مسئول إيراني: سنهاجم القواعد الإقليمية لأي دولة تدافع عن إسرائيل    مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إسرائيل دمرت الجزء الموجود فوق سطح الأرض من منشأة نووية إيرانية رئيسية    ميسي يقود تشكيل إنتر ميامي الأقرب ضد الأهلي في كأس العالم للأندية    قناة مفتوحة لنقل مباراة الأهلي وانتر ميامى في كأس العالم للأندية    واقعة ياسين تتكرر.. والدة طفل تتهم مدرب كاراتيه بهتك عرض نجلها بالفيوم    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    خوسيه ريبيرو.. قادرون على إيقاف خطورة ميسي وأعددنا أنفسنا جيدا لهذه المباراة    الآن.. موعد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس وخطوات الاستعلام الرسمي    القناة 13: إصابة 5 إسرائيليين جراء الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير    الجبهة الداخلية الإسرائيلية: تفعيل صفارات الإنذار في إيلات    فرنسا تحذر مواطنيها من السفر إلى الشرق الأوسط    الجيش الإسرائيلي: هاجمنا قواعد عسكرية لسلاح الجو الإيراني    استهداف مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية فى تل أبيب.. فيديو    إنفانتينو: بطولة كأس العالم للأندية ستكون لحظة تاريخية فى كرة القدم    هل تتأثر قناة السويس بالصراع الإسرائيلي الإيراني؟.. الحكومة ترد    حدث منتصف الليل| خطة الحكومة لتأمين الغاز والكهرباء.. وهبوط 5 رحلات اضطراريا بمطار شرم الشيخ    مؤتمر أخبار اليوم العقاري.. «رواد القطاع العقاري يضعون خارطة طريق لمستقبل الصناعة»    اعرف رد محافظ الإسكندرية على جزار يبيع كيلو اللحمة ب700 جنيه.. فيديو وصور    ريبيرو يوجه رسالة حاسمة بشأن مراقبة ميسي.. ويشعل حماس لاعبي الأهلي «فيديو»    كوكا: من الصعب إيقاف ميسي.. ولن ألعب في مصر لغير الأهلي    ميسي يتوعد: كأس العالم للأندية فرصة لصناعة التاريخ مع إنتر ميامي    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    الدبيكي: إعتماد إتفاقية «المخاطر البيولوجية» إنتصار تاريخي لحماية العمال    الجنح تسدل الستار في قضية انفجار خط الغاز.. اليوم    صفارات الإنذار تدوي في عدة مناطق إسرائيلية بعد اختراق طائرات مسيرة لأجواء تل أبيب    مصرع فتاة سقطت من الطابق السادس بسوهاج    قبل وفاته مع «حذيفة».. «محمود» يروي لحظات الرعب والانفجار ب خط غاز طريق الواحات: «عينيا اسودّت والعربية ولّعت»    ضبط عاطل وراء إشعال النار بشقة والده في الطالبية    «النقابات الفنية» تشيد بجهود المصرية في بغداد في دعم إلهام شاهين    مراسل برنامج الحكاية: فوجئنا بوجود أجانب على كارتة الاسماعيلية    اليوم، نظر دعوى وقف تنفيذ قرار إغلاق بيوت وقصور الثقافة    تامر عاشور يظهر بعكاز فى حفل الكويت.. صور    كاتب سياسي: رد إيران يشمل مئات الصواريخ الباليستية لم تشهد تل أبيب مثيل لها    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    7 خطوات أساسية من المنزل لخفض ضغط الدم المرتفع    احذرها.. 4 أطعمة تدمر نومك في الليل    «تضامن الدقهلية» تطلق قافلة عمار الخير لتقديم العلاج بالمجان    أطباء بالمنيا يسطرون ملحمة إنسانية داخل غرفة العمليات وينقذون مريضة ووليدها    نجم الزمالك السابق: شيكابالا أسطورة.. ومصيره بيده    حركات متصاعدة في بيت المال.. حظ برج القوس اليوم 14 يونيو    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 14 يونيو 2025    سعر الذهب اليوم السبت 14 يونيو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير (تفاصيل)    مصرع عاملين وإصابة 12 آخرين في انقلاب ميكروباص بالعياط    تراجع سعر طن الحديد الاستثمارى وعز وارتفاع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 14 يونيو 2025    بعد نصف قرن على