يعتبر الملك فاروق الأول من أشهر الملوك والرؤساء الذين جمعتهم الكثير من العلاقات بنجوم الفن، وسيطرت علامة الإستفهام علي الكثير من هذه العلاقات، فهو أشتهر بعلاقاته المختلفة بمشاهير السينما والطرب والمسرح، وذلك نتيجة حبه الكبير للفن وتعلقه به، حيث كان الملك فاروق دائمًا يقيم الحفلات الخاصة في قصره وكان خلالها يستضيف أشهر نجوم الزمن الجميل ليقدموا عروضًا غنائية أو فقرات استعراضية أو كوميدية، وهذا ما سنتحدث عنه خلال السطور المقبلة. كانت من أبرز القصص التي جمعت بين الملك فاروق والفنانيين هي حكايته مع الفنان يوسف وهبي، فلم يعرف الكثيرون أن تحريم تجسيد الصحابة جاء بسبب يوسف وهبي، وبدأ الأمر كمحاولة منه عندما أراد تجسيد شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام في السينما بالتعاون مع المخرج وداد عرفي عام 1926، وواجهته انتقادات شديدة من قبل علماء الأزهر الذين رفضوا ظهور الشخصيات المقدسة. ووقتها نشرت إحدى الصحف مقالًا رفضت فيه ما يريده وهبي وطالبت علماء الدين بالبت في القضية منعًا من اللغط، وما أن ظهر المقال للعلن حتى فُتحت النيران على الفنان الراحل، ولم يجد وهبي فائدة من الظهور والرد، مؤكدًا أن الأمر لم يتم تنفيذه حتى يتم انتقاده هكذا، وحاول إقناع العلماء أنه كان يريد تجسيد النبي ليظهر الإسلام في صورته الصحيحة للغرب، وأنه إن لم يقم بذلك سيقوم ممثل أجنبي به. ولكن كان تهديد الملك فاروق ليوسف وهبي بسحب الجنسية المصرية منه هو الدافع الرئيسي لجعله يتخلى عن تلك الفكرة، ويعتذر عنها، ومن وقتها أصدر الأزهر قرارًا بتحريم تجسيد الصحابة والأنبياء. اقرأ أيضاً * فقد أبنائه الأربعة ووالده رفض عمله في الفن وتعرض لهجوم شديد من الأزهر الشريف.. أحزان واجهت صانع البهجة إبراهيم سعفان * سنية شوقي.. حكاية الراقصة التي تزوجت وحش الشاشة وأشعلت النيران في ملابسه ونصحه يوسف وهبي بتطليقها * حج 40 مرة متواصلة .. أنقذ تحية كارويكا من يد الملك فاروق.. وأهدي عوامته للسادات.. حكايات في حياة شيخ المداحين محمد الكحلاوي * دخل التمثيل ب«خناقة».. كأس الويسكي الذي أفقد رشدي أباظة بطولة الفيلم العالمي «لورانس العرب» * قصة العرافة التي ربطت مصير ملوك مصر بحرف الفاء .. وتنبأت بنهاية حكم أسرة محمد علي * غدر به وخطف منه حبيبته رغم صداقتهما.. حكاية وحش الشاشة فريد شوقي مع الملك فاروق * وصلة توبيخ ل "أم الفنانيين" أمينة رزق من امرأة في الشارع والسبب تشبيهها ب زينب صدقي.. اعرف الحكاية * أسرتها هددت بالتبرؤ منها.. قصة السبائك الذهبية التي كادت أن تتسببب في مقتل أمينة رزق * رانيا فريد شوقي تودع الديكور الخاص ب"قوت القلوب" * شرير الشاشة "الطيب".. أسرار تُنشر لأول مرة عن محمود المليجي وزواجه السري من سناء يونس * فقد نجليه الأول علي يد الموساد والثانى في حرب أكتوبر وترك الطب من أجل الفن.. محطات في حياة رائد الكوميديا السيد بدير * أعُجب بأدائها فأعطاها مكافأة مالية كبيرة وكان بوابة مرورها للسينما.. حكاية الطفلة المعجزة فيروز مع الملك فاروق وبعد ذلك، حاول وهبي إصلاح العلاقة بينه وبين فاروق، فقام بتقديم أغنية في فيلم "غرام وانتقام" والتي من خلالها مجد في العائلة المالكة، وحضر الملك فاروق وقتها العرض الخاص للفيلم عام 1944، بسينما "ريفولي"، وبعد إنتهاء عرض الفيلم ذهب إليه