دعا مؤتمر بغداد العربي حول تنمية الوعي بالقانون الى تكثيف الجهود من اجل تنمية ثقافة الوعي القانوني على المستويين الوطني والعربي باعتبارها من المطالب الملحة للشعوب العربية في ظل الاحداث التي يشهدها العالم العربي ، مما يستوجب من المجتمع بجميع أفراده أن يكون أكثر وعيا لحقوقهم وواجباتهم وبالقوانين المستجدة التي تنظم حياتهم . وأجمع المشاركون في المؤتمر الذي جاء برعاية الجامعة العربية وبتنسيق من العراق " الرئيس الحالي للقمة العربية " والمركز العربي لتنمية الوعي القانوني على أنه نظرا لما يربط بين الدول العربية من وحدة الآمال والمصير والطموحات وبما للتشريع من دور هام في تنظيم الحياة في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية بغية تحقيق التنمية والازدهار وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار فانه لابد من التركيز على تفعيل تلك التشريعات والعمل على تقريبها من غير المتخصصين بالقانون من خلال نشر وتعزيز ثقافتها لدى جميع شرائح المجتمع والتوعية بها لضمان تنفيذها ونبه المشاركون في بيانهم الختامي الى أهمية وضرورة المعرفة الشاملة لأفراد المجتمع حول ما يعيشه العالم اليوم من تطور في شتى وسائل الاتصال الناقلة للمعلومات التي يجب أن ترتكز على قناعته ووعيه بأحكام التشريعات في مختلف المجالات لتسهيل استيعابها وتطبيقها . وأكد المؤتمر على أن تنمية ثقافة الوعي القانوني والوطني حق من حقوق الإنسان يتعين على الحكومات أن تكفله لكل مواطنيها، وأن تسعى إلى إعماله وتعزيزه بكافة الوسائل. كما تم التأكيد على أن رقي الأمم وتقدمها تقاس بارتفاع مستوى وعي شرائح مجتمعاتهم بالقوانين المتعلقة بهم، ورسوخ قناعاتها باحترام وقدسية تلك القوانين لكي تتعايش وفق مقتضيات الحق والعدل والمساواة، وهذا ما يفرض على هذه الأمم في أن تكون ملمة بثقافة قانونية شاملة، حيث يشعر المواطن عند ذلك بتحمله لمسؤولية كبيرة في واجباته تجاه مجتمعه، وبالتالي يتحقق الاستقرار المجتمعي وتقدم . وأعتبر المؤتمر أن نشر ثقافة الوعي بالقانون هو مطلب ملح وهو أمر واجب على الجميع في ظل استشراء الفساد وهدر المال العام، وفي ظل ممارسة بعض السلطات السياسية لأبشع أساليب التعسف ضد مواطنيها، والعمل على افقارهم وسرقتهم، وهذا ما كان حتما سببا مباشرا في نشوب ثورات ما تسمى بالربيع العربي في بعض الدول العربية التي شهدناها في السنتين الاخيرتين. ودعا المؤتمر الى مضاعفة الجهود لنشر الوعي القانوني والوطني في ظل الظروف الراهنة التي ازدادت فيها الاشكاليات الارتدادية لدى شعوب تلك الثورات العربية، من حالة عدم الاستقرار وانتشار الفوضى وسرقة نتائج ثورات الشباب فيها بالرغم من انقضاء أكثر من سنتين على نجاح ثوراتها البطولية فيها، وهذا ما يؤكد أن هذه المجتمعات الحاضنة لها كانت تفتقر حتما بصفة شمولية إلى ثقافة الوعي القانوني والوطني، ومازالت حتى تاريخه مما زادت الأوضاع في هذه البلدان تعقيدا، الأمر الذي يقتضي من جميع الجهات القائمة على تنمية ثقافة الوعي القانوني والوطني تكثيف عملهم في هذا الشأن مساهمة منهم في تثبيت الاستقرار الداخلي والشروع في بناء الأوطان ، وبالتالي تعزيز الوعي بمفهوم الوطن الذي يعد من أهم مفردات الثقافة القانونية والسياسية الحديثة التي يكتسيها المواطن في إطار عمليات التنشئة الاجتماعية والسياسية . ولفت المؤتمر الى أن ثقافة الوعي بالقانون ترتكز على دعامتين أساسيتين وهما ثقافة العلم بالقانون، وثقافة احترام القانون، الأمر الذي يتطلب من جميع الجهات المجتمعية التركيز عليهما معا من أجل