بقفزة واحدة دون تردد من أعلى نقطة فى برج القاهرة أنهى الشاب نادر طوسون الطالب بكلية الهندسة بجامعة حلوان حياته منذ أيام تاركاً صدمة كبيرة لدى المجتمع ومخاوف أكبر على طلاب الجامعات المصرية خاصة بعد إعتراف نادر فى رسالة قبل انتحاره أن كلية الهندسة التى كان طالباً بها أحد أسباب إقدامه على الانتحار. انتحار نادر لم يكن الحالة الأولى بين طلاب الجامعات المصرية ففى نوفمبر الماضى كشفت النيابة العامة تفاصيل وفاة الطالبة شهد أحمد بكلية الصيدلة بجامعة قناة السويس بعد أن تم العثور على جثتها بنهر النيل وأوضحت النيابة أن الطالبة كانت تعانى من مرض الوسواس القهرى وكانت دائما ماتردد أنها ستموت قريبا كما أن توقيع الكشف الطبى على جثتها أثبت عدم وجود شبهة جنائية فى الحادث وان الوفاة وقعت نتيجة لإسفكسيا الغرق الامر الذى ينبه إلى إقدامها على الانتحار وقبل ايام من تلك الحادثة حاولت طالبة أخرى بكلية التربية الرياضية بجامعة الزقازيق انهاء حياتها بالقاء نفسها من علي سطح احد مباني الجامعة إلا أن زملائها تمكنوا من منعها ليتضح فيما بعد أن المشاكل الأسرية والتعدي بالضرب، لأكثر من مرة، وآثاره، كانت حجر الزاوية فى اقدامها على الانتحار ومنذ عدة سنوات قرر الطالب أحمد عيد بالفرقة الثانية بكلية الحقوق جامعة حلوان، إنهاء حياته، بإلقاء نفسه من الطابق السادس بالمبنى رقم 15 وتحديدًا من الغرفة رقم 609، بالمدينة الجامعية لتسيل دماؤه داخل الحرم الجامعى تاركاً رسالة لوالديه دون إبداء أسباب وحاولت طالبة بجامعة أسيوط أن تنهي حياتها احتجاجًا على الظلم الواقع عليها من قِبل الجامعة بقطع شرايينها بآلة حادة بأحد دورات المياه بعد معرفة رسوبها في امتحانات الدراسات العليا كما ألقى عبدالله محمد الهواري طالب بالفرقة الثالثة بكلية التمريض، نفسه من الدور الثالث، بجامعة كفر الشيخ، بعد تعنت العميدة تسجيله بنظام الساعات المعتمدة للدراسة الأمر الذى دفع عميدة الكلية إلى الاستقالة . وفى جامعة عين شمس قام الطالب عبدالرحمن محمد بالفرقة السادسة بكلية الطب بشنق نفسه بالمدينة الجامعية مستخدمًا الحزام وقال بعض زملاءه إنه كان يعاني من أمراض نفسية، واكتئاب قرر على إثرها التخلص منها والتخلص من حياته نهائيًا. أخيراً قررت الجامعات المصرية أن تتصدى لتلك الظاهرة التى اصبحت شائعة بين طلابها بعدد من الفاعليات حيث أعلنت جامعة القاهرة منذ أيام عن إطلاقها مبادرة للتصدي لظاهرة الانتحار بين الشباب والخريجين كما أعلن الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة عن إنشاء مركز للدعم النفسي وإعادة بناء الذات للتصدي لحالات الإنتحار بين الشباب، في إطار الدور التنويري للجامعة في صياغة العقل المصري وإعادة بنائه، وتأسيس خطاب ديني يقدم مفهومًا جديدًا للإيمان. وأكد الخشت، أن التصدي لحالات الإنتحار وكافة المشكلات المجتمعية بفعالية يجب أن يستند على الدعم النفسي والاجتماعي وبناء روح الأمل والتحدي. وأضاف أن الجامعة تدرك أنها لكي تتمكن من الإسهام في إعادة بناء العقل المصري، ينبغي أن نُعنى بالبناء النفسي للشباب في مصر، بما في ذلك أنساقه الفرعية المعرفية والدافعية والوجدانية. وقال الخشت إن الهدف من إنشاء مركز للدعم النفسي وإعادة بناء الذات، تقديم الحماية والمساندة لشباب جامعة القاهرة بوجه خاص وشباب مصر بوجه عام لزيادة فعاليتهم الذاتية في مقاومة الأمراض النفسية وتحديات الحياة ومشاقها وضغوطها وتحقيق النجاح والإزدهار. وأوضح أن مركز الدعم النفسي يتكون من أربع وحدات أساسية هي وحدة البحوث الميدانية وجمع البيانات، ووحدة دعم الحوار بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب، ووحدة المساندة النفسية والتنمية الذاتية، ووحدة المساندة والإرشاد الأسرى. وأشار إلى أن زيادة عدد الحالات التي تُقدم على الانتحار تحت ظروف التعرض للإصابة بالاكتئاب أو المشكلات الأسرية أو المجتمعية، تشكل في مجملها حدثًا غريبًا ينذر بمخاطر وعواقب وخيمة، ويدل على عجز جسيم عن مواجهة الاكتئاب أو غيره من العوارض النفسية أو العجز عن التكيف والتعايش مع مشاق