وزير الري: ضرورة تضافر الجهود لتوفير تمويلات من الجهات المانحة لدول النامية    «مدبولي»: الحكومة ستعمل مع القطاع الخاص لتذليل أى عقبة تواجه قطاع الدواء    "رجال الأعمال" تحدد أبرز تحديات قطاع الاتصالات أهمها دعم الشركات الناشئة    رئيس وزراء بولندا: محاولة المساواة بين نتنياهو وقادة حماس غير مقبولة إطلاقا    «في الجنة يا مدحت».. الزمالك يهدي كأس الكونفدرالية لروح المعد البدني (صورة)    كريستيانو رونالدو يوجه رسالة ل توني كروس.. صورة    تشكيل الأهلي المتوقع ضد الترجي في إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا    تصل ل41 درجة في القاهرة..درجات الحرارة اليوم الثلاثاء 21 مايو في المحافظات    عاجل | رابط سريع كيفية الحصول على نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة القليوبية    جنايات سوهاج تقضى بإعدام متهم لقتله سيدة بمركز جرجا    برنامج Microsoft Paint يحصل على منشئ صور جديد مدعوم بالذكاء الاصطناعى    أعمال لم تعرض.. زوجة عمار الشريعي تكشف مفاجأة كبيرة (فيديو)    بهجة العيد وتلاقي التهاني: عيد الأضحى المبارك 2024 على الأبواب    مهرجان كان.. النجمة العالمية كيت بلانيت: للنازحين صوت ولديهم قصص ملهمة    مدبولي ل«ممثلي قطاع الدواء»: الحكومة تعمل جنبًا إلى جنب مع القطاع الخاص لتذليل أي عقبة    صحة الإسماعيلية توقع الكشف على 1443 حالة بالمجان في قافلة طبية بمركز القصاصين    دعاء اشتداد الحر عن النبي.. اغتنمه في هذه الموجة الحارة    برلمانية تطالب بوقف تراخيص تشغيل شركات النقل الذكي لحين التزامها بالضوابط    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    زوجة المتهم ساعدته في ارتكاب الجريمة.. تفاصيل جديدة في فاجعة مقتل عروس المنيا    "السرفيس" أزمة تبحث عن حل ببني سويف.. سيارات دون ترخيص يقودها أطفال وبلطجية    النطق بالحكم على مدرس الفيزياء قاتل طالب الثانوية العامة بعد قليل    تأجيل محاكمة 12 متهمًا في قضية رشوة وزارة الري ل25 يونيو المقبل    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. والاحتلال يعتقل 14 فلسطينيا من الضفة    أبو علي يتسلم تصميم قميص المصري الجديد من بوما    «نجم البطولة».. إبراهيم سعيد يسخر من عبدالله السعيد بعد فوز الزمالك بالكونفدرالية    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    جهاد الدينارى تشارك فى المحور الفكرى "مبدعات تحت القصف" بمهرجان إيزيس    تعرف على تطورات إصابات لاعبى الزمالك قبل مواجهة مودرن فيوتشر    أمين الفتوى: قائمة المنقولات الزوجية ليست واجبة    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    الجيش الإسرائيلى يعلن اغتيال قائد وحدة صواريخ تابعة لحزب الله فى جنوب لبنان    مصدر سعودي للقناة ال12 العبرية: لا تطبيع مع إسرائيل دون حل الدولتين    أفضل نظام غذائى للأطفال فى موجة الحر.. أطعمة ممنوعة    الجامعة العربية والحصاد المر!    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    السيسي: مكتبة الإسكندرية تكمل رسالة مصر في بناء الجسور بين الثقافات وإرساء السلام والتنمية    المالية: بدء صرف 8 مليارات جنيه «دعم المصدرين» للمستفيدين بمبادرة «السداد النقدي الفوري»    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    أفعال لا تليق.. وقف القارئ الشيخ "السلكاوي" لمدة 3 سنوات وتجميد عضويته بالنقابة    تفاصيل حجز أراضي الإسكان المتميز في 5 مدن جديدة (رابط مباشر)    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    هالاند.. رقم قياسي جديد مع السيتي    الجلسة التحضيرية الرابعة للمؤتمر العام للصحافة مع القيادات الصحفية، اليوم    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    أسعار طن الحديد فى مطروح وسيوة اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    وكيل "صحة مطروح" يوجه برفع مؤشرات الأداء والاستغلال الأمثل للتجهيزات المتاحة بالمستشفيات    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    عمر العرجون: أحمد حمدي أفضل لاعب في الزمالك.. وأندية مصرية كبرى فاوضتني    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



