السيسي: مصر لم تهدد إثيوبيا في أي وقت ومطلبنا عدم المساس بحقوقنا في نهر النيل    جامعة عين شمس تحقق إنجازا جديدا وتتصدر تصنيف "2025 Green Metric"    بدء جلسة الشيوخ، وتعديل قانوني الكهرباء ونقابة المهن الرياضية بجدول الأعمال    البترول تكشف حقيقة زيادة أسعار البنزين والسولار| تفاصيل    مصر تتقدم 47 مركزًا بتصنيف مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2025    الكابينت الإسرائيلي يصدق على إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية    مساعد بوتين: تغييرات أوروبا وأوكرانيا لخطة أمريكا لم تحسن فرص السلام    رئاسة الجمهورية : الرئيس السيسى استعرض مع بارزانى رؤية مصر لاستعادة الأمن والاستقرار فى المنطقة    محافظ أسيوط يعلن عن استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف ورعاية الموهوبين رياضيًا    تشكيل جزر القمر المتوقع ضد المغرب في افتتاح أمم أفريقيا    خبر في الجول – الشناوي الأقرب لحراسة منتخب مصر ضد زيمبابوي    تعليمات مشددة للانتهاء من استمارات طلاب الشهادة الإعدادية قبل امتحانات نهاية العام    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    محمد العبد عضو مجمع "الخالدين": تقديم الأعمال التاريخية بالعامية ضعف من الكتاب ولا يجوز التحجج بالجمهور    الخشت من السوربون: التعليم أهم وسيلة للقضاء على التفكير الخرافي وتثبيت مفاهيم الدولة الوطنية    نحو استراتيجية وطنية للاستثمار فى البشر.. «التعليم»معركة البقاء الأخيرة    جامعة عين شمس تشهد مناقشة رسالة ماجستير للمستشارة مروة هشام بركات    وزير الخارجية يؤكد مجددا التزام مصر بدعم جهود تعزيز الأمن والاستقرار في الصومال والقرن الأفريقي    تحرك شاحنات القافلة 98 من المساعدات الإنسانية من مصر إلى غزة    خطة أمريكية بقيمة 112 مليار دولار لتحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام 2025    «التضامن» تقر توفيق أوضاع 4 جمعيات في 4 محافظات    بكام البلطى النهارده....اسعار الأسماك اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    راحة سلبية للاعبي الزمالك بعد الفوز على حرس الحدود    القنوات الناقلة لبطولة كأس أمم إفريقيا 2025    وزير الخارجية يلتقي نظيره المالاوي لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    صعود جماعى لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الأحد    مصرع شاب وإصابة آخر صدمتهما سيارة فى كرداسة    محافظ الدقهلية ضبط طن ملح طعام وتحرير 116 مخالفة    توجيهات من التعليم للمديريات بسبب قلة عدد المسجلين للعمل كرؤساء لجان ومراقبين أوائل بامتحانات الثانوية العامة    محاكمة المتهمين بسرقة 370 قطعة أثرية من متحف الحضارة اليوم    محافظ المنوفية يحيل واقعة تزوير تعلية مباني خارج الحيز بشبين الكوم للنيابة العامة    الذكاء الاصطناعى يعزز الأمن المجتمعى بالقانون    ظاهرة فلكية.. تعامد الشمس على معبد الكرنك معلنة بداية فصل الشتاء    شهر رجب.. مركز الأزهر العالمي للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    دعاء شهر رجب.. مكانته وأفضل الأدعية المستحبة    الصحة: فحص 8 ملايين طالب ابتدائى ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    مصر أول مركز إقليمى فى الشرق الأوسط وإفريقيا لتوطين مشتقات البلازما    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    القائمة الكاملة لجوائز المسابقات الرسمية لأيام قرطاج السينمائية الدورة 36    فحص أكثر من 8 ملايين طالب ضمن الكشف عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    وزير الخارجية يعقد اجتماعاً ثلاثيا حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    الإحصاء: 6.31 مليار دولار صادرات مصر من «اللؤلؤ والذهب» خلال 9 أشهر    اتهام 4 طلاب بالاعتداء على زميلهم داخل حمام مدرسة بمدينة 6 أكتوبر    جيهان قمري تتحدى نفسها بدور جديد ومفاجئ في مسلسل "درش" مع مصطفى شعبان    الإجابة الوحيدة نحو الثامنة.. لماذا يشعر حسام حسن بالضغط؟    