رحيلها.. صوت أم كلثوم يفتتح تتر مسلسل «فات الميعاد»    «الأهلي في حتة عاشرة».. محمد الغزاوي يرد على المنتقدين    طوارئ نووية محتملة.. السعودية توضح: لا مواد مشعة في مياه المملكة    إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والمدارس في مصر رسميًا (الموعد والتفاصيل)    نائب رئيس جامعة القاهرة يتفقد امتحانات الفرقة الأولى بطب قصر العيني (صور)    رسالة ماجستير فى كينيا تناقش مفهوم الخطايا عند المسلمين والمسيحيين.. بعض الخطايا لا نتغاضى عن الاعتراف بها.. ويحب على الجميع مواجهتها    علامات إذا ظهرت على طفلك يجب الانتباه لها    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    بعثة حج الجمعيات الأهلية تنظم زيارات الروضة الشريفة    قفزة في الاستثمارات العامة بالمنوفية ب2.8 مليار جنيه في موازنة 2024/2025    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



50 % من الشعب لا يأمن توفير قوت يومه.."مرسى".. عدو الفقراء
نشر في الموجز يوم 18 - 04 - 2013

الإخوان يتبعون نهج "الصدقة" لتخفيف حدة الفقر بدلا من وضع خطة اقتصادية عاجلة تتماشى مع الواقع
مصر لن تستطيع استيراد القمح مع دخول الصيف أوتوفير "الديزل" المستخدم فى 99% من وسائل النقل
سياسة الحرية والعدالة الاقتصادية عبارة عن سلسلة مربكة من الأفكار المتضاربة والقصيرة النظر والمدى
الرئيس فشل فى حل أزمة الدعم.. والشعب ينظر إليه على أنه غير كفء اقتصاديا
50 % من القوة العاملة تعانى من البطالة.. و" قنديل" رجل سياسة من الدرجة الثانية وحكومته لافائدة من استمرارها
أكثر من مليون مصري عادوا من ليبيا سينضمون إلى صفوف البطالة فى القريب العاجل
مصر فى حاجة ماسة إلى ضخ 15 مليار دولار قبل الصيف لمنع انتشار الجوع ونقص الوقود وحدوث أعمال شغب
أفردت عدة صحف عالمية صفحاتها خلال الأسبوع الجارى لتحليل الأزمة الإقتصادية التي تعصف بمصر وتنبيء بدخولها في نفق مظلم من الإفلاس الإقتصادي الذي يرافقه إضطرابات شعبية وفوضى وهروب كامل للمستثمرين والخبراء، وصبت معظم التقارير فى أن جميع السياسات التى يتخذها الرئيس مرسى تتجه ضد الفقراء , وأنه منذ توليه الحكم وهناك ارتفاع مستمر فى الأسعار فضلا عن أن 50% من شعبه لا يأمن توفير قوت يومه, وحاول عدد كبير من الخبراء الإقتصاديين العالميين إيجاد مخرج لمصر من أزمتها الإقتصادية العاصفة وطرح الحلول المحتملة مع وضع أيديهم على مواطن الخلل سواء في الأداء الحكومي والسياسات الإقتصادية التي ينتهجها الرئيس مرسي أو التي ورثها الرئيس من النظام السابق، والأخطار المستقبلية المحتملة على الإقتصاد المصري وعلى الإستقرار السياسي ومستقبل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسى بجماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي إذا ما إستمر نفس الأداء الإقتصادي والسياسي المتواضع وعدم الإستماع إلا الى أنفسهم مع تجاهل نصائح النخبة الإقتصادية المصرية وما سيؤدي اليه ذلك من نتائج أقل ما يقال عنها أنها كارثية.
في البداية يقول الخبير الإقتصادي "جوديث ميللر"، أن أفراد الشرطة يفضلون الجلوس في مقار عملهم رافضين توفير الأمن للمصريين، ومن ثم اختفى السياح، وتم حرمان مصر من مصدر حيوي للعملة الصعبة وتوفير الوظائف؛ كما ارتفع معدل البطالة من 9.8% في 2010 إلى 13% ، وبلغ التضخم 8.7% رسميا، وإن كان أكثر من 9.5% في الواقع بالنسبة للأغذية والسلع الأساسية، ويقول خبراء الاقتصاد إن هذه الأرقام مضللة، لأن ما يقدر بنحو 40% من الاقتصاد المصري هو "أسود" أو غير رسمي، وبحلول الصيف القادم، لن تستطيع الحكومة استيراد القمح الغذاء الرئيسي للفقراء، فمصر تستورد 10 مليون طن من القمح سنويا، كما لن تستطيع توفير الديزل المستخدم في أفران الخبز وفي 99% من وسائل النقل.