50 ألف مواطن فى انتظار الموت .. أهالى « عرب أبو ساعد» يتنفسون هواء المصانع « المسرطن »

السكان: نسجل مواليدنا على شهادات الوفاة ونترقب الكوارث كل لحظة
دعاء عاشور فقدت وليدها بعد شهرين بسبب أمراض الرئة.. وياسمين فقدت الجنين فى رحمها
خالد: ندفن ثلاثة إلى أربعة أطفال يوميا.. نخيلة: حفيدتى قمر 14 ماتت بكوكتيل أمراض
البيئة متقاعسة والأهالى يطالبون بالتشجير والحكومة لا تشعر بحجم المأساة

الموت يسكن بين اللحم والعظم.. يعوى كجموع الغربان، تحت القفص الصدرى.. يتسلل مع الهواء، إلى الرئتين، ورويدا رويدا، يستعمرهما ولا يترك الإنسان، إلا جثة هامدة زرقاء.

هكذا يعيش سكان منطقة عرب «أبو ساعد» بحلوان، هواؤهم مسرطن، وفيه إلى جانب السرطان «كوكتيل» من الأمراض التى تقتل على مهل وبمنتهى التلذذ، وبلا شفقة.

الضحايا من سكان المنطقة، الذين يبلغ عددهم نحو خمسين ألفًا من الفقراء، شأنهم شأن كل الضحايا فى مصر، قبل الثورة، وبعد الثورة، أما الجناة فكالعادة المصرية السيئة والمتأصلة أيضًا، هم بعض أصحاب رءوس المال، الذين لا يعنيهم إلا أن تتكدس الملايين فى خزائنهم، ولا فرق إن كانت هذه الملايين نظيفة أو ملوثة بالدماء.

سكان عرب «أبو ساعد»، فى هذا التحقيق، يروون حجم المأساة التى تكسر ظهورهم كسرًا، ويكشفون عن أنهم لا يتجرعون المرارة وحدهم، إذ يشاطرهم فلذات أكبادهم هذه «الوليمة المسمومة»، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، فالأجنة فى الأرحام لم يستثنهم الموت المجانى من وجبته الإجبارية، إلا إذا كانت الوجبة البديلة هى الإصابة بالتشوهات الولادية.

هنا عرب «أبو ساعد»، حيث الناس يعيشون إلى جوار الموت المرتقب، ويسجل الآباء شهادات ميلاد أبنائهم على تصاريح الدفن.. مع الأسى والأسف.

وتتعدد مصادر التلوث فى منطقة عرب «أبو ساعد»، الواقعة شمال مدينة الصف بجنوب حلوان، فهناك أكثر من 500 مصنع للطوب ومصانع أعلاف وأسمدة ومصانع للأسمنت والحديد والكوك ومصانع حرق الجير، كما تعانى من مشاكل فى مياه الشرب ولا يوجد صرف صحى وبوار الأراضى الزراعية تصل إلى آلاف الأفدنة بسبب استخدام مياه الصرف الصحى فى الأغراض الزراعية.

يروى سكان المنطقة أن مأساتهم بدأت حين أعلنت إحدى شركات الأسمدة عن افتتاح مصنع هناك، لكن هذا الإعلان لم يكن مباشرًا، ففى عام 2005، انتشرت أخبار تفيد بتوزيع ثلاجات وغسالات على الأهالى وتجهيز العرائس ممن فقدن العائل.

الأخبار المكذوبة التى استخدمها أصحاب المصنع للتغرير بالأهالى، شاعت فى كل مكان، وشعر الناس بأن السماء فتحت لهم أبواب الرحمة، لكن أحلامهم تلاشت كسحائب الصيف، إذ اكتشفوا أنهم اشتروا الوهم، ولم يحصدوا إلا الجراح.

بائعو الوهم طالبوا الأهالى بالتوقيع على أوراق كشرط الحصول على التبرعات ثم رحلوا ولم يحصل الأهالى على شىء، إلا أن المصانع أخذت تقام كى تنفث السم فى حياة الناس.

الأهالى انتفضوا ولعنوا المخادعين، وقرروا الثورة على السرطان الإجبارى، فما كان من إدارة المصنع إلا أن لوحت بالتوقيعات، التى استخدمها المصنع دليلا قانونيا، على أن الناس موافقون على أن يتسرطنوا.

ولم يكتف أصحاب المصنع بهذا الأمر، إذ هاجموا الغاضبين و«عايروهم» بأنهم سددوا مبلغ عشرة ملايين جنيه، على سبيل التبرعات، لتلبية احتياجات الأهالى من علاج ومأوى وبناء مستشفى للعلاج المجانى.