فتاة تطارد تامر حسني ومعجب يفقد النطق أمام أحمد العوضي، جمهور النجوم يثير الجدل (فيديو)    الإسكان الاجتماعي لصاحبة فيديو عرض أولادها للبيع: سنوفر الحلول الملائمة.. والحاضنة لها حق التمكين من شقة الإيجار القديم    عامل بالإسكندرية يقتل صديقه.. ويقطعه 4 أجزاء لإخفاء جريمته    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 22 ديسمبر    «جبر الخاطر».. محمد شاهين يطرح أحدث أغانيه    مسئول بنقابة صيادلة القاهرة: لا نقص في علاج البرد وفيتامين سي.. وأدوية الأمراض المزمنة متوفرة    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    كورتوا: حمل شارة قيادة ريال مدريد كان حلما.. ومن الصعب إيقاف مبابي    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    وزير خارجية روسيا: ناقشنا مع الشركاء إصلاح مجلس الأمن وتعزيز ميثاق الأمم المتحدة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد ياسين فى حوار شامل ل«الصباح»: «مرسى» قام بانقلاب ضد نفسه عندما أصدر الإعلان الدستورى.. و«السيسى» لن يُعيد زمن «عبدالناصر»
نشر في الصباح يوم 04 - 12 - 2013

إلى جانب مواهبه المتعددة.. وقدراته كباحث مؤسس ومفكر موسوعى يتمتع السيد ياسين بموهبة إنسانية استثنائية، وهى القدرة على أن يكون «أستاذا»، أو أن يعلم الآخرين.. وكذلك يمتلك قدرة استثنائية على التواصل مع مختلف الأجيال والأفكار فضلا عن دأب شديد وحرص على العمل اليومى رغم أن الرجل أطال الله فى عمره، احتفل بعيد ميلاده الثمانين منذ أيام.
ومؤخرا فاز السيد ياسين بجائزة العويس الثقافية فى العلوم الاجتماعية لتضاف لرصيد كبير من الجوائز العربية والدولية.
«الصباح» التقت السيد ياسين لتحتفل معه بالمناسبة وتطرح عليه أسئلة اللحظة الراهنة.
قال السيد ياسين، الكاتب والباحث المعروف: إن الرئيس المعزول محمد مرسى قام بانقلاب ضد نفسه عندما أصدر الإعلان الدستورى الشهير، معتبرًا أن الفريق عبدالفتاح السيسى لن يُعيد حال ترشحه فى الانتخابات الرئاسية وفوزه، زمن جمال عبدالناصر.
ورأى «ياسين» فى حواره ل«الصباح» أن «مرسى» أصبح رئيسًا نتيجة «غباء سياسى» نادر الوجود من بعض الأجنحة الليبرالية، حسب قوله، معتبرا أن ظهور شعار «يسقط الرئيس القادم» فى ميدان التحرير مؤخرا كان «كوميديا سوداء» لا نملك ترفها فى مصر الآن.. وإلى نص الحوار:
كيف ترى الوضع الراهن ووجود الإخوان فى المشهد السياسى الآن؟
- أنا أعتبر أن الرئيس المعزول محمد مرسى قام بانقلاب ضد نفسه عندما أصدر الإعلان الدستورى الفريد فى تاريخ الديمقراطية فى أواخر 2012، فلا يمكن لأحد أن ينجح فى انتخابات ديمقراطية، ثم يصبح بعد ذلك فجأة مثل «هتلر»، فينقلب على الديمقراطية التى جاءت به، ويصير ديكتاتورًا، وهذا ما فعله «مرسى» الذى أتى للسلطة بانتخابات ديمقراطية نتيجة غباء سياسى نادر الوجود من بعض الأجنحة الليبرالية التى انتخبته رئيسًا بأرقام هزيلة، ثم إنه من خلال هذا الإعلان الدستورى أعلن نفسه ديكتاتورًا مطلق اليد فى مصر، وكان هذا سببًا فى عزله من منصبه .
