ضابط يشهد تاريخه المهنى أنه من أمهر من أنجبت وزارة «الداخلية»، فى مجال البحث الجنائى ومواقفه السياسية كوزير أضافت زخماً إلى شخصيته. اختار أن يضحى بمنصبه واصطدم بنظام «الإخوان» فى أوجه، لم يرتدع لتهديدات نائب المرشد الإخوانى خيرت الشاطر، وألقى القبض على حارسه لحيازته سلاحاً دون ترخيص، ولم ترهبه بذاءة حازم أبوإسماعيل، ورفض الانصياع لأوامر الرئيس المعزول محمد مرسى ومرشده لإطلاق الرصاص على متظاهرى قصر «الاتحادية» الرئاسى فأقالوه. فى أعقاب ذلك، انضم إلى صفوف الشعب، وشاركهم تظاهرات 30 يونيو وبعدها كوّن جبهة «مصر بلدى»، ليدعم «خارطة الطريق» ويحشد للتصويت ب«نعم» على الدستور، ويشد من أزر زملائه وأبنائه فى وزارة الداخلية فى حربهم ضد الإرهاب. إنه وزير الداخلية السابق والمنسق العام لجبهة «مصر بلدى» اللواء أحمد جمال الدين، الذى أكد فى حواره ل«الصباح» أن ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من كوارث كانت ستلقى بها إلى الهاوية، لولا نزول الشعب إلى الشوارع والميادين بالملايين للإطاحة بحكم الإخوان، مبرراً ظهوره على الساحة السياسية وتأسيسه جبهة «مصر بلدى» بدوافع وطنية. واستنكر الوزير السابق، الحملة التى يقودها الإخوان لضرب الاستفتاء على الدستور، كاشفاً سعى أبناء حسن البنا إلى تكوين جيش حر على غرار نظيره فى سوريا يتشكل جنوده من شباب العشوائيات. مزيد من التفاصيل المثيرة فى السياق. * ما الذى دعاك لتكوين جبهة «مصر بلدى» وما أهدافها؟ - هناك دوافع وطنية خالصة دعتنى إلى تكوين هذه الجبهة. كنت حائراً فى اختيار اسم لها، رغم وضوح الأهداف من ورائها، وهدانى تفكيرى إلى تسميتها «مصر بلدي»، لأنها بالفعل بلدى ومعشوقتى ومعشوقة كل المصريين الشرفاء الذين سارعو بالانضمام إليها بدافع خوفهم على البلد التى تمر بمنعطف خطير، حيث إن المخاطر تحيق بها من كل اتجاه، وأصبح عداء الداخل أشد خطراً عليها من العدو الخارجى، ولمّا وجدنا هذا التكالب على مصر كان لزاماً علينا أن نتحرك سريعاً، فكانت فكرة الجبهة، التى يتلخص دورها فى دعم «خارطة الطريق»، وعقد مؤتمرات جماهيرية فى جميع المحافظات، والحشد للتصويت على الدستور، وتوحيد صفوف الشعب ونزع فتيل الخوف الذى بثه الإرهابيون فى قلوب المواطنين البسطاء. * هل هذه الجبهة نواة لحزب سياسى تنتوى تأسيسه؟ - فكرة تكوين حزب سياسى مطروحة، لكن الوقت ليس مناسبا، لأننا الآن أمام تحديات أهم وهى استكمال «خاطة الطريق»، وإجراء انتخابات رئاسية ونيابية، ومحاربة الإرهاب، ولذا فالأهم هو التصدى سريعا لتلك المخاطر، ولا يعنينا أن تكون وسيلة التصدى فى إطار جبهة أو حزب أو حتى جمعية. * كيف ترد على من يتهم الجبهة بإعادة إنتاج الحزب «الوطنى» وضمها لرموزه؟ - هذا كلام غير صحيح، لأن الجبهة تضم جميع أطياف ورموز المجتمع، والمؤسسين يحظون بقبول شعبى ويكفينى الإشارة إلى فضيلة المفتى السابق على جمعة، واللواء صلاح المعداوى محافظ الدقهلية السابق وقيادات الأحزاب المدنية برئاسة النائب السابق ناجى الشهابى ورموز نقابية وعمالية ورؤساء تحرير وكتاب كبار ورجال دين إسلامى ومسيحى وعلماء أزهريين ومواطنين بسطاء وجميعهم بلا مآرب ويعشقون تراب الوطن ولا ينتظرون مكاسب من وراء تلك الجبهة. * تردد مؤخرا أنك ستصبح نائب رئيس الجمهورية القادم. ما تعليقك؟ - لا أنا كده مرتاح.. هذه مسؤلية ثقيلة وكان الله فى عون من يكتب عليه القدر أن يتحملها. أنا والحمد لله زاهد فى المناصب وكل أمنياتى تخص البلد الذى أصبح حاله مثير للحزن، وكل هدفى أن يستفيق الشعب وينهض ويقوم بتحريك عجلة الإنتاج التى صدأت من الوقوف على مدار ثلاث سنوات عجاف فقدت مصر خلالها الكثير، وتدهور الاقتصاد وأغلقت المصانع، وساد الانفلات الأمنى والأخلاقى. * ما رأيك فى الدستور بعدما اطلعت عليه وقرأت ما بين سطوره؟ - أعتبره عملا إبداعيا، فقد استطاعت لجنة «الخمسين» برئاسة عمرو موسى ومن قبلها لجنة «العشرة» أن تضع دستورا ذو هوية مصرية، يعبر عن كل أطياف المجتمع، ولم يغفل أى فئة فقد أنصف المرأة وأعطى المسيحيين حقهم، ولم يغفل ذوى الاحتياجات الخاصة، فضلا عن أن «الخمسين» وضعت نصب أعينها التجريف الذى قام به الإخوان خلال عام حكمهم، فحصنت البلاد من تلك المخاطر واستحدثت مواد جديدة لتلائم المتغيرات السياسية والاقتصادية، والجبهة تدعو كل المواطنين الشرفاء للخروج إلى لجان الاستفتاء يومى 14 و15 يناير الجارى، ليقولوا كلمتهم قوية «نعم للدستور.. نعم للاستقرار». * الشارع ملىء بنسخ مزورة لمشروع الدستور، بماذا تفسر ذلك؟ - هذه مؤامرة واضحة من الإخوان لتشويه الدستور وأحذر المواطنين من النسخ المزورة الذى ضخها الإخوان فى الشارع لتضليل الرأى العام وإيهام الناس أن الدستور يجيز سب الدين ويبيح الكفر وبناء دور عبادة لغير المؤمنين بالرسالات السماوية الثلاث، وأراهن على فطنة الشعب الذى يميز الغث من السمين، ويفهم أن تلك المؤامرات تحاول النيل من دستور هو الأفضل عبر تاريخ مصر. * البعض اتهمك بأنك شاركت فى 30 يونيو لتثأر من الإخوان لأنهم ظلموك؟ - شاركت فى ثورة 30 يونيو بشخصى كمواطن مصرى، وليس بصفتى وزير داخلية سابق أراد أن ينتقم ويثأر كما يقول البعض. الأمر لم يكن كذلك أبداً، فقد كنت أشعر بحرقة على البلد الذى انهار بسبب سياسات جماعة لا يهمها مصلحة مصر وشعبها بقدر ما يهمها مصلحة التنظيم الدولى، وكنت أشفق على المواطنين الذين تعاطفوا معهم ومنحوهم أصواتهم مقابل وعود أو عطايا عينية تمثلت فى زجاجة زيت وأكياس أرز، وشعروا بعدها أنهم ضحية لعملية نصب سياسى. * هل لنا أن نتعرف على كواليس المعارك التى خضتها مع الإخوان وأقالوك بسببها؟ - أفضل عدم الخوض فى تفاصيل ذكريات سيئة مرت عليّ كأنها كابوس. أحمد الله أننى تجاوزتها بسلام. * لكن من حقنا أن نتعرف على جزء ولو بسيط عن أسباب إقالتك؟ - من الممكن أن أقول إن الإخوان حاولوا توريطى وتلويث يدى بدماء الشعب الطاهرة لكننى رفضت أن أتصدى بالقوة للثوار الذين حاصروا قصر «الاتحادية» كما أننى نفذت القانون على الجميع ورفضت وساطة الشاطر فى قضية حارسه وأمرت بإحالته إلى النيابة شأنه شأن أى خارج عن القانون وازداد غضب مكتب الإرشاد نحوى عندما رفضت الموافقة على استخراج تراخيص حمل أسلحة لشباب الحرية والعدالة حتى لا يستغلوها فى مواجهة الشعب الثائر عليهم. * هل أنت حزين لإقالتك من منصبك؟ - على العكس. أشعر براحة ضمير لأننى قمت بواجبى والحمد لله حمل حقيبة الوزارة بعدى صديق عزيز وزميل ذكى يعمل بإخلاص ويواصل مع رجاله العمل ليل نهار لإعادة الانضباط إلى الشارع. * هنا السؤال يطرح نفسه متى يعود الانضباط للشارع؟ - المسئولية ثقيلة على رجال الشرطة الذين تحملوا خلال العقود الثلاثة الماضية تبعات ممارسات سياسية أنهكتهم وخلقت شيئا من العداء بينهم وبين الشعب بعد أن وضعهم النظام السابق فى مواجهة مباشرة مع الشعب خاصة فى الإضرابات والاعتصامات وتأمين الانتخابات والمباريات كل هذا شغل الأجهزة الأمنية عن دورها الأصيل فى فرض الأمن ولا أحد ينكر أن الداخلية الآن تعمل بكل طاقتها وعادت إلى الشارع وشعر المواطن باهميتها وتصالحت مع الجماهير وهذه هى نقطة البداية لعودة الانضباط. * ماذا عن علاقتك بوزير الداخلية الحالى اللواء محمد إبراهيم؟ - العلاقة على ما يرام، فهو صديقى وتزاملنا العمل فى أسيوط وأشهد له بالكفاءة والذكاء فهو ثعلبى التفكير استطاع أن يراوغ نظام الإخوان الفاشى حتى تم إسقاطه وانحاز ورجاله إلى الشعب وأنا متابع جيد لمجهوداتهم وأدعو لهم بالتوفيق فى حربهم على الإرهاب وعلى يقين أنهم منتصرون بعون الله وتكاتف الشعب ودعم القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبدالفتاح السيسى. * الشىء بالشىء يذكر وهنا يقفز السؤال: برأيك من يصلح لرئاسة مصر؟ - الفريق السيسى طبعاً، لأنه رجل يتمتع بكل المواصفات التى يجب أن تتوافر فى الرئيس، فضلا عن عشق الشعب له، ودوره الملموس فى استعادة مصر المخطوفة على مدار عام كامل. * البعض قلق من سلسلة التفجيرات الإرهابية الأخيرة ويشعر أنها محاولة لإفساد الاستفتاء على الدستور هل لديك تفسيرات أو معلومات؟ - أود طمأنة جموع الشعب بأن محاولات الإرهابيين إفساد عرس الاستفتاء كانت متوقعة لأنهم يخوضون جولتهم الأخيرة والتفجيرات هى الكارت الأخير الذى يلعبون به وهو كارت محروق، لأن إرهابهم لن يفلح بإفساد الاستفتاء وواثق من أن الشعب سينزل للتصويت بنعم نكاية فى الإرهابيين. * تعليقاتك على التفجيرات الأخيرة التى ضربت الدقهلية والقاهرة والشرقية وهل هناك شبهة تقصير أمنى؟ - التفجيرات الأخيرة عمليات خسيسة يقوم بها أناس لا يستحقون حمل الجنسية المصرية والعدالة سوف تقتص منهم ويكون مصيرهم الحكم بالإعدام حسب العقوبات المقررة على جرائمهم وكل من يرفع سلاح فى وجه الدولة إرهابى والإخوان إرهابيون حسب نص القانون. * هل توقيت إعلان الحكومة جماعة الإخوان «إرهابية» جاء فى التوقيت المناسب؟ - برأيى القرار تأخر كثيراً وكان لابد من إعلان هذا التنظيم جماعة إرهابية قبل سنوات وأنا مندهش من هذا التأخير ولا أجد له مبرراً. * هل تتوقع تنفيذ عمليات إرهابية جديدة خلال الأيام المقبلة؟ - وارد جداً، لأنها كما قلت الكارت الأخير للإخوان للانتقام من الشعب الذى خرج ثائرا عليهم فى 30 يونيو السابق والدولة لن تقف مكتوفة الأيدى أمام مخططهم القذر بل ستتصدى وبحزم لكل من يرفع سلاحاً فى وجه الدولة حكومة وشعباً. * إذاً ما الحلول المناسبة لتجاوز هذه الأزمات وبخاصة الأمنية والاقتصادية؟ - أزعم أن هناك حلولاً جدية وضعتها الحكومة لإدارة هذه الازمات وحلها إلى جانب الحلول الأمنية التى أضحت ضرورة لكن وحدها لا تكفى وتحتاج الأجهزة الأمنية إلى تكاتف وتعاون من الشعب وعدم التستر على أى إرهابى حتى ولو كان قريباً أو جاراً أو صديقاً، وأناشد سكان المناطق العشوائية الإبلاغ عن أى شخص غريب يسكن منطقتهم أو قريب يشكون فى انتمائه لهذا التنظيم الإرهابى، لأن خطتهم القادمة هى تكوين جيش حر على غرار ما حدث فى سوريا، يتم تشكيله من شباب العشوائيات لخلق الفوضى فى الشارع، وأخيراً أنا متفائل بشأن المستقبل الذى سيكون أفضل رغم كل هذه الصعاب والتحديات وأتوقع أن تعود السياحة بعد انتهاء الحرب على الإرهاب وفرض السيطرة الأمنية على الشارع وإعادة الانضباط إليه وذلك كله لن يستغرق وقتاً.