أدت التعديات الصارخة على أملاك هيئة الأوقاف إلى ضياع مليارات الجنيهات نتيجة لعدم إحكام الرقابة وترك هذه الأملاك المستباحة لمافيا الاستيلاء على الأراضى والبناء المخالف وتبوير الأراضى الزراعية وتحويلها إلى عقارات بالقاهرةوالجيزةوالقليوبية، حتى وصل حجم التعديات إلى أكثر من 600 فدان. وفى القاهرة يعتبر حى المطرية من أكثر المناطق التى تم الاستيلاء فيها على أراضى هيئة الأوقاف وتحويلها إلى عقارات وجراجات عمومية، بالإضافة إلى عدم الاهتمام بالمساكن الشعبية التى تم بناؤها على هذه الأراضى فى منطقة قليوب منذ عام 1956 فأصبحت متهالكة تمامًا، وكذلك العمارات الاستثمارية التى تم إنشاؤها منذ سنوات، ولكنها خالية من السكان وتعرضت للنهب والسرقة من قبل البلطجية بعد ثورة 25 يناير. وفى البداية يقول طه محمد (أعمال حرة) إن منطقة المسلة بالمطرية بها مساحة تقدر ب 64 فدانًا تابعة لهيئة الأوقاف ويطلق عليها الأرض السوداء لأنها كانت أراضى زراعية وبعد ثورة 25 يناير تم التعدى عليها من قبل البائعين والبلطجية وإقامة الأكشاك المخالفة دون الرجوع للهيئة. من جانبه، يقول محمد عبد الحميد إن هناك أرضًا تتبع الأوقاف تحولت لمنطقة ملاهٍ للأطفال تعمل بدون ترخيص، وتفتقر لأبسط قواعد السلامة، فيما يشير محمود السيد بالمعاش قيام الجهات المعنية بإزالة التعديات على أرض المزرعة بمنطقة المسلة بحى المطرية، والتى تمتلكها هيئة الأوقاف، والتى تقدر بأكثر من 500 فدان العام الماضى، ولكن سرعان ما قام البلطجية بالرجوع مرة ثانية وبكثافة، وأقاموا أماكن لانتظار السيارات وكافيتريات واكشاك وطبعًا الأموال الطائلة المهدرة يستفيد منها البلطجية وتجار المواد المخدرة لافتًا إلى أن المشاجرات الدائمة هى اللغة الأساسية لديهم والحال لا تختلف فى غيرها من المناطق مثل أرض الأوقاف بمصر الجديدة وشارع الكورنيش. فى حين يقول محمد فتحى عامل مقيم بأحد مساكن الأوقاف بالمطرية أن هذه المساكن مقامة منذ عام 1959 ولم يتم إجراء أى ترميم لها منذ ذلك التاريخ، فالجدران متهالكة والسلالم مكسورة ومواسير الصرف الصحى تطفح خلف البلوكات والسكان يعيشون حياه غير آدمية لأن مساحات هذه الشقق صغيرة جدًا فمساحتها بين 40 – 50 مترًا، لافتًا إلى أن هيئة الأوقاف توافق على تمليك هذه الوحدات بعد دفع 25 ألف جنيه للشقة، لكن معظم السكان لا يستطيعون توفير هذا المبلغ. وتؤكد سعاد إبراهيم ربه منزل أن هذه المساكن مقامة منذ عهد عبد الناصر وكانت جيدة جدًا، لكن مر عليها سنوات كثيرة دون ترميم، ولكن يتم إرسال موظف من وزارة الأوقاف لتحصيل الإيجار ويبلغ 20 جنيهًا، ولكن يقوم المستأجرون الأصليون بتأجيرها من الباطن بمبلغ 300 جنيه للشقة المكونة من غرفة وصالة و500 جنيه للشقة غرفتان وصالة، على الرغم من تهالكها إلا أن السكان يضطرون إلى دفع هذا الإيجار المرتفع لعدم توافر السكن البديل. ويرى محمد أحمد محاسب ضرورة إزالة تلك المساكن وبناء عمارات غيرها وتأجيرها بمبالغ جيدة لأنها ثروات مهدرة يقوم 80 % من سكانها الأصليون بتأجيرها من