ولكنه كان يردد أنه بذلك «يحمى الدولة» وغيرها من المبررات؟
- هو كان يقول ما يشاء، لكنه بالمعيار الديمقراطى صنع من نفسه ديكتاتورًا، كما أسلفت، والشعب عندما انتفض فى 30 يونيو الماضى استجابة لحركة «تمرد» كان الأمر محاولة للقضاء على هذا الحكم الديكتاتورى الذى انتهج سياسة الإقصاء المتعمد لجميع التيارات السياسية الفاعلة فى الساحة.
وهنا يحضرنى أن مرسى فى دعايته الانتخابية كان يقول كلامًا جيدًا، وأذكر أننى أعجبنى ما قاله فى إحدى الفضائيات، خاصة ذكره لشعار «مشاركة لا مغالبة»، وقد أعجبت بهذا الكلام جدًا، وطلبت عصام العريان تليفونيًا، وقلت له أريد رقم تليفون هذا الرجل لكى أهنئه على ما قاله، فرد العريان قائلًا إنه هو الذى لابد أن يتصل بى، وبالفعل طلبنى شاكرًا فقلت له: « يادكتور مرسى أنا ضد الإخوان طوال عمرى، لكن عندما سمعتك تتحدث شعرت أن هذا الكلام مبشر بالخير لأنك لو طبقت مبدأ (المشاركة لا المغالبة) سنكون معك على قلب رجل واحد».
ولكن للأسف بعد أن تسلم «مرسى» مقاليد السلطة بدأت عملية التمكين بالكامل للإخوان وأنصارهم، عكس ما ما وعد به الرئيس المعزول، وتشاء الظروف أن أدعى إلى اجتماع مع «مرسى» قبل عزله فى قصر الاتحادية مع عدد كبير من الفنانين والأدباء، فقلت له «سيادة الرئيس أنت قلت فى دعايتك إن السلطة ستكون مشاركة لا مغالبة، وحينما أصبحت فى كرسى الحكم أثبت أنها مغالبة فقط ولا مشاركة، لهذا لن أتناقش معكم فى أدب أو فن أو غيره »، وأوضحت له أن أى فصيل سياسى واحد لن يستطيع أن ينفرد بحكم مصر.
هل حاولت أن تنصحه للخروج من المأزق الذى أوقعه فيه الإخوان؟
- قلت له إن مصر بدون استراتيجية لا أمل لها، لذلك علينا أن نبدأ بصياغة رؤية استراتيجية واضحة للبلد، هذه الرؤية لن تبدأ من الصفر لأن لدينا مشروعين كبيرين، مشروع الدكتور محمد منصور الذى كان مدير مركز الدراسات المستقبلية فى مركز دعم القرار، ومشروع الدكتور فتحى البرادعى وزير الإسكان السابق، ولدى الأخير مجلدات عن تصوره لمصر خلال الخمسين سنة القادمة، فلنبدأ بهذه المشاريع ونناقشها، ونعقد مؤتمرًا قوميًا وحوارًا مجتمعيًا، وتكون هذه هى البداية لحكم مصر بالشكل الصحيح.
وبعد الاجتماع طلب منى «مرسى» هذه المجلدات، ولكننى رفضت أن أرسلهم له وقلت له أن يطلبها من الدكتور فتحى البرادعى، وبالفعل أبلغت «البرادعى» و«منصور» فأرسلوا له المجلدات، ولكن فى النهاية لم يحدث أى شىء. ما فعلوا بأنفسهم كان فشلًا سياسيًا ذريعًا فى إدارة شئون البلاد سيؤدى إلى سقوط تاريخى لمشروع الإخوان وللإسلام السياسى برمته.
كيف ترى المستقبل إذن؟
-لا يمكنك أن تفهم المستقبل إلا إذا أدركت طبيعة ما حدث فى المجتمع المصرى بعد ثورة 25 يناير، ولذلك رسمت خريطة للواقع المصرى بعد ثورة يناير بها أربعة ملامح أساسية: الأول سقوط دور المثقف التقليدى وصعود دور السياسى، بمعنى أن مثقف الخمسينيات سقط دوره وبزغ دور منافس له هو السياسى، فالمثقف له تكوين خاص، وقد تقول هذا يمينى هذا يسارى أو وسطى حسب التنوعات الأيديولوجية التى يتميز بها، بينما الناشط السياسى لا أيديولوجيا ثابتة له، ولكن لديه عبقرية فى تحريك الشارع يفتقدها المثقف التقليدى. لكن للأسف وصف «الناشط السياسى» أو «الناشط الثورى» أصبح مهنة من لا مهنة له.