وهبي ليصافحه منحنيًا ليقبل يده. وفي العام التالي منحه الملك فاروق لقب "بك" من الدرجة الثانية، وأرسل له رسالة قال فيها: "من فاروق ملك مصر بعناية الله تعالى، إلى صاحب العزة يوسف بك وهبي، تكريمًا منا للفن الجميل وتقديرًا لما أديتم من خدمات للتمثيل، قد منحناكم رتبة البكوية من الدرجة الثانية، وأمرنا بإصدار براءتنا هذه من ديواننا إيذانًا بها، تحريرًا بقصر عابدين الملك بالقاهرة في اليوم الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة لسنة ألف وثلاثمائة وثلاث وستين من هجرة خاتم المرسلين، صدر بأمر مولاي الملك المعظم، رئيس ديوان جلالة الملك". ولد عملاق المسرح يوسف بك وهبى فى 18 يوليو عام 1898 بمدينة الفيوم فوالده كان يعمل مفتش رى بالفيوم، وينتمي يوسف لعائلة من أعيان الفيوم ولا زالت آثارها بالمحافظة حتى الأن، تلقي تعليمه فى كتاب العسيلى ثم التحق بالمدرسة السعيدية، ثم بالمدرسة الزراعية. بدأت علاقته بالتمثيل عندما شاهد فرقة الفنان اللبنانى سليم القرداحى، وبدأ هوايته بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات بالنادى الأهلى والمدرسة، لكن والده وعائلته أرادت إبعاده عن هذا المجال الذى رأت فيه عارًا على العائلة، حيث كان ينظر إلى الممثل على أنه شخص لا يعتد به ولا بشهادته أمام المحاكم وقتها، لكن الشاب أصر على موقفه وألتحق بالعمل فى السيرك، حيث عمل مصارعًا فى سيرك الحاج سليمان وتدرب على يد بطل الشرق فى المصارعة آنذاك المصارع عبد الحليم المصرى. ومع إصرار يوسف وهبى على موقفه فى العمل بالفن، طرده والده، فهرب الشاب إلى إيطاليا بإغراء من صديقه القديم محمد كريم، وغير اسمه إلى رمسيس، وتتلمذ على يد الممثل الإيطالى كيانتونى، وعاد إلى مصر عام 1021، بعد أن وصله خبر وفاة والده الباشا، والذى ترك له ولأخوته ثروة كبيرة. وبدأ حياته المسرحية بالتمثيل فى فرقتى حسن فايق وعزيز عيد، ثم استخدم الأموال التى ورثها عن والده فى تأسيس فرقة رمسيس، التى قدمت ما يقرب من 300 مسرحية، ومنها: "كرسى الاعتراف، راسبوتين، المائدة الخضراء، بنات الشوارع، أولاد الفقراء، وبيومى أفندى، وخليفة الصياد، وهارون الرشيد، وصلاح الدين الأيوبى". وتعاون يوسف وهبي مع محمد كريم في إنشاء شركة سينمائية بإسم "رمسيس فيلم"، وبدأت أعمالها بفيلم "زينب"، وفى عام 1932 أنتج "أولاد الذوات" وقام بكتابة النص وببطولة الفيلم، ثم كتب فيلمه "الدفاع"، وكون ثنائى ناجحًا مع ليلى مراد، ومن هنا توالت بطولاته وأفلامه، كما شارك فى عدد من المسلسلات وأكتشف العديد من عمالقة الفن ومنهم أمينة رزق ومحمود المليجى وأنور وجدى وفاتن حمامة وفريد شوقى. ومع بداية السبعينيات بدأت مرحلة إنحسار الأضواء عن يوسف وهبى، حيث كان قد تقدم فى السن وتجاوز عامه السبعين، فلم يعد يقوم بأدوار البطولة، لكنه استمر فى المشاركة فى الأعمال الفنية مع نجوم شارك معهم من قبل مثل هند رستم وسعاد حسنى وشكرى سرحان وفريد شوقى، أو مجموعة من نجوم الجيل مثل نجلاء فتحى وميرفت أمين وعزت العلايلى وعادل إمام وغيرهم. ورحل عن عالمنا الفنان يوسف وهبي في 17 أكتوبر عام 1982 بعد دخوله لمستشفى المقاولون العرب أثر إصابته بكسر في عظام الحوض نتيجه سقوطه في الحمام، حيث توفي أثناء العلاج إثر إصابته بسكتة قلبية مفاجئة، وكان إلى جواره عند وفاته زوجته ونجلها.