وقال جابر أمين، أحد سكان المنطقة: «الكبار نهبوا الفلوس دى وحطوها فى جيوبهم»، فلم نجد بعد الوعود التى أغرقونا بها، إلا السراب.

وقال خالد أبو ساعد من الأهالى: إن 50 ألف مواطن يعيشون بعرب «أبو ساعد» أصبحوا مهددين بالموت بسبب الأمراض الخطيرة كالالتهاب الرئوى الحاد بسبب الأدخنة الناتجة عن المصانع التى تحيط بالمنطقة وأن المنطقة الصناعية تبث السموم كل لحظة، وهى غير صالحة لمعيشة للبشر ولا للحيوانات، والدخان الناتج عن المصانع يشوه أطفالنا وإجهاض نساء المنطقة وموت أطفالنا.

وتقدم سكان المنطقة بالعديد من طلبات الإحاطة للمسئولين، وعلى رأسهم وزير البيئة، ومحافظ الجيزة ومحافظ القاهرة، بنقل المصانع المدمرة أو نقل بيوتهم إلى الصحراء وذلك للعيش بطريقة بدائية دون تنفس هواء مسمم ومسرطن.
واتهم بعض المسئولين بالحصول على رشاوى، لتكميم أفواه أهل المنطقة، مؤكدا أن «كل بيت فى المنطقة لديه شهادة وفاة، وكل أم ثكلت أحد فلذات الكبد».

ويضيف: «إننا ندفن كل يوم ثلاثة أو أربعة أطفال، يموتون فى ريعان طفولتهم بسبب استنشاق الهواء الملوث والمسرطن، فأطفالنا شيوخ، وشيوخنا مرضى والفقراء لا يجدون العلاج ولا الغذاء».

وطالب بتشجير طريق الأوتوستراد ب«أبو ساعد» للحد من التلوث والدخان والأتربة التى تنتج عن هذه المصانع وقال: «يا اما يشتروا بيوتنا ويرمونا فى الجبل أو ينقلوا المصانع للجبل».

وتقول دعاء عاشور إحدى ضحايا دخان المصانع: «ابنى مات بعد ولادته بشهرين بسبب ضيق التنفس والتلوث الذى ينتج عن المصانع فضلا عن حرق قش الأرز وانبعاثات غاز الأمونيا الناتج عن مصنع الأسمنت ومصنع العلف».

وتقول: «ابنتى عندها حساسية على الصدر وتليف فى الرئة ولا تستطيع العيش بغير جهاز التنفس من يوم ولادتها ولدينا 3 أجهزة تنفس فى بيوتنا كل أطفالنا عايشه عليها».

وتشير ياسمين محمود بدورها إلى أنها كانت حاملا ويوم ولادة أول أطفالها فوجئت بطبيب الولادة يخبرها بأن جنينها مات فى الرحم قبل الولادة بأربعة أيام.. وأرجع الطبيب موت الجنين إلى أن غاز الأمونيا الذى تستنشقه انتقل إليه فلم يتحمله.
وتقول: «أشعر أحيانًا أنى أريد أن أحمد الله لأنه عز وجل، رحم هذا الجنين من أن يولد فى هذه البيئة الملوثة.. إن الأطفال هنا محكوم عليهم بالموت، والفرحة هنا تولد من قلب الأسى»، حسب تعبيرها.

ويقول جرىء سالم: «أنا متزوج من 16 سنة وربنا لم يرزقنى نعمة الإنجاب، ما اضطرنى إلى إجراء الفحوصات والتحاليل الطبية التى أكدت أنى مصاب بضعف الحيوانات المنوية بسبب استنشاق الهواء الملوث.

كما نصحنى الطبيب بعدم الإنجاب لأن احتمالات إنجابى أطفالا مشوهين مرتفعة نسبيًا، وهذا ما جناه علينا المصنع، وما جنينا على أحد».
ويقول: «إن التلوث فى الهواء واضح للعين المجردة، لدرجة أننا أحيانا لا نستطيع أن نرى أمامنا، والأطفال يعيشون بأجهزة التنفس الاصطناعى، وهى غير متوفرة بالوحدة الصحية اليتيمة التى توجد بالمنطقة، موضحا أن طبيب الوحدة لا يأتى إلا مرتين أسبوعيا».
ويروى أن زوجته كانت حاملا، بعد ثلاثة أشهر من عقد قرانه عليها، ومما يؤسف أنها أصيبت بنزيف حاد، ما أدى إلى أن فقدت الجنين لعدم وجود إسعافات أولية.