والمعضلة في مصر هي أن الحكومة لا يمكنها تحمل العواقب السياسية لوقف تقديم الدعم للفقراء، هذا الدعم باهظ التكلفة والذي يضعف اقتصادها، فالفقراء المصريين ينفقون 70٪ من دخلهم على الغذاء، بينما ينفق الامريكيون حوالي 14% فقط، لكن إذا لم يقل الدعم ويتم تبني سياسات تنموية، لن يمكن لمصر تلقي ال 4.8 مليار دولار قرض صندوق النقد، والذي يمكن أن يصل الى 14 مليار دولار في صورة مساعدات واستثمارات.
كما أن مصر تنفق نحو 20% من ميزانيتها على دعم الوقود وحده، وبعبارة أخرى، فإن الحكومة تكون قد ارتكبت الانتحار السياسي عندما تفعل ما يقول اقتصاديون إنه يجب القيام به لإصلاح اقتصاد البلاد، فأزمة مصر الاقتصادية لها جذور سياسية وهناك حاجة ماسة إلى وجود حل سياسي، لكن حتى الان لا شيء من هذا يلوح في الأفق، كما يقول الخبير الإقتصادي الأمريكي "داليبور روهاك" أن الدعم بالنسبة للمصريين يعد جزءا أساسيا من العقد الاجتماعي المتصور بين المواطنين والدولة، فالمصريون قليلو الإهتمام بالشؤون العامة ولا يتوقعون الكثير من حكومتهم (عدا الضرائب والبيروقراطية المرهقة والازعاج المستمر).. لكن عندما حاول الرئيس السادات خفض دعم الخبز في عام 1977، تلت ذلك أعمال شغب عنيفة، وحدث الشيء نفسه عقب ارتفاع أسعار المواد الغذائية في عام 2008.
وحتى الآن، تعتبر محاولات معالجة مشكلة الدعم فاشلة، ففي أكتوبر 2012، أعلن رئيس الوزراء هشام قنديل أن الحكومة تخطط لإصلاح تدريجي في دعم الطاقة، وتضمن الاقتراح تحديد سقف لمقدار الوقود وغاز الطهي المدعوم لكل أسرة، فحدد لكل أسرة اسطوانتين من البوتاجاز المدعوم، أما ما يزيد على ذلك فسوف يتم دعمه بشكل جزئي فقط لمكافحة تسرب المواد البترولية إلى السوق السوداء؛ وهذا الإصلاح المقترح يساعد في أن السلع المدعومة تكون متاحة للجميع، لكن المعروف أن أثرياء المصريين يستهلكون الطاقة أكثر من الفقراء، وبالتالي فإن الجزء الأكبر من الإنفاق على الدعم يستفيد منه الأغنياء.
ويضيف أن المصريين يلقون باللوم على الرئيس مرسي والإخوان المسلمين الحاكمين للبلاد في انعدام النمو وفرص العمل ونقص الوقود والخدمات والأمن والاستقرار، وذلك لما يسميه كثيرون ب"عدم الكفاءة" للرئيس والإخوان؛ كما يلومون الولايات المتحدة أيضا لدعم مرسي، الذي فاز في الانتخابات وأخذ السلطة بفضل ضعف اقبال الناخبين وإنقسام قوى المعارضة.. لكن الناس لم تعد تثق في مرسي بعد الآن سواء من بين النخبة أو الطبقات المتوسطة؛ فالشيء الوحيد الذي يجد التوافق في هذا البلد المنقسم هو أن مرسي والإخوان فاشلين، كما ينظر المصريون الى جماعة الاخوان المسلمين على أنها جماعة قمعية سياسيا وغير كفؤ اقتصاديا !.
وفي العام الماضي، أعلن مرسي أن الحكومة ستخفض الدعم لتلبية مطالب صندوق النقد الدولي، إلا أنه تراجع بعد ساعات عن قراره خوفا من رد فعل الجمهور، كما أن الدعاوي القانونية للإخوان ضد رجال الأعمال "الفاسدين" من النظام القديم، أدت الى نفور المستثمرين الأجانب المحتملين ودفعت العديد من المصريين الأثرياء لنقل الأموال والأصول التي يملكونها الى خارج البلاد.
