طارق رسلان يطالب ب«كشف هيئة» للراغبين في الانضمام لكليات التربية    الشيوخ يفتتح جلسته لمناقشة دراسة مقدمة لكليات التربية والواقع المأمول    الرقابة النووية: مصر لم تتأثر بالضربات الأمريكية على المنشآت النووية في إيران    نرمين الفقي: الزواج «رزق».. وأدعو أن يُعوضني الله عن سنوات الوحدة    "الصحفيين" تخاطب "الأعلى للإعلام" لحل أزمة بدل صحفيي "الطريق"    ما هي الإجراءات والمستندات المطلوبة للترشح فى انتخابات مجلس الشيوخ؟ اعرف التفاصيل    كيفية استخراج وتجديد جواز السفر المصري إلكترونيًا    برعاية وزارية ومشاركة دولية واسعة.. "أجريتك 2025" يجمع المزارعين والعلماء والقطاع الخاص لنشر الوعي بالزراعة الذكية والخضراء    «تسهيلات ضريبية ووضع الأجور».. اجتماع الرئيس السيسي ورئيس الوزراء ووزير المالية    خالد أبو بكر: بدء تفعيل البرنامج المصرى لتعزيز الطاقة عالميا    من بينها مصر والهند والبرازيل.. الحزام الصناعي الجديد بالأسواق الناشئة يتجه لتجاوز الاقتصادات الكبرى    محافظ القليوبية يتفقد فرع مكتبة مصر العامة في شبرا الخيمة    بين القبعة الحمراء وغرفة العمليات.. ترامب يتحول من صانع سلام لمشعل حروب    وزير خارجية العراق يؤكد لنظيره الإيراني أهمية تفعيل لجنة الاتصال الوزارية لاحتواء الأزمة    3 وفيات و74 مصابا.. ارتفاع حصيلة ضحايا سقوط جماهير مولودية الجزائر من مدرجات ملعب 5 جويلية    ديكو يحسم مستقبل تشيزني في برشلونة    الأهلي وبيراميدز ينافسان الزمالك على ضم هداف البنك الأهلي    جوارديولا يكشف عن وجهته المستقبلية    كريم رمزي: ريبيرو استنزف لاعبي الأهلي تكتيكيا.. وبورتو ليس في أفضل حالاته    "عيب والناس فهمت أنا بتكلم عن مين".. إكرامي يوجه رسالة غامضة بسبب الأهلي    مشوار استثنائي حافل بالإنجازات .. ليفربول يحتفي بمرور 8 سنوات على انضمام محمد صلاح وبدء رحلته الأسطورية    الشباب والرياضة بالأقصر: 3890 مستفيدًا من 45 فعالية خلال أسبوع    صعب وطويل.. تباين آراء طلاب الثانوية العامة في امتحان العربي بقنا| فيديو    النيابة العامة تبدأ تحقيقاتها في واقعة انهيار عقار «بحري» في الإسكندرية    «الأرصاد» توضح حالة الطقس اليوم الأحد والظواهر الجوية المتوقعة    الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه من تجار العملة    ضبط المتهمين بتسلق طائرة هيكلية في الشرقية    "مش قادرة تدفع مصاريف المدرسة".. تفاصيل تخلص سيدة من أطفالها بالشروق    مجدي يعقوب من ميدان الكيت كات: «تمثالي ليس تكريمًا لي فقط»    فساتين «روبى ونانسى» الأعلى سعرًا    أحمد عزمي: توقيت عرض «حرب الجبالي» مثالي وساهم في نجاحه| خاص    أجندة قصور الثقافة.. افتتاح قصر ثقافة نخل وقاطية بشمال سيناء واستمرار عروض مهرجان فرق الأقاليم    وزير التعليم العالي يتفقد مركز أسوان للقلب ويشاهد إجراء عملية قلب مفتوح    إطلاق برنامج "عيشها بصحة" لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    وكيل الطب العلاجي بالدقهلية: رفع كفاءة المستشفيات وتشغيل الأجهزة الحيوية    وكيل صحة قنا يعتذر لمريض في منزله.. ويؤكد : لا تهاون مع المقصرين    وزير الإسكان يتفقد المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين بجهاز مدينة بدر    إبادة غزة.. استشهاد 26 فلسطينيا في هجمات إسرائيلية على القطاع    السجن المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لعامل بتهمة الاتجار في المخدرات وحيازة سلاح دون ترخيص بالقليوبية    زينة تُفاجئ جمهورها بدور مذيعة في فيلم "الشيطان شاطر"    خامنئي يبدأ مسار تسليم الراية.. كيف تختار إيران مرشدها الأعلى؟    "حياة كريمة" تقترب من إنجاز مرحلتها الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه.. أكثر من 500 قرية تم تطويرها و18 مليون مستفيد    روايات أدبية تتحول إلى أفلام في 2025.. موسم صيد الغزلان وبنات الباشا وإذما أبرز النصوص    الحرس الثورى الإيرانى: الطائرات المشاركة بالهجوم على إيران تحت المراقبة    كورتوا: لا نلتفت للانتقادات وعلينا الفوز على باتشوكا لانتزاع الصدارة    غسلو 90 مليون جنيه.. سقوط شبكة خطيرة حاولت تغطية جرائمها بأنشطة وهمية    خبير صحراوي: لا تأثير سلبي لمنخفض القطارة على المياه الجوفية    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    مصدر إيراني: نقلنا معظم اليورانيوم من منشأة «فوردو» إلى موقع آخر    د.عبدالراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "15" .. التساؤلات العشر حول ناكر الجميل    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    «الرعاية الصحية»: إطلاق برنامج «عيشها بصحة» لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    هل يجوز إعطاء زكاة المال للأبناء؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في عطلة الصاغة الأحد 22 يونيو 2025    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محرقة نفايات طبية «تهدى» أطفال قرية بالفيوم «السرطان والالتهاب الرئوى»
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 01 - 2009

لم تتحمل الطفلة «مريم» ذات الشهور العشرة الهواء الملوث الذى وصل رئتيها الصغيرتين الضعيفتين.. فبمجرد مولدها فى أوائل العام الماضى سرعان ما أصيبت بالتهاب رئوى تطور إلى ربو شعبى أدى إلى تدمير رئتيها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة قبل أن تتم الشهر العاشر من عمرها.
أطباء مستشفى سوزان مبارك، الذى ترددت عليه كثيراً للحصول على جرعات أكسجين، فسروا الأمر بتلوث أصاب الصغيرة من الهواء المنبعث فى قريتها «الكعابى القديمة»، وهو ما لم تلحظه العين بمجرد رؤية منزلها البسيط الذى يتوسط أرضاً زراعية يملكها والدها، إلى جانب نمو بعض أشجار النخل التى يتدلى منها البلح قبل موسمه..
قد تدرك للوهلة الأولى أنها تسكن فى بيئة نظيفة يغلب عليها اللون الأخضر بما يحمله من نقاء للجو، ولكن سرعان ما تبدل هذا الشعور بمجرد رؤية الأدخنة السوداء المنبعثة من الوحدة الصحية بمركز «جرفس» الذى يضم عدة قرى منها قرية «الكعابى القديمة» أقرب مكان لمحرقة للنفايات الطبية داخل الوحدة، والتى أفسدت جو القرية فتغيرت ملامحها من قرية تشتهر بالبلح وبعض الخضراوات مثل الكرنب، إلى أكثر القرى تعرضاً للإصابة بالأمراض الصدرية والجلدية وصولاً إلى السرطانات المختلفة.
لم يعرف أهالى قرية «الكعابى القديمة» ما سوف تجلبه لهم تلك المحرقة عندما بدأ إنشاؤها منذ 3 سنوات، فكل ما عرفوه وقتها أنها سوف تحميهم من إلقاء المخلفات الطبية على قارعة الطريق، خاصة بعد أن رفض سكان قريتى «بياهمو» و«المنشية» المجاورتين ل«الكعابى» إقامة المحرقة فى وحداتهما الصحية، الأمر الذى لم يعرف أهالى «الكعابى القديمة» سبباً له إلا بعد تعرضهم لمخاطر المحرقة وأضرارها بداية من الأبخرة السوداء المنبعثة منها طوال فترة تشغيلها، وصولاً إلى إصابة أطفالهم بالأمراض.
فعلى بعد أمتار بسيطة من محرقة النفايات بالوحدة الصحية بجرفس يعيش الطفل محمود 6 سنوات الذى اعتاد الذهاب أسبوعياً إلى مستشفى سرطان الأطفال بالقاهرة لتلقى العلاج اللازم بعد إصابته بسرطان الدم، تلك المأساة التى يرويها والده ناصر قائلاً: «أصيب محمود بسرطان الدم منذ بضعة أشهر، فمنذ أن تعرض لتعب شديد توجهنا به إلى أحد المستشفيات حيث أكد الأطباء أنه دائم التعرض لمصادر تلوث خطيرة لم تتحملها مناعته فأصيب بسرطان الدم،
وبالطبع كلما وصفنا للأطباء حالنا وقربنا من محرقة النفايات الطبية أكدوا أنها أحد أهم العوامل التى ولدت الأورام السرطانية بالدم، ومنذ معرفتى بذلك توجهت مباشرة مع بعض سكان القرية إلى المجلس المحلى لعمل شكوى ضد المحرقة والوحدة الصحية التى سمحت بوجودها، وشكاوى متعددة إلى وزارة البيئة التى أرسلت مندوبيها وأكدوا ضرورة إجراء صيانة دورية للمحرقة فقط بحجة أنها مطابقة للمواصفات».