والملمح الثانى الخطير هو تحول المظاهرات السياسية إلى حشود جماهيرية كبيرة، لأن فى علم النفس السياسى «الحشد» يكون له سيكولوجية خاصة، ومن الصعب جدًا السيطرة على حركته، وهو بطبيعته يميل للعنف وخرق القواعد والقوانين.
أما الملمح الثالث فى خريطة تغيرات الواقع المصرى فهو الصراع بين الثورية الشرعية والثورية الديمقراطية، أو بتعبيرات أوضح الصراع بين شرعية الميدان وشرعية البرلمان. وللأسف هناك فكرة لدى الشباب والنشطاء الثوريين أن الشرعية الثورية لابد أن تبقى للأبد، وهى تجب كل شىء سواء حدثت انتخابات أم لا، وهذا خطأ فادح لا ينفى أن من حقنا أن نتظاهر فى أى وقت.
وأما الملمح الرابع والأخير فهو أن الشعب المصرى أصبح مصممًا على المشاركة فى اتخاذ كل القرارات كرد فعل لاحتكار القلة فى عهد مبارك إصدار القرارات، وهذا من إيجابيات ثورة 25 يناير، وليس ذلك فقط بل الشعب مصمم على المراقبة وعلى تنفيذ هذه القرارات التى تعجبه.
ولكى نفهم مستقبل مصر جيدًا لابد أن نتأمل كل ملمح من الملامح السابقة لكى نمد الخط على استقامته فى اتجاه المستقبل، فلو بقت الشرعية الثورية إلى الأبد لن يوجد استقرار سياسى، وستكون الثورة تضر وطنها، لذلك ظهور شعار فى ميدان التحرير «يسقط الرئيس القادم» كان كوميديا سوداء لا نملك ترفها وإلا فلن يكون هناك استقرار سياسى فى مصر.
إذا استوعينا كل هذا التحليل.. كيف سنرى المستقبل؟
- الدولة الآن عبارة عن جماعات متشرذمة، فمثلاً «الاشتراكيين الثوريين» شعارهم هدم الدولة وتفتيت القوات المسلحة، ولديك أيضًا «الزولتراس» الذين بدأوا كمشجعين رياضيين ثم انقلبوا إلى السياسة، وهم عناصر فوضوية تخريبية، وبهذا الشكل فأنت لديك مشكلات جسيمة فى نسيج المجتمع المصرى، ولقد تحدثت عن مشكلات الزمن الثورى من قبل، ففى عام 97 كتبت كتابًا عن الزمن العربى والمستقبل العالمى، وقلت هل الزمن العربى يتماثل مع المستقبل العالمى؟ وأثبت أن هذا زمن وهذا زمن مختلف، لأن واقعنا العربى واقع استبدادى والزمن العالمى يقوم على حقوق الإنسان. وبعد ذلك أتت الثورات فى تونس ومصر وليبيا لتنشئ ما يمكن تسميته بالزمان الثورى، لذا عندما نتأمل الزمان العربى قبل الثورات فمن الممكن أن نسميه «زمن الركود التاريخى»، أما بعد ثورات الربيع فتحولنا إلى «زمن الاندفاع العشوائى» لأن الدول الثلاث لم يكن لديها رؤية للمستقبل.
ماذا حدث فى الزمان الثورى أو ما هى المحصلة؟
-الظاهرة الأساسية فى المجتمعات الثلاثة هى التفكك. من نجت من هذا بنسبة بسيطة هى تونس لأن الغنوشى أكد على فكرة «لا ديمقراطية بدون توافق سياسى» ونفذ هذا الكلام عندما قام بتقسيم المناصب على الأحزاب الأخرى، معترفًا أنه لا ينبغى لحزب واحد أن ينفرد بالحكم. ورغم وجود مشاكل بين حزب «النهضة» والمعارضة التونسية إلا أن هذا الرجل لديه بصيرة سياسية لدرجة أنه قال «لو حصلت على الأغلبية لن أشكل الوزارة منفردًا»، وهذا يؤكد مفارقة أن إخوان مصر أكثر انغلاقصا وجهلًا من إخوان الخارج.