وعلى الجانب الآخر فهناك عدة جهود دولية لدعم مصر، فقد منحت قطر للحكومة مؤخرا حوالي 4 مليار دولار من المساعدات؛ واشترى بنك قطر الوطني حصة 77% من بنك "سوسيتيه جنرال" الفرنسي المصري بقيمة 1.97 مليار دولار، وهذا سيعطي قطر موطئ قدم في السوق المالية المصرية لدعم الاستثمارات المستقبلية... ويتساءل منتقدي إدارة مرسي عن سبب اهتمام أمير دولة قطر بمصر بهذا الشكل، والتفسير المتاح هو أنه من مؤيدي جماعة الإخوان المسلمون أوأنه يعمل لخدمة مصالحه الشخصية، بينما يتناقل آخرون قصة تشير إلى أن واحدة من الاستثمارات ستكون في الاستحواذ على قناة السويس بعقد إيجار لمدة 99 سنة !.
أما المملكة العربية السعودية فلا توجد لديها طموحات كبرى في مصر تحت حكم "مرسي" وتكتفي بالمشاهدة والانتظار، وقام السعوديون بتقديم خمسمائة مليون دولار وإيداع لثماني سنوات في البنك المركزي المصري بقيمة مليار دولار، كما أنها ستقدم 250 مليون دولار من غاز الطهي، ومع ذلك فإن هناك انعدام للثقة بين السعوديين والإخوان المسلمين، وهم يريدون التأكد من أن الإخوان لا يهددون استقرار المملكة السعودية قبل ان يفعلوا أكثر من ذلك.
كما قدمت الولايات المتحدة 190 مليون دولار كمساعدات الى مصر مؤخرا، لكن كل هذه الأموال هي مثل "نقطة في بحر" نظرا لاحتياجات مصر الضخمة، فيجب أن يتم ضخ ما بين 10 و 15 مليار دولار قبل الصيف لمنع انتشار الجوع ونقص الوقود وحدوث أعمال شغب، وهذه المساعدات حتى الآن هي مسكنات، لكن مصر في حاجة عملية جراحية شاملة.
فالسياح لن يفكرون في العودة دون الأمن والاستقرار السياسي، وكلاهما لم يستطع الإخوان استعادته، كما تقلصت الاستثمارات الأجنبية إلى نحو 0.4% تحت إدارة مرسي، وإجمالي عائدات قناة السويس لا تزيد عن 5.5 مليار دولار.
وتقول الحكومة إن تحويلات المصريين العاملين في الخارج - المصدر الرئيسي الثالث للدخل والعملة الصعبة – قد زادت، لكن هذا تصريح مضلل، لأنه تم إقالة وتقاعد العديد من العاملين في الخارج، وعاد أكثر من مليون مصري من ليبيا، فصحيح أنهم جلبوا مدخراتهم الى الوطن، لكن هذا يكون لمرة واحدة فقط، وقريبا لن يجد هؤلاء العمال وظائف أخرى في مصر.
والمصريون الآن يتوقون للتغيير، والعديد منهم يدعون للجيش ليتولى الحكم، لكن الجيش لا يريد أن يعود لتولي المسئولية، وحدوث انقلاب عسكري هو أمر غير محتمل، ويقول دبلوماسي غربي أن الجيش "أصيب بأذى بالغ من الهجوم عليه عندما حكم مصر بعد رحيل مبارك".
وعلى الجانب الآخر نجد أن شغف الإخوان المسلمين بالعمل في سرية، وغموض جناحها السياسي حزب الحرية والعدالة؛ وسيطرتهم على صياغة الدستور الجديد، والتي أدت لإستقالة المسيحيين ومعظم غير الإسلاميين من لجنة وضع الدستور، مع تردد الجماعة في العمل مع الأحزاب السياسية والفصائل الأخرى؛ بالإضافة لكم الاعتقالات والتهم الموجهة اليهم بتعذيب المعارضين السياسيين؛ كل هذا يشعل الشكوك أن الجماعة تسعى لإحكام وترسيخ سيطرتها على مصر، وربما لن تتخلي عن السلطة أبدا، مهما كلفهم ذلك.
حتى السلفيين وهم الحلفاء الأساسيين للإخوان يشتكون من انهم لا يعملون مع الآخرين، وكما إنخفضت شعبية الإخوان إرتفعت شعبية السلفيين الذين يرى كثير من المصريون تميزهم بالصدق والنقاء، وأنهم بديل معقول لجماعة الاخوان المسلمين؛ وفي الوقت نفسه، ينمو اليأس بين صفوف المعارضة من أن يقوم الإخوان بالإصلاح أو بإتباع السبل الديمقراطية، فالإخوان بالنسبة لهم هي "منظمة فاشية في رداء الديمقراطية"، وتخشى المعارضة أن يكون المنقذ الوحيد لمصر هو الجيش.