الحياة، لافتًا إلى أن ذلك يدل على تراجع بعض مؤسسات التنشئة الاجتماعية عن القيام بالدور المنوط بها تجاه شبابنا. مبادرة أخرى أعلنتها جامعة أسيوط من خلال تطويع امكانيات البحث العلمى بالجامعة لايجاد حلول لهذه الظاهرة حيث أكد الدكتور طارق الجمال رئيس جامعة أسيوط، على أن مهمة البحث العلمي داخل كليات الجامعة ومراكزها البحثية يهدف في المقام الأول إلى دراسة أهم القضايا والموضوعات المتعلقة بالمجتمع سواء كانت صحية أو اجتماعية أو مشاكل تنموية أو صناعية أو اقتصادية تعيق تقدمه وتنميته أو تؤثر سلبا على أوضاعه الحياتية وكشف الدكتور أحمد المنشاوي نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث عن قيام فريق بحثي من وحدة الطب النفسي بقسم الأمراض العصبية والطب النفسي من الانتهاء من إجراء دراسة سريريه للانتحار في المرضى الذين تم حجزهم في وحدة الطب النفسي في جامعة أسيوط والتي تهدف إلى تحديد عوامل الخطر التي تؤدى للانتحار والذي تم إجراؤها على 100 حالة من المرضى النفسيين المحجوزين للعلاج بوحدة الطب النفسي. وعن تفاصيل الدراسة أوضح الدكتور علاء درويش أستاذ ورئيس قسم الأمراض العصبية والنفسية بكلية الطب ومدير المستشفى الجامعي المتخصص في ذلك أن الدراسة قام بها فريق بحثي يضم عدد من الأطباء وأعضاء هيئة التدريس بالقسم والتي تم إجرائها لتحديد أكثر الحالات ميلاً للانتحار بين مرضى اضطراب الاكتئاب النفسي الجسيم، والاضطرابات ثنائية القطب والفصام الذهني، ومرضى الاضطرابات الوجدانية أو مدمني المخدرات. ونظمت جامعة حلوان الاسبوع الماضى ندوة توعوية لمساعدة الطلاب على مواجهة أعباء الحياة بعنوان "حياتك تهمنا" حاضر خلالها الدكتور ماجد نجم رئيس الجامعة وعدد من العمداء و الاساتذة وتضمنت الندوة توعية الطلاب بقيمة الحياة وكيفية التغلب على الضغوطات وفن التعامل مع الأزمات، ونوهت عن مراكز الدعم الاجتماعى والنفسى المتوفرة بالجامعة وهى مركز العلاج الاجتماعى بكلية الخدمة الاجتماعية ومركز الإرشاد النفسي بكلية التربية التى تهدف إلى مساعدة الطلاب وتوفير النصح والمشورة اللازمة لهم. وشدد رئيس الجامعة على ضرورة التحلى بالحكمة و الفكر السليم فى مواجهة صعوبات و مشكلات الحياة مع حرص الجامعة على تقديم كل أشكال المساعدة للطلاب من خلال برامج و مراكز متخصصة و مهنية مستعدة لتوفير المعونة و الإرشاد لهم فى خصوصية تامة. وشجع نجم الطلاب على التحلي بالأمل والتفاؤل وطرد الطاقات السلبية ومواجهة مشكلات الحياة بقوة وثبات فهم أمل مصر وغدها المشرق. وخلال انعقاد مجلس التعليم و الطلاب بجامعة عين شمس أعلنت الجامعة عن تدشين لجنة للدعم النفسى والمعنوى للطلاب ومن أهم أهدافها تنظيم عدد من جلسات الدعم النفسى الجماعية للطالبات إلى جانب العديد من الجلسات الفردية الى جانب تحضير اللجنة لبث عدد من الفيديوهات التى تقدم الإرشادات النفسية حول كيفية مواجهة الضغوط المختلفة التي يواجهها الطلاب. وفى سياق متصل أطلق مركز الأزهر العالمي للفتاوى حملة لمواجهة ظاهرة الانتحار وقال الدكتور أسامة الحديدي المدير التنفيذي للمركز إن الإسلام أمر بالحفاظ على النفس البشرية، وجعلها من الضروريات الخمس التي يجب رعايتها، وهي "الدِّين والنَّفس والنَّسل والمال والعقل". وأضاف الحديدي فى تصريحات صحفية أنه سيتم إطلاق حملة توعوية بالجامعات المصرية للتوعية بخطورة الانتحار يحاضر فيها أعضاء مركز الفتوى بالأزهر. وأشار إلى أن المقبل على الانتحار ظالم لنفسه، مهما حاول أن يلقي باللائمة على الظروف المعيشية والحياتية فهذا ليس مبررا للانتحار، ولا عذر مقبول، قال الله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}، وقتل النفس من أكبر الكبائر فهي إزهاق للروح التي حباك الله إياها، وعدم صبر على اختبار الله سبحانه وتعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} واستعجال ما قُدر، ولذلك توعد الله سبحانه وتعالى المنتحر بالعقاب الأليم، قال تعالى {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا، إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا".