سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مسئول أمريكى سابق: كوادر جماعة الإخوان «عديمة الخبرة» تهدد بثورة ثانية أكثر عنفاً 4 تحديات تواجه مرسى: ارتفاع الأسعار.. عجز الميزانية.. ازدياد أعداد البطالة.. وتناقص حصة مصر من النيل
فى مقال تحليلى مطول توقع أندرو إس ناتسيوس، المسئول السابق عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فى إدارة الرئيس جورج بوش والمبعوث الأمريكى الخاص السابق إلى السودان، أن يتسم أداء االرئيس محمد مرسى وجماعته بالتطرف مع مرور الوقت؛ تحت ضغط الانتقادات المتزايدة لهم محلياً لعجزهم عن التعامل مع الملفات الاقتصادية الصعبة، نتيجة لسيطرة كوادر الإخوان -التى تتمتع بالولاء لكنها تفتقد للخبرة- على مفاصل الدولة على حساب الكوادر الخبيرة والمدربة التى خرجت أو أُخرجت من موقعها بعد تولى الرئيس مرسى مهام منصبه. وقال المسئول الأمريكى، وهو أستاذ جامعى بارز فى معهد «هدسون» وكلية «جورج بوش» للإدارة الحكومية، إن المصريين فى هذه المرحلة من ثورتهم؛ بدأوا يوجهون اهتمامهم تدريجياً للقضايا الاقتصادية الأكثر إلحاحاً، مؤكداً أن الأزمة الاقتصادية التى تحاصر البلاد قد تقود مصر إلى ثورة ثانية أكثر عنفاً بكثير من 25 يناير، وحدد الباحث أربعة تحديات اقتصادية تواجه جماعة الإخوان فى إدارتها للبلاد، وهى الارتفاع المستمر والسريع فى أسعار المواد الغذائية، وعجز الميزانية، وتباطؤ النمو الذى يؤدى لارتفاع كبير فى البطالة، والأزمة المزمنة حول مصادر مياه النيل. وأشار ناتسيوس -فى مقاله الذى نشرته عدة دوريات أمريكية- إلى أن الاضطرابات السياسية المستمرة منذ ثورة 25 يناير؛ ضربت السياحة فى مقتل؛ إذ هوت بعوائدها -التى كانت تمثل 7% من إجمالى الدخل القومى- بنسبة 30% فى 2011، وواصلت انخفاضها فى 2012 بنسب تتراوح تقديراتها ما بين 40 و80%مقارنة بعام 2010، ولأن السياحة هى أكبر مصدر للعملة الصعبة التى تعتمد عليها الحكومة المصرية فى استيراد القمح الذى يعيش عليه أكثر من نصف سكان مصر، فإن انخفاض عوائدها يكتسب بُعداً أكثر خطورة، فمصر أكبر مستورد ومستهلك -من حيث نصيب الفرد- للقمح فى العالم، مما يجعلها شديدة الانكشاف والتأثر بارتفاع أسعاره عالمياً، وهو ما حدث فى بداية هذا العام عندما ارتفع القمح فى الأسواق العالمية بنسبة 25% مقارنة بأسعار 2010. ارتفاع أسعار القمح، كما يؤكد ناتسيوس، يجعل دعم رغيف الخبر أمراً غير قابل للاستمرار، لكن المسئولين المصريين يدركون أن أى محاولة للمساس بمنظومة دعم الوقود والخبر -اللذين يستنزفان على الأقل 30% من الموازنة العامة- قد يعصف بالنظام السياسى الهش فى هذا المرحلة الانتقالية الخطرة، ويدرك أيضاً صانع القرار المصرى الآن أن منظومة الدعم بوضعها الحالى مرتع لتربُّح الفاسدين وأحد أسباب ضعف الإنتاجية للاقتصاد المصرى لكنها تحمى النظام من انفجار الشارع. وحسب استطلاعات رأى أجرتها السفارة الأمريكية فى القاهرة عام 2011، فإن 50% من المصريين لا يشعرون بالأمان اقتصادياً، ويتخوف النصف الأكثر فقراً من المصريين أن يتضوروا جوعاً إذا اقتربت الحكومة من أسعار الخبز المدعوم. الرئيس مرسى من جانبه يحاول مواجهة الأزمة باقتراض المليارات من البنك الدولى والولايات المتحدة ودول الخليج، لكن هذا التوجه سيزيد من الدين العام ويحد من فرص النمو مستقبلاً، وتبقى مشكلة تناقص مياه النيل التحدى الأكثر خطورة للرئيس مرسى وجماعته، فالكل يعلم أن موارد مصر من النيل تتضاءل تدريجياً منذ عقود لكنها قد تصل لمستوى الأزمة خلال 5 سنوات، بعد أن تستكمل أثيوبيا بناء «سد الألفية» وهو الأضخم فى قارة أفريقيا، مما سيؤثر بشكل أكبر على أمن مصر ومستقبلها، وأشار الكاتب إلى الوثيقة السرية -التى انفردت «الوطن» بنشرها فى سبتمبر الماضى- الخاصة بتعاون الحكومة المصرية مع نظام البشير فى عام 2010 لبناء قاعدة جوية داخل السودان لضرب السد، ويضيف المسئول الأمريكى السابق أن السودان نفسها تبنى أربعة سدود جديدة، قد تعمق من أزمة المياه فى مصر. ويوضح الدكتور ناتسيوس أن حكومة مرسى تسيطر عليها الكوادر الإخوانية التى تم اختيارها على أساس الولاء وليس الكفاءة، أما الكوادر والتنفيذيون الذين تحتاجهم مصر للخروج من مستنقعها، فيتركون مواقعهم أو يتم إجبارهم على الخروج منها، فى الجامعات والمؤسسات الحكومية، أما الكفاءات القبطية على وجه التحديد؛ فتسارع بمغادرة مصر خصوصاً بعد التخلص من المجلس العسكرى، وانفراد الإخوان بالسلطة. ويؤكد ناتسيوس أن الحكومة الحالية ضعيفة -يصفها كثير من المراقبين بحكومة درجة ثانية- وزراؤها يفتقدون للخبرة، ولن تكون قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة فى قضايا ندرة المياه وعجزالموازنة، ودعم الخبز والطاقة، ولن يتمكنوا من إقناع السائحين بعدم إلغاء حجوزاتهم لمصر. ويختتم الباحث تحليله بأن الإخوان جماعة تتمتع بشعبية عريضة، لكنها لا تمتلك خبرة إدارة بلد بحجم مصر بأزماتها المخيفة، خصوصاً أن أزمات مصر الاقتصادية تمثل تحدياً حتى لأكثر الاقتصاديين والسياسيين مهارة، ومع خروج أو هروب الكفاءات المهنية لصالح كوادر الإخوان فإن التحدى يصبح أكثر صعوبة ويزداد احتمال فشل الإخوان فى مهمتهم، وفى هذه الحالة ستتآكل شعبيتهم مع ارتفاع أسعار الغذاء وعجز الفقراء عن إطعام أنفسهم، وبدافع من اليأس لن يجد الإخوان حليفاً سوى الأحزاب السلفية لدعمهم فى ورطتهم، ومقابل دعمهم سيضغط السلفيون على الإخوان لتبنى مواقف أكثر تطرفاً، مما يؤدى لمزيد من هجرة الكفاءات المصرية، ويزداد المشهد قتامة.