حصرته عضلاته المفتولة ولياقته البدنية في أدوار "الفتوة" الذي يستخدم قوته لنصرة الحق والمظلوم، فقدم على مدار مسيرته الفنية التي امتدت قرابة ال50 عامًا عدد من أهم الأعمال الفنية للسينما والدراما التي ناقشت حياة "فتوات الحارة" في وقت كان يغلب عليه الطابع الكلاسيكي، لكنه نجح وبجدارة حتى لقبوه ب"ملك الترسو" و"وحش الشاشة". هو الفنان القدير فريد شوقي، الذي ولد معه عشقه للفن، نشأ وسط أجواء من التذوق الفني حيث كان والده الذي كان يعمل مفتشًا بمصلحة الأملاك الأميرية بوزارة المالية، صديقاً للكاتب المسرحي "عبد الجواد محمد"، وهو الأمر الذي ساعده على دخول مجال التمثيل، فانضم إلى فرقة المخرج المسرحي "عزيز عيد" وظل يتردد على مسارح شارع عماد الدين مؤدياً أدوار الكومبارس في فرق يوسف وهبي ونجيب الريحاني وعلى الكسار، ليبدأ يخطو أول خطواته الناجحة في فيلم "ملاك الرحمة" عام 1946 مع يوسف وهبي، أمينة رزق وإخراج يوسف وهبي، ثم قدم فيلم ملائكة في جهنم عام 1947 إخراج حسن الإمام ، وفي مطلع الخمسينات قرر "شوقي" أن يغير من دمائه، فاتجه نحو أدوار "الفتوة" ولكن ليس بالمعنى المتعارف عليه إذ ظهره بصورة الرجل الجدع الشهم الذي يستخدم قوته لنصرة الحق والمظلوم على الظالم، فقدّم فيلم "جعلوني مجرمًا" عام 1952 للمخرج عاطف سالم وهو من تأليفه، شارك في كتابة السيناريو والحوار فيه الأديب الكبير نجيب محفوظ. لم تقف موهبة "شوقي" عند حدّ التمثيل، فنمى بداخله موهبة الكتابة، حيثُ قدم عددًا من أهم أعماله الناجحة من كتاباته منها "جعلوني مجرمًا"، "باب الحديد"، "رصيف نمرة 5"، "الفتوة"، "سوق السلاح"، "عنتر ابن شداد"، "بطل للنهاية". امتدت شهرة "شوقي" إلى بلاد ما وراء البحار تحديدًا "تركيا"، ففي الوقت الذي عانت السينما المصرية بالكساد والركود أثر نكسة 1967، راح شوقي يشق طريقه في "تركيا" ، حيث قدّم 15 فيلمًا تركيًا مع كبار النجوم التركيين، وبدأ مسيرته في تركيا بدور ثانوي في فيلم "الفتى الذهبي في بيروت" عام 1967 ، ثم ظهر كممثل مساعد في فيلم "خمس نساء مثيرات" عام 1968، واستطاع أن يجذب الأنظار نحوه حتى أصبح من نجوم الشباك، حتى أسند له دول البطولة في فيلم "جميلة" بجانب التركي مراد سويدان ونال عليه جائزة "البرتقالة الذهبية" في مهرجان أنطاليا السينمائي الدولي ليكون أول مصري يحصل على جائزة أفضل ممثل في تركيا. لم يكتفِ "وحش الشاشة" بخطف الأضواء من نجوم تركيا فحسب، إذ سحب منهم معجباتهم ليكون "فتى الشاشة" في تركيا، وانتشرت شائعات آنذاك حول علاقاته النسائية زاعمين أنها السبب الحقيقي وراء انفصاله عن الفنانة القديرة الراحلة هدى سلطان. برع "شوقي" في تجسد دور "الأب" في مرحلة الكبر، بإيماءاته ونظراته الحادة الحنونة التي كادت أن تبكي المشاهدين في أفلام "وبالوالدين إحسانا"، "يارب ولد"، "قضية عم أحمد"، "سعد اليتيم"، وغيرها من أفلامه المميزة التي تزيد عن 320 فيلمًا، والتي كان لها دورًا في رفع صناعة السينما. تعدد زيجات "شوقي" النسائية، فتزوج 5 مرات، الأولى من ممثلة هاوية، والثانية من محامية، ثم تزوج من ممثلة غير مشهورة وأنجب منها منى، ثم تزوج من الفنانة هدى سلطان وأنجب منها ناهد، وأخيرًا تزوج من سهير ترك التي ظلت معه حتى وفاته وأنجب منها ابنتيه رانيا وعبير ليلقب ب"أبو البنات". ورث عنه موهبته، بناته وأحفاده الذين خاضوا مجال الفن وحققوا فيه نجاحات كبيرة، بدأت من عند رانيا فريد شوقي الذي قدم معها فيلم "آه وآه من شربات"، ثم خاضت نجلته الكبرى ناهد مجال الإنتاج ، وعمل أحفاده ناهد فريد شوقي وأحمد جمال في مجال التمثيل، وأثبتت حفيدته ناهد ونجلته رانيا أنهم أصحاب موهبة حقيقة تؤهلهم لتجسيد أدوار البطولة، بعيدًا عن اسم فريد شوقي.