أقارب مرشح في الانتخابات يطلقون النار.. والداخلية تتحفظ على السلاح    السيطرة على حريق شب داخل سيارة ملاكي أعلى كورنيش المعادي    طوارئ بالبحيرة لمواجهة سوء حالة الطقس وسقوط الأمطار الغزيرة.. فيديو وصور    وداع موجع في شبين القناطر.. جنازة فني كهرباء رحل في لحظة مأساوية أمام ابنته    كلماتها مؤثرة، محمد رمضان يحول نصائح والده إلى أغنية بمشاركة المطرب إليا (فيديو)    مسؤول أوكراني: دفاعات كييف تتصدى لهجوم روسي هائل    هنا.. القنوات المجانية الناقلة لمباراة مصر وأوزبكستان اليوم 14 نوفمبر 2025 في بطولة العين الودية    جامعة المنيا تنظم ورشة عمل لأعضاء هيئة التدريس حول طرق التدريس الدامجة    المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي يوافق على إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    إزالة فورية لمزرعة دواجن تحت الإنشاء مقامة على أرض زراعية بأبو صوير    فوز جامعة المنيا بالمركز الأول في نموذج الزراعة والأغذية    محافظ الإسكندرية: استمرار رفع درجة الطوارئ لمواجهة أمطار نوة المكنسة.. صور    تدريبات على الغناء والأداء الحركي ضمن مشروع «ابدأ حلمك» بالإسماعيلية    «احترمي خصوصياتهم وبادري بالود».. 7 نصائح ضرورية لتعزيز علاقتك بأقارب زوجك    توقيع مي محمود سعد.. «ضايل عنا عرض» يفتتح العروض العربية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (صور)    بيحبوا الاستقرار.. 5 أبراج تفضل الحياة الزوجية عن العزوبية    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سرّ الصلاة على النبي يوم الجمعة    هل ثواب الصدقة يصل للمتوفى؟.. دار الإفتاء توضح    ابتلاع طفل لخاتم معدنى بالبحيرة يثير الجدل على مواقع التواصل.. اعرف التفاصيل    أمراض بكتيرية حولت مسار التاريخ الأوروبي: تحليل الحمض النووي يكشف أسباب كارثة جيش نابليون في روسيا    المركز الأفريقى لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي ل«مرض السكر»    صلاة الاستسقاء قطر اليوم – تفاصيل أداء الصلاة في مصلى لوسيل    أول تعليق من «الأطباء» على واقعة إصابة طبيب بطلق ناري خلال مشاركته في قافلة طبية بقنا    أشرف قاسم: إسماعيل وبيزيرا الأفضل من بين كل صفقات الزمالك هذا الموسم    إنجلترا تواصل حملة الانتصارات مع توخيل وتعبر صربيا بثنائي أرسنال    المنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026 بعد تأهل فرنسا    تقرير: خطة برشلونة لتكريم ميسي    طنطا يواجه ديروط.. ومسار يصطدم ب الداخلية في دوري المحترفين    تفاصيل محاكمة المتهمين بالتنمر على الطفل جان رامز على مواقع التواصل    الإمارات تعلن نتائج تحقيقات تهريب العتاد العسكري إلى السودان    اليوم.. أوقاف الفيوم تفتتح مسجد"الرحمة"بمركز سنورس    القانون يحدد شروطا للتدريس بالمدارس الفنية.. تعرف عليها    مصرع 3 أشخاص وإصابة 4 في حادث تصادم سيارتين بالكيلو 17 غرب العريش    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    «اقفلوا الشبابيك» .. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم : أمطار رعدية ورياح هابطة    رسميًا بعد تطويرها.. موعد افتتاح حديقة الحيوان بالجيزة وخطة تجديدها وربطها بالأورمان    التفاصيل الكاملة لمشروع جنة مصر وسكن مصر.. فيديو    بين ابتكار الآسيويين ومحاذير الخدع التسويقية.. هل يهدد الذهب الصيني الجديد سوق الاقتصاد؟    القانون ينظم عمل ذوي الاعاقة.. تفاصيل    سعر الدولار الآن مقابل الجنيه خلال عطلة البنوك اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    محافظ بورسعيد يبحث استعدادات إجراء انتخابات مجلس النواب 2025    كيف بدأت النجمة نانسي عجرم حياتها الفنية؟    