ويختتم كلامه قائلا: «فى الدول التى تحترم شعوبها، يحظى الحيوان برعاية صحية كاملة، فهناك رحمة ومرحمة، أما فى مصر، فلا أحد للفقير إلا الموت والمرض».

وأضاف عزت غالى عبده وشهرته مجدى أن لديه طفلين هما يوسف البالغ من العمر سنة وأجريت له عملية جراحية لتوسيع الشريان التاجى فى مستشفى حلوان العام، وكريمة 3 سنوات عندها ثقب فى القلب.

ويقول: «تركت بلدى فى الجنوب، وجئت إلى القاهرة، بحثًا عن الرزق، وعملت بائع تجزئة للفاكهة، ويا ليتنى لم أفعل، فعلاوة على أن الرزق شحيح، زاد مرض الطفلين همومى، وأثقل كاهلى بالمزيد من الأعباء، أما ما يتردد عن العلاج المجانى فى الوحدة الصحية فهذا محض أكاذيب لا علاقة لها بالحقيقة».
أما حسن نخيلة العجوز الذى تجاوز الخامس والستين فلم يستطع مغالبة دموعه إذ كان يتحدث عن حفيدته التى ماتت قبل أن تحتفل بعيد ميلادها الرابع عشر.

ويقول: كانت ابنة 14 وقمر 14 أيضًا، وهى سندى الذى أستند إليه فى أرذل العمر، وبعد أن وهنت عظامى واشتعل الرأس شيبًا، موضحًا أنها ماتت بين ذراعيه لمدة نحو عام بعد أن نهش المرض اللعين رئتيها وسكنت الغازات السامة دماءها واستوطنت شرايينها.

ويضيف: «هل يرضى الرئيس المؤمن الذى يصلى الفروض الخمسة فى مواقيتها، أن تموت طفلة بزيادة فى ضغط الدم وبتصلب شريان القلب وتضخم بالطحال؟»، مؤكدا أنها ظلت فترة طويلة داخل العناية المركزة بمستشفى أبو الريش الجامعى.

ويقول: «تكلف العلاج نحو 8200 جنيه، لكن هذا المبلغ الذى أجبر أباها على بيع أثاث بيته، لم يرحمها من المصير المحتوم.. رحلت وتركت لنا جميعًا الحسرة والمرارة.. وها نحن نتأهب للحاق بها بنفس أمراضها، طالما بقيت المصانع تنشر الخبائث فى حياتنا، وتقتلنا بمنتهى التلذذ».

وأكد أحد الأهالى وهو عضو بحزب الحرية والعدالة رفض ذكر اسمه أنه يملك العديد من محاضر المخالفات لهذه المصانع حيث إن مصنع الأسمدة يبعد عن المنطقة السكنية بكيلومتر واحد، وحسب المادة رقم أربعة وثلاثين من لائحة قانون البيئة، لابد أن تبعد المناطق الصناعية عن السكنية بعشرة كيلومترات على الأقل.

ورد الدكتور على عبد الرحمن، رئيس الاتحاد العربى للتنمية المستدامة والبيئة، فى تصريحات خاصة ل «الصباح» أن وزارة البيئة وزارة ضعيفة وأن هذه المصانع الموجودة بالمنطقة غير مرخصة بيئيا والوزارة ليس لديها سوى أن تفعل مخالفات للمصانع والدور التنفيذى للحكومة، مؤكدًا أن الوزارة تقوم بعمل العديد من المخالفات لكن الحكومة لا تؤدى الدور المطلوب منها لتخفيف وطأة الكارثة عن كاهل الناس.

كما أوضح عبد الرحمن أن الحل يكمن فى أن يرفع أهالى «أبو ساعد» قضية لنقل هذه المصانع لما تسببه من تلوث على المنطقة والأمراض التى تصيبهم وأن الأهالى تنتقل من المنطقة أو نقل المصانع.

الأطباء يحذرون من زيادة حالات تشوه الأجنة
قال الدكتور أحمد البشار، استشارى أمراض النساء التوليد ل«الصباح» إن معظم حالات الإجهاض وحالات تشوه الأجنة بمنطقة «أبو ساعد»، ترجع إلى التلوث الشديد والسموم بالمنطقة الناتج عن المصانع القريبة من المناطق السكنية.

وأكد الدكتور سعيد الشيخ، الباحث بمعهد بحوث الفلزات، أن السموم الناتجة من مصانع السماد وغاز الأمونيا، الذى يستنشقه أهالى المنطقة، تسبب السرطان بسبب الدخان، وهناك كارثة بيئة صحية حقيقية، ولا يجوز تجاهلها لأنها آخذة فى التفاقم فى منطقة «أبو ساعد».