حاول مروان محمد أحد سكان القرية أن يقى أسرته أبخرة المحرقة عن طريق عمل نوافذ زجاجية لكل المنزل لا تفتح أبوابها إلا فى الصباح الباكر قبل بدء عمل المحرقة، ولكن انتشار الهواء الملوث حال دون ذلك خاصة بعد تعرض ابنه إلى أمراض صدرية وقال: «حرمتنا المحرقة من فتح نوافذ المنزل خوفاً على أطفالنا، ولكن ابنى الأصغر عمر الذى لم يتعد 9 أشهر تعرض لربو مستمر، وهو ما جعله أكثر أطفالى عرضة للتلوث بعد أن تحولت الوحدة من مصدر للعلاج إلى مصدر لنقل الأمراض بسبب المحرقة».
خطوات بسيطة تفصل بين محرقة النفايات بالوحدة الصحية وعيادة التطعيمات، وهو ما جعل أكثر الأطفال عرضة للأمراض هم حديثى الولادة، فعندما فقدت نادية ولدها أحمد قبل أن يكمل شهره الرابع لم تعرف وقتها سبباً للوفاة سوى أن مناعته ضعيفة جداً لدرجة لم تتحمل تلوث الجو المحيط به، ولكن مع تكرار حوادث وفاة الأطفال أو إصابتهم بأمراض خطيرة أجمع أطباء القرية على أن ما تنتجه مخلفات المحرقة من أبخرة كافية لتدمير مناعة الأطفال خاصة حديثى الولادة، وهو ما دفع الأم إلى تقديم شكاوى إلى وزارة الصحة.
لم تتوقف مخاطر محرقة النفايات على الأمراض الصدرية والسرطانات فقط، بل إن أكثر الأمراض انتشاراً ووضوحاً هى الأمراض الجلدية التى تركت آثارها على وجوه أطفال «الكعابى» حيث توجد بقع جلدية ما بين اللونين الأحمر والأسود تغطى أجسادهم بالكامل وتنتشر بغزارة على منطقة الوجه.
اقتربنا أكثر من الوحدة الصحية بجرفس التى بمجرد أن تعبر بوابتها تجد ماكينة حرق النفايات بجوار الباب مباشرة، يجاورها العديد من الأكياس السوداء التى يظهر منها بعض السرنجات والقطن المدمم، وبمجرد سؤالنا مصطفى طه الفنى القائم بتشغيل المحرقة عنها قال: «مسؤولو البيئة قالوا إنها مطابقة للمواصفات ودخانها الأسود غير مضر ويكفى أنها تخدم كل مستشفيات وعيادات محافظة الفيوم فلولاها لانتشرت السرنجات وآثار العمليات الجراحية فى الشوارع».
«5 مستشفيات كبرى تلقى بمخلفاتها فى محرقة الوحدة كافية لتوزيع السرطان على سكان القرية»، هكذا وصف الدكتور محمود فرحات مدير الوحدة الصحية بجرفس الوضع بقرية «الكعابى القديمة» حيث قال: «عندما اضطررنا للموافقة على وضع محرقة النفايات بالوحدة بعد رفض جميع الوحدات الصحية المجاورة لنا،
لم تكن المحرقة ملوثة بهذا الشكل ولكن سرعان ما تبدل الحال حيث غابت الصيانة وساءت حالة الفلاتر وانتشرت الأبخرة والعوادم النيتروجينية والرصاص وهى عناصر تؤدى مباشرة إلى أمراض الصدر والسرطانات، ويكفى أن المحرقة تعمل لساعات متصلة وتنتشر الأبخرة على 15 ألف فرد هم أهالى القرى المجاورة للوحدة الصحية، وأقربهم إلينا وأكثرهم عرضة للخطر هم سكان «الكعابى» البالغ عددهم أكثر من 5 آلاف نسمة.
ثابت عزمى لوقا، رئيس الوحدة المحلية بجرفس، نفى وجود أى شكاوى من المواطنين بخصوص محرقة النفايات، مؤكداً أنه حتى وإن كانت المحرقة مضرة فلابد من وجود شكوى مكتوبة ليتم التحرك على أساسها لفحصها والتأكد من مطابقتها للمواصفات الصحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.