نانسي عجرم ل منى الشاذلي: اتعلمت استمتع بكل لحظة في شغلي ومع عيلتي    بأمر ترامب.. أمريكا تعلن إطلاق عملية «الرمح الجنوبي»    إيران تطالب الأمم المتحدة بمحاسبة واشنطن وتل أبيب على ضرباتها النووية في يونيو    نتنياهو يربط التعامل مع أحمد الشرع بهذا الشرط    أذكار المساء يوم الجمعة – حصنك من الشر والهم والضيق    وزير الدفاع الأمريكي يعلن بدء عملية "الرمح الجنوبي" ضد شبكات مخدرات في الغرب    العثور على حطام طائرة إطفاء تركية ووفاة قائدها    بن غفير يتباهى بالتنكيل بمواطنين فلسطينيين داخل إسرائيل    4 أبراج «بيجيلهم اكتئاب الشتاء».. حسّاسون يتأثرون بشدة من البرد ويحتاجون للدفء العاطفي    «الصحة»: التطعيم ضد الإنفلونزا يمنع الإصابة بنسبة تزيد على 70%    عمر هشام طلعت يفوز بعضوية المكتب التنفيذى للاتحاد العربى للجولف..والرميان يحتفظ بالرئاسة    الفيلم التركي كما نتنفس يعرض صورة مغايرة للحياة التركية في عرضه الأول بمهرجان القاهرة السينمائي    "الصحة" تنظم جلسة لمناقشة تطبيق التحول الأخضر في المستشفيات وإدارة المخلفات الطبية    الشيخ خالد الجندي: كل لحظة انتظار للصلاة تُكتب في ميزانك وتجعلك من القانتين    بث مباشر مباراة العراق والإمارات اليوم في تصفيات كأس العالم 2026 – ملحق آسيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر نص الرسالة الأسبوعية للمرشد العام للإخوان المسلمين
نشر في الموجز يوم 09 - 05 - 2013

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء وخاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد..
فإن الإسلام هو آخر الأديان السماوية وخاتمها, وهو المنْهج الربَّاني الذي أنزله الله تعالى لهداية البشرية الضالَّة الحائرة، وغايته تحقيق العُبوديَّة الكاملة لله تعالى, وفي العبودية لله كمال الحرية وتمامها لتحرير إرادة الإنسان وصبغتها بصبغة الله سبحانه؛ ليكون نموذجًا للقيم والأخلاق لنفع الغير وعمارة الكون.
إن الدين عند الله الإسلام؛ لأنه دِين الفِطْرة الشامل لجميع متطَلَّبات الحياة: الاجتماعية والتعليمية والأخلاقية والسياسية والصِّحِّية والاقتصادية وغيرها...، (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم: 30).
وقال النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "كلُّ مولود يُولَد على الفطرة، فأبواه يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجِّسانه".
والفطرة: هي الصِّفة التي يتَّصف بها كل موجود في أول زمان خلقته، والإنسان يولد على الإقرار باللّه عز وجل، وهو الميثاق الّذي أخذه الله عليه، قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا) (الأعراف: 172).
فالإنسانية بفطرتها السليمة تعرف ربها، وتلوذ به، وتلتجئ إليه إذا مسَّها الضرُّ، ولم تَجِد مغيثًا يغيثها، أو ناصرًا ينصرها غير الله عز وجل: (وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا) (الإسراء: 67).
والمخاطبون حين نزول القرآن يعرفون ربهم الذي خلقهم، وتنطق فطرهم بالحق عندما تُسْأل، كما قال تعالى: (قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ * قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) (المؤمنون: 84 - 89).
وهذه الغريزة الفطرية، ليست مقتصرة على البشر، بل إنها لتمتد حتى تشمل الطير والحيوان والجماد وغيرها...، الجميع فُطِر على العبودية لله وتسبيحه وتحميده وتنزيهه، قال تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ...) (الإسراء: 44).
لماذا كان الإسلام دين الفطرة؟:
. إن الإسلام دين الفطرة؛ لأنه ما ترك بابًا يصل بالإنسانية إلى كمالها وسعادتها إلا دلَّ عليه، وأمر به، ووعد عليه الثواب الجزيل، في نفس الوقت لم يَدَع بابًا يُهْلِك الإنسانية، وينزل بها الشرَّ والدمار إلا حذَّر منه ونهى عنه، وتوعَّد بالعقوبة الرادعة الزاجرة..
. الإسلام دين الفطرة؛ لأنه موافق لسُنَن الله تعالى في الخلقة الإنسانية؛ حيث إنه يعطي القوى الجسدية حقوقها والقوى الروحانية حقوقها، ويسير مع هذه القوى على طريق الاعتدال حتى تبلغ كمالها..