ويفضل قادة جبهة الإنقاذ الوطني، التي تحوي ائتلاف الجماعات الليبرالية والعلمانية المعارضة للإخوان، تشكيل "حكومة وحدة وطنية" لتمكين مصر من إدارة الاقتصاد وشيك الإنهيار، ويقول عمرو موسى، الرئيس السابق لجامعة الدول العربية انه على استعداد للعمل مع الإخوان المسلمين لتشكيل تلك الحكومة التي سيكون لها "شعبية واسعة" لأن الإصلاح الاقتصادي والمصالحة السياسية مطلوبة الآن أكثر من أي وقت آخر.
لكن الرئيس مرسي لا يبدي الاهتمام بهذا الحل الوسط، وكذلك قادة جبهة الإنقاذ مثل محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث يريد المعارضين أن يحمل المصريين الإخوان مسئولية الانهيار الاقتصادي الوشيك.
أما بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، فعلى ما يبدو أنهم ليس لديهم مصلحة أو رغبة في رأب الصدع السياسي في مصر أو حل مشكلات البلاد الاقتصادية، حيث يقول "جهاد الحداد" المتحدث باسم جماعة الإخوان، إن ثمن إنقاذ مصر قد يكون هو جماعة الإخوان المسلمين أنفسهم.!..
وعلى موقع "يو إس نيوز" يقول "اندرو ناتسيوس" مسؤول الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومبعوث الرئيس بوش الخاص إلى السودان، أنه منذ فوز الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات الرئاسية في عام 2012، يتغير الوضع المصري تدريجيا إلى واحد من أكثر الأوضاع تعقيدا والأقل وضوحا، فالأزمة الاقتصادية في مصر تتكشف ببطء، لكنها تنبيء بقدوم موجة عاتية من الركود قد تبتلع هذا البلد الهام خلال السنوات القليلة المقبلة، كما يمكن أن تقود هذه الموجة مصر إلى قيام ثورة ثانية أشد عنفا بكثير من الثورة الأولى.
ومقارنة بالمذبحة التي جرت في ليبيا واليمن وسوريا، تميزت الثورة المصرية الأولى نسبيا بضبط النفس، حيث ظلت البنية التحتية والصناعية في البلاد سليمة، وأجهزة السلطة في الدولة بدأت سريعا في العمل بغض النظر عن مدى فسادها وعدم فاعليتها، لكن هذه المظاهر قد تكون مضللة طالما أن الأزمة الاقتصادية القادمة يمكن أن تؤدي إلى انهيار الدولة كليا.
فمصر تواجه عدد من الأزمات الاقتصادية الرئيسية: ارتفاع أسعار المواد الغذائية السريع، والعجز المتزايد في الميزانية، والتباطؤ الحاد في النمو الاقتصادي الذي يدفع لارتفاع معدلات البطالة المرتفعة أصلا، كما تلوح في الأفق أزمة طويلة الأمد تخص الموارد المائية لنهر النيل.
كما أدت الفوضى السياسية في البلاد الى تدمير صناعة السياحة التي تمثل ما يقرب من 7% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتمثل أكبر مصدر للعملة الأجنبية التي تحتاجها مصر لاستيراد القمح الغذاء الأساسي لما يقرب من نصف السكان؛ وتشير التقارير الرسمية لإنخفاض السياحة بنسبة 30% في عام 2011، لكن التقارير غير الرسمية تؤكد انخفاضها بأكثر من 40-80% في عام 2012.
وقبل الثورة كان الاقتصاد ينمو بمعدل 5%، بينما في العام الماضي نما الاقتصاد بنسبة 1% فقط، وتبلغ البطالة أكثر من 50% فيمن تقل أعمارهم عن 25 عاما مع إستمرار هذه النسبة في الارتفاع، وتشير إلى أن البلدان النامية ذات النسب العالية من الشباب العاطلين عن العمل، يكون رجالها في كثير من الأحيان "جائعين وغاضبين"، مما يزيد من إحتمالات حدوث قلاقل وصراعات داخلية.
