لا أحد ينكر تنامى شعبية وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى الشارع المصرى، منذ الإطاحة بالنظام الإخوانى، عقب ثورة 30 يونيو، ما أدى إلى ظهور حملات عدة تجمع توقيعات شعبية من المواطنين تطالب بترشيح الرجل لمنصب رئيس الجمهورية، باعتباره «القائد المخلِّص». «الصباح» خاضت مغامرة ميدانية لرصد شعبية السيسى ومدى توافق المصريين على اختياره رئيسا للبلاد. انطلق محررا الجريدة فى شوارع العاصمة، بعد طباعة استمارة حملة «السيسى رئيسى»، فتسارع المواطنون على توقيعها، ولم يكن الغرض من هذه المغامرة إحصائيا، بل لرصد ردود الفعل المؤيدة والمعارضة للفكرة. فى السياق تفاصيل مثيرة! 200 استمارة تقريبا هى إجمالى ما تم جمعه فى غضون ثلاث ساعات، أى ما يعادل استمارة كل دقيقة، وبعملية حسابية بسيطة يتبين لنا أنه لو تمت الدعوة لهذه الاستمارات على مدار يوم واحد فقط أى 24 ساعة، سيتم تجميع 1440 استمارة يوميا، ولو استغرقت الحملة أسبوعا واحدا فقط سيصبح عدد الاستمارات 10080، مع الأخذ فى الاعتبار أن هذا الرقم وُضع بشكل تقريبى وقابل للزيادة، نظرا لوجود عدد كبير من المشاركين فى الحملة الحقيقية -التى تحمل نفس الاسم- وينتشرون فى المحافظات كلها، أى أن بإمكانهم الحصول على ضعف هذا الرقم بمجهود أقل. داخل المترو تنقل محررا «الصباح» بين عربات مترو الأنفاق، وبدأت الرحلة من محطة «الدقى» وانتهت فى محطة «الخلفاوى»، أى بما يعادل 10 محطات متتالية، وبمجرد الدخول إلى العربة وإبراز الاستمارة المطبوعة وإيضاح ما فيها، انتاب بعض الركاب حالة من الصمت فى البداية، إلى حين تفحص محتوى الاستمارة، ثم بادر معظمهم بتوقيع النسخ، وتكرر السيناريو فى عدد من العربات، إلى أن وصلنا محطة «مسرة» وفى إحدى العربات انتقدنا شابان يقفان على مشارف عقدهما الثالث، موجهين لنا بعض الاتهامات، على شاكلة «انتوا مُغيبين وبتحلموا، مش هنسمح إن السيسى يكون رئيس البلد دى»، وغيرها من العبارت التى أثارت الفوضى والأحاديث الجانبية داخل عربة المترو، ثم رد صوت من نهاية العربة قائلاً: «لما نشوف برنامجه الانتخابى وقتها نحدد إذا كان هيصلح يكون رئيسنا ولا لأ»، فارتفعت الأصوات أكثر، وكاد الأمر يتحول إلى عراك داخل العربة بين مؤيدى ومعارضى السيسى، لولا نزولنا من المترو فى الوقت المناسب، وبالتحديد فى محطة «الخلفاوى» وتركناهم وقد تم ملء نحو 50 استمارة فى ساعة واحدة وداخل عربة مترو واحدة فقط. بمجرد الصعود، ترتطم قدمانا برجل عجوز، يبادر هو بالنداء علينا لنقترب منه أكثر، فيطلب منا أن يملأ الاستمارة بعد أن شرحنا له محتواها، فيطلب منا أن نساعده فى الكتابة حيث يجهل القراءة والكتابة، وبالفعل ساعدناه وسجلنا بيانات بطاقته الشخصية كاملة، وفى الأثناء انضم شخصان طلبا التوقيع على الاستمارة وأخذ نسخ غير موقعة لتصوير نسخ وتوزيعها فى المناطق التى يقطنونها. شبرا ترحب بالفريق عُرف كثيرا عن ساكنى أهل منطقة شبرا حول نزولهم فى التظاهرات ضد الإخوان وتصديهم الدائم لأحداث العنف، مما دفعهم إلى الإقبال الكبير على ملء الاستمارات، بل قرر بعض أصحاب المحال التجارية مساعدتنا بطباعة بعض النسخ ووضعها فى محله، وقال إنه سيعلن فى المنطقة عن وجود الاستمارات لديه، ومنه سيجمع عددا كبيرا من الاستمارات ثم سيتصل بأرقام الحملة المدونة على الاستمارة ليساهم بأكبر قدر ممكن فى دعم الفريق. أنصار خائفون وعلى الرغم من