. الإسلام دين الفطرة؛ لأنه يحترم العقل ويُقدِّر العلم والعلماء ويرفع من شأنهم، (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة: 11).
. الإسلام دين الفطرة؛ لأنه يُرسِي دعائم الرحمة، وما كانت الرسالة المحمدية إلا رحمة للعالمين: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107). ورَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَنْ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلَّا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا تَحَابُّونَ عَلَيْهِ؟» قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَرَاحَمُوا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كُلُّنَا رَحِمٌ، قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ خَاصَّتَهَ، وَلَكِنْ رَحْمَةُ الْعَامَّةِ».
. الإسلام دين الفطرة؛ لأنه يُحقِّق العدل الكامل والذي يشمل الإنسانية جمعاء حتى مع الأعداء، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة: 8).
. الإسلام دين الفطرة؛ لأنه يُقِرُّ مبدأ المساواة بين البشر، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات: 13).
. الإسلام دين الفطرة؛ لأنه يُقَدِّس الحرية، حتى إنه ليجعل له مطلق الحرية في أن يعتنق ما يشاء من دين: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة: 256)، كما أنه يعتبرها قرينة الإنسان مع ميلاده، وما قول الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه عنا ببعيد، "متى استعبدتم الناس.. وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟".
. الإسلام دين الفطرة؛ لأنه جاء بمكارم الأخلاق التي ترفع شأن الإنسان وتُعْلي من قدره، بل جعل الأخلاق غاية الرسالة الخاتمة: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ».
. الإسلام دين الفطرة؛ لأنه يتَّسِم بالشمول حتى يحتوي على قواعد وأسس تنظم كل جوانب الحياة، الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية، والسياسية وغيرها...، فلم يترك شيئًا إلا ونظمه، قال تعالى: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) (الأنعام: 38)، وقال تعالى: (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا) (الإسراء: 12).
. إنّ الإسلامَ دينُ الفطرةِ؛ لأنه دين التوازن يهدفُ إلى إصلاحِ الدنيا، وإصلاحِ الآخرةِ، ويحرصُ في تعاليمهِ على صحّةِ الجسدِ، وطُهرِ النفسِ، ويوازنُ بينَ المادةِ والروحِ، والحاجاتِ والقيمِ، (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: 77)، وجاء في الأثر: «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا».
أسباب تغير الفطرة:
وإذا كان التَّدين فطرة في الإنسان، فإن ما يحيط به من مؤثرات هو الذي يجعله ينحرف عن جادة الفطرة السوية، وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك فقال: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يُهوِّدانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
فالفطرة تنحرف:
. بوسوسة شياطين الجنِّ، فقد أخذ الشيطان على نفسه العهد بإضلال بني آدم: )قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (ص: 82 - 83)، وقال تعالى في الحديث القدسي: "وإنِّي خلقتُ عبادي حنفاء كلّهم، وإنَّهم أتَتْهم الشياطينُ فاجتالتهم عن دينهم، وحَرَّمتْ عليهم ما أحللتُ لهم، وأمَرَتْهُم أن يُشركوا بي ما لم أُنزل به سلطانًا"، وكل الوسائل والعقبات التالية هي من جنود الشيطان وحبائل الشيطان، ولا يتخلص الإنسان من هذه الشياطين إلا بالالتجاء إلى الله تعالى، والتعوذ من الشيطان.
. بما يغرسه الآباء في نفوس أبنائهم.. "فأبواه يهوِّدانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
. بما يُلقِّنه بعض مُدَّعي العلم والبحث، والمُعلِّمون والباحثون في أفكار الناشئة.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير قول الله تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ).. "أَمَا إنهم لم يكونوا يعبدونهم، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ".
. بالجهل والتقليد الأعمى.. ولو كان فيه هلاكه: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) (لقمان: 21).
. بما يحيط بالإنسان من أصدقاء السُّوء الذين يُزيِّنون له الانخلاع من هدي الفطرة الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا) (الفرقان: 27 – 29). وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ».