ولقد أكدت فى كتابى أن المجتمع التونسى يتسم بالتماسك النسبى بينما فى مصر حدث تفكك للمجتمع أطلقت عليه «التفكك الجزئى» فى ظل الانشقاق الخطير فى المجتمع بين الإخوان وأعداء الإخوان، أما بالنسبة لليبيا فهنا «تفكك كامل» وانعدام للدولة.
كيف تتوقع انتخابات الرئاسة القادمة فى مصر. وبماذا ترد على من يرى أن حالة الولع بالسيسى هى إعادة إنتاج لعبد الناصر وعهد الستينيات؟
-موضوع إعادة زمن الستينيات كلام سطحى، لا يمكن تكرار الزمن وإعادة التجارب القديمة لأن الزمن الآن مختلف تمامًا عن زمن عبد الناصر. نحن الآن فى عصر العولمة والتفاعلات المكشوفة بين الأمم والدول، حتى عصر الاشتراكية بالمعنى التقليدى انتهى. لكن القضية التى يجب أن تشغلنا هى «كيف تكون مواصفات رئيس الجمهورية؟»
وفى رأيى يجب أن يكون الرئيس لديه رؤية سياسية واضحة المعالم، ولديه قدرة على تجميع عقول الأمة بصيغة استراتيجية للعشرين سنة القادمة، ويكون شخصية حاسمة ولديه شعبية كبيرة.
وأنا أرى أن مشاكل مصر جسيمة لا يستطيع الفريق السيسى أو غيره حلها وحده، فنحن كنخبة سياسية (مزعومة) لم نعلم الناس كيف يفكرون، وما مبادئ التخطيط الحقيقية، لم نقل لهم إن للتخطيط ثلاثة أزمان القصير المتوسط الطويل وغيرها من المبادىء، كان يجب أن نشرح للجماهير الكثير، وتقديم مشاكل مصر الحقيقية وتقديم الحلول المتاحة، والمدة التى تستغرق فى حلها، بهذه الطريقة سنساعد الرئيس القادم أيا كان، فلا يوجد رئيس يمكنه حل كل مشاكل مصر، بل الحل يكمن فى المشاركة بين الرئيس والجماهير.
هل تعتقد أن الرئيس القادم يستطيع ضبط أمور الدولة فى حدود المتاح؟
-«المتاح» فقط ربما لن يكون مرضيًا لى أو لغيرى، من المهم أن نشخص الأزمة تشخيص دقيق كى نقترح الحلول والبدائل. الدول الديمقراطية تكون دول مؤسسات ولديها من المراكز البحثية والاستراتيجية ما تعينها على اتخاذ القرار، ولديهم رؤية استراتيجية يضعها خبراء ليتنبئوا بشكل العالم بعد مرور عشرين عامًا، لذلك طلبت من مبارك فى الماضى إلغاء مجلس الشورى، وعمل مركزا لأعلى للتخطيط الاستراتيجى وهذه هى نقطة البداية.
كيف ترى أزمة النخبة السياسية مع الشارع المصرى؟
-النخبة عاجزة لأن لديها مشاكل، وهناك فرق فى العقلية بين كبار السن والنشطاء الشباب، وفى إحدى المرات سئل البرادعى فى حزب «الدستور» عن شىء ما فكان رده عجيبًا، قال «هم من يقولون لى»، وهذا معناه أن الشارع يقود النخبة، وليس العكس، وتلك معادلة صعبة، لأن الشارع متشرذم، ومشتت وغير ثابت، وبالتأكيد ليست هناك رؤية سياسية متكاملة لدى الشارع، لكن المؤسف أن النخبة ليست أفضل حالًا، ولا تملك رؤية هى الأخرى، وتلك أزمة مصر الحقيقية، لأن انعدام هذه الرؤية سيلقى بظلاله على الانتخابات القادمة، وقد كتبت من قبل وقلت إن الانتخابات القادمة كارثة.