الحفاوة الكبيرة التى تابعنها فى عيون الكثيرين الذين بادروا بالتوقيع على الاستمارة، لم يكن الجميع على الدرجة ذاتها من القبول بفكرة الحملة أو حتى رفضها، حيث وقف البعض على خط المنتصف، خائفين من تدعيم الحلقة والتوقيع على استماراتها بالرغم من حبهم الشديد للفريق، من بين هؤلاء فتاة عشرينية التقيناها قرب سلالم محطة المترو رفضت التوقيع خشية ملاحقة الإخوان لها -على حد قولها- ورجل آخر أربعينى التقيناه فى مقهى بشبرا، قال: «أنا بحب السيسى، بس لو اترشح هيأكد الكلام اللى بيقول إن اللى حصل فى 30 يونيو انقلاب مش ثورة»، قالها قبل أن يسعفه صديقه الجالس إلى جواره بقوله: «السيسى رمز بيحمى البلد، ولو دخل سباق الرئاسة هيفقد القيمة دى، وكمان مش هنلاقى حد يحمى الجيش ويقوده، علشان كده من الأفضل أنه يفضل وزير للدفاع فقط، ويحمينا من أى خطر خارجى عن طريق قيادته للجيش». بسطاء ومثقفين ليلى محمد «متسولة» لم يثنها تحركها المستمر فى الشارع بحثاً عن أى مساعدة من جانب المارة، عن الإدلاء بصوتها لدعم السيسى للرئاسة، فالعبوس الذى كان مرتسماً على وجهها تحول فجأة إلى ابتسامة عريضة، وهى تدفع بيديها داخل جلبابها الأسود لتُخرج بطاقتها الشخصية، وتطلب تدوين بيانتها، وهى تردد دعوات للفريق السيسى بالتوفيق. وبجوار ليلى كان يجلس ثلاثة من الباعة الجائلين وماسحى الأحذية، التفوا وفى وقت واحد ليملئوا استمارة دعم السيسى، وبمراجعة بيناتهم تبين أنهم جميعا من سوهاج، وأكدوا أن معظم أبناء محافظتهم يدعمون الفريق ويتمنون أن يكون هو رئيس مصر القادم. ووسط انشغالاتها الكثيرة نظراً لمسئوليتها عن مستشفى السادس من أكتوبر، رحبت الدكتورة نائب رئيس المستشفى مفيدة شكرى، بفكرة تأييد السيسى والتوقيع على استمارة دعمه للرئاسة، فبمجرد أن رأت الاستمارة سارعت بإحضار بطاقة الرقم القومى الخاصة بها لتسجيل بياناتها، ونصحتنا أن نختفى سريعا بعدها من المستشفى نظراً لتوتر الحال هناك بسبب وفاة أحد أنصار جماعة «الإخوان» داخل المستشفى إثر احتجازه فيها بعد إصابته فى إحدى تظاهرات «الجماعة»، وقد توعدوا جميع من ضدهم بالانتقام الشديد، وبالفعل خرجنا فى هدوء، وفيما كنا نهم بالخروج من باب المستشفى، التقينا بالصدفة نقيب المهن التمثيلية السابق، الفنان أشرف ذكى، والذى أفاد بأنه وقع بالفعل على هذه الاستمارة، وكان بصحبته الفنان منير مكرم الذى وقع على الاستمارة وهو يردد «لا أحد يصلح لرئاسة مصر الفترة القادمة سوى السيسى». مسئولو الحملة انتهت المغامرة بكل ما فيها من تفاصيل مثيرة، كشفت فى مجملها تنامى شعبية الفريق السيسى فى أوساط مختلفة، ولم يتبق أمامنا سوى التواصل مع منسقى الحملة الأصليين، حيث تواصل محررا «الصباح» هاتفيا وأبلغناهم بأننا تطوعنا وجمعنا توقيعات لدعم الفريق عبدالفتاح السيسى رئيساً لمصر، وأننا نملك ما يزيد على 200 استمارة ونريد إيداعها المقر الرئيسى للحملة، فرد علينا شاب يدعى محمد الروبى، قدم نفسه بأنه نائب المنسق العام ومنسق القاهرة الكبرى والمحافظات لحملة «السيسى رئيسى»، رحب بنا فى الهاتف، مؤكداً أن الحملة شعبية وتضم عددا كبيرا من المتطوعين لا يتقاضون أجرا نظير جمع الاستمارات، كما أنه لا توجد أى شروط لانضمام أى شخص إلى فريق الحملة فى المحافظات، فالحصول على كارنيه يثبت العمل ضمن الحملة يتطلب 3 أيام فقط، وصورة من البطاقة «العائلية- الشخصية» وصورة فوتوغرافية شخصية.