مضيفاً أن رد المحكمة هى الورقة الأخيرة التى يلعب بها التنظيم الإرهابى، فالأسباب التى يذكرها الدفاع لا تتماشى مع الأسباب التى ذكرتها هيئة الدفاع، ولابد من الفصل فى هذه الطلبات سريعاً، فالمتهم إذا كان يؤمن ببراءته فيتمنى أن تكون المحاكمة سريعة وناجزة، أما المعزول وقيادات الإخوان فمتأكدون من تورطهم فى كل الاتهامات الموجهة إليهم. وعلى الجانب الآخر قال القيادى الإخوانى المنشق ثروت الخرباوى ل «الصباح »: القاضى لا يستطيع أن يصدر حكماً وهو فى حالة غضب حتى لا يؤنب ضميره فيما بعد، وبالتالى يلجأ الى التنحى. فخطة الإخوان تقوم على تعطيل وتأجيل المحاكمات لحين قدوم المساعدات الدولية، ويأتى الفرج من الخارج وهذا ما يظنونه. قضاة داخل الجماعة القضاء هو ملف من مئات الملفات داخل جماعة الإخوان، وقد تولى هذا الملف قبل ثورة يناير المستشار فتحى لاشن والملقب بقاضى قضاة الإخوان وتسلم الراية من بعده المستشار وليد الشرابى، الذى تزعم حركة قضاة من أجل مصر. وجدير بالذكر أن الجماعة اهتمت بضم رجال السلك القضائى من أيام الإمام حسن البنا وبعد مقتله لإدراكهم بأن القاضى وسيلة الإخوان للوقوف وامام المحاكم والاحتماء به من بطش النظام السابق .