ويضيف أن مصر هي أكبر مستورد ومستهلك للقمح في العالم، وبالتالي لديها حساسية خاصة تجاه أسعار الغذاء العالمية، والتي ارتفعت في الصيف الماضي بسبب ظروف الجفاف في البلدان الرئيسية المنتجة للحبوب والقمح والذرة، وزادت الأسعار في الأسواق العالمية بنسبة 25% علاوة على ارتفاعها أصلا في عام 2010، مما ساعد على إشعال الثورات العربية، ومصر تدعم الخبز للحفاظ على الاستقرار السياسي، ولكنها لا يمكنها تحمل هذا الدعم الآن اقتصاديا وماليا، وقد أظهرت الاستطلاعات في 2011 أن ما لا يقل عن 50% من السكان يشعرون بعدم الأمان الاقتصادي، كما تنمو المخاوف من أن لا يستطيع نصف سكان البلاد من الفقراء إطعام أنفسهم وخاصة إذا تم الغاء أو حتى خفض دعم الخبز؛ وأي إصلاحات للنظام الغذائي المصري يمكن أن يؤدي الى زعزعة استقرار النظام السياسي الهش أصلا في هذه الفترة الانتقالية المحفوفة بالمخاطر، وبعد الخبز يأتي دعم الطاقة كسبب آخر لإفلاس الخزانة الوطنية؛ وحكومة مرسي تحاول الحصول على مليارات الدولارات في شكل قروض من البنك الدولي والولايات المتحدة ودول الخليج لدعم الاقتصاد، لكن ذلك لن يؤدي إلا إلى زيادة الدين القومي والحد من النمو في المستقبل.
ولعل أخطر تحد يواجه مصر على المدى الطويل هو مشكلة المياه ونهر النيل، فبدون النيل لن يكون هناك مصر وسيجد خمس وثمانون مليون شخص أنفسهم في الصحراء دون الماء الداعم للحياة، وقد تشتعل الأزمة على مدى السنوات الخمس المقبلة، فالحكومة الإثيوبية تبني الآن أكبر سد في أفريقيا والذي سوف ينتج أكثر من 5000 ميجاوات من الكهرباء، والبخر وحده سيخفض تدفق النيل، وكذلك مياه الري للزراعة في الأراضي الإثيوبية، رغم نفي الإثيوبيين أن المياه سيتم استخدامها للري، وتشعر الحكومة المصرية بالقلق الشديد من هذا السد حتى يقال إنها وقعت اتفاقا سريا مع الحكومة السودانية لبناء قاعدة جوية على الحدود بين السودان وإثيوبيا استعدادا لنشوب اى حرب وبالإضافة إلى ذلك يقوم السودان ببناء أربعة سدود جديدة على نهر النيل شمال الخرطوم.
والمؤسف أن الحكومة التي وضعها مرسي ويهيمن عليها الموالون لجماعة الإخوان المسلمين، معظم وزرائها من عديمي الخبرة، وفي نفس الوقت فإن السياسيين والمديرين اللازمين للخروج بمصر من هذا المستنقع الاقتصادي أجبروا على الخروج من هذه الحكومة ومن الجامعات، كما أن الأقباط من رجال الأعمال والحكومة يخطط لمغادرة البلاد بسبب تصرفات وتصريحات الإخوان المتشددة، كما يوصف هشام قنديل رئيس وزراء مرسي بأنه سياسي وإداري من الدرجة الثانية، وغير قادر على التعامل مع هذه المجموعة المعقدة من القضايا، ويبدو أنهم لا يفهمون تماما الآثار المترتبة على ما هو على وشك الحدوث، والحكومة الضعيفة المكونة من المسؤولين عديمي الخبرة ليست على استعداد لاتخاذ الخيارات الصعبة بشأن قضايا المياه أو الدعم التي تؤدي لعودة الاقتصاد على المسار الصحيح، أو حتى تهدئة مخاوف السياح المحتملين الخائفين من عدم الاستقرار حتى أنهم يقومون بإلغاء عطلاتهم في مصر، وربما كان الإخوان المسلمون لديهم شعبية عميقة وواسعة في مصر، لكنهم لا يملكون أي خبرة لحكم بلد تواجه أزمات مروعة الى هذا الحد.
فالأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر تتحدي حتى أمهر صناع القرار والقادة السياسيين، كما أن نزوح التكنوقراط الماهرين من مصر يزيد من خطر أن تفشل جماعة الإخوان المسلمين فشلا ذريعا في معالجة الأزمة الاقتصادية؛ وفي هذه الحالة، سوف تتراجع قاعدتهم الشعبية مع ارتفاع أسعار الغذاء وعدم استطاعة الفقراء إطعام أنفسهم، وفي حالة يأس الإخوان من إيجاد حلول فعلى الأرجح سيحاولون اللجوء إلى الطرف السلفي، الذي يمثل الإسلاميين الأكثر تطرفا، لمساعدتهم في دعم صفوفهم الآخذة في التناقص، وهذا من شأنه أن يزيد من الضغط على جماعة الإخوان المسلمين ويضطرهم إلى اعتناق مواقف أكثر تطرفا، وبالتالي تسريع هروب النخبة المتعلمة ووضع مستقبل مصر كله في خطر؛ والشيء الوحيد الذي يدعو للتفاؤل هو أن الدول الغربية ودول الخليج لديهم مصلحة استراتيجية في ضمان أن لا تقع الحكومة المصرية الجديدة في هذه الهاوية الاقتصادية بسبب عدم الاستقرار والأزمة الإنسانية والتداعيات السياسية التي سوف تنتج عن ذلك.
والملفت في نهج حزب الحرية والعدالة هو أن خطتهم للتخفيف من حدة الفقر هي شكل من أشكال الصدقة أكثر من كونها خطة حقيقية لاستعادة الثقة في الاقتصاد المصري أو الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية، وفي حين يدعو الرئيس وحزبه الحرية والعدالة لسلة مختلطة من السياسات التي تشمل سياسة إحلال الصادرات الصناعية بالتعاون مع القطاع الخاص؛ وخفض العجز في الميزانية والسيطرة على الدين العام، نجد أن الطلب الأصلي للمتظاهرين في ميدان التحرير هو تقنين الإنفاق العام وزيادة الحد الأدنى للأجور، وتعزيز مكافحة الاحتكار وفرض ضريبة تصاعدية على الدخل، ورفع سقف الإعفاءات الضريبية.
ويطالب الحرية والعدالة أيضا بمراجعة جميع صفقات النفط وتصدير الغاز السابقة والتي يمكن أن توفر 18 مليار دولار لخزينة الدولة، وهذا طلب خيالي لأنه يفترض أن يوافق الشركاء التجاريين، وعلى الأخص إسرائيل، على تغيير شروط الاتفاقات المبرمة منذ سنوات؛ كما طالب بعض قادة الإخوان بالحجز على الأراضي المملوكة للدولة سابقا، والتي حصل عليها أصحابها عن طريق الفساد في النظام السابق، وهو مطلب عادل لكنه يزيد الأمر تعقيدا، بالنظر إلى رد فعل المستثمرين على إعادة الأراضي التي استأجروها من الحكومة الانتقالية في عام 2011، وهكذا يتضح أن سياسة الحرية والعدالة الاقتصادية هي عبارة عن سلسلة مربكة من الأفكار المتضاربة والقصيرة النظر والمدى.
ومن المفارقات، أن القطاع الذي ظن الكثيرون أنه الأكثر عرضة للتهديد من صعود الإخوان، وهو السياحة، قد يفلت دون أضرار من جانب الحكومة، فقد صرح مسؤولون بالحرية والعدالة عدة مرات أن أي مواطن يعيش من السياحة يجب ألا يشعر بالقلق، وذلك في محاولة لتخفيف مخاوف واحد من تسعة تقريبا من المصريين الذين يعيشون على هذه الصناعة، ويخشى كثيرون من أن الإسلاميين سوف يحظرون الكحوليات وملابس السباحة، وتفاقمت هذه المخاوف من خلال إصدار بعض المتطرفين من السلفيين بيانات تصف التماثيل الفرعونية بالأصنام المحرمة في الإسلام.
ويقول الخبير الإقتصادي "فيليكس إمونتي" إنه عندما خاض محمد مرسي انتخابات الرئاسة في 2012، تعهد أنه سيحل في مائة يوم مشاكل الخبز والطاقة والامن والقمامة والمرور؛ وقد ساهم تعهده المستحيل الحدوث وعضويته في الإخوان المسلمون في إقناع 48.3% من الناخبين باختيار خصمه أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في إدارة مبارك.