مظاهر انتكاسة الفطرة في الواقع:
والمتأمل للواقع يرى من المظاهر ما يؤكد الخروج على الفطرة ويتجلى ذلك في: الخروج على منظومة الأخلاق الإنسانية، حيث ينعدم الحياء، وينتشر الكذب، وتكثر الخيانة، ويزداد الفجر في الخصومة.. ويكثر الظلم والبغي والعدوان، ونرى دعاة الفساد والإفساد في الأرض، ويصل بهم المدى إلى الدعوة إلى إهلاك الحرث والنَّسل وتخريب العامر، وتدمير المنشآت والمؤسسات، وإحراق ما تصل إليه أيديهم، وإنهم ليستبيحون الأموال والدماء والأعراض، ويصدق عليهم قول الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) (البقرة: 204 - 205).
وإن تَعْجَب فإن عجبك يزداد حين ترى من يرى المنكر معروفًا والمعروف منكرًا، بل ترى من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، وقد وصف الله عز وجل صنفًا من الناس بقوله تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (التوبة: 67).
ولعلَّ ما ينزل بكثير من الدول من فتن عقاب من الله تعالى لانتكاسة الفطرة، وقد أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقَالَ: "كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا طَغَتْ نِسَاؤُكُمْ، وفَسَقَ شَبَابُكُمْ، وتَرَكْتُمْ جِهَادَكُمْ؟! قَالُوا: وإنَّ ذَلِكَ لكائنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وأَشَدُّ مِنْهُ سَيَكُونُ، كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَمْ تَأْمُرُوا بِالمَعْرُوفِ وتَنْهَوْا عَنِ المُنكَرِ؟! قَالُوا: وكائنٌ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وأَشَدُّ مِنْهُ يَكُونُ، كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا رَأَيْتُمُ المَعْرُوفَ مُنكَرًا، ورَأَيْتُمُ المُنكَرَ مَعْرُوفًا؟! قَالُوا: وكائنٌ ذَلِكَ؟ قَالَ: وأَشَدُّ مِنْهُ سَيَكُونُ؛ قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا أَمَرْتُمْ بِالمُنكَرِ، ونَهَيْتُمْ عَنِ المَعْرُوفِ؟! قَالُوا: وكائنٌ ذَلِكَ؟ قَالَ: وأَشَدُّ مِنْهُ سَيَكُونُ؛ يَقُولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: بِي حَلَفْتُ لَأُتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً يَصِيرُ الحَلِيمُ فِيهَا حَيْرَانَ؟".
العلاج:
أيها المسلمون في كل مكان..
إن العلاج الناجع والدواء الشافي في دين الفطرة الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين ففيه الشفاء من كل داء والنجاة من كل مُلمة، إذا أقمناه في قلوبنا وواقعنا ونفذنا تعاليمه وقمنا بحقوقه على الوجه الأكمل الذي يرضي ربنا و ننال به خيري الدنيا والآخرة. يقول الإمام البنَّا رحمه الله: "إن الله تعالى قد أرسل رسوله رحمة للعالمين إلى يوم القيامة، وبعث معه كتابه الحق نورًا وهدى إلى يوم القيامة، وإن زعامة الرسول صلى الله عليه وسلم باقية بسنته، وإن سلطان القرآن قوي بحجته، وإن الإنسانية صائرة إليهما لا محالة، بعزِّ عزيزٍ، أو بذلِّ ذليل، من قريب أو من بعيد، حتى يتحقق قول الله: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) (الفتح: 28).
فكونوا أول من يتقدم باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقارورة الدَّواء من طبِّ القرآن؛ لاستنقاذ العالم المُعذَّب المريض.
إنها خطوة جريئة، ولكنها موفقة إن شاء الله تعالى، والله غالب على أمره: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُو الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (الروم: 4 - 5).
ويقول في موضع آخر: وإن من واجبنا وفي يدنا شعلة النور وقارورة الدواء أن نتقدم؛ لنُصْلِحَ أنفسنا وندعو غيرنا، فإن نجحنا فذاك، وإلا فحسبنا أن نكون قد بلَّغنا الرسالة، وأدَّينا الأمانة، وأردنا الخير للناس، ولا يصحّ أبدًا أن نحتقر أنفسنا، فحسب الذين يحملون الرسالات، ويقومون بالدعوات، من عوامل النجاح:
- أن يكونوا بها مؤمنين، ولها مُخلصين، وفي سبيلها مجاهدين، وأن يكون الزمن ينتظرها، والعالم يترقبها.. فهل من مجيب؟..
وكل الدعاة في كل زمان ومكان يقولون (ومَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إنْ أَجْرِيَ إلا عَلَى رَبِّ العَالَمِينَ).
والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل،،
والله أكبر ولله الحمد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.