كيف ترى محاولة الأحزاب المدنية محاكاة لعبة الإخوان فى الوصول إلى الطبقات الفقيرة من المجتمع؟
-كل هذا بسبب المعادلة الغبية التى صاغها نظام مبارك «دعوهم يتحركون اجتماعيًا كما يشاءون، ونحن نقيد حركتهم سياسيا»، واكتشف فجأة فى انتخابات 2005 أن لهم أكثر من 85 فائزًا فى انتخابات البرلمان، وكانت صدمة كبيرة بالنسبة للحزب الوطنى. المشكلة الحقيقية ثقافية، وليست سياسية، وهذا الصراع ثقافى ليس سياسيًا من وجهة نظرى، لأن الإخوان عملوا على الخطاب الدينى واستفادوا من حقائق على الأرض منها أننا نملك نسبة40 % أمية، وتلك كارثة ثقافية، لأنها تعنى تدنى الوعى الاجتماعى لهؤلاء الأميين، وأيضا عشرون مليونًا تحت خط الفقر لن يكون لهم حرية اتخاذ القرار بل سيتبعون من يساعدهم ماديًا لهذا دخل الإخوان من هذين المدخلين «الأمية والفقر»، وأقاموا مشاريع مجانية، ومساعدات وغير ذلك من أشكال الخدمات الاجتماعية التى أكسبتهم أرضية واسعة.
لا يمكن أن يقدم الأحزاب أو السياسيون نفس الخدمة لأنهم يفتقرون لتلك الشبكات التى يملكها الإخوان ولا يستعملون الخطاب الديني، فهذا التراث ليس تراث الأحزاب السياسية بل تراث الإخوان، لأن قواعدهم التنظيمية تسمح لهم بهذا، حيث توجد شعبة أو شعبتان فى كل حى، أما أحزابنا السياسية فبعضها مفكك، وبعضها منضبط مثل حزب الوفد. والنخبة الليبرالية السياسية عجزت عن كتابة خطاب ليبرالى يصل إلى الجماهير، لأن لدينا مشكلة ثقافية أن النخبوى عاجز على أن يصل إلى الجماهير ولو بخطاب صغير.
كيف ترى الخلافات بين أعضاء لجنة الدستور بدلا من أن يكونوا فريقًا واحدًا؟
-هذا دستور بلا نظرية حاكمة، كان يجب أن تكون هناك نظرية يتفق عليها الجميع قبل وضع الدستور، نحن نريد نظام حكم رئاسيًا أو برلمانيًا مختارًا تلك نظرية سياسية، مطلوب وضع نظرية اقتصادية تبين ماذا نفعل فى الأوضاع الاقتصادية الراهنة، ونظرية ثقافية تدعم المواطنة وعدم التمييز. نحتاج نظرية اجتماعية تردم المسافة بين الفقراء والأغنياء وعدم التمييز إلى آخره، ثم تأتى نصوص الدستور لترسخ هذه النظريات. المشكلة أن الناس تعتقد أن الدستور لائحة شاملة، وتجد هذا يقول لم نجد اسمنا فى الدستور، وهذا كلام غريب ينم عن عدم إدراك معنى الدستور.
كيف ترى أصوات المعارضة الخارجية التى ترى فى قانون التظاهر تعديًا على الحريات فى مصر؟
-الرأى العام العالمى منافق، فلا يوجد شخص ممكن أن يحتل ميدانًا عامًا، ويجلس فيه ويعتصم أو ينصب خيامًا فى أى دولة غربية. هناك فقط مظاهرات محدودة وسلمية، وتتم بإذن مسبق، وهذا ما نحاول أن نفعله الآن.
بعض السياسيين يرفضون القانون، بعض الحقوقيين يؤيدون ذلك، وأنا أرد عليهم «أين حقوق الإنسان فى شلل المرور وتعطيل مصالح الغير؟» هذا كلام عبثى وتكليف بمستحيل، فكيف تطالب الشرطة والأمن بضبط الشارع وأنت تعتصم ولا تريد تطبيق القانون؟ ماذا تفعل الدولة لمجابهة التخريب المتعمد ممن لا يعجبه القانون ولا يقول لنا كيف نضعه؟
كيف ترى الوضع مع تركيا بعد طرد السفير؟
- تلك أزمة سياسية مفتعلة، وأعتقد أن خارطة الطريق إذا سارت كما كان الوعد بها سيرضخ رجب طيب أردوغان وغيره للواقع.
هل أنت مع أو ضد نسبة 50 % عمال وفلاحين؟
- أنا مع إلغائها لأنه يتم التلاعب بها، وليست مفيدة للعمال ولا للفلاحين، بل أصبح يستفيد منها من لا يستحق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.