أيام قليلة.. ويرفع الستار عن الرئيس الإيراني الجديد عقب الانتخابات المقرر إجراؤها بدولة "الخوميني" منتصف الشهر المقبل.. والتي تأتي في ظل تقارب شديد مؤخرا بين الإدارتين المصرية والإيرانية منذ تولي الرئيس مرسي وجماعته سدة الحكم في مصر وهو مايطرح سؤالا مهما حول شكل العلاقات بين البلدين عقب تولي رئيس جديد لإيران خلفا ل "أحمدي نجاد" إدارة البلاد وما إذا كان سيستمر علي نهج سلفه أم سيعمل علي إعادة العلاقات إلي ماكانت عليها أيام الرئيس السابق حسني مبارك.. من ضمن هؤلاء المحللين الذين اهتموا بهذه القضية الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق إيرك تريجر، الذي حاول أيضا الإجابة علي عدد من الأسئلة تتعلق بعلاقة وموقف جماعة الإخوان في مصر بالقوي والقضايا الإقليمية علي رأسها إيرانوتركياوسوريا. وأوضح تراجر أن هناك عددا من الأمور يجب أن تتنبه لها الإدارة الإيرانية الجديدة بعد التطورات التي حلت بالعالم العربي فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية ولذلك علي دولة الخوميني أن تدرك أن سياساتها لا تحظي بتأييد كبير في الشرق الأوسط لسببين، أولهما ظهور السلفيين الذين يعارضون وبشدة إيران كقوة رئيسية في عدد من الدول العربية بعد الثورة خصوصا في مصر وترقب السلفيين لمحاولات عودة العلاقات المصرية الايرانية لاستغلالها في الهجوم علي جماعة الاخوان خلال الانتخايات المقبلة. ثانيها: السياسات التي تنتهجها إيران والتي زادت من الانقسام بين السنة والشيعة وبالتالي ساهمت في انتشار العنف الذي نجده حاليا في العراقوسوريا . وتساءل تريجر ما هي الاختلافات الموجودة بين أيدولوجية الإخوان والنظام الشيعي في إيران ؟ وكيف تري الجماعة سياسة "الخوميني" المعادية للغرب مع ازدياد النفوذ الشيعي بالإقليم؟ وأجاب الباحث الأمريكي بأن الإخوان المسلمين علي عكس المفهوم الإيراني ليس لديهم مرجعية آية الله الفقيه لتفسير الشريعة، ولكنهم يستخدمون شعارات إسلامية كوسيلة لوصولهم للسلطة ولمواجهة أعدائهم السياسيين غير الإسلاميين، وبالتالي فإن وجهة نظر الإخوان للشريعة غامضة جدا، وهذا هو السبب الذي يجعل قياداتها مختلفين في مسألة تطبيق الشريعة، وبمعني آخر فالجماعة تمارس السياسة بعيدا عن الإسلام لكن رجوعهم للدين يكون فقط لتبرير مواقفهم وسلوكهم. وأضاف "تريجر" أنه كما هو الحال في إيران فإن الإخوان يتخذون من معاداة الغرب مبدأ أساسيا، حيث إن هدف الجماعة هو تأسيس دولة إسلامية في مصر ومنها تتكون خلافة عالمية، وبالتالي فهي تستخدم الوسائل اللازمة لمقاومة النفوذ الثقافي والسياسي الغربي، لكن مناهضتها للغرب هي أقل وضوحا من إيران، فوفقا لنائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر فإن الإخوان بحاجة لتوطيد سلطتهم في مصر وهي خطوة تسبق الدولة العالمية، ويتيقن الإخوان أن هذا الهدف يحتاج إلي إقامة علاقات دولية مستقرة نسبيا لتحقيق استقرار لهم في الداخل، ومن ثم فالجماعة تسعي للتقرب من الغرب علي المدي القصير في حين أنها مستمرة في تحقيق هدفها ولكن من المرجح أن تكون معادية للغرب بمجرد تحقيق هذا الهدف. كما تساءل تريجر هل الإخوان المسلمون قادرون علي توطيد موقفهم في سوريا في مرحلة ما بعد الصراع؟ وأي نوع من العلاقات بين الجماعة وإيران سينشأ في مرحلة ما بعد بشار الأسد وانتهاء الصراع. وأوضح "تريجر" أنه من المرجح أن يكون الإخوان في سوريا ضمن اللاعبين الهامين بعد سقوط الأسد، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت قوتهم التنظيمية ستجعل منهم القوة الرائدة والمستحوذة علي السلطة أم لا أما فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران فنجد أن الأمور ستكون صعبة فعندما حاولت الجماعة إدخال إيران لإنهاء الصراع في سوريا رفض إخوان سوريا التعاون مع طهران.. لكن قد تتطور هذه العلاقات بعد الأسد كما تساءل تريجر ما هو تأثير الانتخابات الإيرانية التي ستجري قريبا علي الإخوان في مصر؟ وأجاب بأن الانتخابات الرئاسية الإيرانية لا تحمل قدرا كبير من الأهمية للإخوان، لأن الجماعة ستسعي لمواصلة تعاونها مع طهران أيا كان رئيسها القادم. ويري "تريجر" أن الإخوان لا يملكون أي رؤية محددة لما يريدونه من العلاقات مع إيران، بل ببساطة يريدون أن يبعثوا رسالة بأن السياسة الخارجية لمصر قد تغيرت في عهدهم عمن كان في عهد مبارك، ولذلك فالانتخابات الرئاسية الإيرانية ليس لها أي دخل بالعلاقات الثنائية من قريب أوبعيد. وتساءل أيضا عما إذا كان هناك أيديولوجية واحدة تجمع بين الإخوان وحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان؟ وهل تركيا ستكون علي نفس الجانب مع قطر والسعودية إذا تعلق الأمر ببناء تكتل مناهض لإيران في المنطقة؟ وأوضح تريجر أن حزب العدالة والتنمية يملك نفس النظرة الإسلامية لجماعة الإخوان، ومثلما عرف عن الجماعة سلوكها الاستبدادي في التعامل مع الصحفيين ومحاكمتهم بتهمة إهانة الرئيس مرسي، فإن أردوغان لديه أكبر عدد من الصحفيين المسجونين في العالم، والاختلاف الكبير بينهما هو أن الأخير استطاع بناء نظام اقتصادي قوي، كما عمل علي تعزيز قوة بلاده في المنطقة بشكل أكبر وبالتالي واجه مقاومة داخلية أقل بكثير من مرسي، الذي نظر في البداية لحزب العدالة والتنمية كنموذج يحتذي به لكن مع مرور الوقت أصبح الاتجاه لتوطيد السلطة أهم من الاقتصاد، مما كثف المقاومة ضده وضعفت الدولة للغاية في ظل وجود جماعة الإخوان في الحكم.