الباطن. وفى القليوبية يقول طارق حسن صاحب مصنع بمنطقة عزبة الوقف بالقليوبية «إن المحافظة بها مساحات كبيرة من الأراضى التى تتبع هيئة الأوقاف، وبعد الثورة تم التعدى على مساحات كبيرة خاصة الأراضى الزراعية التى تم البناء عليها بالمخالفة للقانون. بينما يقول مصطفى إبراهيم، صاحب ورشة، أن معظم أراضى الأوقاف بمنطقة القناطر الخيرية تم البناء عليها لأن إيجارها بسيط، وكل فترة يتم إجراء مزادات من الأوقاف لشراء هذه الأراضى المغتصبة مما شجع العديد منهم على البناء المخالف وتهديد الرقعة الزراعية. ويؤكد محمد سيد مزارع بالخصوص أن بعض الأراضى الزراعية بالمنطقة تم تبويرها وتحويلها إلى عمارات من قبل المستأجرين. ويؤكد إبراهيم عبد المنعم (مندوب مبيعات) أن يوجد مئات الأمتار التابعة للهيئة تم الاستيلاء عليها من قبل الأهالى أقاموا عمارات سكنية مخالفة للقانون بمدينة قليوب بالقليوبية، والتى تمثل إهدارًا للمال العام حيث توجد 5 عمارات سكنية استثمارية كل عمارة بها 110 شقق على مساحات هائلة، وتسمى «عمارات الحرامية» لأن أسعارها مرتفعة للغاية حيث تقدر مساحتها من 90 إلى 95 ويبلغ سعرها 350 ألف جنيه. وتكشف سميرة محمد (موظفة) عن وجود قطعة أرض كبيرة ملك للأوقاف بشارع عدوى سليم بمنطقة الزهراء بالعمرانية الغربية بمحافظة الجيزة، كانت مُسيجة بسور وعليها لافتة تثبت ملكيتها لها، لكن بعد الثورة تم التعدى عليها من قبل البلطجية وتم إزالة اللافتة وإغلاقها بباب حديدى وتحويلها إلى جراج عمومى للسيارات لتدر آلاف الجنيهات شهريًا على مغتصبى هذه الأرض. وفى المقابل، يؤكد طارق زايد رئيس مجلس مدينة القناطر الخيرية إنه «فى حالة التعدى على أراضى الأوقاف يتم التعاون مع المجلس المحلى والإدارة الزراعية والهندسية لتحرير محاضر بالمخالفات، وإخطار الجهات الأمنية لتنفيذ الإزالة وعند حدوث معوقات فى التنفيذ أو تصالح وشراء المخالفين للأراضى المتنازع عليها يتم إخطارنا لإيقاف إجراءات الإزالة، وتم تحرير العديد من المحاضر بالبناء والتعدى على الأراضى وفى انتظار الموافقة الأمنية للتنفيذ. وفى سياق متصل، أكد المهندس صلاح الجنيدى رئيس هيئة الأوقاف ل«الصباح» أنه بعد ثورة 25 يناير زادت تعديات المواطنين على أراضى الأوقاف، وقامت الهيئة بالتدخل لاسترداد أراضيها فى مختلف المحافظات خاصة بالقاهرة والإسكندرية والغربيةوالقليوبية والبحيرة وغيرها من المحافظات، كما أن الهيئة تقف بالمرصاد لأى شخص أو جهة تعتدى على الأراضى المملوكة لها، وستقوم الهيئة خلال الأيام القادمة بحصر الأوقاف المعتدى عليها من قبل البلطجية فى المطرية وغيرها وإزاله جميع التعديات. وإقامة العديد من الوحدات السكنية على هذه الأراضى. ويشار إليه أن هيئة الأوقاف المصرية، ناشدت فى بيان لها أصدرته الأسبوع الماضى «كل الجهات المعنية عدم تسجيل أى أراضٍ هى ملك الهيئة أو معتدى عليها، وهى فى دائرة النزاع القضائى، وعدم إصدار أى تراخيص أو تصاريح بناء أو مرافق دون خطاب موثق صادر عن رئيس مجلس إدارة الهيئة فى جميع أنحاء الجمهورية».