تبدو العلاقة بين بلاد العم سام وجماعة الإخوان المسلمين في ظل صعود الإخوان سدة الحكم في مصر واعتلاء باراك أوباما دفة الحكم هناك لفترة ثانية محل جدال بين الكثيرين حول شكل العلاقة خلال المرحلة المقبلة خاصة بعد حالة الغزل بين الطرفين في الانتخابات التي شهدها البلدان.. حول هذه العلاقة والتغيرات التي طرأت علي دول الربيع العربي بصفة عامة ومصر بصفة خاصة كان هذا الحوار مع الدكتورة ماجدة شاهين أستاذ السياسة بالجامعة الأمريكية ورئيس مركز الوليد بن طلال للدراسات الأمريكية والتي وضعت خلال حوارها النقاط علي الحروف حول الكثير من "التكهنات" التي شهدتها الساحة السياسية حول العلاقات المصرية- الأمريكية في ظل التغيرات الأخيرة. ما هو تقييمك لموقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما فيما يتعلق بالأحداث الداخلية في مصر ؟ ولماذا لم يتدخل للضغط علي الرئيس مرسي مثلما فعل مع مبارك؟ أوباما الآن مترقب لما سيحدث و لا يستطيع أن يتخذ موقف في الفترة الحالية، لأنه ليس لديه رؤية واضحة والتقارير التي تصله متضاربة بين التقارير الإعلامية والتقارير التي تصله من قصر الرئاسة المصري وجماعة الإخوان المسلمين، كما أنه يعلم أن مرسي لا يزال له مؤيدين في مصر، وهذا الموقف هو نفس الموقف الذي اتخذه الرئيس الأمريكي من قبل مع مبارك فهو لم يتدخل إلا حينما تأكد ان الأمور باتت خارج سيطرة الرئيس إنما بالنسبة لمرسي فلا يزال لديه ورقة المفاوضات مع المعارضة، كما ان موقف الجيش المصري من الأحداث لم يتضح أيضاً، فالجيش في فترة الثورة انحاز للثوار ولكنه اليا خارج الثورة ولكن وجوده بالصورة قد يؤثر علي الموقف الأمريكي. بعض المحللين يرون أن أوباما لا يريد الضغط علي مرسي بسبب موقفه القوي والحاسم من أزمة غزة؟ هذا صحيح فعلي الرغم من ان هذه الاتفاقية ليست واضحة لنا تماما وإلي أين ذهبت وما هي التنازلات التي تم تقديمها، لن الوصول إليها كان امرا هاما بالنسبة لأمريكا وإسرائيل، وهذا يعني ان مرسي بإمكانه تحقيق المصالح الأمريكية بالمنطقة وبالتالي قد يفكر في التخلي عنه إلا في حالة تأزم الأوضاع داخليا بدرجة يعجز امامها مرسي عن الحل، وقتها لن يتردد اوباما في الضغط عليه مثلما فعل مع مبارك. لاحظنا في الفترة الأخيرة أن مرسي بعث وفد برئاسة عصام الحداد إلي أمريكا وبعده سافر أيضا عصام العريان، فهل هذه الزيارات لتوضيح موقف الرئيس من الأزمة الحالية؟ بالتأكيد أن جزء من مهمتهم كانت توضيح موقف مرسي من الأحداث وتوصيل وجهة نظره للبيت الأبيض، لأنهم يعرفون مدي أهمية موقف الإدارة الأمريكية من هذه الأحداث. وهل تأجيل زيارة مرسي لأمريكا بسبب اعتراض أوباما علي ما يحدث حاليا في مصر؟ لا: أنا لا أعتقد ذلك، فالتأجيل جاء بسبب عدم وضوح رؤية الجانبين لبعضهما البعض فيما يتعلق بعدد كبير من القضايا، وكانت جزء من مهمة الوفد الذي زار أمريكا أيضا تحديد أجندة عمل للزيارة فكلا الإدارتين لم تتعرفا علي بعض بشكل جيد وبالتالي يجب الاستعداد جيدا قبل اللقاء الرسمي. وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث كثيرا عن احتمال وجود أزمة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بعد تأييد الأخيرة لرومني؟ لا أتوقع حدوث أزمة في العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية بل علي العكس سوف تزداد إسرائيل قوة أولا لأن الولاياتالمتحدة وحتي الدول الأوروبية يرون أن إسرائيل تعمل علي وجود التوازن الفعلي مع إيران سواء أردنا أو لم نرد، كما يرون أن وجودها هو حائط الصد الوحيد أمام محاولة إيران السيطرة علي الخليج العربي والمد الشيعي بالعراق الذي لا يبعث علي التفاؤل النقطة الثانية أن الانقسامات الشديدة بالمنطقة والانقسامات بين الفلسطينيين تدل علي أن أمريكا وأوروبا لا يريدان مساعدة الفلسطينيين لحل قضيتهم وإنهاء هذه الانقسامات، بل علي العكس هم يغذون هذه الانقسامات بشكل يبدو وكأنه عفوي أو غير مخطط له وكأننا نحن العرب الذين نغذي مثل هذه الانقسامات فمثلا زيارة أمير قطر الأخيرة لغزة من وجهة نظري أدت إلي زيادة الفجوة بين فتح وحماس لأنه التقي خلال هذه الزيارة مع قادة حماس دون أن يهتم بلقاء قيادات فتح. وماذا تريد الولاياتالمتحدة من مصر في ظل استحواذ السياسة الداخلية المصرية علي الكثير من اهتمامها؟ الولاياتالمتحدة منذ عهد بوش أعلنت أنها تريد تحقيق نظام ديمقراطي في مصر يساعدها علي تحقيق الاستقرار في المنطقة وبالتالي كان هناك اهتمام بفتح جبهة للحوار مع كل القوي السياسية في مصر، كان يركز علي أن السلطة في مصر لا يجب أن يتم احتكارها من قبل قوة سياسية واحدة هل معني ذلك أن إدارة بوش أدارت حواراً مع جماعة الإخوان المسلمين؟ لا أستطيع أن أعطي معلومة مؤكدة ولكن ما أستطيع تأكيده أن إدارة بوش لم يكن لديها مانع أن تدير حواراً مع جماعة الإخوان المسلمين علي اعتبار أنها كانت إحدي القوي السياسية وإن كانت الجماعة في مصر محظورة إلا أنها كانت ذات تأثير في السياسة الداخلية المصرية بشكل كان يلفت نظر الولاياتالمتحدة والغرب إليها وكان هناك اهتمام إعلامي غربي بنشاطها. وهل الأمر نفسه ينطبق علي إدارة أوباما فيما يتعلق بإدارة الحوار مع جماعة الإخوان المسلمين؟ أوباما امتداد لبوش لكن ليس معني أنه أجري حواراً مع جماعة الإخوان المسلمين أنه يؤيدهم ولكن الأمر معناه أنه يتحدث معهم حتي للحفاظ علي مصالح بلاده في مصر وأعتقد أن هذا الأمر هو سبب أزمة منظمات المجتمع المدني حيث قررت الولاياتالمتحدة أن تدعم ماديا كل المنظمات الحقوقية والأهلية بما فيها الإسلامية لكن نظام مبارك كان يرفض أن يكون التعاون بين الولاياتالمتحدة وهذه المنظمات بشكل مباشر ولذلك كان يتم الدعم عن طريق الحكومة المصرية فقد كانت أمريكا تريد خلق التوازن بين كل القوي السياسية ولا أريد هنا أن أركز علي هذه النقطة كثيرا حتي لا يتبادر إلي ذهن أحد أن هذا الدعم كان له دور في اندلاع ثورة يناير فقد كانت هذه الثورة مصرية خالصة. معني كلامك أن المشروع الأمريكي في مصر هدفه الديمقراطية أم أنهم يريدون ديمقراطية تساعدهم علي تحقيق مصالحهم؟ من المفترض أن دعم الأمريكيين للقوي السياسية في مصر يكون له أهداف ولكن الأحداث أثبتت أنهم لا يعرفون ماذا يريدون وأي ديمقراطية يدعمون أو ماذا يريدون من النظم التي جاءت نتيجة للديمقراطية وأنا لا أعتقد أن هناك تخطيطا بعيد المدي أو تخطيطا ميكافيليا من جانب الولاياتالمتحدة بالنسبة لمصر وما يظهر الآن أن أمريكا ليس لديها أجندة واضحة حول ما الذي تريده من النظام الجديد المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين. وهل يعرف الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين ما الذي يريده من الولاياتالمتحدة؟ لا.. جماعة الإخوان المسلمين أيضا ليس لديها أيضا أجندة واضحة فيما يتعلق بالعلاقات مع الولاياتالمتحدة، وكان من الواضح حتي منذ مرحلة التنافس الانتخابي أنه لا يوجد توجه واضح فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ويجب علي الرئيس في الوقت الحالي أن يضع أسسا واضحة لعلاقاتنا ليس فقط بالنسبة لأمريكا ولكن لكل الدول لنكون متوازنين وواضحين في تعاملنا ولابد ألا يكتفي الرئيس بزيارات دون أهداف فنحن نريد دخول الصين في الاستثمار وأوربا أيضا رغم تراجع قوتها وأصبحت كالرجل المريض إلا أننا مازلنا في حاجة إليها كما أننا نحتاج أمريكا لأنها القوي العظمي في العالم ونحتاج مساندتها في اقتراضنا من الصندوق الدولي فهي صاحبة اليد العليا في قرارات الصندوق ولابد أن يعي كل من سيأتي للسلطة أن مصر بلد كبير ولابد أن يكون لها أهداف محددة ولا يجب أن تتخبط مثلما يحدث الآن وعلينا أن نسرع في تحديد ما الذي نريده من الولاياتالمتحدة فهل نريد استمرار المعونة أم نريد زيادة الاستثمارات الأمريكية أوغير ذلك؟ وما مصير العلاقات المصرية الأمريكية في ظل عدم وجود حل للقضية الفلسطينية؟ من الواضح أن حل القضية الفلسطينية ليس في قائمة أولويات الولاياتالمتحدة علي الرغم من أن هذه القضية هي محور رئيسي في العلاقات المصرية الأمريكية ولكن أولويات أمريكا هي الملف النووي الإيراني وسحب القوات العسكرية الأمريكية من أفغانستان وإعادة القوات العسكرية من الخارج حيث تريد العودة مجددا إلي سياسة العزلة ولذلك نجد أنها تمارس سياسة ضبط النفس بالنسبة للأزمة السورية وبالنسبة للخلاف بين إيران وإسرائيل تحاول حل الأزمة بالقنوات الدبلوماسية وبالطبع سوف تكون هناك مراعاة بأن سياسة العزلة هذه لن تخل بالمصالح الأمريكية في المنطقة. نفس الخطة اقترحها رجل المخابرات البريطانية برنارد لويس الذي عمل مستشارا لبوش والتي تضمنت تراجع أمريكا بالجيش ودعم التيارات الإسلامية لتأكل بعضها؟ من الممكن بالطبع أن يكون هذا هو المخطط الأمريكي ولكن أتمني ألا نكون بهذه السذاجة التي تجعلنا ننساق لما تريده بكل سهولة ونقع في الفخ فيجب أن تكون لنا سياسات واضحة. ألا تعتقدين أن هذا المخطط يتحقق بالفعل علي أرض الواقع في ظل ما يحدث في سيناء من قبل عناصر القاعدة والتنافس السياسي بين السلفيين والإخوان؟ أعتقد أن تنظيم القاعدة ليس ضد الإخوان فقط ولكنه ضد مصر وضد العالم ويجب علي الإخوان ألا يفكروا أن القاعدة ضدهم وحدهم ولا يجب أن نقول إن التيارات الإسلامية فقط هي المتحاربة وفي رأيي أن الخلاف بين الإخوان والسلفيين يشبه الخلاف بين الليبراليين والإخوان ولا اعتقد أن أي قوة ستنجح في مثل هذا المخطط. البعض يري أن الإخوان المسلمين خذلوا الولاياتالمتحدة بعد أن دعمتهم ولذلك فهي تخشي دعم نظام الأسد حتي لا يصل الإخوان المسلمين للحكم في سوريا؟ هذا الأمر ممكن ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن بشار لديه مؤيدون أكثر مما نتصور حتي أن مؤيديه أكثر مما كان يملك القذافي لذلك أمريكا تعيد حساباتها لأنها تريد عمل توازن وأعتقد أنها تفكر حاليا هل من الأفضل أن تحافظ علي بشار في إطار التوازن الذي تريده وأري أنها ستبتعد عن تأييد المقاومة بقوة كما سترفض إرسال قوات لإزاحة بشار وكل ذلك يصب في سياسة أمريكا التي تتجه إلي العزلة كما قلت البعض ترين أن أوباما دعم جماعة الإخوان ليصلوا إلي الحكم؟ في رأيي هذا لم يحدث فكيف يدعمهم في ظل وجود انتخابات إلا إذا كان هناك من يقول إن الولاياتالمتحدة قد ساهمت في تدريبهم وإعطائهم "التكنيك" الذي يستطيعون من خلاله الفوز بالانتخابات علي غرار ما يحدث في الولاياتالمتحدة وأنا أعتقد أنهم استفادوا من هذا الأمر بالفعل وكان ذلك واضحا في حملاتهم الانتخابية. وكيف تري الزيارات المتتالية لقيادات الإخوان إلي أمريكا؟ ممكن أن يكون قد حدثت لقاءات بين الجماعة ومسئولين أمريكيين ولكن ليس هناك ثمة أدلة واضحة علي الدعم المادي مثلا أثناء الانتخابات ولكن من أيدهم عدد من الدول العربية علي رأسها قطر والسعودية فهل من الممكن أن تكون الولاياتالمتحدة أيدت الجماعة عن طريق قطر؟ كل شيء جائز. ولكن بلا شك أن العلاقات بين مصر وأمريكا لها طبيعة خاصة والبعض يري أن شرط استمرار هذه العلاقات اعتراف مرسي بإسرائيل؟ الأمر لا يتعلق بمرسي بالتحديد ولكن الحديث هنا يكون عن حكومة مصر أيا كان الشخص الموجود وإن كانت أيديولوجية الإخوان تقول بأنه لا يجب الاعتراف بإسرائيل فالأمر يختلف تماما مع الوصول للسلطة والآن يمكن لحزب الحرية والعدالة أن يرفض التعامل مع إسرائيل ويمكنه انتقاد الرئيس في هذا الأمر ولكن يجب علي مرسي التعامل معها في إطار العلاقات الدولية من خلال متابعة الانتخابات الأمريكية وجدنا أن الإخوان كانوا ورقة في الانتخابات استخدمها رومني ضد أوباما؟ هذا كان حديثا انتخابيا ويتحدث عن أيديولوجية الحزب الجمهوري الذي يري أن الإرهاب إسلامي ولكن إذا كان رومني هو الفائز في الانتخابات كان سيضطر للتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين علي الأقل لأنها تمثل السلطة في مصر والولاياتالمتحدة لا يمكن أن تقطع علاقاتها مع دولة كبيرة مثل مصر تحت أي ظرف من الظروف. وما السيناريو المتوقع للعلاقات المصرية الأمريكية؟ لن تهتم الولاياتالمتحدة بمن يوجد في السلطة في مصر والأهم عندها هو من سيحقق لها التوازن ويحافظ لها علي أمنها القومي وسوف يكون هذا الأمر هو الأساس بالنسبة لها في العلاقات مع مصر.