وفي نهاية هذه المائة يوم، لا شيء تغير سوى زيادة الإنتقادات الموجهة لمرسي، فقد أعطى الرئيس الأولوية للسياسة، وعندما إنتهى من وضع الدستور كما أراد ، يسعى الآن لتحويل اهتمامه إلى الاقتصاد المنهار في بلاده؛ فالجنيه المصري انخفض بنسبة كبيرة مقابل الدولار الأمريكي وهو مالم يحدث منذ عام 2004، ولا يزال ينخفض دون نهاية واضحة في الأفق.
ويوضح أن اقتصاد مصر تلقى ضربات متتالية ادت الى تدهور كبير في قيمة الجنيه، منها المظاهرات المستمرة والعنيفة في ميدان التحرير، والجرائم المنظمة الموجهة ضد السياح والمؤثرة بشدة على عدد السياح، ففي عام 2010 وفرت السياحة 12.5 مليار دولار للاقتصاد، لكن هذا انخفض إلى 8.8 مليار دولار مع عدم وجود أي تحسن في الأفق.
ومع المشاكل الاقتصادية في أمريكا الشمالية وأوروبا وكذلك في ليبيا وقت الثورة، ساهم كل ذلك في تقليل التحويلات لمصر، وذلك مع وجود حاجة ماسة إلى تلك الأموال لتعويض الخلل في الميزان التجاري، فمصر تستورد ضعف ما تصدره، وقد تأثرت الصادرات بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي والاضطرابات العمالية التي رافقت الاحتجاجات السياسية؛ وفي نفس الوقت اتخذ البنك المركزي المصري إجراءات لإبقاء الجنيه المصري ثابتا مقابل الدولار الأمريكي، ومع هذا تم استهلاك نصف احتياطي العملات الأجنبية في ما يبرهن على أنه جهد غير ذى جدوى.
كما أجبر تدفق رأس المال الهارب الى الخارج الحكومة على فرض قيود على حجم الأموال التي يمكن إخراجها من البلاد، فيما كان سعر الصرف ينخفض سريعا والاحتياطي قد انخفض إلى خمسة عشر مليار دولار أو ما يكفي لمدة ثلاثة أشهر فقط لتمويل الواردات في بلد يستورد نصف احتياجاته الغذائية، مما يجعل الحفاظ على احتياطيات العملة الأجنبية أمرا حيويا.
وحلاً للمشكلة كان يمكن للبنك المركزي السماح بإنخفاض قيمة الجنيه للحفاظ على الاحتياطيات الأجنبية، ومع ذلك، فسوف يرفع ذلك الإجراء تكلفة الواردات ويرفع معدل التضخم الى أكثر من 4.1 %، وهنا ستكون هناك حاجة أكثر لتمويل الدعم للحفاظ على أسعار المواد الغذائية من الارتفاع، وهذا سيعمل على زيادة العجز في الميزانية الذي يتجاوز مستواه الحالي 10%، ويرفع الدين الداخلي فوق 76 % من الناتج المحلي الإجمالي الحالي؛ كما ادى خفض التصنيف الائتماني لمصر من "B" إلى " Bسالب" في ديسمبر الماضي بوضع مصر على نفس مستوى اليونان، وجعل خفض التصنيف الائتماني قرض صندوق النقد الدولي أمرا حيويا لمصر، والبديل الوحيد لها هو الحصول على قروض من الاتحاد الأوروبي أو البنك الإفريقي للتنمية.
ويقول "إمونتي" أن مرسي ورث اقتصاد راكد وشعب نافذ الصبر، فهم يرون الثروة تنتقل من الرأسماليين المقربين من النظام السابق الى جماعة الإخوان المسلمين عبر المحسوبية التي تستثني أي شخص خارج الجماعة؛ كما يتم خنق الاقتصاد بسبب عدم وجود صناديق الاستثمار، والاقتراض الحكومي بنسبة 13.54% يؤدي لتجميد نشاط شركات القطاع الخاص، وخاصة الشركات الصغيرة التي تمثل الجزء الأكبر من سوق وفرص العمل.
وفي حين تسعى القاهرة لجذب المستثمرين من الخارج، يريد الشعب تغيير عقود وأسعار بيع المؤسسات والصناعات التي باعها النظام السابق في الخصخصة، وهو ما يعطي المستثمرين المحتملين سبب آخر للشك في أن مصر مكان آمن للإستثمار، مما أدى الى تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 84% عن عام 2007، بالإضافة الى وجود مظالم كثيرة لم تجد حلا أو ردا من قبل الرئاسة، وهو دليل قوي جدا على بقاء التظاهرات في الشوارع لفترة طويلة قادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.