كما أكدت دراسة حديثة أعدها الدكتور حمدى هشام، الأستاذ بكلية طب جامعة عين شمس، أن مصانع الطوب تحرق يوميا مئات الأطنان من المازوت عالى الكبريت، وهناك انبعاثات أكثر خطورة من الكبريت، الأمر الذى يؤدى إلى زيادة تركيز العناصر التى تصيب بالمرض فى الهواء، موضحا أنه إذا كانت هناك المئات من تلك المصانع بدأت فى استخدام الغاز الطبيعى، فلابد أن يخضع الأمر إلى تقويم دقيق من قبل وزارة البيئة، بحيث تضمن صحة المواطن، وهذا حق دستورى.

ويقول محمد أحمد صاحب أحد مصانع الطوب، إن إدارة الحى تفرض غرامة كبيرة على كل من يرفض التحول إلى الغاز الطبيعى، وهو الأمر الذى وافق عليه أصحاب تلك المصانع، نظرا للتكلفة المنخفضة للغاز الطبيعى بالمقارنة بالمازوت، وذلك مقابل خفض محدود فى كمية الإنتاج.

طبيب الوحدة يجبر الأهالى على تسديد رسوم.. ويهاجم محررى «الصباح»:
«أعلى ما فى خيلكم اركبوه.. الوزارة فى جيبى»

يشكو الأهالى من عدم الاهتمام بالوحدة حيث يسددون للكشف فى كل مرة 10 جنيهات بالرغم من أن مقابل الكشف المحدد من الحكومة جنيه واحد فقط، أما بالنسبة لخدمات العلاج الطارئة أو ما يسمى بالإسعافات، فيصل سعر خياطة الجروح إلى خمسة جنيهات للغرزة الواحدة، فيما يصل سعر استخراج شهادة الميلاد إلى سبعين جنيهًا.

وأكدت ( ن. ف) حكيمة بوحدة عرب «أبو ساعد» الصحية- رفضت ذكر اسمها- أن هناك أشياء غريبة تحدث بالوحدة، وكشفت عن أن الوحدة تدار كما لو كانت عيادة خاصة.

وأكدت أن الطبيب يجبر الأهالى على دفع عشرة جنيهات قبل أن يوقع الكشف الطبى على المريض، هذا على الرغم من أن معظم سكان المنطقة يعيشون تحت خط الفقر.

وكشفت أيضًا عن أن بعض الممرضات يشاركن الطبيب الأرباح غير الشرعية ويحصلن يوميًا على ستين جنيها من «دماء الغلابة».. وتقول: إنها تتعرض لاضطهاد كبير لأنها تواجه الفاسدين فى وجوههم على حد قولها.

وتضيف: «الجزاء الذى حصلت عليه لأنى سعيت إلى كشف الفساد، هو أن الطبيب حرر ضدى مذكرة وتعرضت لخصم من راتبى والتهمة أنى وجهت سبا بألفاظ غير لائقة إلى الطبيب».

وتتحسر الممرضة على الأوضاع فى الوحدة الصحية بقولها: «العصابة لسه حاكمة، والثورة التى انطلقت من أجل الفقراء لم تحقق شيئًا، فالكل تآمر من أجل مصالحه على الإنسان المصرى».

وعندما واجهت «الصباح» طبيب الوحدة، الدكتور جمال عبدالناصر، باتهامات الأهالى حدثت مشادة كلامية بينه وبين محررى «الصباح» ورفض التحدث خوفا من تصويره وتسجيل كلامه وأنكر أى اتهامات له قائلا: «والله العظيم كله كذب»، وعند مواجهته بأنه لا يأتى إلا يومين كل أسبوع رد «مش مشكلتى الناس تموت ماليش فيه إحنا عندنا عجز».

وعندما اطمأن أن كلامه غير مسجل اعترف بأن الوحدة لا يوجد بها سوى أشياء مبدئية ولا توجد آلات جراحة ولا خيوط، واعترف أيضا بأن لديه معدات غير مصرح باستخدامها من قبل وزارة الصحة، وأنه يستغلها فى الوحدة لمصلحته الشخصية ويأخذ ثمنها من الأهالى ثم طرد المحررين وسبهم قائلا: «أعلى ما فى خيلكوا اركبوه ومش هتقدروا تعملولى حاجة والوزارة كلها فى جيبى واطلعوا بره».. وهذا مثبت فى تسجيل صوتى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.