تعزيز هذه الثقافة وتعميمها على جميع شرائح المجتمع ، مع ضرورة مواكبة العمل التشريعي مع تنمية ثقافة الوعي القانوني والوطني به، لأنهما متلازمان حيث لا يمكن أن يكون التشريع بعيدا عن قناعات الناس واستعدادهم لتطبيقه وهذا ما يجب التركيز عليه في آليات العمل التشريعي الذي يعد الحجر الأساس لهذا المؤتمر . وشدد المشاركون على أن انعقاد مثل هذه المؤتمرات تؤدي إلى خلق ذهنية قانونية وتشريعية عربية موحدة من خلال التعاون العربي الفاعل في هذا الشان بعقد الندوات والدورات فيما بين جميع طبقات المجتمع في الدول العربية . كما تم التأكيد على أهمية المواقع الالكترونية القانونية للدول كوسيلة فاعلة لنشر ثقافة الوعي القانوني ودعوة المواطنين للاستفادة من تلك المواقع. ودعا المؤتمر الى ضرورة تغيير الخطاب الديني وتوجيهه نحو تعزيز الوحدة الوطنية وثقافة التسامح وحب الوطن والانتماء إليه، مع التركيز على تكريس القيم الأخلاقية في المجتمع ، مؤكدا أهمية دور الدولة في نشر ثقافة الوعي القانوني والوطني تعزيزا للنظام الديمقراطي ومبادئ الشورى والحرية واحترام حقوق الإنسان والخريات الأساسية. وأكدوا ضرورة تطبيق آليات العدالة الانتقالية بطريقة شمولية في بلدان الربيع العربي من أجل بناء المجتمع ضمن إطار تشريعي وقضائي، لمواجهة تجاوزات الماضي بطريقة جذرية وإصلاح المؤسسات المتورطة منها و معرفة حقيقة ما جرى وما يجري من أحداث جسام ترتب عليها مقتل العديد من المواطنين وإصابة غيرهم بأضرار جسيمة فضلا عما لحق بالعديد من مؤسسات الدولة من خسائر فادحة وعلى ضرورة الاعتراف بتلك الجرائم واعتذار المسؤولين عنها وتعويض الضحايا. واعتبر المشاركون، أن مفهوم المواطنة هي مسؤولية تقع على الكافة سواء المواطن أو الدولة، ويتحمل كل منهما الحقوق والالتزامات التي تؤدي في النهاية إلى استقرار المجتمع وبناء الدولة على جميع الأصعدة. وأن إنكار مبدأ المساواة واحترام الحريات بشكل عام لكافة المواطنين، و عدم مراعاة حقوق الإنسان يفتح أبواب الفتن والحروب الأهلية، وأن الاعتراف بهذه الحقوق يولد الانتماء والترابط والاندماج معًا داخل بوتقة المجتمع لأن المواطنة حق لكل مواطن في المجتمع على اختلاف وتباين الانتماءات العرقية والدينية والطائفية. كما تم التأكيد على أن تنمية ثقافة التسامح هي ضرورة اجتماعية وثقافية وسياسية، وذلك من أجل تحسين الواقع المجتمعي أمام كل المخاطر الزاحفة إليه، والتي تستهدف وجوده ومكاسبه وتطلعاته. كما أن تعميم هذه الضرورة القيمية في مجتمعاتنا تحتاج إلى سياج قانوني يحميها ويوفر لها الامكانيات الحقيقية لكي تستنبت في التربية الاجتماعية العامة في كل دولة والعمل على نشرها من خلال إدراجها في برامج التعليم وحث رجال الدين من مختلف الطوائف على الدعوة لنشر ثقافة التسامح فيما بين شرائح مجتمعهم . وشدد المشاركون علي أن ثقافة الوعي القانوني والوطني هي ثقافة الحاكم والمحكوم باعتبارها الوسيلة الفاعلة للحكم الرشيد مؤداها الى ان تكون رسالة للحوار والتحالف والمحبة وليس لالغاء الاخر بل لتعزيز السلم الاهلي . وتم التأكيد على أن شعار المؤتمر بركنيه القانوني والوطني يمكن المجتمعات العربية الى ان تصل الى ما وصلت اليه الامم المتقدمة من خلال ان تصبح حياة المواطن مرهونة بالتقيد الذاتي في الضوابط التي يضعها القانون في الدولة العادلة بهدف استقرار المجتمع وسيادة الامن والسلام فيه من اجل تحقيق اسعاده . وقرر المشاركون اعتماد استمرار انعقاد هذا المؤتمر بشكل سنوي، وذلك بالتناوب فيما بين الدول العربية عند ترؤسها لمؤتمرات القمة العربية